الرئيسية ثقافة وفن السينما التي دشنها محمد الخامس معروضة للبيع

السينما التي دشنها محمد الخامس معروضة للبيع

كتبه كتب في 27 يوليو 2013 - 15:33

مسلسل نزيف القاعات السينمائية مازال متواصلا وكل يوم ينهار صرح من صروح الفرجة السينمائية البيضاوية. المسرح الملكي أو الملكية، كما اشتهرت بين البيضاويين، تكتب شهادة وفاتها الرسمية لتقبر هذه المعلمة نهائيا وتصبح من ذكريات أبناء درب السلطان وزوارها وكل من كتب له أن يلج إلى الفضاء الفسيح والجميل لهذه السينما المسرح خلال عقود.

تبلغ مساحة المسرح الملكي حوالي 1245  مترا، ويتسع لأزيد من 900 متفرج، بمقاعد مريحة وخشبة بهندسة جميلة يحتل قلب درب السلطان وسط قيسارية الحفاري الشهيرة.

سينما الملكية، عوض أن تزين واجهتها بأفلام جون وين وأفلام فريد شوقي وغيرهم من الكبار الذين أثثوا خشبة هذه القاعة، (عوض ذلك)،اختار من يملكون وثائق السينما أن يزينوا واجهة القاعة بلوحة بارزة علقت على جدرانها تضم ثلاثة أرقام هاتفية لمن يود الاستثمار في عقار مربح سيفتح لامحالة شهية لوبي السماسرة العقاريين أولا لمساحة المسرح الملكي وثانيا لموقعه داخل سوق كبير يعرف رواجا تجاريا طوال اليوم، ومن دون انقطاع.

بيع سيضع حدا لمجد فني ولإرث ثقافي وفكري كبير لقاعة ظلت وإلى سنوات قريبة قبلة لعشاق الفن السابع الذين استمتعوا بكبار الأفلام التي كانت تعرضها القاعة، وقبلها كبار و أشهر العروض سواء المسرحية أو الغنائية المغربية والعربية.

وهنا يتذكر الجميع السهرتين الخالدتين اللتين أقيمتا بالقاعة. إذ حظي المسرح الملكي بشرف استقبال اثنين من أهم الوجوه الفنية السينمائية العربية. يتعلق الأمر بكل من الفنان الكبير فريد الأطرش وبنجمة الإغراء الكبيرة والجميلة الفنانة سامية جمال. وقد شهد حفل النجمين، كما يحكي أبناء درب السلطان القدامى والذين كتب لهم أن يحضروا العرض، على أن القاعة عرفت توافد الآلاف من المواطنين ليس فقط من أحياء البيضاء ولكن من العديد من المدن المغربية الأخرى. وهذا الحضور في عز ألق الفنانين المصريين على خشبة الملكية يعد أكبر عربون على المكانة والرقي الذي كان يميز هذه المعلمة الفنية والحضارية.

خمس وستون سنة قضتها سينما الملكية في المشهد السينمائي البيضاوي، قبل أن يحكم عليها بتقاعد إجباري بعد تدشينها الأول الذي كان سنة 1947. وقد استقبلت الملكية طلائع متفرجيها الأوائل سنة بعد ذلك من خلال العروض المسرحية لكل من فرقة بوشعيب البيضاوي، وفرقة البدوي للمسرح، وفرقة المعمورة، وغيرها بالإضافة إلى الكثير من السهرات وكذا الأفلام التي قدمتها. واستمرت حكاية تاريخ الفرجة بهذا الفضاء والذي كتبته هذه القاعة موشوما بنفحة النضال والمقاومة الذي كان يميز الحي العريق درب السلطان. هي كذلك لأنها استمدت شرعية النضال الفني من الوطنيين الذين كانوا يعتبرونها ملجأ لهم، واستمدته أساسا من ملك الــبلاد آنذاك محمد الخامس الذي دشنها ومنحها اسم الملكية بعد الزيارة التي قام بها إلى درب السلطان.

فإلى متى يستمر نزيف اندثار معالم الثقافة والجمال في هذه المدينة وسط لامبالاة المعنيين بالشأن الثقافي؟

حسن بن جوا

مشاركة