الرئيسية سياسة التعديل الحكومي والانتخابات المبكرة “يهددان” وحدة “العدالة والتنمية”

التعديل الحكومي والانتخابات المبكرة “يهددان” وحدة “العدالة والتنمية”

كتبه كتب في 15 يوليو 2013 - 19:13

يمر داخل حزب العدالة والتنمية، في الآونة الأخيرة، اختلاف وتباين واضح في الآراء والمواقف بشأن المخرج السليم للحزب الذي يقود دفة الحكومة بعد تفعيل استقالة خمسة وزراء من حزب الاستقلال، بين من يؤكد ضرورة القيام بترميم للأغلبية الحكومية، وبين من يذهب رأسا إلى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.

ويدافع عن “تيار” تعويض حزب الاستقلال بحزب آخر كل من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ورفيقه عبد الله باها وزير الدولة، وعزيز الرباح وزير النقل، ومصطفى الخلفي وزير الاتصال، وأغلب باقي وزراء “المصباح”، وغيره من بعض قياديي الحزب.

وبالمقابل يرى كل من عبد العزيز أفتاتي، وعبد الله بوانو، وعبد السلام بلاجي وغيرهم من قيادات “العدالة والتنمية” بأن الحل من الأزمة الحكومية الراهنة هو الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، حيث إنه رغم التكلفة العالية لإجراء من هذا القبيل على البلاد، فإنه سيمنح الحزب كثيرا من مصداقيته التي باتت على المحك بسبب “البطء” في تنزيل الدستور ، وعدم شعور المغاربة بإصلاحات وتدابير ملموسة تمس حياتهم المعيشية.

ويطرح بعض “المتعجلين”، بعد بروز هذه الاتجاهات المتباينة في المواقف والآراء لدى قيادات حزب العدالة والتنمية إزاء تدبير الأزمة الحكومية عقب خروج الاستقلال من الحكومة، احتمال بروز “انشقاقات” ما داخل الحزب “الإسلامي”، فيما يستبعد آخرون هذا الطرح تماما باعتبار أن هذا الحزب يمتلك قدرة تنظيمية داخلية صلبة تستطيع احتواء جميع الخلافات التي تموج داخله.

خيار الانتخابات المبكرة..مسوغات ومخاطر

ويعلق الدكتور أحمد مفيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، على ظهور هذه “التيارات” داخل حزب العدالة والتنمية، بالقول إنه من الطبيعي ظهور تباينات في مواقف قيادي العدالة والتنمية بخصوص كيفية الرد على انسحاب حزب الاستقلال، بالنظر لحساسية القضايا والأحداث السياسية التي يعرفها المغرب، والمتجلية أساسا في انسحاب حزب الاستقلال من حكومة بنكيران وتقديم وزراءه لاستقالاتهم، وما يرتبط بذلك من تعطيل لمسار الإصلاحات الذي أعلن عنه رئيس الحكومة في برنامجه الحكومي.

وذكر مفيد، في تصريحات لهسبريس، بأن هناك من يدعو لترميم الأغلبية الحكومية، بضم مكون جديد لها قد يكون في الغالب هو حزب التجمع الوطني للأحرار، وعلى العكس من ذلك هناك من يدعو لاستقالة رئيس الحكومة التي يترتب عنها استقالة الحكومة بشكل جماعي، أو اللجوء لحل مجلس النواب، والدعوة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وقال مفيد إن لكل من الموقفين مبرراته ومسوغاته، فالرأي الأول الذي يدافع عن إجراء انتخابات مبكرة، يهدف إلى الرجوع للشعب من أجل إعادة كسب الثقة، وهذه الانتخابات ستكون بمثابة تحكيم بين حزب العدالة والتنمية ومعه حلفاؤه، وبين باقي مكونات الحقل السياسي.

وأوضح المحلل بأن مكمن الخطورة في هذا الخيار يتجلى في إمكانية فقدان حزب العدالة والتنمية لعدد من المقاعد، وعدم قدرته على حصد نفس النتيجة التي حصل عليها في انتخابات 25 نونبر 2011 بالنظر لتواضع حصيلته، وعدم قدرته على تنزيل برنامجه، وزيادة على ذلك فالانتخابات التشريعية لها كلفة مالية باهظة تؤدى من المال العام”.

خيار التعديل..مبررات وانتقادات

أما بخصوص الاتجاه الثاني الذي يدفع في اتجاه تعويض حزب الاستقلال بحزب آخر، يكمل مفيد، فإن له أيضا ما يبرره حيث إن هذا الخيار سيمكن حزب العدالة والتنمية من الاستمرار في قيادة الحكومة، وسيعطيه فرصة ثانية لتطبيق برنامجه الحكومي، والعمل على تنزيل مقتضيات الدستور بشكل ديمقراطي، في حالة إذا ما استطاع رئيس الحكومة أن يحافظ على انسجام الحكومة، وأن يميز بين قيادة الحزب وقيادة الحكومة، وبين خطاب الأغلبية وخطاب المعارضة.

وأبرز مفيد بأن هذا الاتجاه الثاني يظل محل انتقاد هو الآخر، فقد سبق لرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار التصريح بأن التحالف مع العدالة والتنمية خط أحمر، كما كان تأسيس مجموعة الثمانية محاولة استباقية لمحاصرة حزب العدالة والتنمية، ونتج عن ذلك سجال سياسي كبير بين حزب العدالة والتنمية ومتزعمي مجموعة الثمانية، خصوصا التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة.

وأشار إلى موضوع العلاوات التي صرح بعض قادة العدالة والتنمية بأن وزير المالية السابق ورئيس التجمع الوطني للأحرار حصل عليها بطريقة غير قانونية، مبرزا بأنه بالنظر لهذه العوامل فإن دخول حزب الأحرار للحكومة التي يقودها بنكيران سيفقد من مصداقية هذا الأخير، ويجعله في تناقض واضح وصريح مع مواقفه السابقة.

وخلص مفيد إلى أنه بغض النظر عن طبيعة التفاعلات الحالية من داخل حزب العدالة والتنمية، فإن التباين في المواقف بخصوص الحكومة الحالية لن يؤدي للمساس بوحدة الحزب على الأقل في المدى القريب، على اعتبار أن دخول الحزب في الحكومة لم ينسه الحرص على حماية وتحصين التنظيم الحزبي، زيادة على أن آليات الاشتغال الداخلي بحزب العدالة والتنمية، وكذلك طريقة اختيار مرشحيه لمختلف المسؤوليات والمناصب، تجعله بعيدا في الوقت الحالي عن الانشقاق”، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس.

هسبريس ـ حسن الأشرف

 

مشاركة