الرئيسية تمازيغت “إزنزارن” تكسر صمْت أبي رقراق في موازين

“إزنزارن” تكسر صمْت أبي رقراق في موازين

كتبه كتب في 28 مايو 2013 - 10:55

بشغف كبير، كان جمهور منصّة سلا، ينتظر، مساء يوم أمس الاثنين، صعود مجموعة “إزنزارن” إلى المنصّة، بقيادة قائدها إيكوت عبد الهادي، لأحياء أولى السهرات الأمازيغية لدورة هذه السنة من مهرجان “موازين”.

شغف جمهور “إزنزارن”، ومعناها باللغة العربية “الأشعة”، يظهر من خلال الحركة الدؤوبة للقوارب الصغيرة التي تؤمّن عبور الجمهور من ضفة نهر أبي رقراق إلى الضفة الأخرى، حيث توجد منصّة سلا، بالقرب من “مارينا”.

القوارب، وبسبب تدفّق أعداد كبيرة من الجمهور، الذي فضل التنقل على متنها مقابل درهمين عوض ركوب الحافلات أو الترامواي، كانت تحمل، أو بالأحرى يُحمّلها أصحابها ما لا طاقة لها، لتتمايل على مياه البحر، بعد أن تُشحن بأزيد من عشرين شخصا، إضافة إلى السائق ومساعده، قبل أن يدير السائق المحرّك، وينطلق القارب في اتجاه الضفة الأخرى، ليتوقف القارب ويطلب السائق من الركاب النزول على مهل، حتى لا ينقلب، ثمّ يستدير ويعود من حيث أتى، لتأمين نقل “فاياج” جديد.

إنها مناسبة لتنشيط الدورة الاقتصادية لأصحاب القوارب، التي تصاب بالكساد على مدار أيام السنة، بينما يتبّخر الجمهور بعد النزول على الضفة الأخرى لأبي رقرارق في أرض خلاء مظلمة، ويقصدون منصة موزارين، أملا في الظفر برؤية عبد الهادي ومجموعته، التي لا تظهر في السهرات إلا لماما، والاستماع إلى نغمات البانجو، التي تشبه إلى حدّ كبير أنينا مشحونا بمعاناة وآلام المستضعفين.

قبل صعود “القائد” عبد الهادي وباقي أفراد مجموعة إزنزارن، كانت على المنصة فرقة “نوميديا” الريفية. الفضاء المحيط بالمنصّة لم تكن به إلا بضع مئات من الجمهور، وعدد من عناصر الأمن تابعين للشرطة والقوات المساعدة، منهم من يراقب المكان وهو واقف بمحاذاة الحواجز الحديدية المحيطة بالمنصّة، فيما عناصر أخرى تمشط الشاطئ بالدراجات النارية ذات العجلات الأربع والخيول.

أنهت مجموعة “نوميديا” وصْلتها فحيّاها الجمهور بالتصفيق والصفير وإشارات الأصابع الثلاثة المرفوعة في الهواء، وهو الشعار الذي يرفعه الأمازيغ عوض شعار أصبعين، لتنطلق الهتافات المطالبة بصعود إزنزارن إلى المنصّة.

وعوض أن يظهر “القائد” عبد الهادي على المنصّة، كما نادى بذلك الجمهور، ظهر أفراد مجموعة غنائية أخرى. الجمهور لم ينتظر طويلا ليطالب مرة أخرى بصعود إزنزارن، قبل أن يتحوّل المطلب إلى دعوة المجموعة التي صعدت المنصّة إلى الرحيل، أحدهم رفع فرْدة من “بلغته” الأمازيغية الصفراء في حق المجموعة، ومعها شعار “Dégage”.

لاحقا سيظهر منشّط السهرة على المنصة، وعندما سأل الجمهور حول ما إن كان سعيدا أم لا، كان الجواب الطاغي هو: لا. تفهّم المنشط الأمر وخاطب الجمهور قائلا، أعرف أنكم تنتظرون مجموعة إزنزارن، فكان الجواب موحّدا مرة أخرى، لكن هذه المرة بعبارة نعم.

لحظتها قدّم المنشط المجموعة الشبابية للجمهور، وعندما علم هذا الأخير أن المجموعة جاءت إلى موازين من الريف، صفّق لها وتحّول سوء الفهم إلى تشجيع وتفاعل دام لساعة من الزمن، قبل أن تنهي المجموعة وصلتها وتغادر المنصّة، فودّعها الجمهور بالتصفيق، قبل أن يرفع مرة أخرى مطلبه الملحّ بصعود إكوت عبد الهادي ومجموعته، وكان الصبر في تلك اللحظة قد بلغ مُنتهاه.

بعد لحظات سيظهر “القائد” عبد الهادي، ببذلة شبيهة ببزّة عسكرية، وقبعة سوداء، يتقدّم أفراد مجموعته الستة.

لحظتها كانت الساحة الرملية المقابلة للمنصّة غاصّة بآلاف مؤلّفة من الجماهير، التي حيّت المجموعة بحرارة، لتشرع ترانيم البانجو في التردّد في الفضاء، ومعها ترانيم الهجهوج وطام طام والدف.

المجموعة، التي تأسسات سنة 1972، أي قبل أكثر من أربعين عاما، أعادت أداء أغانيها القديمة، التي حفظها الجمهور، وردّدها بصوت واحد، وكلما سألهم عبد الهادي “هل أنتم متعبون”، يردّون “لا، نحن مستعدون للسهر إلى غاية الصبح”، لتمتدّ السهرة إلى ما بعد منتصف الليل بنصف ساعة، قبل أن يضع أفراد المجموعة آلاتهم، ويحيّون الجمهور، الذي بادلهم التحية بتصفيقات حارة.

هسبريس – محمد الراجي

مشاركة