الرئيسية مجتمع الجزائر : مؤسسة الجيش النافذة تحضر‮ ‬لمرحلة ما بعد بوتفليقة‮ ‬

الجزائر : مؤسسة الجيش النافذة تحضر‮ ‬لمرحلة ما بعد بوتفليقة‮ ‬

كتبه كتب في 27 مايو 2013 - 11:14

شهر كامل إنقضى على إنتقال الرئيس الجزائر عبد العزيز بوتفليقة الى فرنسا للعلاج بمستشفى فال دو‮ ‬غراس العسكري‮ .‬من حينه تناسلت الاشاعات و تضاربت التصريحات في‮ ‬شأن الوضع الصحي‮ ‬الحقيقية للرئيس الثامن للجمهورية المستقلة‮ .‬السلطات الجزائرية تترقب من المصالح الطبية العسكرية لوزارة الدفاع الفرنسية،‮ ‬إبلاغها بتاريخ انتهاء النقاهة بالنسبة للرئيس ليعود الى قصر المرادية التي‮ ‬من المفترض أن‮ ‬يستقبل به الرئيس الصيني‮ ‬بداية الشهر المقبل‮ .‬الأخبار الموثقة و المعتد بها‮ ‬حول صحة الرئيس بقدر ما تغدي‮ ‬الشائعات في‮ ‬أوساط الشارع الجزائري‮ ‬فإنها‮ ‬تعكس أزمة سياسية مألوفة‮ ‬بداخل‮ ‬المؤسسات الدستورية الجزائرية و تحيل بالضرورة على‮ ‬تجارب مماثلة لا زالت ماثلة في‮ ‬ذاكرة الجزائريين من الأمس القريب‮ ‬و ما زالت ألغازا عصية الفهم و التفكيك فالجزائريون و بعد قرابة الأربعين سنة ما زالوا‮ ‬يجهلون من قتل الرئيس بومدين و ما زالوا أيضا‮ ‬ينتظرون الكشف عن ظروف مقتل الرئيس بوضياف و تقديم المنفذ أو المنفذين الى العدالة‮ ‬كماأن خطاب التطمين الذي‮ ‬يكرره‮ ‬المسؤولون الجزائريون حول صحة بوتفليقة و عودته الوشيكة الى قصر المرادية لم‮ ‬تعد تقنع أحدا بما فيهم ممثلو البعثات الديبلوماسية التي‮ ‬ترتبط بالحزائر بصفقات إستثمار ضخمة‮ .‭”‬الشعب‮ ‬يريد‮… ‬ظهور الرئيس‮” ‬بهذه الجملة المطلب صدمت قبل أيام‮ ‬صحيفة الخبر الجزائر الرسمية مقتبسة احد شعارات الثورة التي‮ ‬اطاحت بالرئيس المصري‮ ‬حسني‮ ‬مبارك لنقل حالة التيه و الضياع التي‮ ‬تستبد بالشارع الجزائري‮ ‬تجاه حاكميه و التي‮ ‬تتزامن مع وضع سياسي‮ ‬داخلي‮ ‬ملتهب و مشاكل إقتصادية و متفاقمة و حركات إحتجاجية دات نفس إجتماعي‮ ‬لا تتوقف برهة إلا لاستجماع أنفاسها و التعبير عن سخطها المتنامي‮ ‬في‮ ‬مختلف بقاع البلاد موازاة مع إسترسال فضائح الفساد في‮ ‬الكشف عن نفسها و توريط عدة مسؤولين من مربع السلطة الضيق في‮ ‬ملفات إرتشاء ضخمة ذات صلة بأكبر مؤسسة إقتصادية بالدولة‮ .‬غياب الرئيس عن المشهد السياسي‮ ‬بقدر ما‮ ‬يثير الشكوك حول أهليته القانونية لممارسة صلاحياته الدستورية فإنه‮ ‬يخدم‮ ‬مصالح الجناح العسكري‮ ‬المتنفذ بقصر المرادية و الذي‮ ‬تؤكد المعطيات المتوفرة أنه‮ ‬يستثمر على عادته وضع الفراغ‮ ‬السياسي‮ ‬للتحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة و إيجاد الشخصية السياسية المناسبة و الطيعة لخلافة الرئيس المريض الذي‮ ‬تؤكد أسرار المطبخ السياسي‮ ‬الداخلي‮ ‬أن صراعا عنيفا جمعه مع أقطاب‮ ‬المؤسسة العسكرية النافذة في‮ ‬شأن‮ ‬الطموحات السياسية المستقبلية لشقيقه و ساعده الأيمن شكلت عاملا أسهم في‮ ‬تردي‮ ‬وضعه الصحي‮ .‬ذات المصادر تكشف أن جهاز الأمن العسكري‮ ‬الجزائري‮ ‬زود بوتفليقة أياما قبل وعكته الصحية بتقرير‮ ‬يكشف تورط مستشاره السياسي‮ ‬سعيد بوتفليقة في‮ ‬فضيحة صفقات المحروقات التي‮ ‬عصفت سابقا بوزير النفط السابق شكيب خليل و أجبرته على الفرار بجلده نحو كندا أين‮ ‬يتوفر حاليا على وضع اللاجىء السياسي‮ .‬ضغوطات الجنرالات دفعت بوتفليقة الى توقيع قرار إعفاء شقيقه من مهامه الاستشارية بقصر المرادية فيما‮ ‬يشبه كبوة الرئيس الذي‮ ‬كان‮ ‬يخطط لتعديل دستوري‮ ‬يخلصه تدريجيا من وصاية الجيش و‮ ‬يعبد الطريق نحو ولاية رابعة على رأس هرم الدولة‮ .‬حتى التحالف الرئاسي‮ ‬الذي‮ ‬ظل لأزيد من عقد‮ ‬يهادن الرئيس ويستفيد من دعمه اللامشروط في‮ ‬الانتخابات النيابية و المحلية المثيرة للجدل نفض‮ ‬يده و إصطف بدوره الى هامش الفعل السياسي‮ ‬منتظرا ما تجود به عليه مؤسسة العسكر من مكاسب سياسية في‮ ‬ظل ترتيبات الوضع الجديد الذي‮ ‬سيعيد حتما إنتاج نفس سيناريوهات التحكم المألوفة بشخوص جديدة قادرة على تمويه‮ ‬36‮ ‬مليون جزائري‮ .‬المعطى الجديد في‮ ‬سياقات المرحلة المفتوحة على كل الاحتمالات هو دخول أطراف‮ ‬المعارضة المؤسساتية على خط الأزمة‮ ‬السياسية الجزائرية و شبه إتفاقها في‮ ‬سابقة في‮ ‬التاريخ الجزائري‮ ‬الحديث‮ ‬على ضرورة تفعيل المادة‮ ‬88‭ ‬من الدستور الجزائري‮ ‬و التي‮ ‬تفيد تجريد الرئيس من صلاحياته بموجب المانع الصحي‮ ‬و تفويضها الى رئيس مجلس الأمة هذا في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬خرجت المعارضة الاسلامية المتطرفة من قمقم‮ ‬و سياج الحظر ليطالب القيادي‮ ‬السابق في‮ ‬الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية المنحلة و رئيس حركة الحرية والعدالة الاجتماعية المحظورة رسميا أنور هدام‮ ‬للالتفاف حول التحركات‮ ‬المشبوهة‮ ‬و المكولسة للمؤسسة العسكرية و من‮ ‬يدور في‮ ‬فلكها من أحزاب النظام و معارضته ليطالب بتنظيم حوار وطني‮ ‬حول أسس نظام سياسي‮ ‬جديد‮ ‬يلتقي‮ ‬فيه الذراع السياسي‮ ‬القوي‮ ‬السابق لمؤسس جبهة الانقاذ عباس مدني‮ ‬مع إرادة باقي‮ ‬الفرقاء‮ ‬في‮ ‬سد الطريق أمام أي‮ ‬إحتمال لولاية رئاسية جديدة لبوتفليقة‮ ‬و‮ ‬يحاول إستثمار واقع الأزمة السياسية‮ ‬لتحريك الشارع الجزائري‮ ‬في‮ ‬إتجاه حراك شعبي‮ ‬شبيه ببوادر و مؤشرات ما قبل دوامة العنف و الاقتتال التي‮ ‬بصمت عشرية الدم التي‮ ‬بصمت البلاد‮ ‬بعد تجرؤ المؤسسة العسكرية على إيقاف المسار الانتخابي‮ ‬الذي‮ ‬بوأ نهاية الثمانينات جبهة الانقاذ صدارة المشهد التمثيلي‮ ‬الوطني‮ .‬وسط جميع بوادر‮ ‬التصعيد‮ ‬يظل الصمت المطبق و المريب للسلطات الجزائرية،‮ ‬واقعا‮ ‬يستفز الجزائريين و‮ ‬يبعث برسائل‮ ‬غير مطمئنة بالمرة للفاعلين السياسيين و الاقتصاديين‮ .‬و الواضح حاليا في‮ ‬رقعة القرار السياسي‮ ‬المحلية أن المؤسسة العسكرية المتحكمة هي‮ ‬من تتحرك و تناور و في‮ ‬هذا الصدد تؤكد مصادر متواترة أن قيادات في‮ ‬القوات المسلحة والمخابرات تجتمع‮ ‬بصفة منتظمة و شبه‮ ‬يومية لبحث الترتيبات الواجب اتخاذها اذاما دعت الضرورة السياسية و ضغط الشارع الى‮ ‬الاعلان‮ ‬رسميا عن وفاة الرئيس الجزائري‮ ‬عبد العزيز بوتفليقة أو عجزه الفيزيوبلوجي‮ ‬و الدستوري‮ ‬عن ممارسة مهامه وسط تقارير طبية تؤكد انه في‮ ‬حالة وفاة سريرية‮.‬وحسب‮ ‬ذات المصادر فانَّ‮ ‬تجليات‮ ‬صراع قوي‮ ‬تحتدم منذ فترة‮ ‬بين أقطاب المؤسسة العسكرية والمخابراتية في‮ ‬تقدير‮ ‬حجم التغييرات السياسية التي‮ ‬ستعقب الفراغ‮ ‬الطوعي‮ ‬أو القسري‮ ‬لكرسي‮ ‬الرئاسة‮ ‬و هذه التغييرات المرتقبة و خوف أقطاب المؤسسة العسكرية من مستويات رد فعل الشارع الجزائري‮ ‬و حلفاء النظام الدوليين هو ما دفع طرف منها‮ ‬الى بحث سبل تنفيذ انقلاب عسكري‮ ‬أبيض‮ ‬في‮ ‬حال عدم توفر‮ ‬وجه سياسي‮ ‬يجري‮ ‬التوافق عليه كما كان الأمر مع بوتفليقة لاسيما ان كل الشخصيات المقترحة الى حد الساعة لاحتلال المنصب لا تستجيب لحد أدنى من رغبات الشارع و في‮ ‬مقدمتها قطبي‮ ‬التحالف الرئاسي‮ ‬عبد العزيز بلخادم و أويحيى اللذان ظلا لسنوات‮ ‬يمنيان النفس بخلافة بوتفليقة لكن إنتكاستهما و خروجهما المذل من زعامة حزبيهما بعد ثورات تنظيمية داخلية تم ترتيبها من طرف شقيق بوتفليقة سعيد عصفت بالمرة بطموحات القائدين اللذين ظلا لسنوات من موقع المسؤولية الحكومية و الحزبية‮ ‬يمسكان بقوة بأهداب الرئيس و‮ ‬يبالغان في‮ ‬التعبير عن الولاء لشخصه قبل أن‮ ‬يجدا نفسهما معا مطاردين من طرف قواعد حزبيهما و على هامش الفعل السياسي‮ .‬و في‮ ‬إنتظار أن تتضح الصورة‮ ‬يبدو الفاعل الرئيسي‮ ‬الى حد الساعة في‮ ‬رقعة القرار السياسي‮ ‬هو المؤسسة العسكرية التي‮ ‬تسعى الى تقوية حضورها و إستعادة الأدوار الرئيسية التي‮ ‬إستطاع بوتفليقة بدهائه و تخطيط شقيقه المستشار أن‮ ‬يجردها تدريجيا منها‮ ‬و هو ما‮ ‬يقوي‮ ‬فرضية لغز‮ ‬الوفاة السريرية‮ ‬للرئيس الجزائري‮ ‬عبدالعزيز بوتفليقة وتأجيل إعلانها حتى اتفاق مراكز القوى على خليفته و التوافق على طريقة و سبيل تصريفها بالهدوء أو بالعنف الى الشارع الجزائري‮ ‬الذي‮ ‬بلغ‮ ‬مرحلة الهياج المنذر بالعواقب‮ ‬غير المحسوبة‮ .‬

 ‬رشيد زمهوط

مشاركة