الرئيسية مجتمع جامعة ابن زهر تحتفي بالشاعرة التونسية زهور العربي

جامعة ابن زهر تحتفي بالشاعرة التونسية زهور العربي

كتبه كتب في 25 مايو 2013 - 11:28

من تنظيم نقابة الأدباء والباحثين المغاربة بتعاون مع جامعة ابن زهر وكلية الآداب والعلوم الإنسانية والمجلس الجهوي لحقوق الإنسان، كان جمهور مدينة أكادير في لقاء إبداعي مع الشاعرة التونسية زهور العربي مساء يوم الخميس 23 مايو 2013، حيث صدَحت بقصائدها الشجية في أمسية شعرية بمدرج رقم 1 الذي غصّت جنباته بحضور منقطع النظير. وقد رافقها في هذه الأمسية الشعرية الباذخة الشاعرتان المتألقتان: أمينة إيقيس ورجاء هرموك، والمترجمة المبدعة خديجة الشقيرني التي قرأت بعض قصائد الشاعرة التونسية بعد أن ترجمتها إلى لسان سيربانتيس، مفتتحة قراءتها بقصيدة “بّْريسكا” من ديوان يحمل الاسم نفسه.

في مستهل هذا الحفل الشعري الرائق، ذكّر د. أحمد صابر عميد الكلية بهذه السنة الحميدة التي درج عليها الناقدان: د. عبد النبي ذاكر ود. عبد السلام الفيزازي في تمكين الطلبة وأهل الكلمة وعُشّاقها ـ عن قرب ـ من التجارب المغربية والمغاربية والعربية، حيث كان لهم في الأيام القليلة الماضية لقاء تواصلي مع الزجال حفيظ الَّمتوني والشاعر محمد زرهوني. وعلاوة على ما يبذله الأستاذان في سبيل فتح التجربة المغربية على تجارب عربية ومغاربية، فهما يضطلعان برعاية لفيف من المبدعين الشباب في رِحاب مؤسستنا الزاخرة بالأنشطة والطاقات الواعدة.

بعدها نوّه الدكتور العميد  بما تتميز به الشاعرة التونسية المرموقة: زهور العربي، التي راكمت تجربة تستحق الانتباه، لا سيما وقد حققت وفرة في الدواوين، علاوة على حضورها في مهرجانات تونس، وحصولها على جوائز وألقاب عن بعض نصوصها الإبداعية، وكذا احتفاء المترجمين بأعمالها، وانتباه النقاد المغاربة إلى ما تكتب. ولا أحسَب إلا أن د. عبد السلام الفيزازي واحد من هؤلاء الذين انتبهوا إلى خصوصية أعمالها، فلم يتردد في تقديم ديوانين للشاعرة معترِفا أنه وجد في كتابات هذه المرأة التونسية شيئا “أضاف إلى الوعي الشعري قيمة استثنائية”، بل ذهب إلى حدّ اعتبار زهور العربي “طفرة من هذه الطفرات الإبداعية التونسية التي تحمل إلينا هذا الهَمّ النبيل المتجلي في الموقف والوطنية والقومية وإنسانية الإنسان، متجاوزة الذاتية المنغلقة، وحَتْما تتحاشى السقوط في التجريد”.

وفي هذا السياق ذكّر د. عبد النبي ذاكر أيضا بمنشوراتها الشعرية:

 ـ امرأة من زمن الحب، 2010.

ـ عربيّة وافتخر، 2011.

ـ صهيل الروح، 2013.

 ـ بريسكا، 2013.

كما أشار إلى ديوانها المتميز (وعلّم الإنسان)، الذي يضم بين دفتيه قصائد مستوحاة من لوحات فنية لتشكيليين عرب وعالميين.

ولأنها ابنة الشعب المتبرْعمة من اليتم: يُتم الأب والأخ والوطن، لم تختر الكلمة، لكن الكلمة اختارتها لتكون “نبض ثائر”، وليس غريبا أن يكون هذا هو عنوان عمودها القار في جريدة أخبار السّاحل التّونسيّة  الورقيّة. ولأنها تمارس الكلمة عشقا، استحقت ـ بامتياز ـ لقب عاشقة الكلمة، كما يحلو لها أن تسِم مدونتها الباذخة ببهاء الكلمة وكبريائها، ونبل المواقف وشموخها، وإن “تاهت بوصلات الرّوح في منافي الغياب”، وإن تجرد الوطن من وطنيته، فالكلمة روح وعشق ووطن، والشاعرة تحمل في نفسها ما لا تحمله ـ أكاد أقول ما لا تتحَمّله ـ أي أنثى،”، لأنها “أنثى لا يكررها القدر”:

“إليك أعرّي..حال القصيدة،

باتت دار دعارة،

مومسا مصلوبة على باب

المدينة،

والأقلام إذا لامست الأوراق

أضحت ذكرا يفاحش أنثى

لعوبا..

تنشر في الكون الرذيلة” (من قصيدة رسالة إلى نزار).

وقد أثث هذه اللحظة الشعرية الجميلة بالبوح والمعاناة وألم الوطن وسراب الثورة، الشاعرة أمينة إقيس. قال د. عبد النبي ذاكر: إن قصائدها ترجُّك رجّا بنبرتها الوجودية الأسيانة، تغالب نثر الحياة وابتذالها، لترصدك وتترصَّدك في أعالي الحنين والشوق، مزهوة بكشف الظنون:

“يا مجد التردد

لا يغبطني الجواب

ولا الصواب

يربكني اليقين حتما

وهذا اليباب.

تترجّل السماء من السماء

نجمة وراء نجمة

وتسكبني العبارات

في قدح الغربة

فراشة حبرية

تطفو على مداد الليل

يكتمل الربيع غدا

على خاصرة الكلام.

قل هو الحبر

الزمن كله والمكان

رجفة على وترين

ويد لا تنام.” (مقطع من قصيدة: تعويذة الغرباء).

وقبل أن تشدو الشاعرة رجاء هرموك بنص شعري من نصوصها، قال في حقها الناقد عبد النبي ذاكر:

قصيدة رجاء فراشة مجنونة بالأريج واللون، تخذل الأشباه والنظائر، فهي بالكاد تشبه نفسها، التي تأخذ شكلا جديدا مع انعطافة كل صورة غارقة في صور استعارة كبيرة، هي أسطورة حياة وارفة، ولغز كينونة مسكونة بهبَّة ريح تحرك شجرة المعنى، فينجرح لها قلب الشاعرة دون أن ينفطر أو يصيبه وهن الانمحاءات التي قد يتسبب فيها سلطان لغة قد تقولك ولا تقولها.

“وترْنو إلى فناجينك

نكهة الصفصاف

في أول ارتعاشه

فتحسبه الصبح لا يفهمه إلا غيرك

غفلة أو صحوة خافقة بالنضج

ترابط على بابك

لا تأمن صحبة الحروف

فقد تتركك متخما بحِبْر الذُّهول

وورقٍ خاضعٍ

قانعٍ محاصرٍ

يَعِد آلاف

الحاضرين بلا وصول” (من قصيدة: نصف البوح).

وفي ختام هذا الحفل الشعري البهيج، قدم د. عبد السلام الفيزازي للشاعرة درع الجامعة وشهادة تقديرية تنوه بالتجربة الشعرية النسائية التونسية في شخص زهور العربي، التي أبى بعض الطلبة إلا أن يبادلوها التحية بمثلها، فقرؤوا بحضورها ما جادت به قرائحهم من وحي اللحظة.

د. عبد النبي ذاكر

جامعة ابن زهر

مشاركة