الرئيسية اراء ومواقف جيل دفعته الحكرة لممارسة السياسة

جيل دفعته الحكرة لممارسة السياسة

كتبه كتب في 15 أبريل 2013 - 11:18

في أواخر الثمانينات تكونت لدى رغبة قوية في ممارسة العمل السياسي والانخراط في حزب سياسي ، عسانى أفجر مكبوتا كان بداخلي منذ الطفولة ، لأنني ذقت مرارة البوس وماسي الحكرة في قرية بجنوب المغرب اسمها اقا بإقليم طاطا ، فتحت عيني في فضاء لم يكن فيه سوى حصير قديم وزريبة متلاشية ورائحة الغبار والفقر الذي ينتشر بكل مكان .

 قرية لم يكن فيها مكان للمرحاض والكهرباء والمركز الصحي والطرق لايوجد فيها اى مرفق عمومي.

 كان المقدم هو وحده الذي يمارس سلطته على الدوار ، والكل كان يسعى لكسب وده ورضاه لأنه هو المتحكم في توزيع الدقيق والسكروهو القريب من المخزن وهو من يختار من شباب الدوار من يفرض عليه التجنيد الاجبارى . وكانت بعض العائلات تخاف من تجنيد أبنائها نظرا للوضع الأمني الصعب بالمنطقة وهجومات مرتزقة البوليزاريو على الدواوير والمعارك التي يخوضها الجيش معهم في الحدود .

 كانت محافظة ترفض كل انفتاح على الأخر ولم تكن تقبل أن يمارس أبنائها سوى التجارة أو التعليم أو العمل في الإدارة العمومية .

 كانت لي رغبة في ممارسة السياسة لأساهم في ترسيخ قيم الديموقراطية والحرية والكرامة خاصة وأن ذاكرتي الطفولية لازالت تحمل صور رجال يتم الاعتداء عليهم في طوابير طويلة من اجل الحصول على قالب السكر ، وكان المخازنية يتعسفون عليهم بالضرب بأحزمة كبيرة وكانوا يتعرضون للسب والشتم فئ غياب لأبسط شروط الإنسانية .

 وكان يوم السوق بمثابة فضاء يمتزج فيه الفرح بالحزن فرح اقتناء قالب من السكر وحزن الشعور بالاهانة .

 كانت لي رغبة في السياسة لاننى لازلت أتذكر كيف كان يساق بآبائنا لتنظيف المركز والقيام بأعمال شاقة بأزقته بالمجان ، حيث كان المقدم يوجه الاستدعاءات لهم من أجل العمل وكل من رفض الرضوخ لذلك كان يتعرض للاعتقال والضرب في مخافر يتم إعدادها بجوار مكتب القائد حيث كان العمل بالمجان وكان من يتم اختيارهم لذلك يقطعون كيلومترات على الأرجل من دواويرهم إلى مركز القيادة ويعملون تحت لهيب الشمس يواجهون التعب والجوع بصبر . وحين كبرنا عرفنا أن تلك الأشغال تدخل في إطار ما يسمى بالإنعاش الوطني وكانت أجورهم يتم التلاعب بها من طرف المسوولين . وفى بعض الأحيان يتم الأداء بالدقيق والزيت الامريكى الذي كان يمنح للمغرب كمساعدات غذائية .

 انتقل للدراسة بالدار البيضاء ففتحت عيني على حياة جديدة تختلف تماما على حياة البوس والحرمان .وقد فتحت المدرسة في وجهي اهتمامات وأفكار جديدة ، حيث كان درب بوشنتوف يعج بالحوار والنقاش الرياضي والسياسي وكان الفصل المدرسي يعرف تجاد بات بين الفكر اليساري الحداثى والفكر المتأسلم . وكنت قد انسقت وراء الفكر المتاسلم من باب الرياضة وممارسة كرة القدم والجري ثم بعد ذلك تم استقطابي إلى حركة دينية التي تنشط بقوة وسط الأطفال والشباب . وعلى يدها تعلمت كيف أنجز عروضا ومداخلات بمسجد بمنطقة الحبوس عشية كل يوم جمعة ,

 لكنني وجدت نفسي مخنوقا في وسط هذه الحركة التي كانت تريد منا أن نكون مجرد ببغاء نلخص الكتب التي تسلم لنا وليس من حقنا البحث عن مراجع اهرى ، الشيى الذي جعلني ادخل معهم في جدال كبير انتهى بخروجي من المجموعة . ولعل ما شجعني على ذلك هو اكتشافي لفكر متفتح يومن بالاختلاف والتنوع ويفتح المجال للعقل انه الفكر التقدمي من خلال العديد من المجلات التي كنا نكتريها .

 وكان التحاقي بفاس هي المرحلة التي اكتمل فيها نضجي أواخر الثمانينات حيث كنت أحضر محاضرات الأحزاب التقدمية وأشارك في حوارات مع الشباب وكان لي اطلاع بالأدبيات الماركسية اللينينية من خلال الكتب الحمراء ,

 وكانت الانتخابات البرلمانية لسنة 2004 فرصة سانحة للاطلاع على برامج الأحزاب السياسية ومرحلة حاسمة لاختيار التوجه السياسي الذي يتماشى مع قناعاتي وتصوراتي للمجتمع .

                 الحسن ساعو

 

مشاركة