الرئيسية مجتمع زوجات يعانين من ضغوط أزواجهن العاملين في قطاع الأمن

زوجات يعانين من ضغوط أزواجهن العاملين في قطاع الأمن

كتبه كتب في 31 مارس 2013 - 20:13

اختارت كل منهن الارتباط برجل يعمل في قطاع الأمن، بعدما وجدن فيه رجل المهام الصعبة القادر على توفير الحماية لهن ولأبنائهن مثلما يسهر على  استقرار الوطن وحماية ممتلكات الأفراد والمؤسسات، لكنهن سيجدن أنفسهن في نهاية المطاف محرومات من طعم الأمان والاستقرار الأسري بسبب الضغوط النفسية والمهنية التي تلازم أزواجهن وتحول دون قيامهم بواجباتهم اتجاه أسرهم.

«صار من المستحيل أن أجتمع مع زوجي وأبنائي على مائدة الطعام»، بهاته العبارة اختزلت حليمة واقع حياتها الزوجية والأسرية، الذي صار يفتقر إلى كل مظاهر الحميمية والدفء الأسري، بسبب الإكراهات المهنية التي يعيشها زوجها العامل في قطاع الأمن.

الوظيفة هي «الزوجة الأولى»!

«وقت رجل الأمن ليس ملكا له»، تقول حليمة ذات الرابعة والثلاثين عاما، التي وجدت نفسها مرغمة على لعب دور الأم والأب في حياة أبنائها، نظرا لعدم قدرة زوجها على تخصيص غالبية وقته لأفراد عائلته.

كانت الزوجة تعلم منذ البداية بصعوبة المهام الملقاة على عاتق شريكها، وتبدي الكثير من التفهم لظروف عمله، لكنها تؤكد أن مرور السنوات كان كفيلا باستنزاف صبرها نتيجة المجهود المضاعف الذي تضطر لبذله من أجل تعويض دور زوجها الغائب في تربية الأبناء بالإضافة إلى القيام بواجباتها كربة بيت اتجاه أفراد أسرتها الصغيرة، وهي التي كانت تعقد آمالا كبيرا على الزوج في تقاسم مهمة تربية الأبناء وإياها ودوره الأساسي في اكتساب أبنائهما لقوة الشخصية التي يتمتع بها.

حتى عندما يتعلق الأمر بالسفر رفقة أفراد أسرتها كباقي الأسر خلال العطلة الصيفية السفر، يتحول ذلك الأمر إلى حلم صعب المنال، حيث يضطر زوجها لادعاء المرض والاستفادة من شهادة طبية لا تتعدى مدتها الثلاثة أيام، ليقضي رفقة عائلته لحظات قليلة من المتعة التي يفسدها الخوف من اكتشاف أمره.

«الوظيفة هي الزوجة الأولى»، تقول حليمة بنبرة تمتزج فيها السخرية بالحسرة، فهي ترى في وظيفة زوجها «الضرة» التي تتحكم بزمام الأمور المرتبطة بحياة زوجها، فهي التي تحظى بالأولوية في حياته ووحدها تحدد الوقت المناسب للسماح له بالاهتمام بشؤون أخرى.

ضغوط نفسية ومهنية

لا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة إلى سمية فهي بدورها تعاني من انشغال زوجها الدائم، وعدم قدرته على مواكبة أبنائه والاهتمام بشؤون أسرته، لكن مصدر القلق الوحيد بالنسبة للزوجة الثلاثينية يتمثل في كون حياة العاملين بقطاع الأمن معرضة للأخطار لأنهم في مواجهة دائمة مع المجرمين.

«اعتدت على غياب زوجي.. لكن أكثر ما يخيفني هو احتمال تعرضه لمكروه»، تقول سمية التي لا تغيب الأفكار السوداوية عن فكرها إلا حين يعود زوجها سالما إلى المنزل، خاصة أنه كاد يلقى حتفه في مرة سابقة بعد أن تعرض لاعتداء جسدي على يد أحد مروجي المخدرات.

تؤكد سمية بأنها تعاني أكثر من زوجها من الضغوط النفسية والمهنية المرتبطة بعمله، لأنها وجدت نفسها في نهاية المطاف محرومة من طعم الأمان والاستقرار الأسري، بسبب خوفها الدائم من تعرض زوجها لمكروه، فذلك يعني حرمان أسرتها الصغيرة من حضن الأب ومن مورد رزقها باعتبار زوجها المعيل الوحيد للأسرة، ولأنها غادرت مقاعد الدراسة في سن مبكرة ولن تستطيع الاعتماد على نفسها لاستكمال دور زوجها.

لا تنكر الزوجة أنها تنتظر بفارغ الصبر إحالة زوجها على التقاعد الذي مازالت تفصله عنه عدة سنوات، تؤكد سمية أنها ستتجرع خلالها مرارة الرعب الذي تعيش تحت وطأته منذ أن اختارت الارتباط برجل أمن.

يرفض اللجوء إلى طبيب نفسي

مريم بدورها تعاني من مخنلف الضغوط والإكراهات التي يعيشها زوجها شأنه شأن العديد من العاملين في قطاع الأمن. وتعتبر الزوجة ذات التاسعة والعشرين عاما أن من أهم تلك الإكراهات التي تؤثر سلبا على حياتها الأسرية الساعات الإضافية التي يضطر فيها الزوج لممارسة واجبه المهني دون حتى أن يستفيد من تعويضات مادية عن المجهود الذي يبذله والوقت الطويل الذي يقضيه بعيدا عن أسرته.

«لا مكان لأوقات الفراغ في حياة زوجي لأنه دائم التنقل ويعمل لساعات طويلة»، بنبرة حزينة تتحدث مريم عن الإكراهات المهنية التي تقف حجر حثرة في طريق سعادتها، وتنعكس بشكل سلبي على نفسية زوجها، الذي صار شديد العصبية، ويصب جام غضبه عليها من خلال الشتائم والصفعات التي يكيلها لها لأتفه الأسباب في الأوقات القليلة التي يقضيها داخل بيت الزوجية.

«واش بغيتيهم يحيدوا ليا السلاح؟»، كان هذا رد الزوج عندما طلبت منه مريم اللجوء إلى طبيب نفسي لمساعدته على التخلص من الضغوط النفسية التي يعاني منها، حيث برر رفضه للذهاب إلى عيادة علاج نفسي بتخوفه من أن يتم سحب سلاحه الوظيفي بدعوى فقدانه للاتزان النفسي، أو من أن يتم حرمانه من الترقية ويصبح مساره المهني أكثر تعقيدا مستقبلا.

شادية وغزو / الأحداث المغربية

مشاركة