الرئيسية اراء ومواقف ما العمل بعد الانتخابات المهنية للمحامين بالمغرب؟

ما العمل بعد الانتخابات المهنية للمحامين بالمغرب؟

كتبه كتب في 2 فبراير 2012 - 02:47

جرت الانتخابات المهنية للمحامين المغاربة خلال شهر دجنبر 2011 لانتخاب نقباء جدد وأعضاء مجالس الهيئات لمدة ثلاث سنوات في أجواء اتسمت في أغلبها ببعض التوتر بارتباط مع التدبير المالي حيث ارتفعت أصوات للمطالبة بافتحاص مالي بدءا من مراكش فمكناس ثم الدار البيضاء وأخيرا الرباط.
أما هيئة أكادير فتعرف وضعا خاصا اختارت نظاما تقاعديا مستقلا عن الصندوق المهني المغربي للتقاعد الذي انخرطت فيه باقي هيئات المحامين مما يجعل تدبيرها المالي يخضع لمنطق آخر.
عموما فإن الانتخابات المهنية الأخيرة أسفرت في مجملها عن مفاجآت تتجلى في كون بعض النقباء السابقين لم يفلحوا في الفوز بمنصب النقيب ولا في فوز المرشحين الذين كانوا يدعمونهم. بل إن بعضهم لم يفلح حتى في الفوز بعضوية المجلس مما يدل على أن المحامين يريدون التغيير في الأشخاص والعقليات (نسب إلى العالم آينشتاين أنه قال: لا يمكن تغيير الأوضاع الفاسدة بنفس العقليات التي أنتجتها).
بهيئة أكادير مثلا لم يفلح النقيب مبارك الطيب الساسي في الفوز بالعضوية بمجلس الهيئة، وهو رئيس سابق لجمعية هيئات المحامين بالمغرب والرئيس الحالي للتعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب وسيفقد بالتالي أهليته للاستمرار في تحمل مسئولية رئاسة التعاضدية. لكن وردت أنباء تفيد أن النقيب محمد بن السعيدي الفائز بالعضوية بمجلس هيئة أكادير، إلى جانب النقيب المهدي الدرقاوي، طلب إحالته على التقاعد بداية يناير من هذه السنة وقبل طلبه، وقرر المجلس دعوة الجمعية العمومية لإجراء انتخابات جزئية لملء المنصب الشاغر، كما وردت أنباء تفيد أن النقيب الساسي هو المرشح الوحيد.
نتمنى التوفيق لنقبائنا الجدد ولأعضاء مجالس هيئاتنا ونقول لهم الله يكون في عونكم ينتظركم الكثير من الإكراهات والتحديات.
هذه توطئة للحديث عن بعض الإكراهات والتحديات التي تنتظر نقباءنا الجدد ومجالس هيئاتنا وسأتحدث أولا عن مالية الهيئات وثانيا عن التنسيق بين الهيئات وثالثا عن التعاضدية العامة لهيئات المحامين ورابعا عن موضوع التكافل الاجتماعي بين المحامين وكيفية تنزيل مبدأ من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته في إطار بناء مجتمع تضامني لأختم خامسا ببعض الانطباعات حول التكوين والإعاقة المهنية.
تبتدئ السنة المالية للهيئة في فاتح يناير من كل سنة ميلادية وتنتهي في 31 دجنبر من نفس السنة حسب المادة 138 من القانون المنظم لمهنة المحاماة. وتنص المادة 139 على أن للهيئة نظام مالي يحدده المجلس ويبين فيه طريقة مسك حساباتها وكيفية إعداد موازنتها التقديرية السنوية وأوجه صرفها. ويبقى مجلس الهيئة هو المختص بإقرار وصرف النفقات التي يستلزمها التسيير العام للهيئة، ويشرف أمين المال على تطبيق النظام المالي المقرر من طرف المجلس.
من الفروض أن تبدأ المجالس أعمالها بإقرار ميزانية سنوية مع بداية شهر يناير يتقيد بها الأمين عند الصرف تحدد فيها التوقعات حول المداخيل والنفقات وتحديد الأولويات. كما يتم تعيين مراقب للحسابات في نفس الوقت.
يمكن للميزانية أن تعرف عجزا إذا لم تخضع لأي تخطيط تصبح معه المجالس عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه بعض المؤسسات المتعاقد معها (شركات التأمين والصندوق التعاضدي للتقاعد أو للاستشفاء). وعندما يتصرف المجلس في المالية بدون تخطيط أو يدخل في التزامات تفوق قدراته المالية فإن مخاطر وقوعه في العجز المالي واردة بكثرة.
المداخيل الأساسية القارة للهيئات تأتي من أربعة موارد الأول الاشتراكات والثاني رسوم الدمغة والثالث رسم المرافعة والرابع عائدات حساب الودائع.
رسم المرافعة أو ما نسميه ب (حقوق المرافعة Droit de Plaidoirie) هو رسم أحدث في فرنسا بأمر ملكي Ordonnance Royale سنة 1667، وفي المغرب أحدث هذا الرسم بمقتضى ظهير 4 مارس 1947 منشور بالجريدة الرسمية بالفرنسية عدد 1799 صفحة 323. أما النص الذي ينظم حاليا هذا الرسم فهو قانون المالية لسنة 1984 المنشور بالجريدة الرسمية بالعربية عدد 3730 مكرر. وفي الصفحة 531 نجد الباب الثالث من الملحق يتحدث عن رسم المرافعة ويقول عنه في الفصل 65 “يقبض كذلك من المدعي عن كل دعوى أصلية في المادة المدنية أو التجارية أو الإدارية رسم قضائي يدعى رسم المرافعة، ويدخل في المصاريف المصفاة، ومبلغ هذا الرسم عشرة دراهم سواء أمام المحكمة الابتدائية أو أمام محكمة الاستئناف” (في فرنسا تم رفع هذا الرسم إلى مبلغ 8,84 يورو منذ ماي 1989 أي ما يقرب مائة درهم لكن التقاضي عندهم بالمجان وليس لديهم ما يسمى بالرسوم القضائية). أما الفصل 66 من نفس الملحق فينص على أنه (يدفع كاتب الضبط رسم المرافعة في نهاية كل شهر إلى أمناء مختلف نقابات المحامين “يقصد هيئات المحامين”… وتخصص الهيئات هذه المبالغ لسد حاجات مشاريع الاحتياط والمساعدة العاملة تحت مراقبتها. ويمكن أن تطلب وزارة المالية اطلاعها على محاسبة “نقابات” المحامين). وقد نقل هذا النص حرفيا بخصوص وجه الاستعمال عن النص الأصلي لسنة 1947.
إن ملايين الدراهم من حقوق الـمرافعة لا تستخلص في نزاعات وحوادث الشغل ولا نعلم شيئا عن مصيرها علما أن حقوق المرافعة تستخلص من المنفذ عليه لأنها تدخل في المصاريف المصفاة في القضايا المعفية من أداء الرسوم القضائية (قضايا منازعات الشغل وحوادث الشغل والأمراض المهنية وقضايا النفقة وباقي القضايا التي يتمتع فيها المدعون بالمساعدة القضائية مثل قضايا المسئولية التقصيرية…). ونستغرب لخلو التقارير المالية لبعض الهيئات من أية إشارة للمبالغ المستحقة للهيئات عن هذا الباب كما لا تشير إلى الخطوات التي سلكتها مجالس الهيئات لاستخلاص هذه المستحقات.
ونتساءل هل تصرف هذه المبالغ فيما خصص لها بمقتضى القانون (أي التقاعد والمساعدة الاجتماعية) أم أنها تحول إلى حسابات التسيير لتغطية العجز الذي قد تعرفه الميزانية؟ وهل تضطلع وزارة المالية بمهامها في مراقبة أوجه صرف المبالغ المستخلصة في هذا الباب؟
أما الاشتراكات السنوية التي يؤديها كل محام بصفة متساوية ورسوم الدمغة التي يؤديها كل محام عن كل قضية فتحدد بمقتضى قرار مجلس الهيئة ويختلف مقدار الاشتراكات ورسوم الدمغة من هيئة إلى أخرى.
عائدات حساب الودائع تخضع في جزء منها للتفاوض مع الأبناك وفي الجزء الآخر إلى اقتطاعات مقابل الخدمات تحدد بمقرر تنظيمي من المجلس ويشار إليها في النظام الداخلي لحساب الودائع.
وعندما تكون أبواب المداخيل محددة ويمكن التنبؤ بنسب استخلاصها فإنه من غير المعقول أن يتم تدبير المالية بدون مخطط ميزانية.
قد تكون هنالك مداخيل استثنائية نتيجة انخراطات جديدة ولكنها تبقى استثنائية لأنها غير متوقعة وغير مرتبطة بأي فترة زمانية.
جانب آخر يكثر فيه الحديث بين المحامين ويتعلق بجدوى بعض النفقات وبالدرجة الأولى نفقات السفريات ويطرح السؤال عن جدوى opportunité ومردودية هذه السفريات التي لا يقدم عنها أي تبرير بحيث تكتفي التقارير المالية والأدبية بالإخبار فقط دون بيان حصيلة مردودية النشاط ومدى استفادة المحامين من تلك المشاركات.
بعض الهيئات تتوفر على مشاريع ضخمة ذات الصبغة الاستثمارية لكن التقارير المالية لا تتضمن تفصيلا عن توقعاتها المستقبلية من حيث التحملات والمداخيل طبقا لقواعد الموازنة.
وعندما لا يرضى المحامون على تدبير شؤونهم المالية والأدبية أليس من حقهم عقد جمعية عمومية استثنائية لسحب الثقة وانتخاب نقيب ومجلس جديد للحرص على ضمان الشفافية والتدبير المعقلن لأموالهم؟ إذا كان القانون المنظم للمهنة لا يسمح بذلك فإن على المشرع التدخل لإعادة النظر فيه بكيفية تسمح للمحامين بممارسة حقهم في الرقابة والمساءلة طبقا لمبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة الذي أقره الدستور الجديد.
كما تبدو ضرورة إصدار نص تشريعي خاص بنظام مالية الهيئات يحدد طرق مراقبتها وأوجه صرفها ويرتب الأولوية لتمويل تقاعد المحامين وتخصيص نسبة من المداخيل ترصد لزوما لهذا الغرض.

2 ـ التنسيق بين الهيئات. من أجل مجلس وطني للهيئات.
مجالس الهيئات يحاولون (مجرد محاولة لم تعد ذات بال) التنسيق فيما بينهم في إطار جمعية تسمى جمعية هيئات المحامين بالمغرب وهي جمعية مؤسسة طبقا لقانون الجمعيات تخضع لمسطرة التصريح بالتأسيس والتجديد كغيرها من الجمعيات المدنية.
تعقد هذه الجمعية مؤتمرا مرة كل ثلاث سنوات يشارك فيه عدد محدود من المحامين (كوطا لكل هيئة) تصدر عنه توصيات وليست له صبغة تقريرية رغم أن القانون الأساسي يذكر المؤتمر ضمن الهياكل التقريرية للجمعية، ولا يتداول المؤتمر لا في التقرير الأدبي ولا في التقرير المالي للجمعية ولا توجد في القانون آلية تسمح لعموم المحامين بمحاسبة أجهزتها المسيرة.
تتكون أجهزة الجمعية من المجلس ـ المكتب ـ المؤتمر ـ ندوة الرؤساء ـ وندوة النقباء.
يتكون مجلس الجمعية من أعضاء مجالس الهيئات أما المكتب فيتكون من أعضاء منتخبين وعددهم 13 ومن النقباء الممارسين للهيئات الأعضاء 17 ومن الرئيس السابق للجمعية المجموع 31.
وتتم الانتخابات على الشك التالي: الرئيس ينتخب من بين النقباء السابقين ونائبان للرئيس ينتخبان من بين النقباء السابقين والكاتب ونائبه ينتخبان من بين النقباء السابقين أيضا. أما الأمين ونائبه والمكلف بالشؤون الاجتماعية ونائبه والمكلف بالشؤون الثقافية ونائبه والمكلف بشؤون التمرين ونائبه فلا تشترط فيهم صفة النقيب لكن القانون لا يمنع ترشحهم لهذه المهام.
ومن بين مهام مكتب الجمعية السهر على التنسيق بين الهيئات الأعضاء في كل مجالات عمل الجمعية وطنيا ودوليا. ومنها صيغة موحدة للأنظمة الداخلية للهيئات الأعضاء. وهي مهمة لم ينجح فيها مكتب الجمعية ووصلت الخلافات ذروتها بمناسبة دخول المادة 57 من القانون المنظم لمهنة المحاماة الذي ينص على إحداث لدى كل هيئة حساب ودائع وأداءات المحامين يديره مجلس هيئتها، تودع به لزوما المبالغ المسلمة للمحامين المسجلين بجدول هذه الهيئة على سبيل الوديعة، وتتم بواسطته كل الأداءات المهنية التي يقوم بها المحامي لفائدة موكليه أو الغير… كما تودع به كل المبالغ الناتجة عن تنفيذ مقرر قضائي من لدن مصالح التنفيذ والمفوضين القضائيين… ويتم تدبيره وتسييره وفقا لنظام داخلي يضعه مجلس الهيئة.
ولم يتمكن مكتب جمعية هيئات المحامين من التوصل إلى صيغة موحدة للنظام الداخلي للهيئات ولا للنظام الداخلي لتسيير حساب الودائع بحيث اختارت كل هيئة وضع نظامها الداخلي مختلف عن باقي الهيئات مما يطرح التساؤل حول الجدوى من وجود هذه الجمعية التي لا تملك صلاحيات تقريرية ملزمة لأعضائها.
الجمعية التي لا يشارك المحامون في انتخاب أجهزتها المسيرة ولا حق الترشح لها كما لا يملكون الحق في محاسبتها لا يمكن أن تفرض عليهم مقترحاتها وهذا هو السر في عدم نجاح أجهزتها في القيام بمهام التنسيق بين الهيئات.
وهذا هو السر أيضا في وجود هيئات المحامين في موقع ضعف في الحوارات التي تجري مع أجهزة الدولة (وزارة المالية بخصوص الضرائب والرسوم القضائية. والحكومة بخصوص الملف الاجتماعي من تقاعد وتغطية صحية ووزارة العدل بخصوص المناخ العام لممارسة المهنة داخل المحاكم ووزارة الداخلية وباقي الإدارات العمومية بخصوص توسيع مجال عمل المحامين وتمثيل المواطنين أمام جميع الإدارات العمومية).
ولذلك لا بد من إعادة النظر في القانون المنظم لمهنة المحاماة بإضافة بند خاص بمجلس وطني للهيئات ينتخب أعضاؤه من طرف الجمعيات العمومية لمختلف الهيئات تكون من مهامه تمثيل المحامين وهيئاتهم لدى المؤسسات العمومية وتوحيد قواعد ممارسة المهنة والتكوين المهني والمستمر للمحامين، وضبط تسجيل المحامين الأجانب، وتحديد واجبات المساهمة في التكافل الاجتماعي للمحامين طبقا لمبدأ من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته.
وبهذا ستوفر مجالس الهيئات الكثير من النفقات التي ترصدها لحضور أشغال أجهزة هذه الجمعية التي أدت دورها التاريخي ولم يعد هنالك مبرر لاستمرارها.

3 ـ التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب
بمقتضى قرار مشترك لوزير التشغيل و التكوين المهني ووزير الاقتصاد والمالية رقم 2618.08 صادر في 23 من ذي القعدة 1428 (4 ديسمبر 2007 تمت المصادقة على النظم الأساسية لجمعية التعاون المتبادل المسماة ” التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب”.
من بين أهدافها الأساسية تغطية المصاريف الطبية والجراحية والصيدلية ومصاريف اقتناء أدوات التقويم التي يتم دفعها من طرف المستفيدين من خدمات التعاضدية. وإحداث نظام تقاعد أساسي أو تكميلي لفائدة الأعضاء المساهمين…
ويستفيد من خدمات التعاضدية الأعضاء المساهمون (المحامون المسجلون بإحدى هيئات المحامين بالمغرب شرفيون ورسميون ومتمرنون) وأفراد عائلاتهم.
المندوبون للجمع العام للتعاضدية ينتخبون من طرف الأعضاء المنخرطين وهذا الجمع العام ينتخب أعضاء المجلس الإداري للتعاضدية الذي ينتخب بدوره رئيسا ومكتبا مسيرا الكل طبقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.57.187 بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل.
غير أن النظام الأساسي للتعاضدية غير دستوري ومخالف لمقتضيات هذا الظهير الذي يقر حق جميع الأعضاء في الترشح والتصويت لاختيار المندوبين.
لأن النظام الأساسي للتعاضدية يعتبر الفائزين في الانتخابات المهنية للمحامين مكتسبين في نفس الوقت لصفة مندوبين للجمع العام للتعاضدية.
وبما أن الانتخابات المهنية للمحامين تخضع للضوابط المنصوص عليها في القانون 08.28 المنظم لمهنة المحاماة التي تستثني صراحة فئة المتمرنين من حق التصويت كما تستثني فئة الرسميين ذوي أقدمية أقل من عشر سنوات من حق الترشح لعضوية المجلس.
وبالرغم من أن هاتين الفئتين أعضاء كاملي العضوية في التعاضدية طبقا للمادة 3 من الظهير رقم 1.57.187 بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل، والمادة 7 من النظم الأساسية للتعاضدية، فإن عدم مشاركة هاتين الفئتين في انتخاب المندوبين للجمع العام للتعاضية العامة لهيئات المحامين بالمغرب، لا بالتصويت ولا بالترشح، يعتبر مخالفا للدستور.
وبما أن الجمع العام للتعاضدية ينبغي أن يتكون من مندوبين منتخبين من طرف الأعضاء المساهمين و الأعضاء الشرفيين أي من جميع المحامين متمرنين ورسميين؛ فإن المجلس الإداري للتعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب يعتبر غير قانوني وغير دستوري لكونه منتخب من طرف أعضاء مجالس الهيئات الذين تم انتخابهم للعضوية بمجالسهم طبقا لقانون مهنة المحاماة وليسوا منتخبين من طرف جميع أعضاء التعاضدية طبقا للنظام الأساسي للتعاون المتبادل.
وتبعا لذلك فإن أي عضو منخرط في التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب له الحق في الترشح كمندوب للجمع العام لهذه التعاضدية وفي الترشح للعضوية بمجلسها الإداري وبمكتبها المسير وفي الترشح لمنصب رئيسها بدون قيد أو شرط، ويستوي في هذا الحق كل المحامين متمرنين ورسميين ونقباء وكل تمييز أو إقصاء لأية اعتبارات كيفما كانت يعتبر مساسا بالحقوق المكفولة دستوريا.
لذلك يتعين إعادة النظر في النظم الأساسية للتعاضية بما يكفل إجراء انتخابات طبقا للنظام الأساسي للتعاون المتبادل وليس طبقا للقانون المنظم لمهنة المحاماة. أو تعديل قانون المحاماة بما يضمن حق جميع المحامين رسميين ومتمرنين في الترشح والتصويت في جميع الانتخابات المهنية بدون تمييز.

4 ـ نظام التكافل الاجتماعي بين المحامين.
هذا الموضوع شغل الكثيرين وتعاملت معه كل هيئة بطريقة مختلفة منها من قرر لهذا الغرض تخصيص جزء من أتعاب المحامين في نوع من القضايا، ومنها من قرر توزيع نوع من القضايا على المحامين.
غير أن كل هذه الاجتهادات اصطدمت بمعوقات إما قانونية وإما واقعية.
فبالنسبة لتخصيص جزء من أتعاب القضايا قرر القضاء عدم قانونيته لأنه يتنافى مع الطابع الحر للمهنة، ونفس الشيء بالنسبة لتوزيع نوع من القضايا اعتبره القضاء مساسا بحرية المتقاضي في اختيار محاميه.
وبما أن نظام التكافل بين المحامين يهدف إلى تحقيق التكافل الاجتماعي لهم بما يساعد في تأمين الرعاية الاجتماعية اللازمة لهم ولأسرهم من بعدهم في حالة العجز الكلي أو الوفاة.
فإنه وإن كان القضاء يلغي نماذجه حتى الآن لجهة الشكل فإنه لا يمكن رفضه من حيث أهدافه.
فقد ورد في قرار رقم 3584 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 08/12/2004 في الملف المدني عدد 2785/7/2001 ما يلي: توزيع قضايا حوادث السير أو اقتطاع جزء من أتعاب المحامي لتمويل صندوق التقاعد للمحامين يتنافي والطبيعة الحرة للمهنة.
صحيح أن النماذج التي تم اعتمادها من طرف بعض المجالس لم يظهر فيها هدف التكافل واضحا بقدر ما كانت الغاية منها الحد من بعض مظاهر الاحتكار لنوع من القضايا.
يعلم الجميع أن بعض المحامين يعيشون على الكفاف ولا نجد في رصيدهم ما يكفي لدفنهم عند وفاتهم فبالأحرى رعايتهم هم وأبناؤهم في حالة عجزهم عن العمل.
الدولة لا تساهم بأي قسط في هذا الباب بالرغم من الدور الذي يقوم به المحامون في مجال تحقيق العدالة التي هي مسئولية من مسئوليات الدولة. وهي مناسبة لتوجيه نداء إلى الحكومة من أجل فتح حوار حول هذا الموضوع من أجل المساهمة في تنزيل توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي الداعية إلى تعزيز النظام التكافلي في المجتمع.
ولهذا الغرض ينبغي تأسيس صندوق خاص يديره المجلس الوكني للهيئات ويصدر تقريرا عن وضعيته المالية خلال شهر دجنبر من كل سنة وفق نظام داخلي مصادق عليه من طرف المجلس المذكور.
دون أن نغفل عن ضرورة شمل المحامين بالتغطية الصحية الإجبارية وضمان تقاعدهم على غرار باقي الفئات الاجتماعية وهذه من المطالب الملحة التي على الدولة الاستجابة لها.
مهمة تمثيل الغير أمام الإدارات العمومية لم يتم تفعيلها بحيث لا زلنا نلاحظ وجود طوابير من البشر أمام بعض مكاتب الإدارات العمومية المختصة بتسليم بعض الوثائق الإدارية سواء للمغاربة أو للأجانب.
الأجانب يستغربون لعدم قدرة المحامين على تمثيلهم لقضاء مآربهم أمام الإدارات العمومية خاصة ما يتعلق بسحب بطاقات الإقامة أو تجديدها أو سحب رخص إنجاز مشاريع استثمارية إلى غير ذلك من الوثائق التي تسلمها الإدارات العمومية.
المواطنون المغاربة يستغربون من جهتهم لعدم قدرة المحامين على تمثيلهم في سحب جوازات سفرهم ورخص إقامة مشاريعهم الاقتصادية والتجارية وكل ما يهم حياتهم المدنية.
يستغرب الناس لعدم قدرة المحامين على تمثيلهم في عقود الزواج والطلاق المغربي والمختلط.
فمن المسئول عن عدم تفعيل المهام المنوطة بالمحامين؟ هل وزارة العدل أم وزارة الداخلية أم الحكومة كلها أم أن الخلل في المحامين أنفسهم؟
بالنسبة للإدارات العمومية فإن الأمر لا يحتاج لأكثر من منشور يصدر عن رئيس الحكومة يعمم على جميع الإدارات العمومية لتنبيه المسئولين الإداريين إلى أن القانون يعطي الصلاحية للمحامين في تمثيل الغير أمام جميع الإدارات العمومية من غير الإدلاء بتوكيل خاص، ويحثهم على تسهيل مهامهم.
والأمل معقود على النقباء الجدد ومجالس الهيئات المنتخبة للرفع من مستوى مهنة المحاماة وتفعيل الدور المنوط بالمحامين لتسريع وتيرة عمل الإدارات العمومية وعجلة النمو الاقتصادي لبلادنا.

5 ـ التكوين والتكوين المستمر من أجل: تجاوز الإعاقة المهنية Sclérose ودمقرطة الخدمات.
ينص القانون المنظم لمهنة المحاماة علي وجوب خضوع المحامي للتمرين لمدة ثلاث سنوات يمكن تمديدها لمدة سنة بقرار من مجلس الهيئة. كما ينص على أن شهادة مزاولة مهنة المحاماة تمنح من طرف مؤسسة للتكوين تحدث وتسير وفق الشروط التي ستحدد بنص تنظيمي. ولم يصدر أي نص تنظيمي.
وكانت بعض النظم الداخلية لبعض الهيئات تنص على إحداث لجنة للتكوين في إطار قانون 1993 غير أننا لم نجد أثرا لعملها.
مدة التمرين تستغرق ثلاث سنوات يعين النقيب من يراه من المحامين مؤهلا للإشراف على ندوة التمرين ولا يشترط القانون أن يكون عضوا بمجلس الهيئة غير أن جميع مدراء ندوة التمرين كانوا يختارون دوما من بين أعضاء مجلس الهيئة.
مدة التمرين ثلاث سنوات ومن غير المعقول أن تبقى بدون منهجية وبدون برنامج وتخضع لاجتهاد المدير المشرف عليها ولا يقدم تقرير لا إلى النقيب ولا إلى مجلس الهيئة، ولا يعقل أن يبقى المجلس بدون علم بسير التمرين ولا دور له في تحديد البرنامج التكويني للمتمرنين.
وتمهيدا لإنشاء المعاهد الجهوية للتكوين المنصوص عليها في القانون المنظم لمهنة المحاماة لسنة 1993، عقدت دورة تكوينية لفائدة المحامين المتمرنين في مختلف المراكز الجهوية في الفترة من 16 ماي إلى 30 منه سنة 2003، شارك فيها المحامون المتمرنون، وعدد كبير من المؤطرين قضاة ومحامين، ركزت على مواضيع مختلفة تشمل الثقافة القانونية والحقوقية والمسطرية وتقنيات الترافع إضافة إلى آداب المهنة والعلاقة بين القضاة والمحامين.
وكان الهدف أولا: قياس مستوى التعاون بين وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين بالمغرب بخصوص التكوين. وثانيا: وضع تشخيص للإمكانيات المتاحة من حيث التأطير ومناهج التكوين وتحديد الحاجيات، بغاية تأهيل المحامين للقيام بالدور المنتظر منهم لتحقيق العدالة باعتبارها أداة لتنمية شاملة.
واستعملت في الدورة التكوينية عدة طرق منها ما هو تقليدي سماه بعض المشاركين في تقييماتهم بالطرق المتجاوزة واستحسنوا الطرق الحديثة التي لا تترك أي فرصة للمتلقي في الشرود خاصة بالنسبة لبعض المواضيع، كما لاحظوا غيابا شبه تام للمعينات ووسائل الإيضاح وعدم الاهتمام بتقنية الإعلاميت التي تسهل البحث والمعالجة.
ويستفاد من الانطباعات التي دونها المشاركون في استمارات التقييم اليومية أن الاستفادة كانت على العموم جد إيجابية بفضل المستوى الثقافي العالي للشخصيات المؤطرة سواء منهم المحامون والقضاة. غير أن ذلك لم يمنعهم من إبداء ملاحظات تخص غياب فعاليات أخرى مهتمة بالميدان كالخبراء ورؤساء بعض المصالح ككتابة الضبط والتحفيظ العقاري والعمل البنكي والمقاولاتي وكذا مناهج البحث والتدريب على التقنيات الحديثة.
ولا علم لي بآلية متابعة نتائج الدورة، وعلى أي فإن المعاهد الجهوية للتكوين لم تر النور لحد الآن رغم مرور ما يقرب من عشر سنوات على تلك الدورة وربما وقع التخلي نهائيا عن الفكرة لأن قانون 2008 لا يتحدث عن هذه المعاهد وهذه معناه أن المحامين مدعوين للتفكير لوحدهم في هذا الموضوع.
وزارة العدل تبعث القضاة لاستكمال التكوين ولا ندري لماذا لا يستفيد المحامون من هذه الدورات التكوينية. ثم لماذا لا ينظم المحامون دورات تكوينية لهم في مختلف المجالات حتى يتمكنوا من مواكبة المستجدات وتجاوز ما نسميه بالإعاقة المهنية Sclérose.
مثلا الوصول إلى المعلومة القانونية أصبح متاحا، وبالمناسبة يجب التنويه بالثورة التي حققتها الأمانة العامة للحكومة بأن مكنت عموم زوار الموقع من البحث في الجريدة الرسمية عن طريق بوابة لوحة البحث.
كما ننوه بما قامت به وزارة العدل بفتحها لبوابة قانونية وقضائية تساعد الباحثين على الوصول إلى النصوص القانونية بطريقة قابلة للمعالجة النصية.
يبقى على المحامي أن يتسلح بحاسوبه وأن يتعلم كيف يضع أصابعه على لوحة مفاتيحه.
هناك أنظمة (فرنسا مثلا) تفرض على المحامين أن يخصصوا عشرين ساعة في السنة أو أربعين ساعة في كل سنتين في المجالات التي يحددها المجلس الوطني للهيئات Conseil National des Barreaux يشترونها على نفقتهم الخاصة تحت طائلة المتابعة التأديبية حتى يتمكنوا من مواكبة المستجدات على جميع الأصعدة محليا وإقليميا ودوليا، لأن العدالة لم تعد تهم حدود الوطن وحده وإنما تهم الوافدين من مختلف الأنحاء الذين يأتون بقوانينهم في مجالات الاستثمار وغيره.
ومن بين مواد التكوين التي تفرض نفسها اليوم على أي مكون من مكونات العدالة نجد في المقدمة أن الوليد الذي أنتجه التزاوج الذي حصل بين الأنظمة المعلوماتية والقانون ويسمي بالمعلوماتية القانونية.
إن هذا العلم الذي يعنى “بمعالجة المعلومات القانونية” يلعب دوراً مهماً في حياة رجل القانون لما يقدمه من خدمات هدفها مساعدته على إيجاد الحلول في شتى الميادين القانونية.
فإذا كانت المعلومة هي الجسر الذي عبره نصل إلى المعرفة القانونية فإن المعلوماتية هي الأداة التي بفعلها تتحقق هذه المعرفة.
أن المعلوماتية القانونية وجدت من أجل خدمة القانون ورجال القانون لما يتمتع به الكمبيوتر من وظائف متعددة ومنها استيعاب كميات هائلة من المعلومات القانونية وقدرته على تسهيل عملية البحث عن المعلومة القانونية وسرعة الحصول عليها وذلك عبر بنوك المعلوماتية القانونية.
ويجب التنويه بهذا الخصوص بالمجهودات المبذولة من طرف وزارة العدل والأمانة العامة للحكومة من خلال وضع مواقع إلكترونية رهن إشارة كل من يرغب في الوصول إلى المعلومة القانونية وفي تتبع القضايا أمام بعض المحاكم دون ضرورة التنقل، على أمل تغطية جميع المحاكم، علما أن دمقرطة الخدمات تتم عبر هذا الوسيط الإليكتروني بدل الوسيط البشري.
وإن وضع هذه المعلومات رهن إشارة مختلف مكونات العدالة في موقع إلكتروني متاح الولوج له للعموم من شأنه أن يرقى بجودة العمل، حيث حينها يتضاءل العذر بالجهل أو عدم الاطلاع، وعندها أيضا يكون للتكوين المستمر معناه ومردوديته.
وعلينا أن نعتبر مسئولية التكوين والتطوير في هذا الباب مشتركة بيننا جميعا محامين وقضاة ومسئولين حكوميين والقطاع خاص.

مشاركة