الرئيسية اراء ومواقف أخذ “الحق” باليد… رغم وجود القضاء، لماذا؟!

أخذ “الحق” باليد… رغم وجود القضاء، لماذا؟!

كتبه كتب في 23 مارس 2013 - 14:46

ونحن في انتظار ما سيسفر عنه التحقيق في حادثة إطلاق النار من طرف موظف بمفوضية الأمن ببلقصري، لتتم إحالته على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة لتقول العدالة كلمتها، نتجرع بمرارة انتشار ظاهرة  العنف بشتى أنواعه و حوادث القتل والانتحار بمصالح مختلفة و في كل أوساط المجتمع بصفة عامة، يكفي أن نتذكر الأستاذ الذي قتل صديق له بمدينة كمليم، و الفيديو المصور للفتاة التي أرمت بنفسها من الطابق العلوي لعمارة  بالرباط، و الأمثلة كثيرة، و السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا أصبح التفكير في أخذ “الحق” باليد  عوض الذهاب إلى إدارة العدل؟

 مهما كانت الدوافع و الأسباب فلا يمكن أن نبرر عملية القتل، لأنه فعل شنيع، و فيه كثير من الأذى للأخر، لكن بالعودة إلى الحادثة، و عن أسباب الجريمة كما يرويها شرطي بلقصيري، حيث تم إبعاده عن شغل الحواجز الأمنية في مداخل المدينة التي  كان رجال الشرطة يجنون منها أموالا كثيرة، أي أن الحواجز الأمنية أو ما يصطلح علية بالبراج  كانت للأقربين أولى، نظرا لما تدر على من نشفق من حالهم وهم واقفون تحت أشعة الشمس أو المطر من أموال، لكن ما أدلى به الشرطي  للمحققين لا يمكن  اعتباره إذاعة لسر، أو فضح مستور، فالمواطن كان يعلم كل هذا بحكم أنه هو المتضرر الأول و الأخير من هذه السلوكيات، أما بخصوص دراية  المسئولين بما يقومون بهؤلاء اللهم أعلم، لكن قيمة هذه الشهادة  تكمن من جانب شهد شاهد منهم.

 إن استفحال ظاهرة الرشوة بالجهاز الأمني  و الجهاز القضائي،  سيضعف لامحال الثقة بهذه الأجهزة التي تشكل وجهة  المتقاضين والمستضعفين و المظلومين و الباحثين عن الحق، و بالتالي فإن الحوادث التي تظهر بين الفينة و الأخرى، لا تشكل سوى إنذارات ورسائل واضحة لمن يهمهم الأمر، باتخاذ التدابير اللازمة  وبتر الداء قبل أن يصبح وباء، وجعل المتقاضي  أو المشتكي يأمل في القضاء أن ينصفه، ويصبح له كلمة الفصل في كل نزاع.

في ظل إدارة ينخر الفساد جسمها، و شعب أنهكه الفقر و الأمية، والعنف شعار جيل صاعد ووسيلته  المفضلة في التعبير و أخذ “الحق”  وما يقع بالمدرسة “باعتبارها مؤسسة تنتج الموارد البشرية” من عنف خير دليل، على أن مثل هذه الحوادث ستستمر و ربما بشكل أبشع، و لهذا فإن الحادث   يتطلب الوقوف و التفكير وإعادة النظر في المقاربة التي تتبنها الدولة في مواجهة العنف بشتى أنواعه، خاصة طبيعة العقوبة في مثل هذه الحالات، و أن لايقتصر دورها فقط في التحسيس و التوعية رغم أهميتهم.

 يقول أحد المفكرين الفلاسفة أن الإنسان عنيف بطبعه، ويستشهد على قوله هذا بكثرة الحروب و الدماء التي أسيلت عبر تاريخ البشرية، و يتابع قوله لولا العنف ما ظهر القانون، أي أن هذا الأخير وضع من أجل إعطاء لكل ذي حق حقه، و يتضمن بين طياته عقوبات زجرية من أجل ردع المخالفين، لكن خوف أو عدم ثقة المواطن بتطبيق القانون ، و تماطل من هم مسئولين  في إنصاف المتقاضين، سيغذي مثل هذه الحوادث.

محاربة الرشوة و الفساد بالإدارة المغربية عموما، وأخض بالذكر القضاء و الأمن و الصحة، كفيل بتحسين العلاقة بين الإدارة و المرتفقين، وسيفضل الكثيرون الذهاب إلى جهاز  الأمن والقضاء من أجل إنصافه، لا  التفكير في أخذ “الحق” باليد.

مشاركة