الرئيسية ثقافة وفن أكادير: حديقة وادي الطيور والمنازعات الضبابية

أكادير: حديقة وادي الطيور والمنازعات الضبابية

كتبه كتب في 26 فبراير 2013 - 15:27

يبدو أن مصير حديقة وادي الطيور٬ إحدى أهم المعالم البيئية بمدينة أكادير وأكثرها جاذبية للسياح المغاربة والأجانب على حد سواء٬ باتت تتجاذبه “منازعات ضبابية”.

وهذه المنازعات الضبابية، يختلط فيها المعطى المالي مع الواقع الإداري مع البعد البيئي٬ بما يجعلها بحق مرفأ سلام إلى إشعار آخر.

وأوضح محافظ الحديقة الدكتور الحسين آيت صالح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه المنشأة٬ التي أحدثت ما بين سنتي 1982 و 1986٬ “تحتل موقعا استراتيجيا على مساحة تناهز 3 هكتارات بوسط أكادير عند تقاطع ثلاث شوارع رئيسية٬ هي شارع الحسن الثاني وشارع محمد الخامس و شارع 20 غشت”.

وأبرز أن هذه الحديقة٬ التي منحت كهبة لعمالة أكادير إداوتنان في يناير 1987 والتي فتحت أبوابها للعموم في ماي 1989٬ تأوي من الطيور والحيوانات ما يفوق ال500 ٬ وفيها ما يربو على خمسين صنفا من مختلف القارات.

وأشار السيد آيت صالح٬ وهو حاصل على الدكتوراه في التخصص البيئي ويشرف على هذه الحديقة منذ سنة 2000٬ إلى أن عدد الوافدين يصل إلى حوالي 200 ألف زائر سنويا مع ارتفاع ملموس خلال نهاية الأسبوع وفترة العطل٬ معتبرا أن هذا الإقبال مرده٬ بالأساس٬ إلى الموقع المتميز للحديقة التي توجد على مرمى حجر من الشاطئ٬ فضلا عن محاذاتها لمرافق ومتاجر ينشد منها الزائر ضالته.

وأضاف أن هذا المرفق٬ الذي تناهز ميزانية تسييره 4.5 مليون سنويا٬ يتوفر على ثمان محلات تجارية مستغلة من طرف الخواص وفق دفتر تحملات٬ مشيرا إلى أن أحد هذه المحلات مغلقة منذ سنة 2005٬ فيما لم يتم الشروع بعد في استغلال فضاء آخر يطل على واجهة شارع 20 غشت.

وتسهر شركة خاصة على تأمين الحراسة وفق صفقة عمومية لمدة ثلاث سنوات٬ عبر تواجد حارس محوري وعشرة حراس خلال فترة النهار٬ في مقابل ثلاثة حراس ليلا٬ بينما يصل عدد المستخدمين إلى 24 شخصا يتوزعون على فريق يعنى بالحيوانات والطيور وفريق يتكفل بأشغال البستنة وآخر ثالث يهتم بأشغال الصيانة وتنقية المجاري وسقي المساحات الخضراء وأعمال النجارة والكهرباء وغيرها.

والحال ألا شيء يوحي أمام هدوء المكان وسكينته بأن مصير هذا الموقع٬ الذي يغري بالانتشاء ويملي العين بمساحته الخضراء وشلاله المتدفق وفضائه الخاص بلعب الأطفال٬ بات غير معلوم بسبب إقدام المجلس البلدي لأكادير على فسخ الاتفاقية التي تربطه بالمجلس الإقليمي لأكادير إداوتنان.

وبهذا الخصوص٬ يقول نائب رئيس المجلس البلدي المكلف بالتخطيط والمالية السيد محمد لحلايسي “لقد قررنا في يوليوز 2012 فسخ هذه الاتفاقية التي كنا ملزمين ببنودها على تقديم دعم بقيمة مليوني درهم لتسيير وتدبير هذه الحديقة”٬ مضيفا أن هذا المرفق “لن يعول علينا اعتبارا من نهاية دجنبر القادم٬ اللهم إذا توصلنا إلى التفاوض مجددا في إطار اتفاقية جديدة”.

وإذا صح أن مثل هكذا قرار لم يكن ليروق بالضرورة للجميع٬ فإن ذات المسؤول لم يفته التشديد على حتمية التعامل الإيجابي مع هذا الموضوع بقوله “إننا مستعدون للمساهمة بل وحتى الرفع من قيمة ما نقدمه من تمويل لهذه المنشأة شريطة فقط أن تتضح الأمور ونعرف إلى أين تمضي هذه المساهمة”.

واعتبر السيد لحلايسي أنه لم يعد هناك من مجال٬ في سياق مطبوع بالشفافية والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة٬ لتجديد الاتفاقية القديمة “التي كانت تفرض علينا أداء مليوني درهم دون أن يكون لنا أدنى حق في المتابعة”٬ معربا بنفس المناسبة عن أسفه لتبني مقاربة المجانية في الولوج إلى هذا المرفق الذي يشكو أصلا من ضيق الفضاء وغياب أي رؤية مستقبلية.

والراجح أن هذا التوصيف لا يتقاسمه معه زميله السيد محمد لعنيبة٬ رئيس لجنة المالية بالمجلس الإقليمي٬ الذي يؤكد أنه “لا يمكن البتة تصور تسليم حديقة وادي الطيور٬ التي هي هبة من جلالة المغفور له الحسن الثاني٬ لأي طرف ثالث”٬ معتبرا أنه كان من المفترض مبدئيا أن تكون بلدية أكادير أول المتدخلين للمساهمة في هذا المجال اعتبارا لكون الحديقة تقع أصلا ضمن مجال تدخلها الترابي.

وأكد أن المجلس الإقليمي لم يتوصل لحدود الساعة بأي إشعار رسمي يفيد بنية المجلس البلدي فسخ الاتفاقية السابقة٬ مذكرا بأن البند الرابع من الاتفاق المذكور يشدد على أنه “يحق لأي أحد من الطرفين إنهاء العمل بهذه الاتفاقية بشرط إخبار الطرف الآخر داخل أجل لا يقل عن سنة مسبقا”.

وفي انتظار أن تتضح معالم هذا “الخلاف” أكثر٬ أصدرت مؤخرا جمعية “بايزاج”٬ إحدى الجمعيات البيئية الأكثر نشاطا على مستوى أكادير٬ تقريرا يشير إلى عدد من الاختلالات التي ترتبط بمشكل الاكتظاظ “ببعض الممرات نظرا لضيق المساحة” بالحديقة وإلى “تدهور منقطع النظير بعد اختفاء وتحول مجموعة من المحلات بها إلى خراب وخردة وإهمال وعدم صيانة بعض المرافق بوسط الحديقة والتي تحتاج إلى أشياء بسيطة كالطلاء والسياج والإنارة وشذب الأشجار وتعزيز المغروسات وتنقية الأحواض من المياه الراكدة”.

بالمقابل٬ يؤكد حسن٬ مصور في الأربعينات من العمر ظل يشتغل مع الزوار منذ ما يربو عن 15 عاما بنفس الموقع٬ أن حديقة الطيور باتت تعرف أحسن فتراتها منذ أن صار الولوج إليها مجانا منذ ثلاث سنوات تقريبا٬ مشيرا إلى إضافة عدد من المعدات والمرافق بغرض التجاوب الأمثل مع متطلبات الوافدين.

وعن إمكانية نقل هذه الحديقة بالمرة خارج موقعها الحالي بوسط أكادير٬ حذرت فاطمة٬ معلمة جاءت لزيارة الحديقة رفقة أطفال بعمر الزهور بالسلك الابتدائي٬ من “النوايا غير المعلنة لبعض الأطراف التي يستهويها وضع اليد على العقار الحالي أكثر من الخطابات حول البيئة أو ظروف عيش الأصناف الحيوانية”.

ومن يدري، فلربما وشهادات الزوار تتناسل دون أن تتشابه بالضرورة٬ سيظل توصيف السيد لعنيبة بمثابة تأكيد لا يحيد عن جادة الصواب إلى إشعار آخر: “إن حديقة الطيور توجد بأيد أمينة ولن نفرط قيد أنملة فيها٬ بل بالعكس نحن عاقدون العزم على مضاعفة اتفاقيات الشراكة والتعاون لكي تبقى هذه الحديقة مثلما كانت على الدوام٬ عنوان فخر لأكادير”.

و.م.ع / حسين ميموني

سوس بلوس

مشاركة