الرئيسية عدالة روبرطاج: حكاية صاحب “سكوب مراكش”

روبرطاج: حكاية صاحب “سكوب مراكش”

كتبه كتب في 11 فبراير 2013 - 12:41

في رحلتنا هذه إلى دوار سيدي مبارك، بحي المسيرة بمدينة مراكش. الحي هامشي، والذي يظهر وكأنه لا ينتمي لمدينة ساحرة، تجلب إليها كبار رجال السياسة والمال والفن ومشاهير العالم، لا لشيء سوى لقضاء فترات تنسيهم روتين العمل، نحاول أن نكشف معالم من حياة صاحب الصفحة، التي روعت الأسر والأجهزة الأمنية بالمدينة، ونكشف كيف توصلت الشرطة القضائية إليه، ليصير رهن الاعتقال في انتظار أن تنهي الغرفة التلبسية بالمحكمة الابتدائية فصول هذه القضية التي أثارت الرأي العام المراكشي والوطني.

هل تعرف صاحب صفحة”سكوب”؟ سألت أحد الشباب الذي كان يعد حينها طاولة للمأكولات الخفيفة، ليجيبني بسرعة :”آه.أمين، إسأل الشباب المتواجدين هناك، فهم يعرفونه أكثر مني”.

قلت في نفسي : ومن لا يعرف أمين، لقد صار “بطلا”!
توجهت صوبهم، كانوا يجلسون بجنب حائط بالدوار. هل تعرفون صاحب “سكوب مراكش”؟ يجيبون بسرعة وفي وقت محدد: ميجيل. إنه ابن حينا”. أنا اسأل عن صاحب “أمين”؟ ثم يجيبني أحدهم: إنه يلقب أيضا بـ”ميجيل”.

* “أمين” الذي نزع ثوب “الفقيه” ليشوه بنات المدينة

صاحب هذه الصفحة، التي روعت الأجهزة الأمنية بمدينة النخيل، والتي أضحت شهرتها تتعدى الحدود، كيف لا وهي تعرض صورا وأشرطة جنسية، لفتيات رفقة أصدقائهم يمارسن الجنس، بات يأتي على لسان أبناء الحي، عفوا، الدوار أكثر من السابق.

بمجرد أن شرعنا في السؤال عن “أمين”، حتى تناسلت الأجوبة من أبناء الدوار، لكن في تحفظ شديد. يقول محمد، وهو اسم مستعار، إن “أمين” شاب متخلق” !. طرح أمامنا هذا الكلام علامة استفهام: هل من هو متخلق يقدم على نشر صور شخصية لشباب وشابات؟ ثم يجيبنا :”نعرفه جيدا، لن تكون نيته هكذا، لقد كان ذلك مجرد لعب بالنسبة له”.

من جديد نتساءل:”هل هناك من يلعب بأعراض الناس وينشر لقطات حميمية وجنسية؟، هنا ينبري أحد الشباب الآخرين ليقول إن ” أمين لم يكن يعرف أن الأمور قد تصل إلى هذا المنحى، ولو كان كذلك لما قام بذلك، فهو شاب متخلق ولا يمكن أن يقوم بمثل هذا العمل”، ثم يضيف، في محاولة منه لتأكيد كلامه، وتوجيه رسالة للمصالح الأمنية التي ألقت القبض على أمين، قال:”إنه شاب يحترم الجميع هنا، والأكثر من ذلك أنه لا يدخن لا سيجارة ولا حشيش، كما أنه يؤدي الصلوات المفروضة” !

*مغني “الراب” الذي تحول لفاضح الفتيات

 سألنا في الدوار عن مسار هذا الشاب، الذي صار اسما “لامعا”، واشتهر بإخراجه الجيد وإعداده للسيناريو المحبوك جيدا لهذا الفيلم، الذي قد يعجز كبار صناع الأفلام الجنسية عن إخراجه، ولا يخطر على بالهم، إنتاج فيلم على غرار”ناشر صور المراكشيات وهن عاريات يمارسن الجنس”، بصعوبة بالغة كنا نعثر على من يدلي لنا بما يعرفه عن أمين، بطل “سكوب مراكش”، وكأنهم يتخوفون من أن نكون من رجال الشرطة التي لا تزال تحقق في هذه القضية.

 عبد الله، واحد من الذين كانوا يحدثون أمين باستمرار، ويجالسونه. سألناه عن “البطل”، فقال لنا إنه كان في السنوات الماضية من أبناء الدوار الذين يعشقون فن “الراب”.

 توجهنا رفقة عبد الله إلى المكان الذي كان أمين يمارس فيه هوايته “الغناء”. هناك التقينا واحدا من الشباب الذين غنوا رفقة صاحب “سكوب مراكش”.

 يقول لنا الشاب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن فن الراب هو الذي جمعه بأمين” كان يفضل الغناء مثلي لذلك التقينا في هذه النقطة”، ثم يضيف قائلا :” كنا نغني معا في مجموعة أطلقنا عليها حينها عشران المايك قبل أن نفترق مجددا”.

** مداوم التربص بالفتيات أمام المؤسسات

 أمين، “البطل”، كما صار يعرفه الجميع، خاصة أنه تحدى الأجهزة الأمنية بالمدينة السياحية، رغم إقدامها على إنشاء مختبر التحليل التقني لمحاربة الجريمة الالكترونية مؤخرا بمقر ولاية أمن مراكش، المزداد سنة 1987، حاصل على شهادة الباكلوريا، وبعدها حسب ما نقله أبناء دوار سيدي مبارك، في تصريحاتهم، درس الفندقة، ومنها درس “لانفوكرافي”(l’infographie)، بإحدى المدارس الخاصة بحي المسيرة، وهو الأمر الذي مكنه، حسب عبد الله، من العمل كمصمم لافتات، وبطاقة العمل”كارت فيزيت”… وغيرها بحسب الطلب.

عبد الله، الذي كان يحكي لنا، ولو بتحفظ عن صاحب صفحة “سكوب مراكش”، يقضي أغلب وقته في الانترنت، وهو يجيد الحديث باللغة الفرنسية، أضاف أن “محمد أمين.ز”، كان “ماهرا في لعبة الدوفيس حيث يهزم الفرنسيين فيها وهو مشهور لديهم”.

يروي كمال، وهو اسم مستعار، خلال حديثه لنا، بعض التفاصيل التي يعرفها عن ابن دوار سيدي مبارك الذي روع الأجهزة الأمنية، وجعل السلطات بالمدينة لا يغمض لها جفن، أن “محمد أمين” “بطل” هذه المغامرة الالكترونية الجنسية، كان يمارس رياضة الملاكمة، إلى جانب بناء الأجسام رغم نحافة جسمه.

” إنه كثوم ولم يكن يحدثنا عما يقوم به داخل الشبكة العنكبوتية، لكنه بين الفينة والأخرى يحدثنا عن هذه الصفحة”، يقول أحد الشباب، وفي معرض جوابه عن سؤالنا: من أين يأتي بهذه الصور الفاضحة للفتيات؟”، يقول نفس الشاب وهو يضحك:” كثيرا ما يداوم على الحضور أمام المؤسسات التعليمية، ويتعرف على الفتيات هناك، ويتربص بهن، كما أنه يجيد اختراق الحسابات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، ومن تم يصل إلى الصور الشخصية لهن وينشرها على هذه الصفحة”، ثم يضيف قائلا:” لقد دفع اختراق الحسابات الشخصية للفايسبوك الخاص بالفتيات والشباب، أحد مقاهي الأنترنت إلى منعه من ولوجه مدة طويلة لأنه كان يتسبب في إزعاج رواد هذا المقهى”.

** أرميل ينشأ مختبرا لمواجهة “سكوب مراكش” التي قضت مضجعه

 بعد توالي نشر الصور الفاضحة وتزايد تذمر الساكنة المراكشية من هذه الصور، خاصة من طرف آباء وأمهات الفتيات اللواتي نشرت”سكوب مراكش” صورهن وهن في وضعيات مخلة، وفي الوقت الذي عجزت الشرطة القضائية بالمدينة عن الوصول إلى ناشر الغسيل، عمدت إدارة الأمن الوطني إلى فتح مختبر جهوي، داخل مقر ولاية الأمن بمراكش لتحليل الآثار الرقمية.

ويأتي هذا الإجراء في إطار حرص المديرية العامة للأمن الوطني على مواكبة التطورات التي تعرفها الجريمة بفضل استخدام التكنولوجيا الرقمية.

 وسيقوم هذا المختبر بالأساس بتجميع الأدلة الرقمية المستعملة في اقتراف الأفعال الإجرامية أو المرتبطة بها٬ واستقرار وتحليل الدعامات الالكترونية المرتبطة بالجريمة٬ إلى جانب تقديم الدعم التقني للمحققين وللعدالة في ما يتعلق بالجريمة الالكترونية، إلى جانب تجميع وحجز أدلة رقمية مستعملة في ارتكاب جرائم الإنترنيت والمترتبة عنها، واستقراء وتحليل الأثر المرتبطة بهذه الجرائم.

 وسيغطي هذا المختبر٬ الذي ينضاف إلى مركزيين اثنين بكل من مدينتي الرباط والدار البيضاء وآخر جهويا بمدينة فاس٬ مدن مراكش وأكادير والعيون وآسفي في انتظار تعميم هذه التجربة على باقي جهات المملكة.

 وتم تجهيز هذا المختبر بأحدث الوسائل التقنية وبالكفاءات التقنية المتخصصة في مجال محاربة الجريمة الإلكترونية٬ حتى يتمكن من القيام بالمهام المنوطة به وإجراء خبرات تستجيب للمعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال.

 وقد مكن هذا المختبر بعد إنشائه، على بعد أسابيع، من الوصول إلى “محمد أمين” المتهم الرئيسي بكونه صاحب الصفحة الفايسبوكية.

** قوات الردع تساعد أجهزة أرميل وتكشف ابتزاز”أمين” للفتيات

لم يكن من السهل الوصول إلى صاحب صفحة “سكوب مراكش”، لولا دخول قوات من نوع آخر على الخط. إنها “قوات الردع المغربية ” الإلكترونية، التي كشفت من يكون صاحب الصفحة، بعد اختراقها لحسابه الشخصي.

وقالت “قوات الردع المغربية”، إنها اخترقت الحساب الشخصي لـ”محمد أمين”، والذي يتوفر على مجموعة من الصفحات المفتوحة باسمه على الفايسبوك منها ما هو باسم أمين وأخرى باسم خالد وبعضها باسم “ميجيل”، مشيرة إلى كونه صاحب جميع صفحات “سكوب مراكش”.   مجموعة الهاكرز المغربية المشهورة باختراقها لأقوى المواقع الأجنبية الأكثر حماية، قالت في شريط بثته على شبكة الأنترنت إنها عثرت بجميع الصفحات التي تعود لهذا المراكشي، الذي أثار زوبعة في صفوف الأسر المراكشية وكذا أجهزة الأمن، على إعلانات لمواقع ربحية، وأشارت إلى أن صاحب الصفحة كان يعمد إلى نشر روابط إعلانية من أجل الربح المالي، عبر الشبكة العنكبوتية. كما أن الحساب الشخصي له على “جوجل بلاس”، يحوي على إعلان لموقعه، مؤكدة على أن عددا من صوره وكذا هاتفه النقال أصبحت تحت سيطرتها.

وبعد أسبوع من اعتقال الشرطة القضائية لصاحب الصفحة، نشرت مجموعة “قوات الردع المغربية” في صفحتها الرسمية على الموقع الاجتماعي الفيسبوك، يوم الاثنين 28 يناير الماضي، وثيقة تكشف من خلالها ابتزاز صاحب الصفحة الفيسبوكية الفضائحية”سكوب مراكش” لفتاة من تيفلت من أجل حذف صورها من على “حائط” الصفحة المذكورة.

ويتعلق الأمر بتوصيل تحت رقم 750 629 325  268 لتحويل مبلغ مالي قدره 287 درهم في مؤسسة وفاكاش بتاريخ يوم الاثنين 7 ماي 2012، أرسلته فتاة من مدينة تيفلت إلى “محمد أمين.ز” صاحب صفحة “سكوب مراكش” المعتقل والذي يقطن بدوار سيدي مبارك بحي المسيرة.

وقال الهاكرز المغاربة إنه “بفضحنا لهويته دافعنا عن بنات المغرب وأبنائه بشكل عام. نحن أردنا ألا تتكرر محاولة انتحار الأم التي شاهدت فيديو مخل لابنتها، ولا أن يقتل أب أو أخ غيور ابنته بسبب خطأ ارتكبه مراهقون”.

* أنكر علاقته بالصفحة واعترف بملكيته للبريد الإلكتروني الذي تفتح به 

استطاعت الشرطة القضائية بمدينة مراكش الوصول إلى صاحب الصفحة بمشقة الأنفس. فحسب مصدر أمني، فإنه لولا إنشاء المختبر الذي يعتمد على تقنيات عالية في الميدان العلمي والتقني، وكذا تحليل وتعقب الآثار الرقمية، لما تمكنت من تحديد هوية صاحب الصفحة.
وأوضح مصدرنا أنه بعد مرور أسابيع على إنشاء المختبر داخل ولاية أمن مراكش، تمكنت الشرطة القضائية من الوصول إليه. وأردف نفس المصدر أنه بعد تفتيش حاسوبه الشخصي وإخضاعه إلى عملية تحليل دقيقة ثبت بشكل حاسم أن “محمد أمين” هو صاحب الصفحة المثيرة، وهو من يعمل على تزويدها ونشر الصور بها.

 وخلال التحقيق مع المتهم الرئيسي، محمد أمين، تبين حسب التصريحات التي أدلى بها أنه “أصبح متخصصا في خلق صفحات الكترونية تحت اسم مستعار، حيث شرع في البداية في إنشاء صفحة تحت اسم” نكت مغربية” متخصصة في النكت، وصفحة أخرى تحت اسم “D’OFFICE، تتعلق بلعبة الكترونية عبر الأنترنت، وهو الأمر الذي أكده أبناء الدوار الذين تحدثنا إليهم، حيث أقروا بكونه يجيد هذه اللعبة.

 وقد اعترف محمد أمين أثناء التحقيق معه بكون رقم الهاتف الذي يوجد على صفحة “العبرة لمن أراد” التي يسيرها إلى جانب “سكوب مراكش” هو هاتفه النقال الشخصي، كما أقر بكون البريد الالكتروني الذي يفتح به الصفحات الالكترونية يخصه، كما أن الاسم المستعار “خالد” الذي يفتح به الصفحات الالكترونية يخصه كذلك.

 غير أنه أنكر خلال التحقيق معه كونه مؤسس الصفحتين الإلكترونيتين “سكوب مراكش” و”العبرة لمن أراد”، مشيرا إلى أنه لا دخل له في هذا الأمر، كما أنه لم يسبق له أن قام بأي تغيير على مستوى أي صفحة، غير أنه لم ينف زيارته للصفحتين كزائر وذلك من أجل المشاهدة والفرجة وليس كمؤسس لهما، بحسب ما جاء بمحضر التحقيق.
عبد الإله شبل عن جريدة الخبر
سوس بلوس
مشاركة