الرئيسية سوس بلوس TV ابتزاز عبر الأنترنت من خلال الشعوذة الإلكترونية

ابتزاز عبر الأنترنت من خلال الشعوذة الإلكترونية

كتبه كتب في 8 فبراير 2013 - 11:50

فئة تبحث عن حل لـما تعتبره «ثقاف» وفئة أخرى من النساء تريد أن «تفوسخ من العكوس» حتى تتزوج. وآخرون يبحثون عن «القبول» حتى يرضى عنها مديرهما في العمل… أسباب مختلفة لكن يوحد بينها اليأس.. فهل أصبحت الشعوذة الإلكترونية طريقة جديدة لإخفاء تراجع أسهم «الشوافات» داخل المجتمع، وتناقص عدد زبنائهن المتوافدين عليهن في محلات خاصة؟ أم أن الحديث عن توسيع قاعدة الزبناء ليس إلا غطاء للهدف الحقيقي الذي يتجلى في استقطاب زبناء من جنسيات مختلفة في الأساس، قد تكون لديهم الإمكانات المادية، لمنح هذه العينة من الشوافات المبالغ المادية التي يطلبنها دون تردد. فتحت سكينة بريدها الإلكتروني كما اعتادت كل صباح، وجدت في انتظارها مجموعة من الرسائل، رسالة واحدة أثارت فضولها. مصدر الرسالة المثيرة هي «شوافة» تدعي أنها عرافة قادرة على جلب الحبيب وحل المشاكل العاطفية وعلاج الأمراض وفك السحر، بالإضافة إلى أمور كثيرة لا يمكن حصرها. رسالة «الشوافة» تدعي القدرة على حل جميع المشاكل والأمراض كيفما كانت.. المهم هو التواصل معها إما عبر بريدها الإلكتروني على «الهوتمايل» أو على عنوانها ب «الفايسبوك» أو على رقم هاتفها المحمول. سكينة مثل جميع الناس تعاني مشاكل عديدة، ومشكلتها كانت عاطفية فزوجها الذي كانت تحبه بشغف خرج ولم يعد بعد أن طلقها وهي مقتنعة أن «السحور» هو السبب، فرأت أنه باتصالها بهذه المرأة الخارقة يمكن أن تعيد زوجها إلى حضنها من جديد. الاتصال الهاتفي بالنسبة لسكينة كان أسرع، لكن «الشوافة» أو «الشيخة أم ولاء» لم تجب على رنات هاتفيها، الشيء الذي جعل سكينة ترسل لها دعوة باستضافتها على صفحتها ب «الفايسبوك». جواب «الشيخة» كان سريعا فقد وافقت على أن تكون سكينة صديقتها أو بالأحرى زبونة جديدة لها. «الشيخة أم ولاء» بعد أن كن يكتفين بالجلوس في الغرف المظلمة، خرجن إلى النور من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. هن مغربيات يسمين أنفسهن «شيخات»، يدعين أنهن متخصصات في تقديم خدمات لزبنائهن، مستغلات تلك المواقع من أجل عرض وصفاتهن وقدراتهن على حل لجميع المشاكل وإعلاء الشأن والهمة دون إغفال وضع أرقام هواتفهن للاتصال بهن في أي زمان وفي أي مكان. يلقبن أنفسهن ب «الشيخات» لاستقطاب زبناء آخرين من الوطن العربي الذين يملكون المال والذين يدفعون من غير حساب وهذا بالطبع ما يحدث عادة. «الشيخة أم ولاء» واحدة من هؤلاء «الشيخات».. تعرف نفسها أنها «خبيرة معالجة بالأعشاب الطبية والقرآن الكريم لعدة أمراض خطيرة». ولا تقتصر شهرتها على المستوى الوطني، بل طالت بلاد الوطن العربي وبعض الدول الغربية. وقد أتت هذه الشهرة العالمية، حسب التعريف الذي اختارته لنفسها، «بعد تمكنها من إعادة الأمل المفقود في نفوس العديد من الأسر داخل المغرب العربي وخارجه، حيث استطاعت علاج مرضاها وإعادتهم إلى حالتهم الطبيعية ليصبحوا عناصر فعالة في المجتمع» (كذا..). «الشيخة أم ولاء» تكتب في صفحتها أنه لديها إلمام واسع ودراية كبيرة بكيفية العلاج بالقرآن الكريم والأعشاب الطبية، وهي تدعي أنها مختصة في علاج سحر الجنون وسحر المحبة والنزيف، بالإضافة إلى سحر تعطيل الزواج والثقاف والتوكال والضعف الجنسي، هذا ناهيك عن حلها لمشكل العقم وعين الحسود وتحصين العروس. وأيضا تعالج «الشيخة أم ولاء» عدة أمراض مختلفة وتساعد في حل أي مشكلة من مشاكل العصر التي تواجه الشخص. سكينة أصبحت بالفعل زبونة لـ«الشيخة أم ولاء»، عن طريق التواصل الإلكتروني مرة وعن طريق الاتصال بها على الهاتف المحمول مرات أخرى. تقدم لها «الشيخة أم ولاء» وصفات على سكينة تطبيقها حتى تسترجع طليقها من جديد إلى حضنها كما تبتغي والمقابل مبالغ مالية متفق عليها مسبقا تحول إلى «الشيخة» عبر وكالة لتحويل الأموال. «الشيخة سلطانة» التقديم الذي يضعنه في صفحاتهن على الشبكة العنكبوتية يتم بطريقة «قطع».. «لصق»، أي أنه عبارة مستنسخة تجدها في جميع المواقع الخاصة بالمشعوذين والدجالات. لا يمكن أن يرفضن طلبا للعلاج كيفما كان نوع المرض سواء عضويا أو نفسيا. وسواء أكان عاديا أو قاتلا المهم أن يدفع الزبون. «الشيخة سلطانة» تتبع نفس الطريقة في النصب على المواطنين فهي تزعم على تسجيلاتها على موقع الـ«يوتيوب»، تخصصها في أعمال «إعلاء الشأن والهمة»، والحصول على «الحظوة والجاه عند الناس وفي المجتمع»، هذا بالإضافة إلى «جلب الحبيب» وحل المشاكل العاطفية وحل جميع الأسحار والربط وجلب الحبيب والسيطرة الكاملة على هذا الحبيب والعمل على عودة الزوجة إلى زوجها والزوج إلى زوجته وذلك كله يحدث عن طريق الاتصال بالهاتف فقط.. أعمال كثيرة لا حصر لها وتخصصات تجمع بين الطب وعلم النفس وعلم الاجتماعات. منى واحدة من الشابات اللواتي طرقن باب «الشيخة سلطانة». تقول «لقد جاء اليوم الذي‮ ‬تركني‮ ‬فيه بأبشع طريقة،‮ ‬ولم‮ ‬يكلف نفسه حتى عناء توديعي‮ ‬أو إخباري‮ ‬بسبب رحيله‮‮. ‬أصبحت كالمجنونة أصرخ ليل نهار وأفراد عائلتي‮ ‬حائرون لا‮ ‬يعرفون ما ألم بي،‮ ‬أخذوني‮ ‬إلى الأولياء وكل من سمعوا أنه‮ ‬يعالج السحر».‬ وتضيف قائلة «شربت كل ماكان‮ ‬يعطيهم الفقهاء والمشعوذون‮. ‬شربت مياه متسخة وأكلت جلود حيوانات لم أعرف حتى اسمها،‮ وسأتابع الأمر حتى يعود إلي حبيبي وأنا على ثقة أنه سيعود بعد أنجز لي الفقيه «القبول» وكان عبارة عن ورقة حرص «الفقيه» أن يدون عليها بالصمغ عبارات غير معروفة .. والآن أريد أن أطرق باب «الشيخة سلطانة» لصيتها الواسع في الوطن العربي. ‬ الشيخة أم حمزة التنجيم، وقراءة الطالع، ظاهرة سيطرت مؤخرا على بعض الشباب والتي تسعى لتغييب الوعي والإيمان بالخرافات، وعلى الرغم من أنها ظاهرة ليست وليدة اليوم إلا أنها احتلت مكانا بارزا في حياة أغلب الشباب الراغبين في الاطلاع على ما يخبؤه لهم المستقبل، فضلا عن هذا الكم الهائل من الكتب التي تهتم بشؤون السحر و«الكارطا» والتي حققت أرقام مبيعات خيالية. «أنا مؤمن تماما بالأبراج وقوة تأثيرها فى الأشخاص الذين ينتمون لها ليس هذا فقط بل أعتقد» يقول فؤاد أربعة وعشرين سنة »أن الأبراج علم له قواعده التى غالبا ما يصدق، فأنا أرى أن الأبراج لا تتنبأ بالأحداث ولكن بالطبيعة الإنسانية الثابتة». زميله في العمل يقول «أقرأ كثيرا الأبراج وأعتقد أن لها تأثيرات على سلوكات الناس بل إنها تساهم بشكل مباشر في وجود تنافر أو تجاذب فيما بينهم». الشيخة أم حمزة تلقفت هذه الرغبة الجامحة وأعلنت نفسها متخصصة في قراءة الطالع، الطعم الذي تعتمد عليه هذه «الشيخة»، بالإضافة إلى «شيخات» أخريات ك «الشيخة أم محمد» هو وضع بعض الآيات القرآنية الكريمة في واجهة صفحتها على «الفايسبوك» أو على «اليوتوب» كقوله تعالى «الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) » سورة الشعراء.. كي يثق المتصفح في قدراتها ومن ثم يقوم بالاتصال بها من خلال أرقامها التليفونية التي تتصدر واجهة الصفحة أو من خلال مراسلتها عبر البريد الإلكتروني أو الاتصال بها عن طريق هاتفها المحمول الذي من خلاله يمكنها أن تحضر الجن الذي يساعدها في حل مشاكل المتصل. رسائل مشبوهة هشام شاب يبلغ من العمر خمسة وعشرين، واحد من مرتادي المواقع والمنتديات الخاصة بادعاء أصحابها قدرتهم على جلب السعادة للشخص. يقول «انتشرت في المنتديات مواقع تدعي معرفة الغيب وحل المشاكل، يكون طعمها استشهاد صاحبها على الموقع بآيات كريمة كي يثق المتصفح للموقع بهم فينبهر ويجعل ثقته ومصيره بمشعوذ الموقع، ومن ثم يطلب منه مباشرة مراسلة صاحب الموقع، ومن هنا يبدأ الابتزاز المادي، كما أن بعض هذه المواقع تطلب من الزائر للموقع في المرة الأولى التسجيل المجاني، وبعد ذلك تأتي مرحلة الأداء». يبقى الجن مدخل لهؤلاء «الشيخات» لاقتحام عقول مرتادي مواقعهن وصفحاتهن تهدف من وراء ذلك ترويج الوهم وتحقيق أرباح مادية مقابل خدمات كاذبة يكون ضحيتها هؤلاء المرتادين. تجربة هند وهي شابة لم تتجاوز بعد الثلاثين سنة ولا تفكر في الزواج حاليا إلا أن مشكلتها التي نغصت عليها حياتها هي أنها عاطلة عن العمل، تقول «لقد وجدت نفسي بين ليلة وضحاها ضحية لإحدى المشعوذات التي ادعت أنها قادرة على إيجاد عمل مناسب لي، فمن خلال تواصلي معها عبر «الفايسبوك» وهاتفها المحمول هذه الدجالة أن تستنزفني ماديا مقابل وهم باعته لي في يوم من الأيام، فقد حولت لها أموالا كنت أطلبها من والدي مرة ومن والدتي مرات عديدة وفي بعض الأحيان من إخوتي، وأبعثها إليها عبر وكالة خاصة بتحويل الأموال.. هذه الأموال لو كنت استثمرتها في مشروع صغير لما كنت عاطلة عن العمل كل هذه السنوات». «الشيخة الشمهروشية» فئات اجتماعية مختلفة، أغلبها من النساء، ترتاد صفحات «الشيخة أم ولاء» و«الشيخة أم محمد» والشيخة وسلطانة والشيخة الشمهروشية.. هدف هذه الفئات حل مشاكلها…. فتجارة الوهم كانت ومازالت مزدهرة بين النساء على وجه الخصوص فتلك التي تبحث عن حل لـ «الثقاف» الذي يعاني منه زوجها وتلك التي تريد أن «تفوسخ من العكوس» حتى تتزوج وهناك من تبحث عن «القبول» حتى ترضي مديرها في العمل… أسباب مختلفة لكن يوحد بينها اليأس.. ويكاد يكون إيمان بعض النساء بالسحر والشعوذة راسخا، فالفقر والأمية المرتفعة، وهبوط نسبة الوعي الاجتماعي، وعوامل أخرى كغياب الثقة في النفس، خاصة في أوساط النساء، تشجع بروز المشعوذين والدجالين، مع العلم أن هناك فئة من النساء المتعلمات تدق أبواب المشعوذين في كل مناسبة. تخصص «الشيخة الشمهروشية» هو عمل «القبول» في العمل أو عند الشريك وإيجاد علاج «للثقاف» (العجز الجنسي)، وكذلك إيجاد حل لسحر «العكوس» الذي يكون السبب في عدم زواج الفتاة على وجه الخصوص . تقول لبنى البالغة من العمر ثلاثين سنة، «شاءت الأقدار أن أنقطع عن الدراسة، وعندما أصبحت في الثامنة عشرة من عمري بدأت أفكر في الزواج وفي إنشاء أسرة، للأسف كل من يطرق بابي لا يعود بعد أن يراني رغم أني أتمتع بجمال ملفت.. بقيت سنوات وأنا أنتظر الذي سيتقدم لخطبتي ولا يسرع هاربا من بيت أهلي..لكن للأسف تجاوزت الثلاثين من عمري ولم أتزوج بعد». صديقتها المتزوجة أقنعتها بفكرة زيارة «فقيه» لمعرفة السبب، فحسب صديقتها هذه فإن هناك شخصا قريبا منها «جرا في عكوس ليها» وبالتالي فـ «العكوس» هو السبب في عدم زواجها، وزيارة سريعة لـ «الفقيه» سيؤكد لها ذلك، وبالتالي سيجد لها حلا. لم تكذب لبنى خبرا ورافقت صديقتها إلى «الفقيه» الذي نصحتها بزيارته، لكن باءت محاولات الفقيه بالفشل فقررت أن تجرب التواصل مع «الشيخة الشمهروشية» المعروفة بين صديقاتها.. هي لم تتصل بها بعد لكنها عازمة على ذلك.

سوس بلوس
الأحداث المغربية

مشاركة