الرئيسية حوارات الحب لا يقتل… في حوار مع الدكتور عبد الجبار شكري، أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفس

الحب لا يقتل… في حوار مع الدكتور عبد الجبار شكري، أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفس

كتبه كتب في 7 فبراير 2013 - 11:48

يرى الدكتور عبد الجبار شكري، أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفس، أن الحب لا يقتل، بل على العكس من ذلك يؤدي إلى التوافق على التنازلات. ويعزو الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، الجرائم التي تتولد على علاقات بين الجنسين إلى أشياء أخرى من بينها الضغينة والكراهية والانتقام……….

هل يمكنكم أن تقدموا لنا تفسيرا لتحول علاقات حب إلى حقد وانتقام وانتهاء بعضها بجرائم بشعة؟
ما أود الإشارة إليه في هذا الإطار،  هو أن الحب ظاهرة  إنسانية لها وجود فعلي على مستوى الوجدان ، بحيث يشكل حقيقة سيكولوجية ، كما يرى علماء النفس، أنها ناتجة عن تفاعل عشقي- جنساني، أي ناتجة، عن عشق الحبيب لمجموعة من الخصائص الموجودة في الحبيب فقط ، من خصائص جسدية  جنسية أو مزاجية أوسلوكية، لا يجدها عند الآخرين ، بمعنى آخر لا يتولد الحب إلا عندما تكون عند الحبيب قيمة يضفيها على الحبيب.
أما مدرسة التحليل النفسي مع “تيودور رايك”، يرى أن الغرام يولد بعدم الرضا عن الذات لاشعوريا، والذي يولد استعدادات انفعالية في اللاشعور، تسبق مرحلة الحب العشقي كالقلق والفزع والاستياء. إن الحب في نظر “رايك” هو نتيجة الفرار من الذات، يصل في بعض الأحيان إلى كره الذات، ويتعب ويشقى من الاستمرار في البقاء مع ذاته، أي الاستمرار في أن يكون هو وأن يبقى هو أناه الذي يشكله.
إن الأنا المثال المجسد في أنا المحبوب يجعل الشخص يشعر بالسعادة، والاعتزاز بالنفس، في كونه، أصبح يملك ما لم يكن يملكه في السابق. ونتيجة خوفه من فقدان هذه الانفعالات الإيجابية يتعلق الشخص بمحبوبه ويحبه كضمان للاستمرار فيما هو عليه.

ولكن كيف يتحول ذلك إلى انتقام؟
في لحظات التوتر والخصام بين الشخص ومحبوبه، يعي الشخص بفارق القيمة بينه وبين محبوبه، فيعي أنه في الواقع لا يستطيع أن يعيش بدون هذه القيمة التي تضفي عليه من القيمة منفعية سيكولوجية مزدوجة في علاقته بذاته ، وفي علاقته بالآخر، ومن ثم تستمر وضعية الحب ومعاناة العشق والغرام التي هي في الوقت نفسه معاناة فقدان الأنا النموذج المثال المجسد في الحبيب.

يقال أحيانا إن من الحب ما قتل هل تطابق هذه القولة حالات تحول العشق إلى جرائم؟
تعني هذه القولة أن الشخص، يقدم على قتل محبوبه بسبب شدة الحب له، إذا تبين له أنه هناك خيانة، أو محاولة للانفصال عنه، أو إذا أصابه بأذى آخر، لأنه يرى في قتل المحبوب نهاية لهذا الحب، وبذلك يتم وضع حد للمعاناة والشقاء الناتجين عن هذا الحب.

هل تفسيركم للحب من خلال التحليل النفسي ينطبق على القولة ” إن من الحب ماقتل”؟
إذا استخدمنا  التحليل النفسي، سنجد أن القولة “إن من الحب ما قتل” في ظاهرها، لا تنطبق مع الحب بمعناه المجسد في آلياته اللاشعورية الاستيهامية والواقعية ، إذا طبقنا عليه التحليل النفسي.

كيف ذلك؟ 
ما أود أن أشير إليه في البداية هو قولة “إن من الحب ما قتل”  شائعة في المجتمع المغربي، وفي مجتمعات إنسانية أخرى ، وكأنها حقيقة مطلقة، صادقة في كل زمان ومكان، وكأنها صادقة بواقعيتها، وبحتميتها المصيرية.
إلا أننا إذا استخدمنا التحليل النفسي، فإن  هذه القولة لا تعبر عن الحقيقة في شيء، إنما هي مجرد معتقد وهمي، يخفي وراءه حقيقة أخرى مخالفة تماما لحقيقة مضمون القولة، وهذا ما ينطبق عليه، ما يقوله “فريد يريك نيتشه “في هذا الإطار “إن الناس يصنعون الوهم، ثم يحولونه إلى حقيقة، ويعتقدون فيها بشكل مطلق، وينسون أنها كانت وهما في السابق”

ما معنى ذلك في نظركم؟
يعني ذلك أنه إذا قمت بالتحليل النفسي للشخص الذي قتل محبوبه، فإن عملية القتل ذاتها ليست ناتجة عن الحب، بل هي ناتجة عن الضغينة والانتقام، ذلك أن القتل كعدوانية سادية تدميرية، لايستمر في حالة وقوع القتل. لهذا أقول إنه ليس هناك من (الحب ما قتل) وإنما هناك من الكراهية والانتقام ما قتل، ولكن إن انفجار المشاعر السلبية هذه، تؤدي إلى ظهور الرغبة في الانتقام من الحبيب، فتتخلص هذه الرغبة من سلبية الكمون والانتظار لكن نتيجة انحدار كبرياء الأنا وانجرا حيته المفرطة، تتحول الرغبة إلى فعل، فيقدم الشخص على قتل من لم يشكل موضوع حبه وقيمته، ويسقط كل أشكال العدوانية السادية، لينتزع أناه من سكرة الموت السيكولوجيا ويحقق  لأناه لذة النجاة من الموت السيكولوجي، ومن هنا يقول الناس ” إن من الحب ما قتل “في حين أقول من خلال التحليل النفسي “إن من الحقد والانتقام ما قتل”.

أجرى الحوار: المصطفى صفر

مشاركة