الرئيسية اراء ومواقف عن مدينة أكادير وأشياء أخرى..

عن مدينة أكادير وأشياء أخرى..

كتبه كتب في 4 فبراير 2013 - 13:55

  لم أدري وأنا أزور مؤخرا مدينة أكادير، أنني بعودتي سأجد مدينة تحتضر في صمت… نصف محالها التي أعدت للتجارة بين سكانها خبراء التجارة مغلقة. أحياء بكاملها علاها الغبار… حاولت الهرب خائبا إلى الضفة الغربية للمدينة ( الشريط السياحي الذي يفصله عن أمواج البحر أجمل كورنيش بإفريقيا) أرتشف القهوة مع فعاليات مختلفة من المدنية سياسيون مثقفون، رياضيون… هالني ما سمعت… خناجر عديدة زرعت في جسد المدينة المنسي…
هؤلاء بعدما اغتالوا مشروع المحطة السياحية الدولية لتغازوت و حولوا شاطئ المدينة الجميل إلى بورديل خليجي راق … فوق تراب بيع بخمسين درهما للمتر… بعد كل الأذى الذي تسببوا فيه للمدينة المسالمة يحلمون، والمسافة بين أحلامهم والواقع هينة، بتحويل ميناء أكادير الجميل إلى مارينا وفق الطراز المعلوم. لا يهم إن دخل الآلاف في عطالة وبقيت الآلاف من الأسر دون معيل.
هذه قصة هؤلاء وقصص أخرى كثيرة مشابهة لا يسع المجال لسردها. أما أولئك، فأطماعهم للسطو على ملعب المدينة وفضائها الرياضي لا تزال قائمة والاسطوانة ذاتها تعاد مرة أخرى أموال المستثمر الخليجي جاهزة تنتظر نجاح مساعي بعض مسؤولي المدينة وهم من وأد رياضتها ونهب أموال وعقارات أجود أنديتها، لتتم إزالة معلمة اسمها الإنبعاث وتلتحق بمعلمة أخرى رحلت رغما عنا جميعا هي ملعب عبد الله ديدي.
لماذا يريدون كل هذا السوء بمدينة أكادير؟
لماذا يتم تباعا حذف الخطوط الجوية الدولية التي تربط مدينة أكادير بوجهات أوروبية كثيرة، لتعوض بخطوط أخرى ترحل السياح قسرا نحو مراكش؟ ولماذا كلما وقعت الدولة المغربية اتفاقية مع شركة من شركات الطيران العالمية لا تتم برمجة خطوط لمدينة أكادير؟ ثم كيف تحول مشروع ضخم كان أقرب إلى الحلم اسمه المحطة الدولية لتغازوت، تحول إلى سراب؟ تم تقزيم المشروع وتحول، بعد الاستيلاء على أراضي سكان المنطقة من منتجع سياحي كان من المفروض أن يضخ الملايير في خزينة الدولة ويخلق الآلاف من فرص الشغل، إلى أطلال تسيل لعاب مافيا العقار التي ستجزئه لفيلات ؟ أنجزت محطة السعيدية وكل المحطات السياحية الأخرى واختفت تغازوت.
هل يعقل أن لا تستفيد مدينة أكادير طيلة السنوات الست الماضية ولو من درهم واحد من مساهمات الدولة، لتكون مجبرة على الاعتماد على مواردها الذاتية لتقوية بنياتها بالمقابل وبكل سخاء تفتح كل الصناديق لدعم المشاريع الخاصة بتجهيز مدينة مراكش. لماذا أيضا قدر كل المشاريع الكبرى التي تنجز بأكادير التعثر، الفشل والإقبار: قصر المؤتمرات الذي لم ينجز وظل حبرا على ورق لسنوات طويلة، بالمقابل توفر للمدينة الحمراء عديد الفضاءات المشابهة. لماذا لم تسير وثيرة اشغال المركب الرياضي الكبير لأكادير ببطء كبير وهو الذي ربما يدخل قريبا كتاب غينتس بفضل السنوات الطويلة التي استغرقتها أشغال إنجازه، هل نحتاج بعد كل هذا للتساؤل لماذا تشطبنا الفيفا من قوائم منافساتها الدولية؟ يتعثر مركب اكادير ومركب مراكش، مرة أخرى، أفتتح في ظرف قياسي …رغم أن القدر قسى على فريق البهجة الأول ورمى به للقسم الثاني…
ربما الإجابة الساخرة من صديقي الصحفي الإنجليزي تكون مقنعة : مراكش دو كابيتل أو مراكش ستصبح هي العاصمة.
سأبحث عن إجابات ربما لن تغير الكثير من واقع المدينة لكن في انتظار ذلك لكل أبناء مدينة وصفت ظلما بمدينة الإنبعاث، عبرة في قول الملك الراحل محمد الخامس بعدما آلمته مشاهد الدمار التي خلفها زلزال المدينة: «لئن حكمت الأقدار بخراب أكادير، فإن بنائها موكول إلى إرادتنا وعزيمتنا». عبارة كان قدرها أن تبقى منسية، حبيسة جدار منتصب غير بعيد عن ما سمي المدينة الجديدة، وقد حان موعد ترديدها. مع فارق بسيط فقط ، زلزال تاسع وعشرين فبراير 1960 كان سببه غضب الطبيعة…أما دمارها اليوم فتحركه أياد تعتقد أنها خفية، تعينها في ذلك ثلاث كازينوهات للقمار وهو الشيء الوحيد الذي للمدينة حظ وافر منه !!

مشاركة