الرئيسية مجتمع شباب يعلنون مقاطعة الزواج

شباب يعلنون مقاطعة الزواج

كتبه كتب في 1 فبراير 2013 - 12:52

“لماذا أرتبط بامرأة تنغص حياتي وبإمكاني إقامة علاقة  جنسية عابرة خارج سجن الزواج؟”،  بهذه العبارات  يشرح جمال موقفه من الزواج، فهو يحكي رأيه بكل حدة عن الزواج الذي يصفه بالسجن المؤبد، فهو يقول:”لا أستطيع أن أتخيل نفسي مرتبطا بامرأة واحدة طوال عمري، فبالتأكيد سأفقد عقلي”، ويضيف بسخرية “العيالات مسطيات، وداصرات خاصة مع القوانين الجديدة التي تحميهن، فأنا أعرف صديقا لي قام بتطليق زوجته  مؤخرا، وقد عشت معاناته عن قرب، آلمتني كثيرا رؤيته وهو يعاني من جراء زوجته التي انتقمت منه شر انتقام، وذلك للمصاريف الباهظة التي أمرت بها المحكمة”.

لعل السبب الذي ساهم في رفض جمال الزواج هو خوفه من الطلاق، لاسيما وأن عواقبه تكون وخيمة، عند الشباب سواء بالنسبة إلى المرأة أو الرجل، فعلماء النفس يوضحون أن من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى رفض الشباب الارتباط بشريك حياة، هو خوفهم من الطلاق، خاصة في ظل الأرقام التي تشير إلى أن عدد الطلاق يتزايد يوما بعد يوم، و خوفهم من دخول صراعات داخل العلاقة الزوجية.

لّي هرب من الزواج هرب من الطاعة

عدنان لا يشاطر وجهة نظر جمال، فهو يقول بحسم: “لّي هرب من الزواج هرب من الطاعة”، قبل أن يضيف قائلا: “أنا أوافق تماما على هذا المثل الشعبي، وأدعو جميع الشباب إلى الإقبال على الزواج، وذلك لسببين: أولهما الاستقرار النفسي والعاطفي، وثانيهما طلب والتماس رضا الله والثواب، وتجنبا للوقوع في الرذيلة والمعصية. كما أدعو الأهل وأولياء الأمور إلى تسهيل مأمورية الشباب وعدم المبالغة في شروط الزواج التي قد تبدو تعجيزية في بعض الأحيان”.

يقول عدنان: “يجب التفكير في كيفية مساعدة الشباب على تأسيس أسرة، لا سيما وأن شخصا سويا لن يرفض الزواج”.

أما بالنسبة إلى أنس، 26 سنة، طالب جامعي، فهو يحكي أنه يعرف العديد من أصدقائه الذين يرفضون فكرة الارتباط، ويقول: “إن كثرة المشاكل الاجتماعية التي ملأ ضجيجها البرامج التلفزيونية والمحاكم، والتي تخص بالأساس العلاقة الزوجية، والتي تكون في غالب الأحيان لأشخاص معوزين ينتمون إلى الطبقة الكادحة في المجتمع. فأنا أرى أن هذا السبب هو الذي  يساهم دون شك في خوف الشباب من عالم الزواج “، ويضيف قائلا :” فأغلب الشباب المغربي عاطل عن العمل، يبحث عن عمل دون جدوى، لهذا لا يستطيع أن يغامر بنفسه ويرتبط بفتاة تكون متعلمة وحظوظ الحصول عن عمل تكون في صفها” يصمت لبرهة ثم يضيف “لذلك فالعزوف على عالم  الزواج، الذي أجده بئيسا، أسهل وأريح لدى الشاب المغربي، لهذا يرى جل الشباب بأن وضعية العزوبة بمعاناتها الصعبة أفضل من الزواج، وتحميل معاناة الشاب لدى المرأة وربما  الأبناء”.

لكن كوثر ترى أن رفض أغلب الشباب فكرة الزواج لكونهم لا يستطيعون تحمل المسؤولية، تقول في هدوء :” الزواج هو مشروع حياة  بكاملها، لهذا يجب على الشاب أو الفتاة التفكير جديا حول هذا الموضوع، ويجب أيضا أن يتوفروا على جميع الشروط لكي ينجح هذا المشروع، سواء من الناحية المادية أو المعنوية، لكن للأسف أغلب الشباب غير قادرين على تحمل المسؤولية مما يجعل بعضهم يفضل ربط علاقات خارج إطار الزواج والتي في نظري تزيد في تفاقم الوضع خاصة إذا نتج عن ذلك ما لا يحمد عقباه”.

تحكي كوثر أن أغلب الشباب يفضلون تأسيس علاقات جنسية عابرة وبالتالي يرفضون فكرة الزواج، ويشاطرها الرأي علماء الاجتماع، فأصبح المجتمع المغربي يعترف بوجود علاقات غير شرعية بين الشباب، رغم أن المجتمع يرفض بتاتا مثل هذه العلاقات، بالإضافة إلى أسباب اجتماعية أخرى تساهم في رفض الشباب الزواج من أهمها ارتفاع سن التمدرس، خروج المرأة للعمل، وكذلك ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب، بالإضافة إلى تغيير نظرة المجتمع الذي يطالب  بالحرية، وتغيير مفهوم المرأة التي أصبحت لها رأيها الخاص واستقلاليتها ونظرتها للزواج أصبحت مختلفة، فأغلب فتيات هن واعيات، متمدرسات، وعاملات، لهن مصروفهن الخاص، وبالتالي لدى الفتاة استقلاليتها المادية، لهذا أغلبهن لم يعد يفضل الزواج، بالإضافة إلى غلاء المعيشة الذي يؤرق جل الشباب.

الزواج مؤسسة فاشلة

لسمية رأي حاسم حول المؤسسة الزوجية، فهي ترى أن الزواج هو مؤسسة فاشلة بكل المقاييس، لهذا فهي ترفض الزواج، تقول بنبرة غاضبة: ” في نظري إن مفهوم الزواج هو شراكة واستيعاب كل طرف للشخص الثاني بمميزاته وعيوبه، ولكننا  مع الأسف نرى في مجتمعنا أن الزوجة مجرد شريك مالي وخادمة من دون راتب أو “عبدة” إن صح التعبير، فالرجل المغربي لا يعرف كيف يتعامل مع المرأة يطلب ثم يطلب، دون ملل أو كلل، وذلك على حساب كيان المرأة ونفسيتها المتعبة” تضيف بنفس النبرة ”  أرى أنه حان الوقت للرجال استيعاب بأن النساء لم يخلقوا لأجل تلبية رغباتهم” تضيف ” خاصهم مايبقاوش يفكروا بأن المرأة مع عندها لا صوت، ما لا رأي، لا حس” تردف مؤكدة ” لهذا أجد أن  الزواج مؤسسة فاشلة “.

جاء آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، ليؤكد أن نسبة رفض الشباب لفكرة الزواج تقدر بـ42 في المائة والسبب حسب تقرير المندوبية، مرتبط بضعف الإمكانات المالية٬ يضيف الاستطلاع٬ أن 42 في المائة من الشباب العازب٬ تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة لا يفكرون في الزواج ، وتقدر نسبة هؤلاء بـ 56 في المائة،  مشيرا إلى أن 25 في المائة من الفئة العمرية التي تتراوح أعمارها ما بين 35 و44 سنة عبرت عن الرأي نفسه، في المقابل يؤكد علم الاجتماع أن رفض الشباب فكرة الزواج هي ظاهرة متفشية بكثرة في المجتمع، ويجب دق ناقوس الخطر لمحاربة هذه الظاهرة التي لها عواقب سلبية على بنية المجتمع.

فالقاسم المشترك في جميع الدراسات التي أقيمت حول رفض الشباب الزواج، تشير إلى ضعف الإمكانيات المادية، فزينب شابة في مقتبل العمر تقول بنبرتها الهادئة:” أرى أن السبب الرئيسي الذي يدفع الشاب إلى العزوف عن الزواج هو

سبب مادي مئة بالمائة، فمتطلبات الحياة والواقع العيش، يؤرقان الشباب المغربي بشكل كبير” تضيف بنفس نبرتها ” بالرغم من أن أي إنسان في هذه الدنيا يحتاج لرفيق، لشخص يتقاسم معه تفاصيل حياته لهذا فالزواج هو في النهاية سنة الله في خقله، وخصوصا عند الفتاة” تصمت لبرهة ثم تضيف ” الفتاة خلال الزواج تحس بكيانها و بأن لها دور مهم وهي تمتلك بيتا لها وتكون مسؤولة عن أسرتها فكل نجاحاتها تتمثل في أولادها وزوجها”، لكن زينب تؤكد أن مصاريف الحياة اليومية والبطالة المتفشية في صفوف الشباب بشكل كبير تجعل الزواج مجرد حلم وردي يصعب تحقيقه.

سوس بلوس

شيماء بخساس / البوغاز

مشاركة