الرئيسية مجتمع حكمات عليهم الظروف.. قصص نساء ولجن الجريمة صدفة

حكمات عليهم الظروف.. قصص نساء ولجن الجريمة صدفة

كتبه كتب في 26 يناير 2013 - 17:32

عشن حياة عادية بعيدا عن«شبهة» الجريمة. كان تفكيرهن منصبا على العيش بهدوء. فجأة وجدن أنفسهن على مسارح جرائم. هن نساء لعبت الصدفة دورها لتجعل منهن «بطلات» على واجهة جرائم قاسية من دون خبرات سابقة. بعضهن مازلن إلى حدود اليوم يجتهدن من أجل فك طلاسم ملابسات »الجريمة« التي دفعتهن إلى رهن سنوات من أعمارهن وراء قضبان السجون، وإلى إلصاق تهم بسجلاتهن القضائية بعدما كان خاليا من أية سابقة.

»واعتقوا الروح.. آعباد الله؟«. عبارة زرعت بذرة الحيرة والخوف والترقب في قلوب سكان العمارة المتداعية. كان الوقت باكرا جدا. لكن رغم ذلك، فالعديد من المواطنين تجمهروا أمام باب الشقة الصغيرة من أجل التقاط تفاصيل المشهد الحي. كان من بينهم عون سلطة، وقف كغيره يتابع في صمت الجلبة المنبعثة من الداخل. فجأة، انطلق صوت أنثوي من داخل البناية.. »وناري راكي قتلتيه.. آش درتي.. آنادية!«.

تقتل زوجها في حالة يأس!

على عكس فتيات العلاقات المدفوعة الأجر، لم تتردد نادية ابنة العاصمة الاقتصادية في تقديم خدمات جنسية »شاذة« تفوق الممارسات »المألوفة«، طمعا في الوصول إلى بر «الأمان المادي». كانت تضع ما تتحصل عليه في يد الزوج رغما عنها. لم تتحمل الوضع كثيرا، لتنهيه في لحظة يأس على طريقتها الخاصة.

داخل أحد أحياء «كازا» ترعرعت نادية وسط أسرة فقيرة. عاشت مراحل عمرية بئيسة خاصة بعد فقدان الأسرة لمعيلها الوحيد. كان طموحها آنذاك، يتجاوز حدود إمكانيات أسرتها الفقيرة. حلمت بحيازة المال الوفير والتنعم بالحياة الكريمة. تركت مقاعد الدراسة مبكرا، لتقرر الاشتغال بأحد محلات الحلاقة. كانت تعمل على توفير مبلغ مالي على رأس كل شهر، من أجل الإنفاق على أمها وأختها الصغيرة. بعد مرور سنتين، تمكنت نادية من الحصول على عقد عمل بإحدى البلدان الخليجية. هناك، استسلمت طواعية لعروض زبناء أغروها بالملايين من أجل ضمان لحظات متعة بين أحضانها. تمكنت نادية من توفير مبالغ مالية محترمة، لكن القدر جعلها تعود أدراجها إلى المغرب رغما عنها. عادت لمزاولة مهنتها الأصلية، لكنها في الحقيقة، كانت تمارس الدعارة «المغلفة».

مرت شهور قبل أن تتعرف نادية على زبون، صارحها برغبته في الارتباط بها شرعيا. وافقت على الأمر، لتجد نفسها في خضم حياة زوجية مليئة بالمتناقضات. وجدت نفسها، وقد أصبحت رهينة نزوات زوج عاطل متسلط، يبحث عمن يتحمل أعباء الإنفاق عليه. استسلمت نادية لدوامة الحظ «التعيس». وانخرطت في حياتها الجديدة على إيقاع التسيب. خاصة بعد تحويل شقتها السكنية إلى محل لممارسة الدعارة. أصبحت شقتها قبلة للعديد من عاملات الجنس حيث تمكنت من جني مداخيل مادية محترمة رغم الرغبات الملحة والاعتداءات المتوالية عليها من طرف زوجها.

ذات يوم. حلت نادية بشقتها بعد رحلة قصيرة لإحدى مدن الشمال. دلفت إلى داخل الغرفة، لتجد زوجها في حالة سكر، وهو في أحضان صديقتها. لم تستطع كبح جماح غضبها، لتوجه له وابلا من السباب. بادلها الزوج بدوره بعبارات قدحية.. «سيري يالقح..»، لم تتمالك نادية نفسها لتُسارع إلى مطبخ البيت حيث تناولت سكينا، وتوجهت إلى غرفة النوم. هناك وجهت لزوجها طعنة قاتلة على مستوى القلب، لتقضي ماتبٍقى لها من العمر وراء قضبان السجن، بعدما لعبت الصدفة دورها في إلصاق صفة «قاتلة» بها.

أم «سفاحة» من باب الصدفة!

تكشف الملفات الأمنية في بعض الأحيان عن ملامح مغايرة لأشكال الإجرام «النسوي». ملفات تحفل ببعض التفاصيل الغرائبية عن أمهات قتلن فلذات أكبادهن في لحظات انفعال، ليصبحن قاتلات من باب الصدفة. قبل سنوات، اهتزت العاصمة الإسماعيلية على وقع جريمة مزدوجة صادمة. كانت بطلتها أم خمسينية، وجدت نفسها خلال أقل من خمس دقائق، تجتهد بطريقة لا شعورية من أجل إخفاء آثار الجريمة الدموية التي جعلت ثلاث مدن تستفيق على تفاصيلها المرعبة. عثرت عناصر الشرطة القضائية على أشلاء جثتين موضوعة، بحقائب بكل من مدن مكناس ومراكش والدارالبيضاء. كانت الحقيبة الأولى، تضم الجزء الأسفل من بطن الفتاة، وأجزاء من فخذيها داخل كيس بلاستيكي. بجوار حمام بمدينة مكناس، تم العثور على أجزاء من رجليها وبمحاذاة حمام آخر بالمدينة، وُجد الرأس والصدر والأطراف العليا لذكر داخل حقيبة زرقاء اللون.

أما الجزء العلوي لجسم الفتاة، فقد وجد داخل حقيبة رمادية بالقطار الذي يربط بين فاس والدار البيضاء. بعد استجماع الأشلاء، وعرض بصمات الضحيتين للخبرة، تم التعرف على هويتهما . انتقل رجال الشرطة إلى مقر سكنهما. لم تنتظر الأم طويلا، لتنهار معترفة بمسؤوليتها عن الجريمة المروعة، وتشرع في سرد التفاصيل الكاملة.

ذكرت الأم في تصريحاتها، أنه بعد ليلة ماجنة جمعت ابنتها بشقيقها بالمنزل، دخلا في مشادات كلامية، ما أفقد الأخ صوابه، فانهال على أخته بالضرب إلى أن سقطت أرضا على رأسها فاقدة وعيها. نزلت الأم من الطابق العلوي، لتجد ابنتها جثة هامدة دون حراك. لم تستطع استيعاب الوضع، لتغادر المنزل إلى وجهة مجهولة. بعد مرور يومين، عادت إلى البيت حيث وجدت ابنها. في لحظات قليلة، وبطريقة لاشعورية، وجهت له ضربة قاتلة بمدية، ثم عمدت دون تفكير إلى تقطيع جثته إربا إربا. وضعت أطراف الجثتين معا بحقائب وأكياس بلاستيكية وتخلصت منهما. لكنها بعد 36 ساعة من تنفيذ جريمتها البشعة، سقطت في يد الأمن، وهي عاجزة عن استيعاب كيف تحولت في لمح البصر إلى «سفاحة» قادرة على حبك سيناريو الجريمة المذكورة.

محمد كريم كفال

مشاركة