الرئيسية مجتمع مهيجات جنسية مهربة تُسَوِّقُ وهم فحولة خرافية

مهيجات جنسية مهربة تُسَوِّقُ وهم فحولة خرافية

كتبه كتب في 23 يناير 2013 - 11:12

عقاقير تساعد على انتصاب غير عاد ولمدة طويلة، وأخرى لتكبير القضيب، وتحاميل لتكبير الأرداف والصدور… منتجات بدأت تزاحم الأدوية بالصيدليات، وأصبح لها زبائن عديدون، بعد أن انبرى لهذه المهمة عشابون ومهربون ومحتالون، تخصصوا في إغراق السوق السوداء بعقاقير ومهيجات جنسية، تسوق لوهم فحولة لحظية اصطناعية، دون الاكتراث بمخاطرها وآثارها الصحية على مستعمليها.

************

«بشرى لكل متزوجة أقدم إليكي التحاميل الصحراوية الاصلية الطبيعية 100ب 100لتكبير المؤخرة والفخذ والسيقان نتائج تظهر في الأسابيع الأولى من الاستخدام.. والله على كلامي شهيد ..أنا شخصيا جربتهم ومن حولي من الصديقات .. والله اعطتهم نتائج زوينة بزاف وتغيير ملحوض … وهي عبارة عن 80 تحميلة تستخدمي وحدة في النهار وحدة في الليل وراه ختي كلما رتاحيتي اكثر كلما بانت النتيجة بسرعة مذهلة».

هذا الإعلان المكتوب بلغة عربية ركيكة وبأخطاء إملائية بالجملة، من بين إعلانات أخرى توجد بالشبكة العنكبوتية عن «عشابين» و«عشابات» نذروا أنفسهم وخلطاتهم لتحسين قوام الراغبات في ذلك. لا ينتهي الأمر عند هذا الحد بل تنوع هذه الفئة من «العشابين» نشاطها لبيع مهيجات جنسية ومراهم لتأخير القذف وأخرى للانتصاب لفترات طويلة. بضاعة خاصة جدا، لها فئة خاصة من الزبناء، استطاعوا “إصلاح أعطابهم الجنسية” مؤقتا بهذه المنتجات، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن مصادرها، أو أخطارها وآثارها الجانبية على صحة مستعمليها.

معابر برية في خدمة المهيجات الجنسية

«فيتروماكس»، «ماكس سايز»…، ومنتجات أخرى تباع بكميات كبيرة وتسوق بعيدا عن الأعين، داخل قيساريات الدار البيضاء في «كراج علال»، كما حدث منذ أزيد من أسبوع حينما أوقفت الفرقة الجنائية بولاية أمن البيضاء بائعا رفقة زوجته متلبسين بتوزيع  تلك المواد والأدوية على الباعة وأصحاب دكاكين بيع الأعشاب والفراشة في السوق. الزوج حاول تقسيم الأدوار فيما بينهما؛ الزوجة تكلفت بترويج البضاعة النسائية من مراهم خاصة بتكبير الأثداء، وأخرى لتكبير مؤخرات النساء(قويلبات)، فيما تكفل الزوج بترويج مهيجات  جنسية عبارة عن مراهم وخلطات من أنواع مختلفة تزيد القدرة الجنسية. بعضها يمكن من الإبقاء على الانتصاب 180 ساعة متواصلة!

التحقيق مع الزوج حول مصادر المهيجات أفضى إلى أنها قادمة من الصين وإسبانيا، أدخلت التراب الوطني عن طريق التهريب. هنا تطرح علامة استفهام كبرى حول كيفية دخول هذه الأدوية إلى المغرب؟  وهل هناك فعلا تجارة قائمة الذات؟ أم أن الأدوية  لا تعدو أن تكون سوى نماذج فقط تجلب تحت الطلب؟

الجواب حملته جولة قصيرة بباب مراكش بالدار البيضاء. داخل السوق توجد مجموعة من الباعة من دول جنوب الصحراء . بعض النساء والرجال من جنسية سينغالية، افترشوا الأرض بمحيط السوق لعرض منتجات مختلفة، أكسسوارات وقلائد، ومجموعة من العبوات. بعضها عبارة عن «مساج» خاص بحالات الإلتواء والتشنجات العضلية، ومراهم أخرى للوقاية من نزلات البرد تدهن موضعيا على الصدر والظهر.

ممادو أحد الباعة السينغاليين بباب مراكش، صرح أن هذه المنتجات تأتي من السينغال، إذ هناك فئة من التجار السينغاليين تخصصوا في جلبها عبر الحدود المغربية الموريتانية من خلال معبر الكركارات البري. آلاف الكيلومترات يعبرها مجموعة من التجار السينغاليين كل 15يوما من أجل الوصول إلى المغرب، واجتياز أزيد من 12 معبرا بريا، في اتجاه العيون للتزود بحاجياتهم من السوق المغربية من أثواب وبضائع مختلفة، كما يزودون مواطنيهم ببضائع أخرى تسوق سرا، من بينها مهيجات جنسية مختلفة: فياغرا، دهانات لتطويل القضيب وتضخيمه، ومواد للمساعدة على الانتصاب. منتجات أخرى تستخدمها السينغاليات لتكبير مؤخراتهن، إذ تسود ثقافة خاصة بين   السينغاليات تتخلص في أن جمال المرأة يتلخص في مدى ملاءمة المئزر لقوامها على مستوى الحوض، إذ تعد المرأة الممتلئة الأرداف مطلوبة ومرغوبة في مجتمع السينغال. يؤكد مامادو.

نفس ثقافة الجسد الممتلئ المرغوب فيه، بدأت تجد لها زبونات بالمغرب، هذا بالإضافة إلى  الرجال الذين يقبلون على شراء عقاقير تساعد على الانتصاب مثل : فينغرا ودهانات كماكس سايز التي تساعد على إطالة القضيب. هذا المواد تسوق بشكل سري بين زبائن أوفياء استطاعوا كسب ثقة الباعة، يصرح مامادو.

تصريح ممادو لا يختلف عن واقع التهريب بالمغرب على حدوده البرية الجنوبية، سيما عند جهة وادي الذهب الكويرة التي أضحت معبرا لشبكات التهريب: المواد المدعمة من طرف الدولة .. المخدرات.. السجائر.. ثم المهيجات الجنسية القادمة من إسبانيا، التي تتوزع بين وظائف تكبير المؤخرات وإطالة القضيب والمساعدة على الانتصاب.

فقبل شهر، تم حجز 3 صناديق من الحجم الكبير، تحتوي على أزيد من 3 آلاف حبة من عقار «ديكسامستازون»، المعروف لدى فئات شعبية ب: «درك درك». تم تغريم صاحب الشحنة ب 14 مليون سنتيم. لم تقف مغامرة هذا المهرب عند هذا الحد،  فقد حجزت الجمارك في عملية ثانية  5 صناديق من المهيج الجنسي نفسه، و أدانته ابتدائية  الداخلة  بثمانية أشهر حبسا نافذا.

عشابة وشركات وهمية

بحي الشنينات بهوارة، اشتهر عشاب بخلطاته ووصفاته المرتبطة بالجماع و مشاكله مثل‫:‬ العجز الجنسي، الانتصاب‫…‬ فكان مقصد كل من يرغب في تحسين أدائه الجنسي. نشاط العشاب وشهرته ونوعية البضائع التي تشكل خطرا على صحة مستعمليها دفعت بالنيابة العامة بتارودانت إلى إصدار الأمر باعتقاله بداية أكتوبر 2012. تم حجز مهيجات  صنعها العشاب انطلاقا من الأعشاب، ومن قرص صيدلي جلب سرا من الهند، يحتوي على عقار «فينيغرا» يبيعها العشاب بـ20 درهما للقرص الواحد، بديلا عن الفياغرا التي تباع بـ 70 درهما للقرص، وقد ضبطت بحوزته 5 علب   من هذه المادة. صك الاتهام كان ثقيلا . تابعته النيابة العامة بتهمة حيازة مواد صيدلية بدون ترخيص، والاتجار في مواد صيدلية منتهية الصلاحية، ومهربة، ومزاولة مهنة ينظمها القانون..

إذا كان عشاب هوارة، اعتمد على شهرته وصيته والتواتر في نقل المعلومة حول نشاطه وفاعلية ما يسوقه من مهيجات جنسية، وتحاميل لتكبير المؤخرات والأثداء، فإن البعض لجأ إلى حيلة أخرى تتمثل في الاحتيال والنصب كما هو الحال بالنسبة لمواطن مصري كان يقدم نفسه على أنه مندوب تجاري لشركة يوجد مقرها الاجتماعي في الشرق الأوسط، متخصصة في بيع المواد الخاصة بالتهييج الجنسي وتكبير الأعضاء التناسلية الذكرية والمؤخرات والأثداء. إيقافه في نونبر من السنة الماضية، أسفر عن العثور بحوزته على ثلاثة أكياس تحتوي على أقراص «فياغرا». رفض الإجابة عن مصدر منتجاته أمام الأمن، ما تطلب الانتقال إلى مقر سكنه، وهو عبارة عن شقة يكتريها بشارع الزرقطوني. تم حجز أزيد من 800 قرص من نوع «فياغرا» و28 مرهما خاصا بتكبير الأثداء ومجموعة كبيرة من المراهم الخاصة بتكبير العضو التناسلي الذكري، وأخرى بتكبير المؤخرات، ومبالغ مالية ‫(‬دولار وجنيه مصري ودرهم مغربي‫)‬، إضافة إلى محجوزات أخرى. وفتحت تحقيقات للوصول إلى علاقات المصري بشبكة على الصعيد الوطني، ومدى ارتباطها بشبكات تتعاطى هذه التجارة على الصعيد الدولي، سيما أن مجموعة من المحجوزات توزع بشكل كبير في دول الخليج والشرق الأوسط، كما أن بعض الدول ‫(مثل ‬تركيا‫)‬ تسوق فيها المهيجات الجنسية بشكل علني على قارعة الطريق و في الأسواق بكل حرية‫.‬ وتشكل بلاد مصطفى أتاتورك مصدرا أساسيا لهذه البضائع بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، لوجود مصانع دوائية تسوق الفياغرا ومشتقاتها بأثمنة أقل من النصف تقريبا عن أوروبا‫.‬ فحبة فياغرا واحد تسوق بصيدليات إسبانيا بمبلغ 5 أورو، في حين لا يتجاوز ثمنها في تركيا سوى أقل من 2 أورو٠

بناني سميرس:«لا وجود لمنشطات جنسية»٠

العطب الجنسي ينبغي أن يبحث له المصاب على علاج طبي وأدوية من الصيدلية باستشارة من طبيب مختص، كل أدوية مقتناة خارج هذا المسار يشكل خطرا على المستعمل»  يؤكد الدكتور عزيز بناني سميرس، الرئيس المؤسس للجمعية المتوسطية لطب الجهاز التناسلي الذكري، ومختص في أمراض المسالك البولية والتناسلية، قبل أن يضيف‫:‬ «بعض الرجال يعمدون إلى شراء المهيجات الجنسية، بشكل عاد وساذج، دون الوعي بمخاطرها، لأن كل دواء جنسي يعالج خللا جنسيا محددا، وبالتالي لا وجود لأدوية منشطة جنسيا ترفع الأداء الجنسي، بل هو وهم انساق وراءه الكثيرون من مستعملي المهيجات الجنسية، عبر البحث عن مضاعفة الجهد والأداء الجنسي. هذه الأدوية ينحصر دورها فقط في تحفيز ومساعدة الرجل الذي يملك مسبقا رغبة جنسية، ومساعدته على الانتصاب وممارسة جنسية سليمة». هذا الوهم يسيطر أيضا على فئة من الرجال الذين لا يعانون من أي مشكل جنسي، ويلجؤون إلى هذه المهيجات للبحث عن مضاعفة  متعهم الجنسية، لكنهم يتحولون فيما بعد، مع كثرة الاستعمال، إلى مدمنين، لا تستقيم عملياتهم الجنسية ولا تنجح إلا بتناول هذه المهيجات الجنسية٠

فكل من يعاني من مشكل جنسي، يقول الدكتور سميرس، يجب أن يطرق باب الطب لتجاوزه، دون اللجوء إلى حلول بديلة انتحارية كشراء أدوية مغشوشة أو منتهية الصلاحية وبالتالي لن تكون لها أية فعالية، وسيشعر المريض بإحباط كبير بعد أن يوقن أن مشكله الجنسي لا حل له، ويصاب بانتكاسة نفسية يمكن أن تدفعه إلى الانتحار، كما أن هذه الأدوية والعقاقير لها أخطار كبيرة على مستعمليها من مرضى القلب والسكري، يمكن أن تبتدئ بمضاعفات جانبية كألم في الرأس و ارتفاع ضربات القلب ومشاكل في الجهاز التنفسي بأعراض تشبه إلى حد ما أعراض الأنفلونزا‫.‬ هذه المضاعفات الجانبية ليست  في حد ذاتها هي المشكل الأساس، يردف الدكتور سميرس، بل المشكل يكمن في إمكانية التعجيل بوفاة مستعمليها سواء أكانت هذه الأدوية مراقبة طبيا، كأن يكون مستعملها مصابا بمرض مزمن كأمراض القلب، أو تسبب في تسمم متناولها إذا كانت هذه العقاقير والمهيجات مجهولة المصدر سيما العقاقير القادمة من السوق السوداء.

الأخطار والمضاعفات الجانبية التي ساقها الدكتور بناني سميرس، بدأت تفرض على كل من وزارة الصحة وكافة المتدخلين من أمن وجمارك للتنسيق فيما بينهم لمنع دخول هذه المنتجات إلى المغرب. دشن أمن البيضاء وتارودانت حملة على بعض تجار هذه المواد. حملات  تبقى غير كافية بالنظر إلى حجم ما يسوق من هذه المنتجات والكميات الكبيرة المصادرة. مهيجات جنسية وجدت لها زبناء من مختلف الأعمار سيما الشباب، إذ تشير إحصائيات تقريبية إلى  وجود أزيد من 4 ملايين مغربي مصاب بعجز جنسي!٠

المهيجات الجنسية ثالث دواء يستهلك في المغرب

حقق رقم معاملات مبيعات المهيجات الجنسية في المغرب نموا كبيرا وزيادة فاقت 30 في المائة مقارنة مع السنوات السابقة، واحتلت حبات «الفياغرا» مراتب متقدمة بين الأدوية العشر الأكثر مبيعا في المغرب.

هذه الحبات التي يسميها الصيادلة ب«ثمرة الكعكة»، نظرا لما تحققه من أرباح من وراء بيعها. نجد أن القوم قد انقسموا فرقتين، فرقة تلجأ إلى الصيدليات لاقتنائها إما جملة أو بالتقسيط. فيما تلجأ الفرقة الأخرى إلى السوق السوداء، التي تعرف ازدهار هذا النوع من الأدوية التي عادة ما تهرب من فرنسا وإسبانيا، أو مصنعة عشوائيا بمصانع مواد تجميل هندية لا تراعى فيها شروط السلامة، وغالبا ما يشكل تناولها خطرا كبيرا على الصحة وعلى الحياة عموما. قد حققت الصيدليات أرباحا كبيرة بترويجها للأدوية الجنسية، رغم أن قسما كبيرا من المستهلكين يتوجه إلى السوق السوداء، من أجل توفير 100 درهم في كل حبة. إذ لا يتعدى ثمن الحبة الواحدة من هذه الأدوية 30 درهما، كما أن الحصول عليها يكون أكثر سهولة من الصيدليات، كونها لا تشترط الوصفة الطبية أو غيرها من الوثائق المعمول بها في هذا الباب.

4 ملايين مغربي مصاب بالعجز الجنسي!

 تؤكد آخر إحصائيات أجراها فرع مختبرات “فايزر” الأمريكية بالدار البيضاء سنة  2011،  على أن حوالي 4 ملايين رجل مغربي يعانون من العجز الجنسي، وهو ما جعل سوق المنشطات الجنسية تحقق أرباحا كبيرة بعد 12 سنة من اكتساحها للسوق المغربية. الأرقام التي قدمتها مختبرات “فايزر” تؤكد انتشار العجز حتى في صفوف الشباب ، فـ 30 في المائة من المصابين بهذا العجز من الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 سنة، ويعانون من الاكتئاب والإصابة في سن مبكرة بداء السكري. في حين أن هذه النسبة تصل إلى 80 في المائة في صفوف المدمنين على الكحول، من الفئة العمرية بين 51 و60 سنة.

أنس بن الضيف

مشاركة