الرئيسية اراء ومواقف حب الشفيع يجمعنا

حب الشفيع يجمعنا

كتبه كتب في 21 يناير 2013 - 11:52

1- فضل رسول الله 

في مثل هذه الأيام المباركة من شهر ربيع الأول، ولد النبي المجتبى والرسول المرتضى البشير النذير والسراج المنير، مفتاح القلوب وبهجة النفوس سيد الأولين والآخرين وإمام الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم،الذي زكاه رب العالمين في خلقه وخلقه وفي نسبه وشرفه: زكَّاه في عقله فقال سبحانه: “مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى”  [1]، وزكَّاه في بصره فقال:  “مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى”  [2]، وزكَّاه في صدره فقال:  “أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ”  [3]، وزكَّاه في ذكره فقال:  “وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ”  [4]، وزكَّاه في طهره فقال:  “وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ”  [5]، وزكَّاه في صدقه فقال:  “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى”  [6]، وزكَّاه في علمه فقال:  “عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى”  [7]، وزكَّاه في حلمه فقال:  “بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ”  [التوبة:128]، وزكَّاه في خلقه كله فقال:  “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ”  [8].

هذا النبي الذي تعددت البشارات في الإيذان بظهوره حيث بشرت به جميع الكتب السماوية قال تعالى :{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } (9) و بشر به الأنبياء والمرسلين من قبل وأمروا بإتباع رسالته كما قال تعالى:{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ } (10). فهو صلى الله عليه وسلم دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام:{ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (11) وبشارة سيدنا عيسى عليه السلام: { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ } (12).

فقد فَضل الله نبينا  محمد  على سائر البشرية وشرفه على جميع الخلق وأعطاه من المعجزات والكرامات ما لم يعطى لأحد من العالمين، قال صلى الله عليه وسلم: “أنا سيد ولد أدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع، بيدي لواء الحمد تحته أدم فمن دونه”(13).

محمدٌّ سـيدُ الكـــــونينِ والثقَلَـيْنِ           والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـــمِ

نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــــــدٌ           أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه ولا نَعَـــــــمِ

هُو الحبيبُ الذي تُرجَى شـفاعَتُهُ           لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحـــــَمِ

دَعَـا الى اللهِ فالمُسـتَمسِـكُون بِـهِ            مُستَمسِـكُونَ بِحبلٍ غيرِ مُنفَصِــــمِ

فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلـــُقٍ           ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــــــــرم

وكلهم من رسول الله ملتمـــــسٌ           غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ

وواقفون لديه عند حدهـــــــــــم           من نقطة العلم أو من شكلة الحكم

فهو الذي تـم معناه وصورتـــه            ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـــــم

منزهٌ عن شريكٍ في محاســــــنه           فجوهر الحسن فيه غير منقســــم

2- مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف:

تعددت أقوال العلماء المتقدمين منهم  والمتأخرين في جواز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أرجع الاحتفال بالمولد الشريف إلى صاحب المناسبة الذي كان يصوم يوم الاثنين ويقول “هذا يوم وُلدت فيه” وهو تأكيد على الاهتمام بهذا اليوم لما له من دلالة ورمزية في نفوس الأمة ، وقد سئل شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني عن الاحتفال المولد النبوي فقال : “أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة”[14].

وقال عنه صاحب كتاب إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري شهاب الدين القسطلاني “رحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء”(15) .

أما الإمام أبو شامة شيخ النووي فقد قال : “ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين”(16).

وقد أكد الإمام السيوطي على”أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف”[17].

وعرّف إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري بالمولد الشريف في كتابه (عرف التعريف بالمولد الشريف) فقال : “قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا- وأشار لرأس أصبعه -، وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي وبإرضاعها له. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى اله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمة النبي يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته، لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيمة”.

وزاد الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي، في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي): فقال  “قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي “، ثم أنشد:

إذا كان هـذا كافرًا جـاء ذمـه              وتبت يـداه في الجحـيم مخـلدًا

أتى أنـه في يـوم الاثنين دائـمًا              يخفف عنه للسـرور بأحــمدا

فما الظن بالعبد الذي طول عمره            بأحمد مسرورٌ ومات موحـــدًا

أما المتأخرون من العلماء الأفذاذ فقد اجمعوا على جواز الاحتفال بالمولد النبوي وجعل أيامه مناسبة للتذكير بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن هؤلاء الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث قال عن ذكرى المولد: “إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟” .

أما الإمام محمد متولي الشعراوي، فقد قال : “وإكرامًا لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك بالاحتفال بها من وقتها”[18].

فيما حدد الشيخ وهبة الزحيلي شروطا للاحتفال  حيث قال: “إذا كان المولد النبوي مقتصرًا على قراءة القرآن الكريم، والتذكير بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، وترغيب الناس في الالتزام بتعاليم الإسلام وحضّهم على الفرائض وعلى الآداب الشرعية، ولايكون فيها مبالغة في المديح ولا إطراءٌ كما قال النبي (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله) وهذا إذا كان هذا الاتجاه في واقع الأمر لا يُعد من البدع”[19].

وأما الدكتور محمد راتب النابلسي، فقد قال: “الاحتفال بعيد المولد ليس عبادة ولكنه يندرج تحت الدعوة إلى الله، ولك أن تحتفل بذكرى المولد على مدى العام في ربيع الأول وفي أي شهر آخر، في المساجد وفي البيوت”[20].

وأجمل ما قيل في هذا الأمر أبيات رائعة من قصيد البردة للإمام البصيري يقول فيها :

دع ما ادعته النصارى في نبيهـــــم      واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكــــــم

وانسب إلى ذاته ما شئت من شــرف    وانسب إلى قدره ما شئت من عظــــم

فإن فضل رسول الله ليس لـــــــــــه      حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــــــــــــــم

3- كيف نحتف بالمولد النبوي؟

 

أ – بإتباع سنته:

إن أعظم احتفال وأحسن طريقة يمكن أن نظهر بها فرحنا ومحبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي الاقتداء به وإتباع سنته والتشبث برسالته والتقيد بأمره ونهيه حتى تتحقق فينا محبته، فالاقتداء به صلى الله عليه وسلم من أكبر العلامات على حبه .قال تعالى : “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم” وهذه المحبة يجب أن تتعدانا إلى غيرنا ممن نحب من أبنائنا  وأزواجنا وأقاربنا وإخواننا والناس أجمعين ليكون لنا أسوة حسنة في ديننا ودنيانا، مصداقا لقوله تعالى ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا”. يقول الإمام ابن القيّم الجوزية في القصيدة النونية في فضل إتباع الرسول صل الله عليه وسلم :

                              يا من يريد نجاته يوم الحسـاب         من الجحيم وموقد النيـــــران

 اتبع رسول الله في الأقــــــــوال       والأعمال لا تخرج عن الـرآن

وخذ الصحيحين الذين همـــــــا         لعقد الدين والإيمان واسطتان

واقرأهما بعد التجرد من هــوى        وتعصب وحمية الشيطـــــــان

واجعلهما حكما ولا تحكم عــلى        ما فيهما أصلا بقول فــــــلان

واجعل مقالته كبعض مقالــة الأ        شياخ تنصرهما بكــــــل أوان

وانصر مقالته كنصرك للـــــذي        قلدته من غير ما برهــــــــان

قدر رسول الله عندك وحـــــــده        والقول منه اليك ذو تبيــــــان

ماذا ترى فرضا عليك معينـــــا        إن كنت ذا عقل وذا إيمــــــان

ب – بقراءة شمائله

من تمام معرفة رسول الله صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ، ومن خير ما يقرب العبد إلى محبته ، قراءة شمائله لكي نتأسى بسيرته ونقتدي بسلوكه ونتخلق بأخلاقه ونتّصف بصفاته في قوله وفعله وأحواله، لأن الإيمان بالشّيء على قدر المعرفة به ، فقد كان عليه الصلاة والسلام  كاملا كمال الشّريعة، “فيجد فيه الحاكم قدوته في سياسة دولته، والأب يجد فيه قدوته في تربية أولاده، والزّوج تعامله مع زوجته، والمعلّم براعة الطريقة في تعليمه، والتّلميذ حسن تأدّبه مع شيخه، والزّاهد يجد صدق زهده، والتّاجر صدق تعامله، والعامل أمانة عمله، والغنيّ قمّة في شكر ربّه، والفقير غاية في صبره، واليتيم صورة لتوكّله على ربّه، والدّاعي نبراسا لدعوته .. فنبيّ مثل نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم جدير على كلّ مسلم أن لا تلفظ أنفاسه ولا تكون حركاته إلاّ بهديه”(21).

وهذه أم معبد زوجة أبي معبد الخزاعي رضي الله عنه تصف لنا رسول الله بوصف جامع مانع كما  في الحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك . تقول أم معبد : “رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أي مشرق الوجه)، لم تعبه نحلة (أي نحول الجسم) ولم تزر به صقلة (أنه ليس بناحلٍ ولا سمين)، وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دعج (أي سواد)، وفي أشفاره وطف (طويل شعر العين)، وفي صوته صحل (بحة وحسن)، وفي عنقه سطع (طول)، وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر)، أزج أقرن (حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق، فصل لا تذر ولا هذر (كلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابه يطيعونه)، لا عابس ولا مفند” (غير عابس الوجه،خالٍ من الخرافة).

قال حسان بن ثابت رضي الله عنه يصف خصال وصفات رسول الله الله صلى الله عليه وسلم :

وأجمل منك لم ترَ قط عيني         وأكمل منك لم تلد النساء

خُلقت مبرّأً من كـــــل عيب         كأنك قد خُلقت كما تشاء

 

ج – بكثرة الصلاة عليه

من الأمور التي تُحيي فينا محبة الرسول صلى الله عليه وسلم كثرة الصلاة عليه، فأسعد الناس من يوفق في عبادته لله بالصلاة عليه ، فهي من أعظم و أجل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى مولاه فقد أمرنا سبحانه وتعالى بالصلاة عليه فقال :”إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّون َعَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” وحفزنا الرسول صلى الله عليه وسلم لصلاة عليه كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل : اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد” .

فمن أراد الشفاعة فعليه بكثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم  “مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.

ومن أراد أن يكون من أولى الناس برسول الله فعليه بكثرة الصلاة عليه . فقد أخرج الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:”أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً”.

ومن تكاثرت عليه هموم الدنيا فليصلي عليه ، روى الإمام أحمد”قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ قَالَ إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ”.

ومن أراد أن يقبل دعائه فعليه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى البيهقي في شعب الإيمان عن علي رضي الله عنه قال ” كل دعاء محجوب حتى يصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم “.

إذا أنت أكثرت الصلاة على الذي         صــــلى عليه الله في الآيات

وجعلتـهـا ورداً عليـك محتمــــــاً          لاحت عليك بشائر الخيرات

ومن أجمل ما نختم به ،هذه القصة العجيبة التي تبين فضل وعظم وقدر رسول له صلى الله عليه وسلم .

رواه الترمذي وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف، أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: ادع الله أن يُعافيني، فقال:” إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت، فهو خير لك “، فقال: فادعه. فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء:” اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتُقضى لي، اللهم فشفِّعه فيَّ ” وفي رواية عند أحمد زيادة هامة:” اللهم فشفعني فيه وشفعه فيَّ ،ففعل الرجل فبرأ “.

—————————————————————

1- النجم:2

2- النجم:17

3- الشرح:1

4- الشرح:4

5- الشرح:2

6- النجم:3

7- النجم:5

8- القلم:4

9- سورة الأعراف، الآية: 157

10- سورة آل عمران، آية:81

11- البقرة:129

12- سورة الصف، آية:6

13-  رواه البخاري ومسلم.

14 – حسن المقصد في عمل المولد، / جلال الدين السيوطي، ص10.

15-المواهب اللدنية

16- الباعث على إنكار البدع والحوادث / أبو شامة، ص13.

17- حسن المقصد في عمل المولد/ جلال الدين السيوطي، ص4.

 18- على مائدة الفكر الإسلامي، / محمد متولي الشعراوي ص295.

 19- حلقة البدعة ومجالاتها المعاصرة /الدكتور وهبة الزحيلي /الجزيرة نت.

 20- خطبة جمعة بتاريخ 06/03 / 2009./ موقع النابلسي

 21- شمائل النبي صلى الله عليه و سلم لعبد الحليم توميات.

بقلم : عثمان حنزاز


مشاركة