مرة أخرى عاشت تيزنيت عشية أول أمس على إيقاع الكر والفر والمناوشات ومطاردات المحتجين بين الأزقة، المناسبة تمثلت في تدشين جولة جديدة من جلسات محاكمة »عصابة البوليس» داخل المحكمة الابتدائية. فرغم التعزيزات القادمة من أكادير، ونهج خطة تفريق كل تجمع وصل عدده ثلاثة أشخاص، تمكن مئات المتجمهرين من الوصول إلى جوار المحكمة، والدخول في احتجاجات عفوية لحظة محاولة إخراج المحتجين، وأدى إلى عمليات دفع من قبل القوات العمومية، وتطور الأمر إلى رشق القوات بالحجارة.
مناوشات أول أمس أدت إلى تكسير زجاج سيارة تابعة للأمن، وسيارة أخرى خاصة برجل أمن، وإلى توقيف شابين تم إخلاء سبيلهما في نفس اليوم. محنة كبيرة عاشها الأمن في التنظيم، كان الجميع ينتظر، ساعات طوال من المرافعات، بمن فيهم المحامون الذين حملوا معهم الماء والسندويتشات، إلا أن جلسة محاكمة مفتش الشرطة ومن معه انحازت بشكل مفاجئ إلى التأجيل إلى غاية يوم الإثنين المقبل 21 يناير.
المسؤولون الإقليميون لأحزاب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، والاشتراكي الموحد، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذين تابعوا الاحتكاك مع المحتجين، استنكروا لدى قادة الأمن ما اعتبروه تعنيفا للمواطنين، وألحوا على توقيف من يخرق القانون عوض تعنيفه، وأدى ذلك لإخلاء المكان من القوات، واستمرت أشكال الاحتجاج لمدة ثم شرع الغاضبون في التفرق تباعا.
التأجيل فرضه تقرير عن خبرتين أدلت بهما النيابة العامة إلى رئاسة الجلسة، ويتضمن أحدهما تحليل المعطيات الخاصة بالحاسوب الذي حجزته الشرطة ببيت مفتش الشرطة محمد التباع،والثاني يضم تحليل معطيات مضمون الهواتف النقالة المحجوزة التي كانت بحوزوة الشبكة. وقد قام بالخبرة مختبر معالجة المعطيات التقنية التابع للدرك الملكي بالرباط.
ومعلوم أن حاسوب مفتش الشرطة التباع يعتبر من قبل متتبعين بمثابة العلبة السوداء التي قد تدينه أو تبرئه كما قد تجر عدة رؤوس إلى المحاكمة والمحاسبة، ففي تصريح للأستاذ الناجم كوغرابو الذي ينوب عن الضحايا، أن الأمر مجرد تحليل لمعطيات الحاسوب والهواتف وليس حجة، هو امتداد لإجراءات البحث التمهيدي، بينما الخبرة في حقيقتها هي التي تأمر بها المحكمة، واستغرب الأستاذ بكار السباعي الذي ينوب عن مفتش الشرطة التباع، متسائلا عن الجهة التي أمرت بإحراء هذه الخبرة، فإن كان الأمر يتعلق بالبحث التمهيدي فإن هذا الإجراء قد انتهى مادام الملف قد وضع أمام القضاء للبت فيه ، وإن كان من ضرورة لإجراء الخبرة، فإنها ترجع إلى قضاء الموضوع.
محاكمة يوم أول أمس، عرفت متابعة جماهير واسعة، بل وصل الغليان حدته مع توالي الأيام، وقد قوبلت الإجراءات الاحترازية المتخذة والخروج غير الاعتيادي للتيزنيتيين باتجاه المحكمة إلى إغلاق المحلات التجارية على الشارع باتجاه المحكمة، كما أغلقت المحلات الموجودة بمحيط المحاكمة بعد بدء المناوشات والكر والفر عبر الأزقة.
إدريس النجار/محمد بوطعام
