أمينة المستاري
عرفت سوس بالأسر العلمية التي نبغ بعض أفرادها في مجال العلم، وبزغوا في مجال النوازل والإفتاء، بل منها أسر توارثت إتقان القراءات وشغلت مناصب في القضاء على امتداد جيلين أو ثلاث، حتى نالت اهتمام التراجم في مؤلفات المختار السوسي وغيره.
ومن القضاة الذين بزغوا في عالم الإفتاء بسوس، القاضي عبد الله بن الحسين بن سعيد بن عبد الله بن موسى ( الموساكناوي البعمراي)، الذي درس بالمدرسة الإليغية، حتى أخذ عنها التصوف، بل اتسم بسمات أهلها من حب الأدب وإتقان اللغة العربية، فقد حفظ القرآن في مسجد قريته “تادارت” بقبيلة “اد موساكنا”، ثم انتقل إلى مسجد الجمعة من قبيلة ( ادا وساكم) .
انتقل القاضي بعد ذلك إلى المدرسة التانالتية الصوابية في جبال جزولة، ودرس على يد سيدي محمد بن عبد الله الصوابي أقاريض، ومنه أخذ المتون والمبادئ، قبل أن يلتحق بمدرسة سيدي علي بن سعيد الاخصاصية.
وقد أخذ القاضي عبد الله عن والده كثيرا من من النصف الأول من المختصر، ومن التحفة والزقاقية قبل أن يلتحق بالمدرسة الإلغية في سنة 1336هـ، وبعد سنة من ذلك صاحب الأستاذ سيدي عبد الله بن ابراهيم لمدة عامين في آيت امر يتلقى العلوم على يده.
وعاد القاضي عبد الله إلى أهله سنة 1340، وبعد مدة قليلة أصبح مشارطا في مدرسة أباينو لمدة 5 سنوات، يفتي في المسائل العلمية ويدرس العلوم حتى أصبحت شهرته واسعة وبعد أن ترك المدرسة لزم منزله يفتي، وتزوج بعد وفاة والده.
وحسب ما جاء في المعسول للمختار السوسي، ففي أواخر الاحتلال، كانت اسبانيا تعامل الفقهاء كما هو الحال لفرنسا، وحاولت أن تجردهم من أوصافهم الدينية والتقليل من شأنهم، بل وهددتهم مرارا وسجنتهم بدون سبب، وتصفتهم بالدجالين الأفاكين، فيما تركت بعضهم ممن يسايرونها في سياستها على حريتهم، أما من حتفظ على ناموسه بقي محترما وهو ما ينطبق على القاضي عبد الله.
في تلك الفترة جعلت اسبانيا القضاء تحت رئاسة سيدي محمد أوبلوش، هذا الأخير عين سيدي سليمان التدرارتي نائبا له، وعمل معه القاضي عبد الله بن الحسين الموساكناوي كعدل. بعد إزاحة سيدي زكريا عن القضاء محل التدرارتي عين القاضي عبد الله في قبيلته باصبويا وآيت الخميس إلى حين حصول المغرب على استقلاله، حيث تولى فصل جميع القضايا المعروضة عليه من طرف جيش التحرير، ثم عينته الحكومة مقام القاضي الرسمي.
