الرئيسية ثقافة وفن مهن تندثر: الخنجرة… صناعة تمسك بها دوار “أزلاك” بقلعة مكونة

مهن تندثر: الخنجرة… صناعة تمسك بها دوار “أزلاك” بقلعة مكونة

كتبه كتب في 18 أبريل 2023 - 12:01

 

أمينة المستاري

كان لتواجد اليهود بمجموعة من المدن المغربية وبالقصبات والواحات تأثير ما يزال قائما إلى يومنا هذا، خاصة فيما يتعلق بالصناعات اليدوية كالحدادة، النجارة….

تينغير وقلعة مكونة من المدن التي عرفت تواجد اليهود لعقود، وتعلم أبناؤها الصنعة منهم فقد سكنوا القصبات والأحياء المدينة التي سميت ب”الملاح”، وبعد مغادرتهم لها بقيت بقايا تلك الصناعات من خلال الأبواب الخشبية والقطع الحديدية وتعلم الجيل الأول أصول الحرف خاصة “الخنجرة”.

فقد ورث سرها أهل تينغير وقلعة مكونة صناعة الخناجر،المكونة من جزء حديدي ومقبض خشبي منحوت من خسب شجر المشمش أو الأرز أو عظم الإبل…إضافة إلى غمد يكون مزخرفا بالفضة، وتحمله حمالة من ثوب مرصعة باللوبان…

وبعد سنوات، اختفت هذه الصنعة من تينغير، فيما بقيت صامدة قلعة مكونة التي حافظت أكثر على هذه الحرفة، وعرفت بدوار أزلاك، المتواجد في الطريق الرئيسية المؤدية إلى تينغير، تقودك طريق غير معبدة لتصل إلى المحل الذي حمل نفس الإسم “أزلاك” هي مقر لتعاونية “جمعية أزلاك للخناجر” التي أسسها مجموعة من الحرفيين سنة 1983، يعملون بداخلها يتفننون ويبدعون في أشكالها بأناملهم، يقاومون اندثارها ويحاولون تعليم الجيل الناشئ بعض أبجدياتها حتى يصبحون متمكنين من الصنعة، حتى لا تضيع كما ضاعت مجموعة من الحرف بوفاة “المعلمين”.

صناعة الخناجر صمدت لعقود وما تزال صامدة في وجه التغيير، لم تستطع التكنولوجيا الحديثة أن تحجب هذه الحرفة، بفضل مقاومة صانعيها على قلتهم في البقاء والصمود في وجه الزمن، فهي تعكس الإتقان والجمال وأصبحت إرثا عريقا متجددا بفضل بعض التحسينات التي أدخلها الصناع على صناعتهم، وأصبح الخنجر إضافة إلى الورد سمة المدينة الصغيرة، ونصب مجسم للخنجر داخلها إضافة إلى تجسيد للورود.

قد يعبر كل خنجر عن جذوره إما العربية أو الأمازيغية أو اليهودية، بفعل امتهان اليهود للحرفة قبل عقود من الزمن بحوض دادس قبل رحيلهم عنه، لذلك ارتأى صناع المنطقة أن التحموا في التعاونية من أجل وضع اليد في اليد والإبقاء على موروث قديم ورثوه عن أجدادهم منذ سنة 1965، وتفننوا في صناعته بإدخال بعض الزخرفات وأبدعوا فيه، لحمايته من الزوال، خاصة وقد التحمت الأسر القاطنة بدوار أزلاك لامتهان هذه الصنعة، التي يؤكد بعض “المعلمين” أنهم تعلموا على يد أبائهم ويقومون هم الآن بتعليم أبنائهم حتى لا تندثر، فهي إرث يتوارثه جيل عن جيل، خاصة الأنواع القديمة التي تتميز بقيمتها وأصالتها، فقد فطن آيت أزلاك لأهمية الخنجر الثقافية فتفننوا في صناعتها تحمل حمولة رمزية يتواجد بشكل لصيق مع الجلابة البيضاء”أقراب” والعمامة البيضاء التي تميز الرجل الأمازيغي، وحرصت كل أسرة على أن تنشأ ورشة داخل منزلها “المعلم” فيها هو الأب والمتعلمين هم الأبناء، الذين يرافقون والدهم في أوقات الفراغ لمراقبته وهو يعمل، حتى وجد العديد منهم أنفسهم ملمين ب”الحرفة”، وانتقل الخنجر بشكل سلس بين الأجيال، لكن تغير الزمن وعدم حرص الأبناء على شراء الخنجر جعل الصناع بآيت أزلاك يفكرون في إحداث تعاونية، حتى تظل أبواب الحرفة مفتوحة أمام الجيل الثالث، في وقت لوحظ فيه تراجع الإقبال عليه محليا، لذلك كان لزاما توسيع دائرة التسويق، في اتجاه مدن أخرى.

تعاونية “أزلاك” هدفها الأول الحفاظ على الموروث، الذي يقدر عمره حوالي 6 قرون، وانتشر بمرور الوقت مع الأجيال المتعاقبة، لكن الخوف من اندثارها دفع الحرفيين إلى التكتل وتشكيل تعاونية وبذل أقصى مجهود للتعريف بالحرفة حتى لا تندثر.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *