Ad Space
الرئيسية تمازيغت أسر من سوس: مولاي مسعود اكوزال…عصامي رفض العيش في جلباب أسرته

أسر من سوس: مولاي مسعود اكوزال…عصامي رفض العيش في جلباب أسرته

كتبه كتب في 31 مارس 2023 - 14:34
أمينة المستاري
من الأسر السوسية التي علا شأنها لعقود من الزمن، وعرفت بثرائها وعلمها، أسرة اكوزال… ذات النسب الذي يمتد إلى الشرفاء الأدارسة السوسيين.

استطاع رب الأسرة ابراهيم بن علي أن يكون ثروة عبارة عن محلات تجارية وأملاك عقارية بمكناس وغيرها… وعاش المكونة من ابنين: مولاي أحمد، ومولاي مسعود، وثلاث بنات للا فاضمة، للا مامس، وللا عائشة.

الأسرة هي أيضا سليلة العالم الصوفي مولاي مسعود الكنضيفي، وربما اختار الأب ابراهيم بن علي اسم مسعود لابنه الثاني، الذي رسم خطا آخر لنفسه، ورفض العيش في جلباب أسرته الميسورة، ليشق لنفسه طريقا أوصله إلى الثراء ويشتهر اسم أسرة أكوزال في عالم الاقتصاد.

مولاي مسعود أكوزال، ترجل من قطار الحياة سنة 2019، في سن 89 سنة، إلا أنه ترك أسرة مكونة من أبناء وبنات مثقفين تلقوا تعليما عاليا فشقوا طريقهم بثبات، على منوال والدهم، أدار بعضهم ما تركه الرجل العصامي الراحل الذي بدأ من نقطة الصفر حتى تحول إلى أحد أثرياء المغرب..

أسرة أكوزال توارثت حب العمل والكدح، وأصبح الشقيق الأكبر لمولاي مسعود حارسا على أملاك الأسرة وحوانيت البقالة بمكناس، والدهما توفي سنة 1936، تاركا مولاي مسعود في أولى مراحل طفولته، غاب عنه الاب وهو في سنته السادسة..

رأى مولاي مسعود النور بدوار زاوية أفلوس بإداوكنيضيف بإقليم اشتوكة أيت باها، وكشأن باقي أبناء الدوار التحق بالكتاب لحفظ القرآن، ودرس ببلدته إلى حين بلوغه 12 من عمره، ثم غادر جبال اشتوكة نحو مكناس ليبدأ مرحلة الكد والعمل، كان الأب يقتني الحوانيت بمكناس ويعهد بها لأحد أبناء بلدته في إطار ” الشركة” بتشديد فتحة الشين وتسكين الراء، وهو تقليد تجاري دأب عليها التجار والميسورون السوسيون المتواجدون بالمدن الاقتصادية، يستقبلون أبناء بلدتهم الراغبين في العمل، فيوفرون لهم الدكاكاين ورأس المال ويبقى على عاتق الآخرين العمل ليل نهار وتنمية المدخول التجاري.

رغم أن الابن الأصغر للأسرة مات قبل أن يترعرع في كنف والده، فقد رفض أن يقال بأنه ولد وفي فمه ملعقة من ذهب تركها له الراحل، رفض مولاي مسعود أن يعيش في جلباب المرحوم، اشتغل مع شقيقه بمكناس في محل لبيع المواد الغذائية بالجملة، وبين الفينة والأخرى يشده الحنين إلى ” تمازيرت ” ليزور أمه ، كان هاجسه الاساس أن يستقل بنفسه ، وأن يبني مستقبله دون الاعتماد على ثروة والده، فهو يريد أن يثبت ذاته، وما زاد من إصراره وقوف أمه إلى جانبه ، كلما زاره تغني رصيده العاطفي والنفسي بطاقة إيجابية من الرضا،تدعوا له بالهداية والرزق الحلال، وأن يبعد الله عنه ” أولاد الحرام وينقي طريقه من الشوك”..

فعلا كلما مضى مولاي مسعود في دروب الحياة تعبدت طريقه، وارتفعت وثيرة الرزق من كل مكان. خلال الأربعينات، اقتنى عربة مجرورة بالدابة، فبدأ عملية بيع وشراء الزيوت في حي البرادعية بمكناس، عرف بهذه الحرفة بهذا الحي، وتوالت السنوات حتى توسعت تجارته وتنوعت، فأصبح ” الزيات السوسي ” مضرب المثل بالعاصمة الإسماعيلية، وما فتى أن اصبح من المتخصصين في بيع الزيوت، يملك 300 محل لبيع الزيوت النباتية وزيت الزيتون، اقتنى معصرة لينتج الزيوت بيده ، ثم توسعت مشاريعه لتشمل توزيع البنزين وكحول الحريق….ورغم أن الرجل غير” الكروصة” بالشاحنات بقيت دائما دعوات الأم وورضاها جارية، كما ظلت تدعو له بالسير في طريق مطهرة من الاشواك..

كبرت أسرة أكوزال الصغيرة، تزوج وصار ابا لأسرة كبيرة، بعد إنجابه ستة أبناء ذكور وستة إناث، تلقوا تعليما عاليا بالمغرب وخارجه، نظرا لرغبة الأب الجامحة بأن يتعلم أبناؤه، لأن المال وحده لا يكفى، أدرك مولاي مسعود أكوزال أهمية العلم رغم أن اسمه أصبح ساطعا في عالم التجارة. وليس وحده بل في سماء السياسية، فقد انخرط في حزب الاستقلال سنة 1950، في سن العشرين، وانخرط في المقاومة بعد نفي محمد الخامس، وكان يقوم بتوفير السلاح والمال لجيش التحرير حتى حصل المغرب على الاستقلال، ثم ساهم في توفير شاحنات وثمور للمشاركين في المسيرة الخضراء…وكان أول من استثمر في الصحراء بعد المسيرة بغية تعميرها والمساهمة في تنمية الاقتصاد بها..

توسعت أعمال أكوزال فلم يصبح مجرد مالك لمحلات بيع الزيوت، بل أنشأ شركات لتوزيع الزيوت، حيث اعتبر أول مغربي صدر الزيوت لإيطاليا، ثم ولج قطاع العقارات، وصناعة الصباغة والجلد والأسماك…فانتقلت أعمال مولاي مسعود من عربة تجرها دواب إلى “هولدينغ” متنوع ومتعدد د أثبت من خلاله صحة البيت “إن الفتى من يقول ها أنذا ، ليس الفتى من يقول كان أبي.”.

ومثلما لم يعتمد مولاي مسعود على أبيه، كذلك فعل ابناؤه وبناته باختيارهم لتخصصات علمية مخالفة لما سار عليه، ابناؤه المحفوظ وحسن وعبد السلام، خريجو جامعة نورثيسترين بأمريكا، وابراهيم تخرج من السوربون تخصص تسيير المؤسسات، سعيد درس بكندا بالمدرسة العليا للتسيير.

البنات الست سرن على نهج اشقائهن فنجمة درست بمكناس، وعائشة تخرجت من كلية الطب بباريس تخصص الأنف والحنجرة، وفاطمة تخصصت في تصميم الأزياء التقليدية، بينما حققت مليكة حلمها بأن تصقل موهبتها وتصبح فنانة تشكيلية إلى جانب حصولها دبلوم السلك الأول في الاقتصاد، حسناء تخرجت من كلية الطب بالدار البيضاء والسعدية تخرجت من جامعة نورتيسترين ببوسطن بأمريكا ومن المدرسة العليا للتجارة بباريس.

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.