الرئيسية بيزنس السلطان محمد الثالث وميناء أكادير خلال القرن18.

السلطان محمد الثالث وميناء أكادير خلال القرن18.

كتبه كتب في 12 مارس 2023 - 00:58

عمر بولماء

مهتم بتاريخ جنوب المغرب

 

لقي ميناء أكادير منذ القدم عناية واهتماما كبيرا في مختلف الأزمنة، إذ عرف توافدا تجاريا أوربيا كثيفا في القرون الأخيرة، بحكم موقعه الجغرافي المتميز وطبيعته الجغرافية: بحيث أنه نقطة قريبة من إفريقيا الغربية -مصدر الذهب والعبيد-، ومحطة مهمة بالنسبة للسفن التجارية الذاهبة إلى الهند وأمريكا، ويعتبر منفذا بحريا رئيسيا لمنطقة سوس؛ لكونه يصدر أهم المنتوجات الزراعية، والرعوية، والمعدنية؛ مما خلق تنافسا بين الدول الأوربية لعل أبرزه خلال النصف الأولى من القرن الثامن عشر، بل والاستيلاء عليه؛ تزامنا مع الفترة المظطربة التي كان يمر منها المغرب آنذاك بفعل وفاة السلطان إسماعيل بن الشريف. (1)

• التنافس الأوربي في سبيل ميناء أكادير:
وفي إطار هذا التنافس الأوربي؛ فلحت الدانمارك في إحداث اتفاق سنة 1751 -في عهد السلطان عبد الله- يخول لها احتكار التجارة في ميناءي آسفي وأكادير (سانتا كروز) مقابل إتاوة سنوية، اغتنمت الفرصة لإقامة متجرٍ في ميناء أكادير، لكنها لم تفلح في ذلك بسبب احتجاج الساكنة المحلية على أشغال البناء؛ سنة 1759 انسحب الدانماركيون بسبب أزمات مالية؛ وبذلك أُبعد منافس قوي كان يزاحم الفرنسيين، والهولنديين، والإنجليز في تجارة سانتا كروز (ميناء أكادير)، فعاد بعد ذلك الميناء إلى الانفتاح أمام مختلف السفن الوافدة. (3) (4)
• السلطان محمد الثالث وميناء أكادير:
منذ أن تولى الأمير محمد بن عبد الله تسيير مراكش نيابة عن والده سنة 1744، دأب على زيارة ميناء آسفي ولاحظ حركة التجارة فيه، وسمح للتجار بتصدير السلع هناك، وبحكم أنه خليفة على مراكش، فكان يراقب ميناء أكادير لكونه نقطة مهمة في منطقة سوس؛ كان الميناء يخضع لبعض الزعامات المحلية المتمردة على المخزن والتي كان بعض منها يربطها علاقات تجارية مع التجار الأوربيون، لعل أبرزها صالح بن محمد الأولوزي الذي كان هو الآخر تاجرا كبيرا معاديا لسياسة المخزن لكونه يتاجر مع السفن الأوربية، وأكثر من ذلك افتتح سوقا أسبوعيا الذي مكنه من شراء أسلحة تحمل طابعه الخاص، وقد أعلن تمرده على السلطان محمد الثالث؛ أُلقي عليه القبض سنة 1751 من طرف الأمير محمد بن عبد الله أثناء رحلته إلى سوس، مما دفع الأمير محمد إلى إحداث حامية مخزنية في ميناء أكادير، إلا أنها لم تفلح في مهمتها؛ لأن بعد عشر سنوات من بعد عهد الأمير محمد كسلطان للمغرب، أغلق ميناء أكادير أمام التجارة الأوربية سنة 1765، تزامنا مع تأسيس ميناء الصويرة الذي استلم خدمات ميناء أكادير -تبعد الصويرة عن أكادير حوالي 175 كلم-. (7) (8)
• الأسباب وراء إغلاق ميناء أكادير، وتعويضه بميناء الصويرة:
أجمعَ المؤرخون على أن السبب المباشر في إغلاق ميناء أكادير يرجع إلى تمرد قبائل سوس على المخزن أي السلطة المركزية، أمثال: صالح بن محمد الأولوزي وعبد الله أوحمد الݣرسيفي وغيرهما؛ يربط صاحب «الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية» الإغلاق بسياسة السلطان محمد الثالث المتمثلة في خنق الثوار عبر إغلاق ميناء أكادير الذي يستقون منه أموالا طائلة، وعوضه بميناء الصويرة الذي لقي ناجحا؛ بينما يربط البعض بأن هذا الإغلاق جاء في سياق السياسة الاقتصادية التي انتهجها السلطان محمد الثالث، منها تقريب ميناء الصويرة إلى السلطة المركزية لكونه ميناءً جنوبي للمغرب؛ بينما ميناء أكادير يفتقد إلى تمثيل مخزني يضمن الأمن والاستقلال بالمدينة؛ لأن السلطان كان متخوفا من توغل وأطماع القوى الأوربية في مجال سوس. (2) (6)

• نقل ساكنة أكادير إلى ميناء الصويرة:
أعطى السلطان محمد الثالث أوامر بنقل سكان أكادير إلى ميناء الصويرة قصد تعميرها؛ وفرقهم إلى فرق كل فرقة تؤدي عملا مخزنيا فعين لأهل أكادير رئاسة مرسى الصويرة لكونهم يتقنون الأدوار البحرية التجارية، واستكمل تعمير مدينة الصويرة من حواضر محيطة أبرزها فاس؛ وبعد هذا الإجراء فُرض على قوافل الإبل المرور مباشرة نحو الصويرة محملة إليها سلع السودان (غرب إفريقيا)، حيث لم تعد تكترث الزعامات المحلية ميناء أكادير لكونه أصبح ميناءً مهمشًا فارغًا إلى أن تم افتتاحه سنة 1881 من طرف السلطان الحسن الأول. (2) (5)

————————————–

المصادر والمراجع باللغة العربية:
– 1) التجارة المغربية في القرن التاسع عشر – الفصل السادس.
-2) إيقاظ السريرة لتاريخ الصويرة – صفحة 165.
– 3) الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية
– 4) الموسوعة العامة لتاريخ المغرب والاندلس – المجلد 4 – صفحة 139
– 5) النقود المغربية في القرن الثامن عاشر: أنظمتها وأوزانها في منطقة سوس – صفحة 32
– 6) تاريخ المغرب المعاصر: دراسات في المصادر والمجتمع والاقتصاد – صفحة 173
– 7) المؤلفات الفقهية الكاملة للكرسيفي – صفحة 12
– 8) معلمة المغرب – المجلد السابع
المصادر والمراجع باللغات الأجنبية:
– Getaway 21 Years of African Travel Writing – page 200
– Between Caravan and Sultan: The Bayruk of Southern Morocco – page 297
– Agadir et le sud marocain – page 292

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *