الرئيسية جهات بعد 3 سنوات على القانون الإطار.. حصيلة صفرية لإصلاح التعليم الخاص تسائل بنموسى

بعد 3 سنوات على القانون الإطار.. حصيلة صفرية لإصلاح التعليم الخاص تسائل بنموسى

كتبه كتب في 4 مارس 2023 - 21:41

أعطى القانون-الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين الحكومة مهلة ثلاث سنوات لإعداد النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لتطبيقه، وعرضها على مسطرة المصادقة، لكن بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على دخول هذا القانون حيز التنفيذ ما تزال حصيلة تفعيل مقتضياته المتصلة بإصلاح التعليم الخاص صفرية.

وتنص المادة 59 من القانون-الإطار على دخول أحكامه حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، على أن تظل النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل المتعلقة بالتربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي سارية المفعول، إلى حين نسخها أو تعويضها أو تعديلها.

كما يتعين على الحكومة، وفق ما تم التنصيص عليه في القانون-الإطار، “أن تضع برمجة زمنية محددة في ثلاث سنوات لإعداد النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لتطبيقه وعرضها على مسطرة المصادقة”، لكن المهلة انتهت دون أن يكتمل إخراج هذه النصوص، وهو ما نبه له النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية رشيد حموني، في سؤال كتابي وجهه إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى.

“خارج القانون”

ونص القانون-الإطار في مادته الـ57 على أن تحدث لدى رئيس الحكومة لجنة وطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، تضطلع بحصر مجموع الإجراءات والتدابير اللازم اتخاذها لتطبيقه، ومواكبة وتتبع إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المنصوص عليها في هذا القانون-الإطار وتلك التي يستلزمها التطبيق الكامل لمقتضياته.

لكن هذه اللجنة لم تعقد أي اجتماع منذ أكثر من سنتين، كما لم يتم إخراج أي نص تنظيمي لتفعيل مقتضيات القانون-الإطار، لتستمر المدارس الخاصة بالعمل بمقتضيات قانونية قديمة، وهو اشتغال “خارج القانون”، بحسب خالد الصمدي، كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة السابقة.

ودعا الصمدي إلى ضرورة وضع مخطط تشريعي متكامل ومحدد في الزمان، ومتناسق في الإخراج بين مكونات المنظومة نفسها من جهة (التعليم العالي والتربية الوطنية والتكوين المهني) وكافة القطاعات الحكومية المتدخلة في هذا الإصلاح من جهة ثانية، مع الأخذ بعين الاعتبار تراتبية النصوص القانونية.

وقال الصمدي، في تصريح لوسائل الاعلام إن قطاع التعليم الخاص ما يزال خاضعا لنفس القوانين السابقة، لأن الحكومة لم تعمل على إخراج النصوص التنظيمية، كما أنها لم تبادر إلى تعديل المادة 59 من القانون-الإطار التي تحدد السقف الزمني لإخراج النصوص التنظيمية ذات الصلة بالقانون-الإطار في غضون ثلاث سنوات من صدوره أي نهاية السنة التشريعية الماضية، ما يعني “الاشتغال خارج القانون”.

أرباب التعليم الخاص ينتظرون أيضا تفعيل مقتضيات القانون الإطار لتطوير القطاع والنهوض به، وهو ما عبر عنه محمد حنصالي، رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، قائلا “لحد الساعة نحن ننتظر إحالة عدد من مشاريع القوانين على البرلمان، من بينها مشروع القانون الذي يهم التعليم الخاص، وبقية القوانين والمراسيم لأنها جميعا تعني المدارس الخاصة بشكل مباشر، سواء تعلق الأمر بتكوين الأساتذة أو البرامج البيداغوجية أو معايير جودة التدريس والتكوين، وقياس نجاعة الاتفاق العمومي على المنظومة”.

وأشار حنصالي، في تصريح لوسائل الاعلام إلى أن جميع مقتضيات القانون الإطار سيتم تفعيلها وإخراجها على شكل قوانين أو مراسيم، مؤكدا أنها ستنعكس على جميع مكونات منظومة التربية والتكوين، “أو لنقل ستنعكس على المدرسة المغربية ككل”.

وأكد حنصالي أن القانون-الإطار رقم 51.17 يتميز بـ”مسألة مهمة جدا عن باقي القوانين السابقة التي تؤطر مجال التربية والتكوين، وهي حديثه في معظم فصوله عن منظومة التربية والتكوين ببلادنا، دون التمييز بين مدرسة عمومية ومدرسة خاصة، باعتبار أن مؤسسات التعليم الخاص هي مكون من هذه المنظومة، يسري عليها ما يسري على المدرسة المغربية ككل”.

الإطار التعاقدي

في المادة 44 منه، نص القانون-الإطار على أن “تعمل الدولة من أجل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في هذا القانون- الإطار على وضع إطار تعاقدي استراتيجي شامل، يحدد مساهمة القطاع الخاص في تطوير منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، والرفع من مردوديتها، وتمويلها، وتحسين جودتها، وتنويع العرض التربوي والتعليمي والتكويني، مع مراعاة مبادئ التوازن المجالي على الصعيد الترابي، وأولوية المناطق ذات الخصاص في البنيات المدرسية، كما يحدد الإجراءات والتدابير التحفيزية التي يمكن أن يستفيد منها القطاع المذكور، في إطار تنفيذ الالتزامات التعاقدية المبرمة بينه وبين الدولة”.

هذا الإطار التعاقدي الشامل، الذي يتضمن التوجهات الكبرى المنظمة للتعليم الخاص، لم يكتب له بعد أن يرى النور، في ظل عدم انعقاد أي اجتماع للجنة تتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، التي من شأنها أن تسرع وتيرة الإصلاح، علما أنه يفترض أن تنعقد اجتماعاتها مرتين في السنة على الأقل.

“نحن نتفهم أن الإطار التعاقدي يجب أن يفتح بخصوصه نقاش عمومي بعد أن تحسم بقية القوانين والمراسيم المرتبطة بالقانون الإطار، لإنه سيحسم في تعاقد يشمل مختلف مقتضيات منظومة التربية والتكوين”، يقول محمد حنصالي تعليقا على تأخر الحكومة في إخراج هذا الإطار التعاقدي إلى حيز الوجود.

وبالنسبة لرئيس رابطة التعليم الخاص فإن الاطار التعاقدي سيعطي للمدرسة الخاصة مكانتها الطبيعية باعتبارها مكونا من منظومة التربية والتكوين تخضع لجميع مقتضيات الخدمة العمومية، و”تساهم في توفير حق التعليم الذي يكفله الدستور للتلاميذ المغاربة بدون أي تمييز، وبحقوق متساوية بين جميع الأسر وبين جميع الأساتذة والأطر التربوية والإدارية”.

ومن شأن هذا الإطار التعاقدي بين الدولة والتعليم الخاص، بحسب  خالد الصمدي، أن يعتمد في إعادة هيكلة هذا القطاع وضبط خريطته على الصعيد الوطني، وربط التحفيزات التي تقدمها الدولة للقطاع بالاستثمار في المناطق ذات الخصاص، تفاديا لتمركزه في المدن الكبرى، وضبط سلة الخدمات التي يقدمها وفق دفتر تحملات مع تحديد الأسعار المناسبة لها سواء تعلق الأمر بالتسجيل أو التمدرس.

كما سيُعتمد أيضا، يقول كاتب الدولة السابق، في تحيين الترسانة القانونية المنظمة للقطاع بما فيها القانون 00-06، وإعادة النظر في أنظمة الترخيص والاعتراف بتحيينها وتجديدها، واتخاذ الإجراءات التي تمكن هذا القطاع من التوفر على موارده البشرية الخاصة مع ضمان استقرارها الاجتماعي والمهني واستفادتها من التكوين المستمر الذي توفره الدولة للعاملين في التعليم العمومي.

ناهيك عن تجديد آليات الحكامة ومراقبة الجودة خاصة على مستوى البنيات والتجهيزات والبرامج والمناهج والكتب المدرسية محليا وإقليميا وجهويا، وتعزيز حضور آليات التدبير التشاركي لهذه المؤسسات خاصة تقنين وتفعيل عمل جمعيات الآباء وضمان الحريات النقابية للعاملين داخلها، يقول الصمدي.

ويرى المتحدث أنها لا توجد حاليا بوادر واضحة لتنزيل مقتضيات القانون-الإطار المتصلة بالتعليم الخاص، منبها إلى أن مشاكل هذا القطاع واختلالاته تتضخم كلما تأخرت الحكومة في إخراج النصوص لتنظيمه.

وأشار إلى تمركز أكثر من 50 في المائة من المؤسسات الخاصة في المدن والحواضر الكبرى ( %55)، وشبه غياب لاستثمار هذا القطاع في المدن الصغرى والمتوسطة، “حيث تبرز الحاجة جلية إلى دعم مجهود الدولة في تعميم التمدرس رغم التحفيزات التي توفرها للتشجيع على ذلك”.

وحتى يضطلع الإطار التعاقدي الشامل بدوره، يشدد رئيس رابطة التعليم الخاص، محمد حنصالي، على ضرورة أن يكون منسجما مع روح القانون الإطار، وهو ما يقتضي، حسب تعبيره، أن يكون شاملا لجميع الجوانب، بما فيها الإنفاق العمومي على جميع مكونات منظومة التربية والتكوين.

ولتحقيق تكافؤ الفرص ودمقرطة ولوج التلاميذ المغاربة لمدرسة الجودة، يقول حنصالي، “يجب أن يخول الإنفاق العمومي على منظومة التربية والتكوين، أو لنقل على المدرسة المغربية، للأسر كانت فقيرة أو متوسطة أو ميسورة، الحق في اختيار مدرسة مناسبة لأطفالها، سواء كانت مدرسة عمومية او خاصة”.

“لا نريد أن نحدد صيغة محددة لهذا الإنفاق، هل تكون على شكل منحة أو استرجاع مبالغ من الضريبة على الدخل أو دعم الأساتذة”، يضيف حنصالي، “هناك تجارب دولية مختلفة، لكن الثابث في جميع الدول التي تعرف مدارس ذات جودة عالية هو أن الأسر لا تتحمل لوحدها كلفة التدريس بالمدارس الخاصة، بل ضروري أن تستفيد الأسر من المال العام بشكل أو آخر في كلفة تمدرس أبنائها بمؤسسات التعليم الخاص”.

الأسعار

إصلاح التعليم الخصوصي بعد ثلاث سنوات من دخول القانون-الإطار حيز التنفيذ لم يبرح مكانه، بحسب ما يرى نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات الآباء، محمد مشكور، قائلا: “مازال الحال كما كان عليه من قبل (القانون-الإطار)”، وفي هذا الصدد ضرب مثلا بقضية أسعار المدارس الخاصة التي تؤرق الآباء.

وكان وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، قد أقر بعجز وزارته عن التدخل ووضع حد لارتفاع رسوم التمدرس في التعليم الخاص وتقنينها، معللا ذلك بكون القوانين الحالية لا تسمح بتدخل الوزارة في أسعار التمدرس بهذا القطاع في إطار المنافسة، قائلا إن الأمر يتعلق بقطاع ربحي والوزارة تكتفي بمراقبة مدى احترام القوانين الجاري بها العمل.

لكن كلام بنموسى، الذي جاء تفاعلا مع تساؤلات لنواب برلمانيين خلال جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب يناير الماضي، لا يصمد أمام ما جاء به القانون-الإطار للتربية والتكوين من مقتضيات لتنظيم هذا قطاع التعليم الخاص، بحيث تُمكن الوزارة الوصية من الآليات القانونية والتشريعية لإعادة هيكلته وتنظيم خدمات التعليم الخاص وتحديد أسعاره، وهو الدور الذي يضطلع به الإطار التعاقدي الشامل.

وفي هذا الصدد نبه رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات الآباء، محمد مشكور، إلى أن الأسعار في التعليم الخاص ما تزال غير مضبوطة، إذ أنها مرتفعة جدا في الكثير من المدارس، مستدركا، “طبعا ليست مؤسسة، مثلا، في حي شعبي كمؤسسة ذات مستوى مرتفع جدا، لكن يجب وضع سقف للأسعار وتنظيمها”.

الأمر لا يتوقف عند حدود واجبات التمدرس، بحسب مشكور، فالمدارس الخاصة عموما، بحسب تعبيره، تبالغ كثيرا في مبالغ واجبات التأمين التي تطلب من الآباء أداءها، داعيا إلى تسقيفها، “لا يجب أن تتعدى 50 درهما في حين أننا نرى التأمين في التعليم الخاص يتجاوز 1000 درهم و1500 درهم، في الوقت الذي لا يتعدى 15 درها في مدارس التعليم العمومي”.

القانون-الإطار، بحسب مشكور، جاء بمقتضيات تسمح للدولة عن طريق وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتنظيم التعليم الخاص، لكن ما يجري على أرض الواقع يبين أن هذا القطاع مازال تدبيره كما كان عليه قبل دخول هذا القانون-الإطار حيز التنفيذ، وفي هذا الصدد نبه إلى عدم تدخل الدولة في ما يتعلق بسيارات النقل المدرسي، التي يسير أغلبها في شوارع المملكة بحمولة زائدة في غالب الأحيان، كما نبه إلى أن هناك عدد كبير من أطر التدريس يشتغلون في المدارس الخاصة دون تلقي أي تكوين في المجال.

وأشار مشكور إلى الوضعية التي فرضتها جائحة كورونا على التعليم بصفة عامة خلال الحجر الصحي، حيث طولب العديد من الآباء بأداء واجبات تمدرس أبنائهم خلال شهور توقفت فيها الدراسة ولم يتلقوا فيها أي تعليم، وهي الوضعية التي كانت ستسمح للدولة بإيجاد حل بشكل سلسل لو تم تفعيل مقتضيات القانون-الإطار المتصلة بالتعليم الخاص.

وتساءل مشكور، كيف تفرض على الآباء الأداء وأبناؤهم لم يدرسوا خصوصا الدراسة عن بعد لم تبدأ إلا بعد فترة من توقف الدراسة، مشيرا إلى أن الفيدرالية التي ينتمي لها تدخلت وساهمت في إيجاد حلول، على الرغم من وصول بعض القضايا إلى المحاكم، لذلك يرى المتحدث أنه من الضروري أن يتم تأسيس جمعيات الآباء بالتعليم الخصوصي حتى يعرف الآباء ما لهم وما عليهم ويكونوا شركاء، مستدركا بأن المؤسسات الخصوصية ترفض ذلك في حين أن القانون-الإطار يعطي حق تأسيسها.

المدارس الشريكة

اقترح الصمدي إقامة نموذج ثالث للتعليم في إطار إصلاح منظومة التعليم، وهو ما وصفه بـ”المدارس الشريكة”، موضحا أن القانون-الإطار يسمح بذلك، ويتمثل هذا النموذج في أن تفوت الدولة للقطاع الخاص كل ما يتعلق بالتجهيز والبناء، وتتكلف هي بكل ما هو بيداغوجي وكل ما يتعلق بالأستاذ والتلميذ.

وأوضح المتحدث أن كل تلميذ بالتعليم العمومي يكلف الدولة في المتوسط ما بين 600 و800 درهم شهريا، مشيرا إلى أن ميزانية الاستثمار لا تمكن الوزارة من بناء المؤسسات التعليمية في الأوعية العقارية المخصصة لها في تصاميم التهيئة الحضرية إلا في حدود 18 بالمائة، “مما يعني أن العديد من العقارات المخصصة لبناء المدارس لا يتم استغلالها لهذا الغرض ويتم تحويلها عن طريق سلطة الاستثناء إلى غايات أخرى مما يؤدي إلى اختلال في العرض التربوي”.

وبموجب شراكة بين الدولة والقطاع الخاص، يقول الصمدي، تفوت الأوعية العقارية التي لم تتمكن الوزارة من بنائها خاصة في المدن الكبرى والمتوسطة إلى الخواص لبناء مؤسسات تعليمية بها بمواصفات تحددها الوزارة الوصية.

ويتكلف الخواص، بحسب الصمدي، بعد ذلك بكل نفقات تسييرها وتدبيرها، على أن تستقبل عددا معينا من التلاميذ والتلميذات الذين تحيلهم إليها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وتؤدي الدولة إلى صاحب المؤسسة تكلفة التمدرس (ما بين 600 و800 درهم عن كل تلميذ حسب كلفة المستوى)، مع المراقبة الدائمة لجودة خدمات هذه المؤسسات بناء على دفتر تحملات.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *