الرئيسية سياسة فرنسا ماكرون باعت المغرب بالجزائر وانتهى بها المطاف إلى فقدان الدول المغاربية.

فرنسا ماكرون باعت المغرب بالجزائر وانتهى بها المطاف إلى فقدان الدول المغاربية.

كتبه كتب في 11 فبراير 2023 - 17:00

تواجه فرنسا وضعا معقدا في علاقاتها مع دول المغرب العربي، ويعطي ذلك انطباعا بأن فرنسا قد بدأت تفقد نفوذها في المنطقة، وفق متابعين للشأن المغاربي، بعدما خسرت المغرب والجزائر كما تسببت في أزمة سياسية في تونس.

ذلك أن البلدين المغرب والجزائر الذين يوجد بينهما خلاف عميق، اتخذا قرارا متزامنا بسحب سفريهما لدى باريس، وهو أمر لم يتكرر على عهد الرؤساء السابقين بفرنسا الذين طالما انتعشوا من شِقاق الجارين، ومن لعبة التوازنات بالمنطقة التي لم يفلح فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مما يسائل مستقبل الدبلوماسية الفرنسية، التي فقدت الكثير من بريقها في السنوات الأخيرة، خاصة مع البلدان الإفريقية.

وبالرغم من السياقات المختلفة للأزمة مع فرنسا، بين المغرب والجزائر، إلا أن التزامن الحاصل بين سحب البلدين سفريهما، سواء بطريقة معلنة في حالة الجزائر، أو بطريقة أقل حدة في الحالة المغربية، يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول نجاعة الدبلوماسية الفرنسية التي نجحت في تحويل بلاد الأنوار إلى بلد منبوذ بإفريقيا.

يوم أمس خرج في الجريدة الرسمية المغربية، أنه  “تقرر إنهاء مهام السيد محمد بنشعبون كسفير لصاحب الجلالة لدى الجمهورية الفرنسية، وذلك ابتداء من 19 يناير”.  طبعا بنشعبون كان قد جرى تعيينه مديرا لصندوق محمد السادس للاستثمار في 18 اكتوبر 2022. لكن هذا بطبيعة الحال ليس اعتباطيا بل له معنى ورسالة، إضافة إلى أن الرباط، حملت حزب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون توصية البرلمان الأوربي المنتقدة لأوضاع حرية الصحافة في المغرب قبل أيام.

التوصية طالبت السلطات المغربية “باحترام حرية التعبير وحرية الإعلام”، و”ضمان محاكمات عادلة لصحافيين معتقلين”. كما تطرقت إلى “القلق إزاء الادعاءات التي تشير إلى أن السلطات المغربية قد تكون رشت برلمانيين أوروبيين”.

رد مجلس النواب المغربي كان واضحا. ووجه اتهاما مباشرا لفرنسا لحزب الرئيس الفرنسي.  رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي لحسن حداد قال بأن “جزء من الدولة العميقة الفرنسية” وراء توصية البرلمان الأوربي ضد المغرب.

الديبلوماسية الفرنسية محاولة منها لتهدئة الأوضاع وتلطيف الأجواء ما وقع في البرلمان الاوربي زادت من تعقيد الأمور أكثر.  إذ أن السفير الفرنسي في الرباط قال ل”تيل كيل” بأن التوصية لا تهم فرنسا وانعدام علاقتها مع توصية البرلمان الأوروبي. وهو الأمر الذي يراه عدد من المتتبعين بالغرابة بمكان، إذا كانت هذه القرارات نابعة من البرلمانيين الفرنسيين، إلا أن هؤلاء يمثلون الفرنسيين ويمثلون بشكل أو آخر الدولة الفرنسية داخل البرلمان الأوروبي، رغم أن مجلس أوروبا هو الذي يتكون من البرلمانات الوطنية، غير أن مواقف الكثير من الفرنسيين وراءها ما وراءها، أكثر من ذلك، العديد من النواب الفرنسيين كان متحمسين وراء إصدار التوصية المذكورة” ما يمكن أن نفهم منه أن هذا موقف شبه رسمي للدولة الفرنسية”.

ومن بين الوقائع التي جعلت المغرب يأخذ اتجاه القطيعة مع فرنسا ماكرون أيضا، التقارب الجزائري الفرنسي. مجلة “ذي ايكونومسيت” الشهيرة تحدث قبل  أسبوع على مخطط فرنسي لمحاصرة الرباط ووظفت الجزائر في هذا المخطط.

غير أن هذا التقارب الجزائري الفرنسي، وعلى الرغم من التفاؤل الذي ظهر بعد اجتماع ماكرون وتبون، شهر غشت الماضي، إلا أن العلاقات الفرنسية الجزائرية قوضت مرة أخرى وعادت إلى نقطة الصفر، بعد أن طفت على السطح قضية ترحيل المعارضة الجزائرية أميرة بوراوي من تونس نحو فرنسا بعد تدخل دبلوماسي من هذه الأخيرة.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية، التي تعبر عن موقف السلطة في الجزائر، أنه “من المؤسف رؤية كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون لفتح صفحة جديدة بين البلدين، ينهار”، وأكدت أن “حدوث القطيعة لم يعد بعيدا على ما يبدو”. بسبب الناشطة السياسية والصحافية أميرة بوراوي التي كانت متابعة في قضايا في الجزائر ووصلت إلى تونس قادمة من الجزائر، بطريقة غير قانونية، عبر مسالك التهريب على الحدود البرية، لكونها ممنوعة من مغادرة التراب الجزائري، ومحكوما عليها بالسجن في الجزائر.

وفي مطار تونس عند مخاولتها أخذ الطائرة إلى باريس أوقفها الأمن التونسي،  قبل أن تتدخل القنصلية الفرنسية في تونس وتمنع إعادة ترحيل الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي إلى الجزائر والضغط على تونس لترحيلها إلى فرنسا، بزعم حملها لجواز سفر فرنسي، وهكذا تمكنت من الصعود للطائرة و”تطير” إلى باريس”.

واتهمت السلطات الجزائرية جهاز المخابرات الفرنسية بتنفيذ خطة لإعطاب المسار الجديد للعلاقات بين البلدين. واعتبرت أن “سرعة احتضان الجانب الفرنسي الناشطة الجزائرية التي وصلت الثلاثاء إلى ليون، بعد إجلائها إلى فرنسا (من تونس)، وفي ظرف 48 ساعة، يتم استقبالها وتمكينها من التحدث في بلاطوهات قنوات تلفزيونية عمومية، دليل على أن المخابرات الفرنسية أعلنت التعبئة العامة لمخابرتها وهدفها واضح”.

الأزمة الدبلوماسية والسياسية الطارئة بين الجزائر وباريس، قرر على إثرها الرئيس الجزائري، استدعاء السفير الجزائري من باريس سعيد موسي للتشاور، كما وجدت تونس نفسها هي الأخرى في مأزق حقيقي، خصوصا وأن رئيسها قيس سعيد أصبح بيدق في يد كابرانات الجزائر”، وبمجرد وصول الناشطة السياسية الفرنسية بوراوي لباريس حتى أعلن قيس سعيد، عن إقالة وزير الخارجية، في الوقت الذي لم يستطع فيه الرئيس التونسي أن يهاجم فرنسا الذي ضحى بوزير خارجيته، لتكون فرنسا ماكرون، قد فقدت 3 دول مغاربية في نفس الوقت رغم الأزمة المشتعلة بين الأطراف الثلاثة.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *