الرئيسية اراء ومواقف فيديوهات تكريس الجهل: سيدة تلقي درسا تطبيقيا لكشف عذرية البنات “العويتقات”

فيديوهات تكريس الجهل: سيدة تلقي درسا تطبيقيا لكشف عذرية البنات “العويتقات”

كتبه كتب في 3 أكتوبر 2022 - 16:26

بعد فيديوهات الروتين اليومي “الشوهة” والرقص الخليع ونشر “الغسيل الوسخ” لعائلات جعلت من  خلافاتها موضوعا لقنواتها الإلكترونية للربح من “الأدسنس”، ظهرت صفحات وفيديوهات مباشرة لتقديم نصائح حول طرق السحر والشعوذة، وتكريس الجهل وجعله وسيلة للتثقيف في المواضيع المسكوت عنها، كما هو الحال في فيديو تعليم طريقة “بليدة” تمكن من الكشف عن الفتاة الثيب أو البكر “العويتقة” باستعمال “الخيط” .

المتحدثة بمنطق الواثق من نفسه قاست عنق امرأة بالخيط  ثم أضافت ضعف ذلك القياس لكي تقيس به رأسها فإن تجاوز الخيط في قياسه المضاعف حجم رأسها فذلك يعني، حسب زعمها، أنها فقدت بكارتها وإن علق به فهي لازالت بكرا . ولتأكيد ذلك قامت بقياس عنق امرأة متزوجة وأضافت ضعف القياس ثم مررت الخيط من رأسها، وفعلت نفس التجربة مع فتاة صغيرة لكي تتثبت العكس وتستنتج أمام المشاهدين أنها مازالت بكرا؟

هذا الفيديو نال حظا من السخرية من طرف مشاهدي الفيديو، كما حصد مشاهدات كبيرة توضح نوع الثقافة التي بثتتها وسائل التواصل الاجتماعي داخل المجتمعات.

هو “غزو الحمقى”، يعبرون عن جهلهم بتقديم مواضيع تافهة ويتطاولون على اختصاصات طبية وعلمية ودينية….فتحول الفضاء الإلكتروني إلى سوق “عكاظ”، ومجال خصب للإساءة والتشهير في غياب وعي بالقانون، وفي غياب رادع أخلاقي، وجعل كل المواضيع المسكوت عنها في متناول الجاهل يفتي فيها و”ينظر”.

ففي مقولة شهيرة لأمبرتو إيكو : “مواقع التواصل الجديدة تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن، فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو الحمقى”…هي مقولة تلخص حالة مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مدرسة لتكريس الجهل، الخلاعة و”استحمار” المشاهد لا لشيء سوى الربح والوصول إلى أعلى مشاهدة وجني الملايين من ذلك…

فعلا أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي فضاء لتكرس الجهل “والميوعة” والتفاهة، بعد أن أصبح لكل نكرة صفحة لنشر الخزعبلات، وتحول الجاهل إلى طبيب، أو رجل دين، أوسياسي…يفتي في كل المواضيع، وأصبحت الفيديوهات المباشرة تسيل لعاب “الحمقى” من الأميين الذين أصبحوا يتصدرون “الترند” وأرقام “الأدسنس”، بل وأصبح الإفتاء متاحا أمام الجميع في شتى المواضيع، والتفاهة تتصدر غالبية الصفحات.

للأسف فوسائل التواصل الاجتماعي التي هي وليدة ثورة تكنولوجية غير مسبوقة كان بالإمكان توظيفها فيما يفيد البشرية، ويجعلها أكثر تواصلا لتحقيق الوعي والتقدم، غير أنها وصلت إلى مجتمعات لازالت متخلفة أضحت تستعملها لتعميم الدجل والشعوذة على نطاق واسع، بشكل لم يكن متاحا فيما سبق، وأصبح بإمكان المشعوذين استقطاب الضحايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي واللعب بعقولهم والتأثير عليهم من أجل سلبهم أموالهم، فمنهم من يزعم قدرته على ” صرع الجن” عن بعد وبشكل افتراضي، كما يتلقون الأموال عن بعد، مما مكنتهم وسائل التواصل الاجتماعي من توسيع جغرافية الدجل والاحتيال، إضافة إلى قنوات جعل أصحابها من مشاكل أسرهن موضوعا و”تيمة” لاستقطاب فئات عريضة أصبحت مدمنة على متابعة مشاكل جلها مبتكرة من أجل خلق البوز.

سرعة انتشار التكنلوجية ووضعها بسعر في متناول العامة دون توجيه، جعل فئات عريضة توظفها في  الدجل والشعوذة ونشر الأفكار السخيفة وحتى تلك التي تخرب الاسر، وقد ساهمت في تفككها فكثرت مظاهر الانتحار والانحلال الأخلاقي والطلاق تحت مسميات عديدة من بينها الحرية وحق التصرف الشخصي بدون قيود.

هذه الثقافة السلبية التي تنشرها وسائل التواصل الاجتماعي تستدعي إشاعة ثقافة بديلة قوامها المناعة وتحصين المجتمع من كل هذه السلبيات، ولن يتم ذلك إلا عبر قنوات الأسرة والمدرسة، وكل المؤسسات الهادفة التي تنشر الوعي وسط المجتمع.

تنبغي الإشارة أن الثورة التكنلوجية ووسائل التواصل الاجتماعي ليست وبالا على المجتمع إن أحسن استغلالها، رغم نقمها، فهي تتضمن نعما كثيرة قد تساهم في نشر مجتمع متماسك متطور، وقد تكون عامل تواصل وتفاهم وليس لنشر النميمة والبغضاء وتهديم القيم ونشر الفتن.

أمينة المستاري/ج24

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.