الرئيسية مطبخ وديكور حكايات اختطاف واحتجاز وتعذيب أستاذ تارودانت (الحلقة الأولى)

حكايات اختطاف واحتجاز وتعذيب أستاذ تارودانت (الحلقة الأولى)

كتبه كتب في 29 ديسمبر 2011 - 18:51

استئنافية أكادير تتابع خمسة أشخاص بالاختطاف والاحتجاز في حالة سراح

 فجر العثور على أستاذ أولاد تايمة المختفي عن الأنظار مدة خمس سنوات، وهو مكبل بالسلاسل داخل ضيعة فلاحية بأولاد برحيل، ، قنبلة إنسانية واجتماعية لدى كل من شاهد صوره وهو منزو بلحيته الطويلة. ذكرت تلك الصورة مشاهديها بصدام حسين أثناء إلقاء القبض عليه من قبل الأمريكيين داخل قبو بالعراق. أخيرا بعد مرور خمس سنوات من الاختفاء، ظهر عبد الله محتجزا داخل قبو. وبعد مرور 16 يوما من العثور عليه واعتقال المتهمين الخمسة ثم الإفرج عنهم ، تعددت الأخبار حول ملف اختطاف واحتجاز أستاذ أولاد تايمة. ماذا جرى؟

كيف ولماذا اختفى الأستاذ؟ كيف تم العثور عليه ومن وشيء بموقع احتجازه؟ وماهي ردود فعل المتهمين الخمسة؟ ورد فعل الأستاذ وأفراد عائلته؟ في هذه الحلقات التي نحيي من خلالها ملف الأستاذ ناصر لتسليط الأضواء عليها، نورد أجوبة عن أغلب الأسئلة التي تؤرق المتتبعين، فيما ستجيب نتائج التحقيق التفصيلي الذي من المنتظر  أن ينطلق خلال قريبا، وتقارير البحث العلمي من المختبر الجيني للدرك الملكي عن باقي الأسئلة التي من اختصاص العدالة.

 كان المجال الترابي للدرك الملكي بمراكز وسريات القيادة الإقليمية لتارودانت، والجهوية بأكادير، يوم 11 أكتوبر الماضي، يعيش على إيقاع عاد، موزعةُ أنشطة ومهامُ عناصره بين الأعمال الروتينية المتمثلة في السهر على الأمن العمومي والمحافظة على النظام وتنفيذ القوانين المرتبط بوزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارات النقل وإدارة الدفاع الوطني والمالية وباقي الوزارات الأخرى. وكانت الحياة العامة بمختلف المنطقة الشمالية لتارودانت عادية وهادئة، عندما رن هاتف مركز الدرك الملكي على الساعة الثانية والنصف عصر يوم 11 أكتوبر من السنة الجارية، وانبعث منه صوت ناصر سعيد ليبلغ رجال الدرك أن أخاه ناصر عبد الله، الذي كان يعمل أستاذا للتربية الإسلامية بمدينة أولاد تايمة، البالغ 53 سنة من العمر وهومتزوج وأب لثلاثة أبناء، والذي اختفى  منذ 2007، يحتمل أن يكون محتجزا في تلك الأثناء بضيعة رئيس جماعة تنزرت المسمى بوالرحيم الحسين بدوار تكرزميت، جماعة تنزرت بقيادة سيدي عبد الله أو موسى، دائرة أولاد برحيل. وأعلم الدرك الملكي بأنه يقوم بعملية حراسة المكان بمعية سيف الدين ناصر، وناصر محمد اللذين يعتبران أبناء أخيه.

لم يتردد العنصر الذي أوصلت إليه حرارة الهاتف نبأ احتمال وجود الأستاذ المختطف بضيعة رئيس جماعة، ليشعر مباشرة بعد ذلك عبر الهاتف وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتارودانت بتلك المعلومات الخطيرة. وبمجرد ما علم الوكيل بالخبر أعطى أوامره للدرك الملكي بالانتقال فورا إلى عين المكان للتأكد من صحة أقوال سعيد ناصر، وإخباره لحظة بلحظة بما سيتم التأكد منه، وبكل جديد في النازلة. وبنفس السرعة التي أوصل بها هاتف سعيد خبر احتمال وجود أخيه محتجزا داخل ضيعة رئيس الجماعة، وأبلغ بها رئيس رئيس مركز الدرك الملكي الوكيل العام، انتقلت دورية الدرك إلى عين المكان بعد أخذ جميع الإحتياطات والتسلح بالمعدات اللازمة لتنفيذ أوامر وكيل الملك. وصل أفراد الدورية إلى عين المكان حوالي الساعة الثالثة زوالا، ليلتقوا هناك بدورية المركز الترابي لأولاد برحيل، كما وجدوا الزهرة جمال بنت لحسن زوجة حارس الضيعة ماد لحسن، إضافة إلى بعض أفراد عائلة الأستاذ المختطف.

باشرت فرقة الدرك الملكي عملها بإجراء حملة تمشيطية للضيعة قبل أن تلج المنزل المشبوه، وهو عبارة عن قبو يحتفظ بداخله بأكياس أوراق الأشجار اليابسة، حيث عثروا هناك على شخص في حالة يرثى لها مكبل اليدين والرجلين والعنق بالسلاسل الحديدية، تحت درج القبو المظلم. حلت بعين المكان جميع عناصر السلطات العمومية والأجهزة الأمنية، إذ حضر كل من القائد الجهوي للدرك الملكي بأكادير ورائد سرية الدرك بتارودانت وعناصر الاستعلامات والسلطات المحلية وعناصر الشرطة العلمية ووكيل الملك بابتدائية تارودانت، لمعاينة الواقعة.

أٌعدت محاضر المعاينة الأولية والتقطت صور فوتوغرافية للموقع ووضعية المحتجز، ثم قامت مصالح تشخيص الأبحاث القضائية بإجراء مسح دقيق للأمكنة التي عثر فيها على الأستاذ المختفي، ليتم نقله بعد ذلك على متن  سيارة الإسعاف إلى المستشفى الإقليمي المختار السوسي للكشف عن حالته الصحية وتقديم العلاجات الضرورية. انطلقت عملية البحث بالاستماع إلى كل من له علاقة بالنازلة، حيث استمعت الضابطة القضائية لدرك تارودانت إلى أزيد من 20 شخصا ما بين المتهمين وشهود الإثبات والنفي. وقررت متابعة خمسة أشخاص، أربعة منهم تم اصطحابهم إلى استئنافية أكادير، فيما ظل الخامس مبحوثا عنه، إلى حين توقيفه بإنزكان.

أمر الوكيل العام بتاريخ 14 أكتوبر، باعتقال أربعة متهمين وإحالتهم على التحقيق في حالة اعتقال، على قاضي التحقيق لإجراء تحقيق في حق رئيس الجماعة من أجل تهم الاختطاف والاحتجاز والتعذيب البدني من طرف شخص يمارس سلطة لغرض ذاتي واستعمال التعذيب لتنفيذه، وتهم المشاركة في الاختطاف والاحتجاز والتعذيب للثاني والثالث والرابع(مستشار جماعي وحارس الضيعة ومسيرها). وبشكل مفاجئ، باغت جميع متتبعي ملف اختطاف أستاذ تارودانت حد الاندهاش، قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بأكادير يوم الخميس 27أكتوبر2011 الإفراج عن خمسة متابعين في القضية، من بينهم الحسين أبو الرحيم رئيس جماعة تينزرت، المتهم الرئيسي في الملف ليعلن ترشيحه في الانتخابات البرلمانية، بعد أن غير لون حزبه الذي غامر بإصدار بيان استباقي يبعد التهمة عنه، ملتحقا بالأصالة والمعاصرة. كما أطلق قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها سراح حارس ضيعة «تحت الربوة»(ل-م) وكذا مسيرها(م-أ) وعضو جماعة تنزيرت ورئيسها السابق(ع- ب) و(م-ال) الذي تم اعتقاله بمدينة إنزكَان، ومتابعتهم في حالة سراح، بعد أن قضوا 13 يوما بسجن أيت ملول على إثر اعتقالهم من قبل قاضي التحقيق مساء الجمعة 14 أكتوبر2011.

محمد إبراهمي (أكادير)

مشاركة