الرئيسية اراء ومواقف زاوية سيدي عبد الله أوسعيد “جنة خَضِرَة”وتاريخ غني

زاوية سيدي عبد الله أوسعيد “جنة خَضِرَة”وتاريخ غني

كتبه كتب في 15 أبريل 2022 - 16:25

هي جماعة قروية تقع باقليم تارودانت في الجنوب المغربي عبر جهة سوس ماسة وتجاور الأطلس الكبير الغربي،تاريخها عريض وجغرافيتها متنوعة،حيث تتوفر على مجموعة من المؤهلات السياحية كالغابات والكهوف و المآثر التاريخية،إضافة إلى مناظر طبيعية خلابة ،كما تحضى بحصتها من التراث اللامادي ويتعلق بزوايا التصوف بمنطقة تافيلالت ، وتزخر سيدي عبدالله أوسعيد بتنوع الأنشطة الفلاحية والسكن القديم.

كما تشكل الجماعة القروية لسيدي عبدالله اوسعيد وحدة طبيعية متجانسة، بين سهول شاسعة وجبال شامخة تكتسي الثلوج وتطوق هذا الإطار الجغرافي و منابع مائية متمثلة في العيون التي تزرع الراحة في وجه كل زائر هرب من حياة المدن وضجيجهاوأتى ليتنفس الهواء النقي تحت ظلال الأشجار ويستمتع بخرير المياه ، فكل من زار تلك الفضاءات الطبيعية للتنزه والاستجمام سحر بمناظرها الخلابة وبجمال أطلالها ، حيث ترسم تلك المشاهد الخضراء البسمة على محيا الوجوه.

و ارتبط اسم زاوية سيدي عبدالله أوسعيد باستقرار الولي الصوفي الكبير الشيخ عبد الله بن سعيد الحاحي عند أيت تامنت بتافلالت الواقعة بقبيلة إداوزداغ بالأطلس الكبير الغربي على على بعد حوالي 60كلم شمال شرق تارودانت، وسرعان ما تزوج من السيدة عائشة بنت إبراهيم الشريفة، وهي من إداوزيمر، فرزق منها بأبنائه يحيى والحسن وصفية وزينب. من هنا نعلم أن يحيى كان كبير إخوته، وأن ميلاده تم بعد سنة (964هـ/1557م).

وقد أسس عبد الله بن سعيد الحاحي زاويته، والتي تسمى حالياً بزاوية سيدي عبد الله أوسعيد، وجعلها محطة لجلب العلماء للتدريس بها، ولم تلبث وفود  الزوار والمريدين وطلاب العلم أن توافدوا عليها، أما الشيخ عبد الله الحاحي فقد قسّم أيامه ولَيَاليه بين التدريس والوعظ والإرشاد والتأليف والذكر والتهجد، وكانت مجالسه العلمية كثيرة الفائدة، وكان يكثر من الحكم والمواعظ في الإنابة وتصفية الباطن، والتحذير من شوائب الأعمال وحب الدنيا، والتأكيد على اتِّباع السنة ولزومها، ومن جملة الآخدين عنه: الشيخ أحمد البوسعيدي، ومحمد بن عبد الواسع البعقيلي، والشيخ محمد بن علي الجزولي،  ولم يقتصر دوره عند هذا الحد، وإنما لعب أدواراً سياسية وعسكرية هامة إلى جانب شيوخ كبريات الزوايا المغربية خلال القرن العاشر الهجري. كانت زاوية تافيلالت أيت تامنت في القرن السابع عشر مركزا سياسيا و دينيا ذا أهمية كبيرة جدا. ولا يزال قبر شيخها سيدي عبد الله أوسعيد المتوفى عام 1012هـ – 1603م، مزارا مقدسا لسكان المنطقة إلى يومنا هذا.

وكان الشيخ عبد الله بن سعيد الحاحي من ضمن الذين أودى بهم الطاعون الجارف الذي ضرب المغرب عام (1012ه/1603م)، والذين كان من ضمنهم أيضا السلطان أحمد المنصور الذهبي. وكان من الطبيعي أن ينتقل أمر زاوية زداغة إلى الشيخ يحيى بن عبد الله لرسوخ باعه العلمي وعلو سنده الصوفي. وقد عرفت الزاوية في عهده أوج ازدهارها بالرغم من الأوضاع العامة التي عرفتها البلاد، فقد كان شخص يحيى ضامنا لتبعية قبائل سوس لزاويته واستقرار الأوضاع العامة بالمنطقة. فكرس حياته خلال هذه المرحلة للتدريس وتربية المريدين، فطارت شهرته وقصده طلاب العلم والراغبون في التربية الصوفية السليمة، وتكاثر أتباعه. وقد لخص الإفراني هذه الوضعية بقوله: “وكانت ليحيى شهرة عظيمة بالصلاح، وأتباع كثيرون كوالده وجده. وتوجهت لزيارته الأمم، وركبت لها النجائب”.

ولعل هذه المكانة التي تمتع بها يحيى وكثرة مريديه وأتباعه من القبائل السوسية، هي التي جعلت السلطان السعدي زيدان بن أحمد المنصور يستجير به ضد الثائر ابن أبي محلي الذي دخل العاصمة مراكش وطرد منها السلطان الشرعي، فقضى يحيى على هذه الثورة بعد أن هزم جيش ابن أبي محلي في معركة “جليز” عام (1022هـ/ 1613م)، وأعاد السلطان إلى عرشه بالقصر البديع بمراكش. لكن إخلال زيدان بشروط الاتفاق الذي على أساسه ناصره الشيخ يحيى وأعاده إلى عرشه وأهله، و ومن ضمن هذه الشروط: تَرْكُ سبيل الظلم، وتخفيف الجبايات على الرعية، وطرد اليهود من بلاطه وخدمته، كان دافعا مقنعا جعل الشيخ يحيى يخلع بيعة السلطان زيدان ويؤسس إمارة قوية بتارودانت ظل يوسع نفوذها ويدافع عن مقوماتها إلى أن قُتِل مسموما عام (1035هـ/ 1626م) فنقل جثمانه إلى زاويته بتافلالت بقبيلة إداوزداغ حيث ضريحه الآن إلى جانب قبر والده سيدي عبد الله بن سعيد.

عبدالعزيز جوبي/صحفي وباحث

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *