الرئيسية مجتمع ادماج السجناء في المجتمع مدخل للوقاية من حالات العود

ادماج السجناء في المجتمع مدخل للوقاية من حالات العود

كتبه كتب في 21 ديسمبر 2021 - 15:48

وزان : محمد حمضي

يوم 9 دجنبر من كل سنة يخلد المغرب اليوم الوطني للسجين ، وهي فرصة ثمينة يتم فيها تسليط كشافات من الضوء على واقع المؤسسات السجنية وأوضاع المعتقلين ( نساء ورجال وأحداث ) الذين لهذا السبب أو ذاك وجدوا أنفسهم محرومين من الحرية .

الحرمان من الحرية لا يعني بالمطلق تعليق الحقوق الأساسية للسجناء وانتهاكها، بل هذه الحقوق محمية بالأطر المعيارية الوطنية والدولية ، وبالتالي كل تجاوز لها يعرض مرتكبها للمسائلة القانونية.

المندوبية العامة لإدارة السجون واعادة الادماج لكي تنهض بحقوق السجناء ، وضعت مخططا استراتيجيا متعدد الأضلاع والأركان لتحقيق الغاية المنشودة وهي : أنسنة ظروف الاعتقال – التأهيل لإعادة الإدماج – تعزيز الأمن والسلامة بالمؤسسات السجنية – تحديث الإدارة تعزيز إجراءات الحكامة .

إعادة ادماج السجناء في المجتمع لمحاصرة حالات العود التي تشتكي منها المؤسسة السجنية بالمغرب ، تشكل مدخلا من المداخل الأساسية لمعالجة هذه الاشكالية . لهذا فإن عملية الادماج تنطلق من داخل المؤسسة السجنية وذلك بتنزيل رزنامة من المبادرات ( محاربة الأمية ، التعليم والتكوين المهني ، التوعية الدينية ، برامج ابداعية متنوعة ….) . لكن هذا المجهود سيبقى محدود الآثار إن لم ينل السجين(ة) نصيبه من المواكبة والمصاحبة لضمان ادماج سلس في المجتمع بعد استرجاع حريته ، خصوصا وأن الوصم الاجتماعي الذي يلاحق السجناء لا يساعد على مصالحتهم/ن مع المجتمع والانسجام معه بعد الافراج عنهم/ن.

ولمواجهة وضعية ما بعد الحرمان من الحرية حيث تكون تغيرات قد طرأت على شخصيات السجناء أثناء فترة الاعتقال ، أوكل المشرع دور السهر على عملية الادماج لمؤسسة محمد السادس لإعادة ادماج السجناء ، التي من دون شك سيعتري عملها جبل من الاكراهات إن لم ينخرط مختلف المتدخلين المؤسساتيين والقطاع الخاص والمجتمع المدني في تعضيد رسالتها في أبعادها المتعددة .

في هذا السياق كانت اللجنة الجهوية لحقوق الانسان طنجة تطوان الحسيمة في نسختها التأسيسية ، وفي إطار اختصاصاتها في مجال الحماية كما هي محددة في القانون المتعلق بإحداث المجلس الوطني لحقوق الانسان ،يسجل لها الدور الذي لعبته بجانب مؤسسة محمد السادس لإعادة ادماج السجناء انتهى بقطع بعض السجناء مع حالات العود بالجهة .

رضوان شاب من مدينة وزان ينحدر من وسط اجتماعي هش، لم يركب قطار التعليم إلى آخر المشوار كما كان يحلم …. بين عشية وضحاها سيجد نفسه وراء القضبان …. تكررت العملية ثلاثة مرات وتراوحت الأحكام بين القصيرة والطويلة … رضوان استفاد من دروس التوعية وباقي برامج الادماج بالمؤسسة السجنية بوزان …. لكنه بمجرد ما أن يستنشق نسائم الحرية حتى يصفعه الواقع المرير المتجلي في …الوصم الاجتماعي ، العطالة ، ورقة حسن السيرة وما تحمله من ” ملوثات”….

ولأن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالشمال داع صيتها بإقليم وزان ، فقد اهتدى الشاب رضوان إلى مراسلتها … تدارست الآلية الحقوقية طلبه … ربطت له الاتصال بفرع مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء بطنجة …. ترافع لفائدته عضو الآلية الحقوقية بوزان لدى السلطات إقليميا ومحليا ولدى مجلس الجماعة ولدى القطاع الخاص…كان السلاح الذي أطر الترافع بالإضافة إلى الحق في الادماج ، العناية الملكية بالساكنة السجنية واشراف جلالته على عمليات ادماج العشرات من السجناء ….تعددت وعود المخاطبين لكن العين بصيرة واليد قصيرة…. تذرع الجميع بوجود ” وسخ” في شهادة حسن السيرة …بدأ أمل رضوان يتحول إلى ألم وجروح نفسية عميقة ….. ولأن المواطنة قيمة سامية وهو المبدأ الي تجسد في مقاولة مكلفة بخدمة نظافة دار الضمانة المدينة التي بعد نقاش مطول مع مديرها تفهم أبعاد فتح فرصة الشغل في وجه سجين …..التحق رضوان بالعمل ….

في شهر نونبر الأخير مرت 8 سنوات على حصول رضوان على شغل بالمقاولة … 8 سنوات لم يسجل عليه ولا خطأ واحد…. 8 سنوات كلها تنويه من رؤسائه وزميلاته وزملائه بالشركة …..8 سنوات كلها استقامة وأخلاق عالية وتواصل راق مع المحيط والمجتمع ….ادماج في المجتمع نتج عنه بناء رضوان لعشه الأسري حيث أصبح أبا لطفلين يرعاهما بمعية رفيقة دربه … لا شيئ يقبض على رضوان غير الفرح الذي يشع من عينيه .

أما بعد

من يملك الشجاعة فيدلنا على مصير الشاب رضوان لو لم يتم ادماجه بالمجتمع ؟ ما هي الكلفة التي كان سيدفعها المجتمع لو ظل رضوان على هامشه ؟

رضوان والمقاولة التي وفرت له شغلا قارا حافظا لكرامته ، والآلية الحقوقية الجهوية بالشمال التي وجهته ورافقته ، رسالة لمن يهمهم أمر القطع مع حالات العود …. ادماج السجناء مدخل من مداخل انسجامهم مع المجتمع ، وأن ادماجهم مسؤولية تقع على عاتق المجتمع بكل متدخليه ….

تحية لرضوان الذي فتح لنا صدره فقرر بمنسوب عال من الوعي بأن يفتح أمام الجميع صفحة من حياة لم يخترها …. خطوة تشكل بقعة من مساحة الاندماج في المجتمع .

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *