الرئيسية مجتمع ربورتاج : حراس المقابر.. أحياء في خدمة الأموات

ربورتاج : حراس المقابر.. أحياء في خدمة الأموات

كتبه كتب في 16 ديسمبر 2012 - 14:22

تحوّلت المقابر إلى مأوى للمتسولين و»معقل» للمنحرفين وذوي السوابق، أما الحراس والمسيرون والحفارة والمقرئون فلا حول ولا قوة لهم في عالم كله مخاوف ومخاطر.. يُكـرّسـون حياتهم لخدمة الأموات رأفة بهم، في ظل غياب أيّ اعتراف بهم من طرف الجهات المعنية، حتى أضحوا يصنفون أنفسهم في خانة «الأموات/ الأحياء»، بالنظر إلى حجم المعاناة التي تعيشها هذه الشريحة من المجتمع.. «المساء» تنقلكم إلى عالم غريب ومخيف وتقرّبكم من معاناة مَن يخدمون «مملكة الأموات».

«حنا ميّتينْ وكنحضيوْ الميّتينْ».. هكذا عبّر أحد حراس المقابر عن الوضع الحقيقي الذي يعيشه من يسهرون على حماية حرمة الأموات. قال حميدة، متكئا على أحد القبور وبمعيته عدد من العاملين في مقبرة سيدي بلعباس، المتواجدة في سلا، وهم يتناولون طبقا من السمك المشويّ، قبل أن يخاطب أحدهم الأموات: «حقكم في الجنـّة»..
واصل حميدة حديثه قائلا: «سأحكي بصدق وصراحة عن المشاكل الحقيقية و«الحكرة» التي تعيشها هذه الفئة التي تقتات من «أرواح الأموات»، وهي تنتظر من يجود عليها بدريهمات لا تغني ولا تسمن من جوع، كلما قدم أحـدُهم للمترحم على ميّـت».
وطـالب حميدة أصدقاءه بأن يفصحوا للرأي العام عن المشاكل التي يتخبطون فيها وعن الإقصاء والتهميش وعن الغياب التام لحرمة المقابر، التي أصبحت تؤوي كل من هبّ ودب، في ظل غياب أي مراقبة من السلطات المعنية، التي لا يهمها الأمر في شيء.
وبعد أن بدأ حميدة في الحديث بدون حرج حول الموضوع، فتح المجال أمام كل العاملين معه للكشف عن كل ما يدور داخل أسوار المقابر، بعدما كانوا متحفظين -أو متخوفين- من أن يُحرَموا من لقمة عيش يحصلون عنها من المقبرة، إذا ما وصل الأمر إلى من يستفيدون من المداخيل ويخشون من خروج «غسيلهم» إلى الرأي العام.ّ

ذوو سوابق في خدمة الأموات..

أكد أحد العاملين في مقبرة سيدي بلعباس أنه كان يجوب الشوارع ويعترض سبيل المارة وقضى وراء القضبان 9 سنوات ضمن عقوبة حبسية بتـُهم مختلفة، أهمها السرقة والاعتداء بالسلاح الأبيض. وأضاف أنه «تعب» من امتهان الإجرام إلى أن وجد نفسه مطالبا بالعمل لتوفير ما يسدّ به رمقه ويعيل به أسرته وأبناءه، حيث قال: «عْيينا من الحبس والسّـْرْقة»، فكان ملاذه التردد على المقبرة من أجل الاشتغال والحصول على مبلغ لا يتعدى 80 درهما في اليوم لا يكفيه حتى في «البلية»، في إشارة إلى إدمانه على السجائر وتناول المخدرات..
قبل أن يواصل حديثه تلقى حميدة إشارة من طرف أحد المكلفين بحفر المقابر، تفيد أن المكلف بهم لم يرُقه الحديث إلى الصحافة والبوح بما يجري داخل أسوار مقبرةٍ لم يتبقَّ منها سوى الاسم، غير أن إصراره على مواصلة الحديث جعله يبحث عن طريقة للابتعاد عن نقطة تواجد المكـلـّف..
طلب منا أحد رفاقه الابتعاد تحت ذريعة مقابلة أحد المتسولين قضى عمره، الذي يربو على 70 سنة، كاملا بين القبور، «مهنته» اليومية التسول في النهار والمبيت ليلا في «فندق» بـ3 أو خمسة دراهم.. وبصولنا إلى إحدى النقط داخل المقبرة تسارعت الاعترافات وأخـذ كـلّ عـاملٍ في المقـبرة يقاطع الآخر للتعبير عن همومه ومشاكل عمله داخل مملكة الأموات.

من جندي إلى «مقرئ»

 عمـر (اسم مستعار) يبلغ من العمر 50 سنة، طـُرِد من سلك الجندية فوجد نفسه أمام واقع لا يرحم، فكانت الوجهة الانضمام إلى فريق عمل يضمّ شريحة اجتماعية مُهمّـَشة، تكسب رزقها من المقابر وخدمة الأموات. قال عمر إنه يشتغل في هذا المكان منذ سنة 2002 وإن المدخول اليومي لا يتعدى أحيانا خمسة دراهم، وفي أحسن الأحوال 100 درهم، لأن عمله مقترن بالزيارات و«المترّحمين» على أمواتهم، الذين يترددون على المقبرة، وعادة ما يكون ذلك في يوم الجمعة فقط، بينما لا يتـجاوز عـدد الزوار في الأيام العادية عـدد أصابع اليد الواحدة.
وتابع محـدّثــُنا قائـلا إنه أحيانا تكون هناك زيارات لكنْ ليس كل الزائرين يغـدقون عليهم الدراهم، لأن «المترحمين» لا يطلبون بالضرورة من المقرئ أن يتلوّ ما تيسّرَ من القرآن الكريم على مسامع فقيدهم، إذ منهم من يأتون فقط كي «يتأملوا» القبر أو يضعوا قربـها بعض الأشياء كالشموع أو «القصريّة» وما إلى ذلك..
قبل أن يواصل عمر كلامه، أدخل يده في جيبه فأخرج مدخوله اليوميّ ليريّنا إياه، والذي لم يكن يتعدى في ذلك اليوم 11 درهما مع قطعتين من فئة «5 فرنكات».. كانت عيناه تعكسان حزنا كبيرا وهو يقول: «أنا مريض بالسكر، واشْ هدشي غادي نشري بيه الدّوا؟ وْلا غدي نركب بيه؟ ولا غادي نصرفو على الدراري؟»..
قاطعه، رشيد وهو حارس في مقبرة سيدي بلعباس، قائلا «هاذي هي الحالة ديالْ النّاس اللي خْدّامين هْـنا»، قبل أن يأخذنا بدوره إلى الغوص في متاهات أخرى ومعاناة يتكبّدها العمال، في ظل غياب آليات الاشتغال وغياب أدنى شروط الاشتغال.
حاول رشيد الحديث إلى الصحافة بعيدا عن آذان بعض المتطفلين الذين لا يرغبون في الحديث عن «مملكة الأموات». تحدّثَ وكأنه يترقب أحدا: لقد أصبحت هذه المقبرة نقطة سوداء لا تتوفر على الماء ولا على الكهرباء، ففي النهار يجوبها المتسولون وفي الليل تتحول إلى فضاء مخيف وإلى مرتع للمتسكعين وخلوة للمنحرفين.. فلا يمكن للحارس أن يتحمل مسؤولية ما يدور داخل الأسوار في غياب الإنارة، «فينْ ما لـْحتي يدّيك تتقطع ليكْ».. ومع ذلك فإن الجهات المعنية تحاول، دائما، أن تلقي بمسوؤلية ما تتعرض له القبور من طرف هؤلاء المنحرفين على الحارس، الذي لا يتوفر على ما يدافع به عن نفسه، والغريب في الأمر أن الجهات المعنية تنتظر من حراس ومسيّري المقابر أن يؤدّواعدة أدوار، بدءا من حارس بسيط لا يتعدى مدخوله اليومي 50 درهما، إلى «مخزنيّ»..
والأكثر من ذلك أن المياه التي يتم استعمالها في خدمات المقبرة يتم التبرع بها من طرف أحد السكان المجاورين، يتـابع رشيد وهو يتكلم بصوت خافت، حيث يملأ العاملُ كل ما يتوفر عليه من أوان حتى يتمكن من استعمال مياهها في الحفر والدفن.. قبل أن يقول: «يجب، أولا، إعادة الروح في الأحياء ثم بعـد ذلك التفكير في الأموات»..
ولم يفت رشيد أن يتساءل عن أسباب عدم تعيين رجل أمن أو عنصر من القوات المساعدة لحراسة المقابر، كما هو جارٍ به العمل في مقابر الأجانب، التي تحرسها مصالح الأمن المغربية.
كما أنّ كل العاملين في المقبرة غير محسوبين على الإنعاش الوطني، كما الشأن بالنسبة إلى حراس بعض المقابر، بل يتلقـّون أجورهم اليومية من شخص يُسيّر المقبرة، اختـارته الجماعة من أجل هذه الخدمة.

غياب المراقبة

انتقد عدد من العاملين في مختلف المقابر الجهات المسؤولة لكونهم لا يُكلـّفون أنفسَهم عناء مراقبة المقابر، ولا أحد منهم يحرّك ساكنا إلا عندما تتفجّر فضيحة إخراج جثة من قبرها من طرف بعض المشعوذين لأغراض السحر والشعوذة، وهو الأمر الذي يشجّع على اقتراف مثل هذه الأفعال، التي تـُنتهَك فيها حرمة الأموات.
وطلب حسن -بدوره- أن يحكيّ عن جانب من المعاناة التي تطال «حفـّاري القبور». وقال، وهو يواصل حفر قبر في انتظار وصول جنازة، إن الحفارين «مْحكورين» من طرف الزوار، حيث إن بعض العائلات التي تأتي لتشييع جثمان أحـد أفرادها غالبا ما ترفض أن يتولى الحفار مهمته، وأحيانا تنشب مشادات كلامية بين العائلة والعاملين، وهو ما يحرم «الحفار» من رزقه، حيث يجد نفسه في بعض الأحيان يعـود بخفـّيْ حنين..
وتابع حسن، وهو يتصبب عرقا، «والأدهى من ذلك أن هذه المقبرة تحوّلت إلى معقل للمتسولين والمنحرفين الذين يحتسون الخمور ويستهلكون المخدرات، ضاربين عرض الحائط حرمة المدفونين تحث تراب أفسده الأحياء.. دون الحديث عن الضجيج والضوضاء اللذين يتسببون فيهما، بينما تواصل السلطات دور المتفرج.».

قبـور «مصنـفة»..

مقبرة الشهداء إحدى المقابر التي تحظى إلى حـدّ ما بنوع من العناية، وإن كانت هي الأخرى لا تسلم من بعض ما تشهده المقابر الأخرى.. الواجهة هي الرقعة الجغرافية التي تحظى بإقبال أسر وعائلات الموتى، والتي غالبا ما تنتمي إلى فئات في قمـّة الهرم الاجتماعيّ.
ربيبح بوزكري رجل متقاعد يعمل مسيرا في مقبرة الشهداء، قابلته «المساء» من أجل معرفة الوضعية التي يعيشها المكلفون بتسيير وحراسة هذه المقبرة، التي لها بعد وطني وتاريخيّ. قال بوزكري إنه ورث هذه المسؤولية من أبيه، الذي أفنى عمره في خدمة الأموات في مقبرة الشهداء، مشيرا إلى أن هذا الفضاء يعرف الكثير من المشاكل، على رأسها غياب الوعي لدى الزوار، الذين يأتون عادة يوم الجمعة، حيث يستقطبون الكثير من المتسولين الذين يبحثون عن فرص مواتية لجمع «الصدقات»، ما يخلـُق فوضى داخل هذا المكان «المقدّس»، متـابـعــا: «اللـّي ما خداشْ الصدقة كينوّضْ الصداعْ ويدّابز مع اللي خداو باش يحيّد ليهومْ الفلوس»، قبل أن يوضح أن أساس المشكل هو الزوار الذين يوفرون الظروف الملائمة لنشوب مثل هذه الصراعات، وهو ما يدفع المسيّر إلى أن لعب دور «الحكـَم» لفصل المتنازعين.
وتـطرق مـُحدّثــُنــا المشكل آخر  يتمثـل في أن المقبرة تحتاج إلى حراسة، حيث قال إنه وجد نفسه يؤدي عدة وظائف، مستعينا بابنه، مع أنه يتقاضى مبلغا لا يتعدى 1500 درهم في الشهر، وهو المعيل الوحيد للأسرة. ويظل مشكل غياب الأمن في المقبرة، خاصة في الليل، أكبـرَ مشكـل في هذا المكان، الذي يجد فيه كل من انقطع بهم الحبل ملاذهم، فحتى بعض المتسولين يقضون الليل كاملا داخلها، وأحيانا يقع شجار بينهم، لذلك لا بد من تخصيص رجل أمن أو حارس خاص للحراسة الليلية.
والأدهى من ذلك، يضيف المتحدث ذاته بأعلى صوته، أنه «عندما يتم استدعاء مصالح الأمن من أجل التدخل أثناء وقوع طارئ لا يحضرون إلا عندما يتم إلقاء القبض على الفاعل من طرف المواطنين»..

لصوص ينتحلون صفة مُقرئين..

يطرح انتشار المقرئين داخل مقبرة الشهداء إشكالا حقيقيا، حيث يتعرّضون للسرقة والاعتداء من طرف شرذمة من المنحرفين الذين يعتبرون المقبرة «موطنا» لهم، إذ يُجرّدون المقرئين الذين يشتغلون في خدمة الزوار الراغبين في تلاوة آية من الذكر الحكيم على أرواح الأموات، من الدريهمات التي تجود عليهم بها عائلات المتوفين، كل حسب إمكانيته المادية، وقال بوزكري: «أنا ما يمكنش ليّا نتدخل في هذ الحالة باش نفرّقهومْ.. نـْخافْ عْـلى راسي» ..
كما أن ربيبح بوزكري، الذي يقضي طيلة اليوم في حراسة أرواح شخصيات سامية، لا يتقاضى أيَّ مبلغ عن الخدمة التي يؤديها.
بعد صمت طويل، واصل ربيبح بوزكري كلامه قائلا إنّ الأخطر في الأمر هو أنه عندما سمح لعدد من المنحرفين بالدخول إلى المقبرة، بعدما تم التأكد من هويتهم، لجأ بعضهم إلى انتحال صفة «الحفـّارين»، وشرعوا يتسللون إلى المقبرة رفقة موكب الجنازة، حاملين في أيديهم فؤوسا ومعاولَ، حتى لا يتم التعرف عليهم.. ومنهم من يسرقون المقرئين ومنهم من يتطفلون على الحفر ويأخذون أجرا من عائلة المرحوم، في ظل غياب نظام داخليّ يُقنـّن العمل داخل المقبرة ويحدد المسؤوليات..
من جهة أخرى، تعرف المقبرة انتشار الحفارين العشوائيين رغم توفر مؤسسة تدعى «الرحمة» على أشخاص مكلفين بالحفر، لكنْ في ظل العشوائية التي تشهدها هذه المقبرة فقد توافرت الظروف الملائمة لانتشار حفارة ليست لديهم تراخيص تسمح لهم بمزالة هذه الحرفة بشكل منتظم.

«مقبرة التعليمات»

 رغم شحّ الموارد البشرية، فإن مسيّر هذه المقبرة مجبَر على تنفيذ التعليمات التي يتلقاها من عدد من الجهات المسؤولة. وتتزايد هذه التعليمات عندما يُنتـظـَر أن يحضر إلى المقبرة وفذ يضمّ شخصيات وازنة وجنرالات وغيرهم، لتشييع جنازة ما، حسب ما أكدت مصادر مسؤولة في مقابلة مع «المساء»، رفضت الكشف عن اسمها، أما إذا تعلق الأمر بجنازة عادية فلا أحد يُبالي بها.
وأضافت المصادر ذاتها أنه لا يتم استدعاء عمال النظافة التابعين لشركة «فيوليا» إلا إذا كان الوفد الذي سيحضر تشييع الجنازة يضمّ شخصيات سامية.. دون الحديث عن تدخلات بعض الجهات من أجل إعطاء الأفضلية لبعض الأشخاص الذين يشترطون مواصفات معينة في قبر الهالك، كأن يطلبوا «الواجهة» أو أن يتم الدفن بجوار شخصية معينة.. وهذا ما يخلق نوعا من الفوضى، ينتج عنها غياب أي تصميم مُعيّـَن للمقبرة، حتى إنه تم احتلال بعض الممرات، وكل ذلك لإرضاء مصالح ا
لبعض..
والكارثة أنه لا يتم احترام القانون الذي يحدد عمر القبر الواحد في 40 سنة، حيث هناك قبور تم البناء فوقها في أجَل قصير لا يتعدى أحيانا السنتين، وهذا يُعَـدّ انتهاكـا لحرمة الأموات.

قبور بـ 15 مليون سنتيم..

رغم المشاكل التي تتخبط فيها مقبرة الشهداء، فإن هناك عناية تامة بتصميم بعض القبور التي تتجاوز أحيانا 15 مليون سنتيم، بالنظر إلى مواد البناء المُستعمَلة فيها والنقوش المحفورة والألوان المعتمدة، وأغلى مواد بناء القبور تلك التي يتم استيرادها من إيطاليا، كالرخام الأبيض، في حين يكلف بناء قبر من الرخام المغربي ذي اللون الرمادي حوالي 20 ألف درهم، أما القبور «العادية» فلا يتعدى ثمنها 250 درهما في أحسن الأحوال.
«جارة» الشهداء مهملة

إذا كانت مقبرة الشهداء أحسن حالا مقارنة مع المقابر الأخرى، فإن «جارتها» مقبـرة لعلو أكثر سوءا، حيث تعاني من إهمال مفرِط ولم يجد مُسيّـِرها آذانا صاغية لرد الاعتبار إلى المقبرة وإلى من يسهرون على خدمتها.
زارت «المساء» حمادي، الذي يشرف على تسيير المقبرة منذ أزيد من 20 سنة، والذي لا يتقاضى سوى مبلغ 900 درهم شهريا لا تكفيه حتى في مصاريف الدواء، التي تتعدى 1000 درهم في الشهر.. قال حمادي بصوت صـارخ: «لقـد فنيتُ حياتي هنا حتى خانتني الصحة ومرضت بالقلب.. أشْ غدي تـْقضي ليّا 18 ألف رْيـَال!؟».. وقبل أن يتم حمادي كلامه، قاطعته زوجته، وهي تتحدث بلهجة طغت عليها اللكنة الأمازيغية، قائلةإنهم يعيشون في ظروف صعبة وغير آمنة، حيث لا يتوفرون لا على ماء ولا على كهرباء.. منذ ذلك 20 سنة، مضيفة أن السلطات لا تستجيب لمطالبهم، إضافة إلى انتشار «الشّمكارى».. وصمتت لوهلة، قبل أن تتابع :»كيف يُعقل أن ترفض المصالح المحلية تسليمنا وثيقة إدارية ونحن الذين قضينا عمرنا في هذه المقبرة؟»..
استأنف حمادي كلامه وأصرّ على أن يوصل صوته إلى المعنيين بالأمر لرد الاعتبار إليهم وتمتيعهم ولو بأبسط الحقوق، قـائلا إنّ السلطات «لا تتحرّك» إلا عندما تقع فضيحة تخريب قبور أو إخراج جثة معينة، فيضعون الحارس في الواجهة، وهو الذي لا يتوفر على الحماية اللازمة لأداء مهامه.. «هاذ المقبرة ما بْقاتش عْندْها حتى قيمة».. بهذه الجملة ختم حمادي كلامه لوصف الوضع المزري الذي تعيشه مقبرة لعلو، مؤكدا أنها بناية  تدرّ على السلطات أموالا طائلة، إلا أنّ العاملين فيها يعيشون فقط على الفتات..

خطر الأفاعي والزّواحف

لم يفت زوجة ابن حمادي أن تتكلـّم، بـدورها عن واقع مـزر يعيش فيه أفراد هـذه العائلة، إذ قالت إن الأفاعي والزواحف تهدد مسكنهم، في ظل غياب أدنى شروط العيش، مضيفة إن المسكن تنعدم فيه الإنارة وشبكة الماء الصالح للشرب وشبكة الصرف الصحي.. حيث إنـه يتقدمون في كل مرة بطلب الاستفادة ترفض المصالح ذلك بذريعة أن الحارس قد بلغ سن التقاعد ولا يحق له الاستفادة من أي شيء.. كما أنه مُطالـَب بالإفراغ، قبل أن تقول إن انتشار الزواحف داخل المقبرة وتسللها إلى المسكن يهدد سلامتهم وسلامة طفلها الصغير..
وأوضحت المتحدثة ذاتها أن المقبرة مهجورة وأصبحت قِبلة للمتسكعين واللصوص والمنحرفين، وأنه لا أحد يهتـمّ بهـذا الوضـع، وهو ما يشكـّل خطرا عليهم.

إنجاز : حليمة بوتمارت

مشاركة