الرئيسية اراء ومواقف جماعة أكادير ملول بإقليم تارودانت بين طموح المواطنين في التغيير ونتائج الانتخابات

جماعة أكادير ملول بإقليم تارودانت بين طموح المواطنين في التغيير ونتائج الانتخابات

كتبه كتب في 15 أكتوبر 2021 - 11:00

 حسن أكوناض أستاذ باحث

لفتت نتائج الاستحقاقات الجماعية الأخيرة (اقتراع 8 شتنبر2021) وما رافقها من تشكيل المجالس الجماعية، أنظار المهتمين والمحللين والمتتبعين للشأن العام إلى ما يكتنف المدونة الانتخابية ما بعد دستور 2011 من ثغرات وعدم تجانس التشريعات القانونية في ما بين بعض موادها، وخاصة تلك المتعلقة بسن الترشح للانتخابات، مما انعكس بالاختلاف على الأحكام القضائية الخاصة بالطعون المقدمة في الموضوع بالمحاكم الابتدائية، وذلك بعد اعتلاء مجموعة من صغر السن منعدمي التجربة والأهلية (ما بين 18 و21سنة) مناصب التسيير والمسؤولية في العديد من المجالس الجماعية، مما أثار نقاشا وجدلا حادا في وسائل التواصل الاجتماعي حول السن القانوني للترشح ومدى توافقه مع الدستور، وحول مدى جدية كل من القوانين الانتخابية والأحزاب السياسية في اختيار و فرز نخب محلية قادرة على تنزيل النموذج التنموي الجديد بالجماعات الترابية، وعلى مواكبة التحولات التي يعرفها مغرب اليوم على مستوى الإصلاحات التي تشكل المعالم الكبرى لسياسة صاحب الجلالة حول النهوض التنموي للمجالات الحيوية التي ترتبط بها انتظارات المواطنين الذين يعانون من اكراهات اقتصادية واجتماعية، ومن صعوبات مختلفة في  مجال التشغيل والصحة والتعليم والطفولة والنهوض بشؤون المرأة والشباب بالعالم القروي.

ومن نماذج هذا الموضوع، تشكيل مجلس جماعة أكادير ملول بإقليم تارودانت، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 10000 نسمة، وتندرج  ضمن لائحة الجماعات الهشة، ذلك أن محدودية مواردها المالية، أثر سلبا على تحقيق الشروط الأساسية لتلبية الحاجيات الضرورية والتنموية للمواطنين بهذه الجماعة و الذين سعوا من خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة إلى فرز بديل عبر منح غالبية أصواتهم ودوائرهم للتجمع الوطني للأحرار الذي كان في المعارضة خلال الولاية السابقة (7 دوائر انتخابية من أصل 13 و 1663 صوت، مقابل 6 دوائر و حوالي 1200 صوت لمنافسه)، إلا أن نمط الاقتراع الفردي وإضافة مقعد للنساء، وعدم تطبيق المادة 41 من مدونة الانتخابات في الترشح، و تطبيق تولي الأصغر سنا منصب الرئاسة في حالة تعادل أصوات أعضاء المجلس، حال دون حصول هذا الحزب على رئاسة المجلس، مما حدا بأعضائه التسعة (نصف أعضاء المجلس) إلى عدم التصويت والتحالف مع الحزب المنافس، ليس من باب طلب المنصب في حد ذاته، ولكن مراعاة لمصالح الجماعة والمواطنين، طبقا للأسباب الموضوعية التالية:

  • كون المرشحة للرئاسة غير مؤهلة لهذا المنصب، سواء من حيث السن أو من حيث التجربة السياسية أومن حيث مستواها التعليمي (مستوى الإعدادي)، مقارنة مع بعض الأعضاء المتوفرين على تجربة سياسية لأكثر من ولاية، يضاف إليها توفر بعضهم على شهادات عليا من ضمنهم دكتور بمنصب أستاذ في التعليم العالي متخصص في التهيئة المجالية.
  • مراعاة للمصلحة العامة للمواطنين بالجماعة وتنزيلا للتصور والبرنامج الانتخابي  الذي يتطلب تنفيذه ميزانيات داعمة من الإقليم والجهة والقطاعات الحكومية المختصة، يقتضي منح الرئاسة للجهة التي تمثل تجانسا سياسيا مع المجالس الإقليمية والجهوية والوطنية.
  • بالرغم مما يخوله القانون وهو خاضع للاجتهاد القضائي فيما يخوله، لا يستقيم  مع المنطق ومع المصلحة العامة للمواطن، منح الرئاسة عبر قانون الأصغر سنا لتلميذة في الإعدادي لا تزال تعيش في كنف والدها ومنعدمة لأي تجربة سياسية أو جمعوية حتى، في الوقت الذي يتواجد فيه أعضاء مؤهلون لهذا المنصب (منهم تقني في التسيير والتدبير المالي، ومنهم مجازون ومجازات في تخصصات مختلفة، ومنهم أساتذة وبشهادات عليا)، وبالتالي يعتبر في نظرنا التصويت لهذه المرشحة وفي حضور هؤلاء الأعضاء، عبثا بمصالح المواطنين، وإخلال بالمسؤولية وتبخيسا للعمل السياسي وخيانة لثقة الناخبين.
  • احتراما لشرعية الانتخابات القائمة على نتائج صناديق الاقتراع، ولمفهوم الديمقراطية الذي يعني حكم الأغلبية للأقلية، لا يعقل أن يتم التصويت في الرئاسة لمن حاز فقط على 41%  من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات الجماعية، ضدا على من حاز أكثر من 58 % من نفس الأصوات. وحيث أن القانون الذي سمح لهذه الصغيرة وهي لم تترشح أصلا إلا عبر المقعد الخاص بالنساء، قد قلب مفهوم الديمقراطية رأسا على عقب، ومعه من صوت لصالحها من أعضاء المجلس من ذوي الخبرة والمستوى الثقافي الذين فضلوا التمسك بواهية المناصب في المجلس الجماعي، عوض الاهتمام بما يجلب المصلحة العامة.

إن هذه الشابة المرشحة للرئاسة، لا نلومها في شيء سوى في الدفع بها لهذا المنصب الذي لا قدرة لها الآن عليه، والدال على عدم أهليتها وقدرتها على تسيير المجلس – فبالأحرى تسيير الجماعة والمرافعة عن مصالح المواطنين والمواطنات أمام المجالس والهيئات المختلفة وفي اللقاءات المتنوعة- عدم تلفظها طيلة مدة جلسة دراسة النظام الداخلي للمجلس أثناء انعقاد الدورة الاستثنائية لهذا الغرض، إلا ببعض الكلمات التي همس إليها بها النائب الأول أثناء افتتاح الجلسة، فغابت كليا عن التسيير والنقاش وإن كانت حاضرة جسديا، مما سمح لنوع من الفوضى والثنائيات والخوض أحيانا في مواضيع خارج ما يجب التداول فيه. وقد أدى عدم الاكتراث أثناء انعقاد هذه الجلسة إلى الاكتفاء بدراسة مواد النظام الداخلي دون عرضه للتصويت طبقا لما يقتضيه القانون التنظيمي، خاصة وأن تمت بعض المواد التي لم يقع التوافق حولها،  مما دفع بنا نحن الأعضاء التسعة  إلى الطعن في الدورة لدى السلطات الإقليمية لخرق المكتب المسير لمقتضيات المادة 32 من القانون التنظيمي 113-14 التي تنص على الدراسة والمصادقة على المقرر طبقا للكيفية المنصوص عليها في هذا القانون.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.