الرئيسية مجتمع حرث مصلى تيزنيت من طرف منعش عقاري اتحادي !

حرث مصلى تيزنيت من طرف منعش عقاري اتحادي !

كتبه كتب في 12 ديسمبر 2012 - 00:02

تنقسم أراضي المصلات بالمغرب الى ثلاثة أنواع، منها أراضي تحت وصاية الجماعات المحلية مثل مصلى سيدي افني، وأراضي تحت وصاية الملك الخاص المستغل وأراضي تابعة للأملاك الحبوسية، تستغل كمصلى، كما هو الحال بالنسبة لمدينة تيزنيت، التي تتوفر على مصلى قديم يتواجد في موقع مهم بالمدخل الشمالي للمدينة، موقع يسيل لعاب المنعشين العقاريين، الدين يلهثون وراء الأراضي الرخيصة لتجزئتها الى بقع أرضية وبيعها بأثمنة باهظة للمواطنين الباحثين عن “قبر الدنيا”…

تبلغ مساحة المصلى، التي اقتنتها نظارة الأوقاف مند 1956، حوالي 5000 متر مربع، استولى منعش عقاري على جزء كبير منها حوالي 85 في المائة من مساحة البقعة، كما حاولت دائرة الأملاك المخزنية ضم جزء من المصلى من خلال محاولة تحفيظ الملك المسمى الدولة 222 عبر مطلب التحفيظ عدد 52/31 وهي قضية ربحتها نظارة الأوقاف في المحكمة الابتدائية والاستئنافية… كما لا يزال جزء آخر من مساحة المصلى محتل من طرف بعض الورثة…

حرث المصلى تحت جنح الظلام !

في محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع، تفتقت عبقرية احد المنعشين العقاريين الى حيلة طريفة لبسط سيطرته على مصلى تيزنيت دون انتظار صدور حكم قضائي نهائي في الموضوع… وتمثلت الحيلة في حرث بقعة المصلى بواسطة جرار تحت جنح الظلام، حيث تحول المصلى الى حقل مزروع بالقمح الطري، ضدا على القانون الذي يمنع مزاولة الأعمال الفلاحية داخل الوسط الحضري، أمام صمت المجلس البلدي، الذي لا يطبق القانون سوى على المواطنين البسطاء…

وفي هدا الصدد رفع ناظر الأوقاف بتزنيت شكاية الى السيد وكيل الملك بمحكمة تيزنيت بتهمة انتزاع حيازة مصلى المدينة والاعتداء المادي عليها.  وحسب نص الشكاية التي حصلت “أخبار الجنوب” على نسخة منها، فإن الوقائع تعود الى ليلة السبت 24 نونبر الماضي حيث قامت جهات اعتبرت نفسها المالكة الأصلية للمصلى بأعمال حرث، حيث تعرض المصلى للاعتداء المادي بتقليب أرضها، اد استغل الفاعلون ظرف الليل ولجئوا الى استعمال نيران خافتة  لتسهيل الرؤيا للقيام بعملهم الشنيع… واعتبرت شكاية نظارة الأوقاف حرث المصلى تعديا ماديا وانتزاعا لحيازتها.. ويلتمس ناظر الأوقاف من وكيل الملك بمحكمة تيزنيت فتح تحقيق وإجراء بحث حول الفاعلين والاستماع إليهم ومتابعة كل من كانت له يد في الموضوع مع حفظ حق الأوقاف في المطالبة بجميع حقوقها المدنية… كما تم إرفاق الشكاية بمحضر معاينة من طرف مفوض قضائي بتاريخ 26 نونبر… وخلف حرث المصلى ردود فعل غاضبة لدى سكان تيزنيت، حيث تساءل مواطنون ادا كانت ملكية المصلى تابثة لصالح المنعش العقاري الاتحادي (عبد الله، م) فلماذا انتظر سقوط الظلام في الليل لكي يباشر عملية الحرث؟؟؟؟ فمباشرة عملية الحرث خلال الليل ليست من عادة أهل تيزنيت…

وحسب مصادر مطلعة، فإن المنعش العقاري يهدف من خلال قيامه بعملية حرث المصلى وزرعها ببدور القمح الى التأثير في الوضع القانوني لنظارة الأوقاف بتزنيت في أفق للمعاينة القضائية المقررة بتاريخ 5 دجنبر 2012 من طرف الهيئة القضائية بمحكمة تيزنيت.. دلك أن مصلى تيزنيت يروج في المحكمة مند 2011 من خلال ملف عقاري تحت عدد 23/2011 من اجل اتباث صفة الوقف العام والتشطيب على الرسم العقاري عدد 1938/31. لكن المنعش العقاري يريد استباق الأحداث رافضا انتظار صدور حكم قضائي نهائي في النزاع الحاصل بينه وبين ناظر الأوقاف، بدعوى انه يمتلك الرسم العقاري لبقعة المصلى، متجاهلا القانون خصوصا المادة 54 من مدونة الأوقاف (الظهير الشريف رقم 1-09-236 صادر في 8 ربيع الأول 1431 موافق 23 فبراير 2010) التي تؤكد أن “الرسوم العقارية المؤسسة لفائدة الغير لا تمنع المحكمة من النظر في كل دعوى ترمي الى إثبات صفة الوقف العام لعقار محفظ، شريطة أن ترفع الدعوى في مواجهة جميع دوي الحقوق المقيدين. وادا تبث أن العقار المذكور موقوف وقفا عاما، بناءا على الحكم القضائي الصادر بدلك والحائز لقوة الشيء المقضي به، فإن المحافظ يشطب على كل تسجيل سابق، ويقيد العقار بالرسم العقاري المتعلق به في اسم الأوقاف العامة”… كما ينص الفصل السادس من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 150-84-1 صادر في 6 محرم 1405 موافق 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي “يعتبر وقفا على عامة المسلمين ولا يمكن أن تكون محل ملكية خاصة جميع الأبنية التي تقام فيها شعائر الدين الإسلامي سواء منها ما هو موجود الآن أو ما سيشيد في المستقبل من مساجد وزوايا وأضرحة ومضافاتها”…

شيء من التاريخ

تعود ملكية الجزء الكبير من مصلى تيزنيت الى الأوقاف العامة، وتقدر مساحته ب 5000 متر مربع، بحسب رسم الشراء المؤرخ في 1956 المضمن بصحيفة 168 عدد 323 من حفظ المختلفات رقم 18، حيث اشترت الأوقاف، في عهد الناظر احمد بن احمد اوعمو، جد الرئيس الحالي للمجلس البلدي لتزنيت،  بقعة المصلى لدى باشا تيزنيت المسمى بن احمد الفاطمي… ومند 1956 جرت العادة على إقامة شعائر الصلوات الدينية في مصلى تيزنيت دون منازع أو معارض، وبالتالي فإن مصلى تيزنيت شاهدة على نفسها وتمارس فيها صلوات العيدين مند تاريخ شرائها الى اليوم وهي المصلى الوحيدة والرسمية بتزنيت.

وقد استمر وضع المصلى على حاله الى سنة 1990 حيث استطاع منعش عقاري استصدار رسم عقاري تحت عدد 1938/31 على حدود مصلى تيزنيت بطريقة مبهمة، حيث لم تتوصل نظارة الأوقاف بأي استدعاء من مصلحة المحافظة العقارية تثبت عن إخبار بعملية تحديد قد تشمل المصلى، مما ينم عن وجود تواطئ وسوء نية المصلحة المذكورة مع طالب ومؤسس الرسم العقاري… وتم الاعتماد في تأسيس الرسم على بعض عقود البيع المبرمة بين مؤسس الرسم وصندوق الإيداع والتدبير، حيث باع السيد عبد الله، م، بقعة أرضية لصالح صندوق الإيداع والتدبير في مرحلة أولى لانجاز مشروع استثماري، قبل أن يقوم نفس الصندوق ببيع نفس القطعة لصالح نفس البائع في مرحلة لاحقة… وطبعا لم يدلي المنعش العقاري بأي وثيقة تثبت ملكيته للبقعة، التي باعها لصندوق الإيداع والتدبير سواء عقد ملكية أو رسم قسمة أو إراثة… علما أن المعني بالأمر لا يمتلك أي عقارات بورية بتزنيت، كونه ينحدر من منطقة أولاد جرار…  ورغم نجاح المنعش العقاري في تأسيس رسم عقاري على بقعة المصلى، فإنه لم يستطع أن يحوز الملك ولا أن يشرع في أي أشغال على البقعة لخوفه من إثارة حفيظة المصلين ومواجهته من الجانب الحبسي… كما أن التصميم الهندسي للرسم العقاري المذكور أي 31/1938 الذي شمل المصلى لم يشر الى حائط القبلة وموضع المحراب، الذي لازال قائما لحد الآن…

هل يتحول مصلى تيزنيت الى تجزئة “المنال” ؟

تتواجد المصلى في موقع استراتيجي في مدخل تيزنيت على طريق اكادير مما جعلها هدفا لأطماع المنعشين العقاريين الجشعين، خصوصا أن ثمن المتر المربع من الأرض في الموقع المذكور يصل الى مستويات قياسية… وهكذا بعد نجاح المنعش العقاري الاتحادي في استصدار رسم عقاري لبقعة المصلى، بتواطئ واضح من المحافظة العقارية، التي لم تقم بإشهار عملية التحديد لمدة شهرين كما ينص القانون، قام المنعش المذكور بإنجاز ملف تقني لتنفيذ مشروع تجزئة سكنية في موقع المصلى تحت اسم تجزئة “المنال”، ولا يزال ملف التجزئة المذكورة جاثما على رفوف الوكالة الحضرية، التي عقدت ثلاثة اجتماعات حول الموضوع، انتهت بالفشل بفضل تعرض نظارة الأوقاف بتزنيت التي رفضت الترخيص لتنفيذ مشروع التجزئة، لكون بقعة المصلى ملك حبوسي بغض النظر عن استغلاله كمصلى من عدمه… وبفضل استماتة ناظر الأوقاف ظل تنفيذ مشروع تجزئة “المنال” بعيد المنال….علما أن ناظر الأوقاف المحترم يونس رياض قاوم بصبر ورباطة جأش الاغراءات المادية للمنعش العقاري ووقف سدا منيعا أمام زحف الاسمنت على المصلى الوحيد بتزنيت…

تواطئ المجلس البلدي

ظل تواطئ قادة المجلس البلدي لتزنيت مع المنعش العقاري الاتحادي مستترا ولم يظهر الى العلن إلا مؤخرا.. فحسب رأي الكثير من المتتبعين، فإن مسؤولي المجلس البلدي لتزنيت، خصوصا المسيرين المنتمين الى حزب الاتحاد الاشتراكي، متواطئون في عملية استيلاء المنعش العقاري على المصلى وتحويله الى تجزئة سكنية.. لكن هدا التواطئ لم يظهر بشكل جلي وعلني، إلا في سنة 2010، ففي 28 دجنبر من نفس السنة، وجه رئيس المجلس البلدي مراسلة الى المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بتزنيت تحت عدد 9565/2010 يطلب من خلالها توجيه وتوزيع المصلين على مساجد المدينة من اجل أداء صلوات العيد نظرا “لحاجة المستثمر لأرض المصلى للعمل على تسويتها وتجزئتها”… وهي المراسلة التي رد عليها ناظر الأوقاف بتزنيت بمراسلة جوابية تحت عدد 01/2011 بتاريخ 5 يناير 2011 يطالب من خلالها رئيس المجلس البلدي “إيقاف أي إجراء وعدم الترخيص لأي كان على إحداث أي تغيير على بقعة المصلى”.. وخلال شهر رمضان الماضي دعا رئيس المجلس البلدي لتزنيت الى اجتماع ترأسه النائب السابع للرئيس خصص موضوعه لإجراءات أداء صلاة عيد الفطر بحضور ناظر الأوقاف ومندوب الشؤون الإسلامية والسلطة المحلية… وخلال الاجتماع المذكور اقترح نائب رئيس المجلس البلدي توجيه المصلين الى ساحة الحفلات بطريق اكادير عوض المصلى لأداء صلاة عيد الفطر.. وهو اقتراح قوبل بمعارضة شديدة من ناظر الأوقاف بتزنيت مما أدى الى حدوث مشادات كلامية بينه وبين النائب السابع لرئيس المجلس البلدي… كما تدخل المجلس العلمي المحلي على الخط وأصدر فتوى موجهة الى رئيس المجلس البلدي يؤكد فيها معارضته أداء صلاة عيد الفطر في ساحة الحفلات في ظل وجود مصلى معروف بتزنيت…

ومن غريب الصدف في قضية النزاع حول ملكية بقعة المصلى أن طرفي القضية يستقران في نفس الحي بتزنيت، وتحديدا في بلوك E بودادية الموظفين، حيث يتواجد مقر نظارة الأوقاف في موقع مقابل لفيلا المنعش العقاري… كأن مبنى الأوقاف تم كرائه في هدا المكان بالضبط،  لكي ينغص على المنعش أحلامه كل ليلة…

ترى هل تنجح نظارة الأوقاف في المحافظة على مصلى تيزنيت للأجيال القادمة، أم أن زحف الاسمنت سيجرف بقعة المصلى وسيحولها الى تجزئة سكنية في ظل ارتفاع الطلب على السكن؟… سؤال تجيبه عنه الأيام الق

بتصرف : العدد الأخير من جريدة أخبار الجنوب الموجودة في الأكشاك

مشاركة