الرئيسية سياسة مجلس المنافسة يشكو للملك تغييب استشارته في دعم المقاولات

مجلس المنافسة يشكو للملك تغييب استشارته في دعم المقاولات

كتبه كتب في 27 يوليو 2021 - 14:29

حذر مجلس المنافسة من غياب نصوص تشريعية لتقنين المساعدات العمومية للمقاولات، وهو ما من شأنه أن يضرب في عمق قواعد المنافسة، خاصة وأن الحكومة أقدمت على اتخاد مجموعة من القرارات بهذا الخصوص دون الرجوع إلى المجلس وطلب رأيه المسبق والملزم قانونا بخصوص التدابير الحكومية ذات الصلة بالمساعدات التي أقرتها الدولة.

ويشتكي مجلس المنافسة، في تقريره الصادر أخيرا والذي تم رفعه إلى الملك محمد السادس، تغاضي السلطات عن طلب رأي المجلس المسبق والملزم قانونا بخصوص التدابير الحكومية ذات الصلة بالمساعدات التي أقرتها الدولة للمقاولات المتضررة، مما حال دون تمكين المجلس من تحديد إطار واضح ومؤقت حول التوجيهات المتعلقة بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة، التي يمكن إصدارها للمقاولات التي تتعاون فيما بينها من أجل التصدي للحالات المستعجلة المرتبطة بجائحة “كوفيد-19″، وتتوصل بمساعدات عمومية لهذا الغرض.

وفي هذا السياق، وجه مجلس المنافسة سابقا، رسالة إلى رئيس الحكومة يذكره فيها بضرورة طلب رأي المجلس المسبق والملزم قانونا بخصوص التدابير الحكومية ذات الصلة بالمساعدات التي أقرتها الدولة.

ولفت مجلس المنافسة في تقريره، الذي تتوفر “مدار21” على نسخة منه، إلى أنه من المسلم به عموما أن “تبادر السلطات العمومية أثناء الاضطرابات الاستثنائية للعرض والطلب إلى تخصيص مساعدات لفائدة الفاعلين في الأسواق (من مستهلكين وعمال ومقاولات) قصد تمكينهم من تجاوز هذا الوضع وتوفير الشروط الأساسية لاستئناف الأنشطة حين يعود الوضع إلى مجراه الطبيعي”. غير أن هذه المساعدات  بحسب المجلس ” لا تستوفي دائما معايير الحياد في توزيعها وتنعكس سلبا على أداء الأسواق وعلى سلوك الفاعلين فيها، مما يضاعف من احتمال تغيير بنيتها وأنماط التفاعلات التنافسية فيها”.

وأوضح مجلس المنافسة بأن القانون المغربي “لا يتضمن تعريفا محددا لمفهوم مساعدات الدولة الممنوحة للمقاولات وليس هناك نص تنظيمي أو تشريعي يحدد بدقة الحالات التي تبرر اللجوء إلى منح هذه المساعدات أو الشروط الواجب استيفاؤها لضمان تطابقها مع المقتضيات المنصوص عليها في قانون المنافسة، بيد أن المادة 7 من القانون رقم 20.13 تنص على إلزامية استشارة مجلس المنافسة في مشاريع النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بإحداث نظام جديد أو بتغيير نظام قائم يهدف مباشرة إلى “منح إعانات من الدولة أو الجماعات الترابية وفقا للتشريع المتعلق بها”.

وخلص المجلس إلى أنه ” لا يوجد نظام يحدد بشكل وحيد كيفيات منح المساعدات العمومية للمقاولات، حيث يشار إلى هذه المساعدات في مختلف قوانين المالية السنوية، وتحدد سبل تنفيذها من الناحية التقنية عبر مختلف استراتيجيات دعم القطاعات الإنتاجية (على سبل المثال مخطط التسريع الصناعي 2020-2014 واستراتيجية الجيل الأخضر 2030-2020 ومخطط “أليوتيس” للصيد البحري في أفق 2020 وغيرها) أو مخططات عمل المؤسسات العمومية المكلفة بتدبير مساعدات الدولة (مثلا الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولة الصغرى والمتوسطة ووكالة التنمية الفلاحية وصندوق الضمان المركزي وغيرها).

وشدد مجلس احمد رحو، على أن هذا الوضع ينتج عنه “صعوبات منهجية مرتبطة بقياس هذه المساعدات، ويعد أحد الأسباب التي قد تجعل النفقات العمومية وسيلة ملائمة لتقييم مختلف أشكالها، وهو ما يمكن تحقيقه بالرجوع إلى المحاسبة الميزانياتية” مشيرا إلى أن  “هذه النفقات تختلف حسب طريقة صرفها بين تلك التي توجه مباشرة إلى المقاولات، من خلال سحبها من الموارد الخاصة للدولة (على غرار القروض المضمونة والاستثمار في أسهم رأس المال) أو تلك التي تمنح على شكل ضرائب ويتم التنصيص عليها ضمن مقتضيات جبائية استثنائية”.

وأبرز رحو في تقريره أن فهم التداعيات المختلفة للتدخل العمومي على وضعية المنافسة في الأسواق وتقييم عواقبها “يستلزم الأخذ بعين الاعتبار هذه النفقات”.

وتتيح هذه التفاصيل إمكانية التعرف بين مختلف الآليات المنصوص عليها تلك التي قد تفضي أو تهدد بتحريف سير المنافسة في الأسواق من خلال تفضيل بعض المقاولات على أخرى أو منتوجات على أخرى، بحسب المجلس مضيفا ” وتشمل بعض أشكال المساعدات، التي تسترعي انتباها خاصا، تلك التي تمنح للمقاولات العمومية التجارية أو المقاولات الخاصة دون مقابل، والإعانات الممنوحة لبعض المقاولات العمومية لدعم بعض الأسعار في السوق، وكذا الإعانات الممنوحة لإعادة هيكلة بعض المقاولات العمومية التجارية، وبعض المعاملات المالية التي تقوم بها الدولة الاستثمارات المالية والتسبيقات والقروض الممنوحة للمقاولات العمومية والضمانات المقدمة للمقرضين)، بالإضافة إلى التدابير الجبائية الاستثنائية المقررة لصالح المقاولات، لاسيما فيما يتعلق بطبيعة العوامل الخارجية التي تفرزها “.

وبخصوص الصناديق الممولة من خارج الميزانية بالمغرب، يقول مجلس المنافسة إنها تعتبر ” إحدى أهم الآليات المالية لتنفيذ التوجهات الاستراتيجية والتنفيذية للسياسات الاقتصادية”.

وتدرج التحويلات خارج الميزانية، الموجهة إلى المقاولات العمومية والخاصة الوطنية أو الأجنبية، بحسب المجلس في حسابات مرصدة لـ “أمور خصوصية، التي تعتبر بمثابة صناديق دعم قطاعية، وفي صناديق التمويل التي تمنح قروضا وتسبيقات قابلة للسداد لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة.”

وحذر المجلس من أن تفعيل هذه التحويلات “يفضي إلى مخاطر تمس بوضعية المنافسة كما يظهر ذلك على مستوى الصناعات التحويلية، والتي عانت تاريخيا من عيوب كبيرة في السوق، لاسيما العوائد المتزايدة والجمود الذي قد يطبع التقويم الهيكلي للسوق بسبب قلة كفاءة اليد العاملة والتكلفة المرتفعة للمواد الأولية”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *