الرئيسية مجتمع العودة إلى الجنوب” .. طقس اجتماعي يحوّل عيد الأضحى إلى عطلة سنوية

العودة إلى الجنوب” .. طقس اجتماعي يحوّل عيد الأضحى إلى عطلة سنوية

كتبه كتب في 21 يوليو 2021 - 13:16

على غير عادة أيامها الطبيعية، تعج حواضر الجنوب المغربي بسيارات وزوار كثر، حولوا شوارعها إلى نقط اكتظاظ كثيف، تكشف حجم التنقلات التي تخوضها فئات تشتغل في قطاعات مختلفة بشمال المملكة صوب المناطق الجنوبية.

وتكفي جولة واحدة بمدن أكادير وتيزنيت وتافراوت وتارودانت لمعاينة حجم الإقبال المتزايد على مختلف الخدمات بسبب توافد المواطنين صوب المناطق التي يتحدرون منها، وفي المقدمة تأتي البنوك والمقاهي وسواحل مختلف الحواضر الجنوبية.

ومع اقتراب عيد الأضحى، يغادر أهل الجنوب المدن الكبرى ويعودون إلى بلداتهم الأصلية، لقضاء أيام العيد رفقة ذويهم، خاصة أن أغلب التجار الصغار وأصحاب محال التغذية يتخذون من أيام عيد الأضحى عطلتهم السنوية.

ويلمس المرء، قبل حلول عيد الأضحى والأيام التي تليه، “فراغا” ملحوظا في المدن الكبرى، بسبب هجرة أهل الجنوب إلى بلداتهم، حيث تغلق المحال التجارية والمطاعم الصغيرة.

عبد الله بوشطارت، الباحث في التاريخ، اعتبر عودة أهل الجنوب إلى ديارهم في مناسبة عيد الأضحى هي طقس اجتماعي دأب عليه السوسيون منذ عقود، يكشف لنا عن مدى ارتباطهم القوي بتامزيرت، كما يعبر أيضا عن دور السوسيين الكبير اقتصاديا واجتماعيا وامتداد هجراتهم في جميع مناطق المغرب خاصة في الشمال.

وأضاف بوشطارت أن هذا الوضع “يحمل مؤشرات كثيرة أهمها مستويات التهميش والفقر المنتشرة في كل بوادي سوس باعتبارها المناطق المحتلة للمرتبة الأولى كمناطق الطرد للسكان، وهذه بنيات ترسخت منذ الاستقلال الذي خلق تشوهات مجالية على خريطة المغرب بسبب خلقه لمدن صناعية على سواحل المحيط في محور الدار البيضاء القنيطرة.

وأشار المتحدث إلى أن المغرب لم ينجح بعد الاستقلال في استعادة التوازن المجالي والترابي اقتصاديا واجتماعيا، فبقيت مناطق الداخل بين القنيطرة والبيضاء كمناطق تركيز للرأسمال والثروة والبنيات، متأسفا لغياب سياسة مجالية منصفة بالرغم من المجهودات المبذولة طيلة عقود ما بعد الاستقلال.

وتساءل بوشطارت عن أسباب هجرة السوسيين بهذه الكثافة والتي تتزايد يوما بعد يوم بالرغم من انتشار التعليم؟ الجواب حتمي هو أن مناطق سوس بالرغم مما تعيشه من تطور زراعي واقتصادي وصناعي، خاصة في محور أكادير آيت ملول، فإنه يبقى ضعيفا وهشا وغير مستوعب للحاجيات المتزايدة في سوس.

واستنتج بوشطارت أن وتيرة الهجرة إلى الشمال ستستمر بشكل كبير ولافت في السنوات المقبلة، وسنعيش في كل مناسبة عيد الأضحى العودة الكثيفة إلى الجنوب؛ لأن الهجرة تعتبر في مناطق الجنوب هي المعبر الأساسي والوحيد نحو التغيير والرفاه وكسب لقمة العيش.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.