الرئيسية الرياضة الأدوية الجنيسة تعوض الأدوية المخفضة الثمن

الأدوية الجنيسة تعوض الأدوية المخفضة الثمن

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2012 - 20:52

خلف قرار تخفيض أثمنة عدد من الأدوية ارتياحا لدى عدد المرضى والمهنيين وارتيابا لدى آخرين. القرار الذي جاء ليخفف قليلا عن المصابين ببعض الأمراضلاسيما المزمنة منها، كانت له قراءات بعضها سياسيا والآخر مهنيا، البعض تساءل لماذا استمر السكوت عن الأرباح الخيالية التي حققتها بعض الشركات على حساب صحة المغاربة مادام أن بعض الأدوية سيتم تخفيض ثمنها بحوالي 80٪؟ آخرون تساءلوا هل سيتم تعويض هذه الأدوية بأخرى؟ هنا ظهر اسم الأدوية الجنيسة إلى سطح النقاش، وبالرغم من أن الوزارة لم تفصح عن هذا الأمر، إلا أن مهنيين كشفوا عن أن عدة أدوية منخفضة الثمن سيتم تعويضها بنظيرتها الجنيسة التي لا تختلف كثيرا عنها من حيث الفعالية. لكن لماذا سكتت الوزارة عن هذه التفاصيل؟ ولماذا لا يتم وضع علامة الأدوية الجنية على علبها؟

 فاطمة مواطنة تبلغ من العمر خمسين سنة، اكتشفت إصابتها بالتهاب الكبد الفيروسي (س). طبيبها أخبرها أنها قد تكون أصيبت به في الحمام أو عند صانع الأسنان الذي كانت «تخلع» عنده أسنانها الواحدة تلو الأخرى. افتراضات عديدة قدمها لها الطبيب، لكنها لم تغير شيئا في نتيجة  التحاليل المختبرية التي أثبتث أنها مصابة بالمرض الفيروسي المكلف جدا..

عندما أعلن وزير الصحة مؤخرا بأن 320دواء لعلاج بعض الأمراض الخطيرة والمزمنة سيعرف انخفاضا بنسبة تزيد عن 50 في المائة وقد تصل إلى 75 في بعض الحالات، استبشرت فاطمة خيرا، وكذلك الشأن بالنسبة للعديد من المرضى الذين تعودوا على زيارة الصيدليات بشكل منتظم بسبب إصابتهم بأمراض مزمنة.
عندما توجهت فاطمة مؤخرا إلى الصيدلية القريبة من محل سكناها، لم تنس أن تذكر الصيدلي الذي قدمت له وصفتها المعتادة بأن هناك تخفيضا في أثمنة هذه الأدوية حسب ما تم الإعلان عنه رسميا. ابتسم الصيدلي ابتسامة عريضة قبل أن يخبرها أن قرار الوزارة شيء والتطبيق شيء آخر، فرغم أن وزير الصحة كان قد أعلن عن الانخفاض الفوري في أسعار الأدوية ، إلا أن هذا الانخفاض لن يحدث إلا مع بداية السنة القادمة أو ربما بعد ذلك بأكثر، أي إلىأن ينتهي مخزون كل صيدلية على حدة ونفس الشيء بالنسبة للمختبرات المصنعة والموزعة.. بل أضاف إلى أن الأدوية التي تعالج مرضها لا تباع في الصيدليات لأنها مرتفعة الثمن جدا وإنما عليها اقتناؤها من المختبر.. الشيء الذي أثار استغراب فاطمة الحديثة العهد بهذا المرض.
فاطمة واحدة من العديد من المواطنين خصوصا أولائك الذين يعانون من الأمراض المزمنة و الذين سارعوا إلى اقتناء الأدوية بالأسعار الجديدة أو على الأقل أقبلوا على الصيدليات لمعرفة حقيقة الخبر حيث سمعوه عبر وسائل الإعلام المختلفة.
طبعا الأجوبة التي كانت تأتي من عند  بعض الصيادلة أو مساعديهم طرحت لديهم العديد من التساؤلات، فكيف يمكن أن يتحدث الوزير عن الانخفاض الفوري لبعض الأدوية والصيادلة يقولون إن الانخفاض لن يبدأ إلا بعد نفاد المخزون؟ ومتى سينفد هذا المخزون؟ ولماذا لا يجدون جميع الأدوية تباع في الصيدليات؟ ناهيك على أن بعض الصيادلة كان يهمسون في أذن بعض الزبناء على أن الوزارة استغلت الحديث عن انخفاض أسعار بعض الأدوية لتبدأ في ترويج الأدوية الجنيسة التي ما زالت تعرف جدلا واسعا بين المهنيين..

جدل واسع

الواضح أن الحديث عن قرار انخفاض الأدوية بدا عسيرا على الصيادلة، فالصيادلة لم يتوقفوا منذ إعلان الوزارة عن قرار التخفيض من عقد اجتماعات مع الوزير بغية توضيح تبعات هذا القرار وشرح انعكاساته على نشاطهم.
محمد منير التدلاوي الكاتب العام للفدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة بالمغرب يرى أن الانخفاض في أسعار الأدوية لا يخص إلا الأمراض المزمنة ،خصوصا السرطان والتهاب الكبد الفيروسي (س) ، وهذان النوعان من الأمراض أدويتهما مرتفعة الثمن ولا تباع إلا في المختبرات ، وبالتالي فإن المريض يتوجه إلى المختبر لاقتناء تلك الأدوية وليس إلى الصيدلية.
فالصيدلي يؤكد الدكتور التدلاوي لا يمكنه اقتناء أدوية التهاب الكبد الفيروسي (س) التي تكلف المريض 120 ألف درهم أو شراء أدوية السرطان التي تصل بعض أنواعها  إلى 15 ألف درهم للعلبة الواحدة، وبالتالي فإن الانخفاض يقول الكاتب العام  للفدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة بالمغرب طال فقط جل الأدوية التي تباع في المختبرات مباشرة إلى المريض، أما الأدوية التي عرفتها بعض أنواع الأدوية فهي ضئيلة جدا لا تتجاوز 3 إلى 4 دراهم في الوحدة.
نفس الشيء أكده مجموعة من الصيدليين أو مساعديهم، فالأدوية التي طالها الانخفاض تتعلق بداء السرطان وأغلبها تباع بالمختبرات مباشرة إلى المريض، هذا بالإضافة إلىأدوية التهاب الكبد الفيروسي (س) والتي ينطبق عليها نفس الأمر.. أما بالنسبة للصديليات ، فإن الأدوية التي طالها الانخفاض هي في الأصل منخفضة ولا يمكن التقليص من هامش ربح الصيدلي فيها.. وهنا ولكي لا يتأثر هامش الربح لدى الصيدلي، فإنه يعمل على بيع الأدوية الجنيسة.. هذه الأدوية التي لا يمكن للمريض التفريق بينها وبين الأدوية الأصلية نظرا لعدم الحرص على تدوين «جنيس» أو «جنريك» على الدواء.
يشار إلى أن مجموعة من المهنيين والمتدخلين أكدوا أنه كان هناك اتفاق سابق بين وزارة الصحة والمختبرات على أنه لا يتم تدوين «جنيريك» أو «جنيس» على الدواء لأن هذا الأمر متفق عليه دوليا في جميع دول العالم لا يمكن أن تجد دواء مدونا عليه المصطلح السالف الذكر.
الدكتور محمد الناصري بناني رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، أكد أن الدواء يباع بالاسم التجاري سواء أصليا أو جنيسا، وبالتالي فإن المواطن لا يستطيع التفريق بين الدواء الأصلي والجنيس.
هنا من الضروري الإشارة إلى أن السوق المغربي يعرف أعدادا متنوعة من الأدوية الجنيسة لتركيبة دوائية واحدة، إذ تصل إلى 36 نوعا من تركيبة الأموكسيسيلين على سبيل المثال لا الحصر .

أدوية جنيسة

الصيادلة يرون أن سعر الدواء ليس مرتفعا في المغرب، مما يعني حسب رأيهم أن قرار الوزارة الوصية بأن هناك ارتفاعا في الأسعار غير مبرر. إذ أن كل الأدوية المسوقة حاليا تضم ما بين 15 و20 دواءا جنيسا، تباع بثمن يقل عن خمسين درهما، مما يضع أكثر من علامة استفهام، فهل يصح حسب الصيادلة، أن يتم الحديث عن ارتفاع الأسعار بينما تستأثر الأدوية الجنيسة بأكثر من 35 % من سوق الأدوية، بل زادت النسبة أكثر بعد تزويد السوق بهذه الأدوية مؤخرا؟!
عبد الإله طارق صيدلي بالدارالبيضاء أشار إلى أن الوزارة لم تقرر أي زيادة في أثمنة الأدوية بالمغرب لأكثر من 20 سنة، فالأثمنة «البخسة» التي تباع بها الأدوية لا تتوفر إلا في الصيدليات. أما الأدوية المرتفعة الثمن يضيف الصيدلي فهي تتعلق بالأمراض الخطيرة كمرض السرطان والتهاب الكبد الفيروسي(س) وهذه الأدوية لا تقوم أغلبية الصيدليات بشرائها بل تباع للمرضى من طرف المختبرات.
في هذا الصدد أكد  مصدر من  وزارة الصحة، أن التخفيض الذي وصل معدله إلى 50 في المئة، وشمل أثمنة أدوية مكلفة تستعمل على نطاق واسع لعلاج العديد من الأمراض المزمنة المنتشرة بكثرة في المجتمع، سيكون له تأثير جد إيجابي على المرضى الذين يستعملونها.
وأشار إلى أن التخفيض طال الأدوية التي تتوفر أصلا على دواء جنيس رخيص بنسبة تتراوح ما بين 50 و80 في المئة مقارنة مع الدواء الأصلي. مؤكدا أن الإشكالية المطروحة تتعلق بالتشجيع على استعمال الأدوية الجنيسة.
عاد نفس المصدر ليؤكد أن تخفيض الأثمنة لن يكون له أي تأثير على جودة الدواء الذي يباع في الصيدليات والذي تتوفر فيه جميع المواصفات المعمول بها على الصعيد الدولي، مشيرا إلى أن هذا التخفيض سيمكن من أن تصبح أثمنة هذه الأدوية ال 320 معادلة أو أقل بالمقارنة مع بلدان أخرى.
الدكتور محمد الناصري بناني رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر يشير في موقع النقابة إلى أنه فيما يتعلق بالدواء الجنيس، فمن الناحية النظرية يجب أن يحتوي على نفس المواد الفعالة كميا و نوعيا التي يحتوي عليها الدواء الأصلي، كما يجب أن يثبت تكافؤه الحيوي مع هذا الأخير. و يعتبر الدواء الجنيس متكافئ حيويا مع الدواء الأصلي إذا ثبت أن المادة الفعالة التي يحتوي عليها ترتكز في الجسم بنسبة 80% إلى 125% مقارنة مع الدواء الأصلي.
ويشير إلى أنه من الناحية القانونية، فإن الفقرة السادسة من المادة الثانية من القانون 17-04 بمثابة مدونة الأدوية تعرف الدواء الجنيس كما يلي: المستحضر الجنيس لمستحضر مرجعي والذي له نفس التركيبة النوعية والكمية من المواد الفاعلة التي يتكون منها المستحضر المرجعي ونفس الشكل الصيدلي والذي ثبت تكافؤه الحيوي مع هذا الأخير حسب الدراسات الملائمة في مجال التوافر الحيوي.
و ما يجهله أو يريد أن يتجاهله البعض هو أن هامش 20% بالنسبة للعديد من الأدوية كافية لكي تؤدي إلى مضاعفات خطيرة بالنسبة للعديد من المرضى المصابين مثلا بمرض الصرع، أو أمراض الغدة الدرقية، أو أمراض السكري، وأمراض القلب والشرايين، وغيرهم من الأمراض. وبالإضافة إلى كل ما سبق ذكره ، هناك عوامل أخرى تبين من خلال العديد من الدراسات أنها يمكن أن تؤثر على فعالية الدواء مثل نوعية المادة الأصلية المكونة للمادة الفاعلة و كيفية التصنيع و التعبئة و التغليف.
ويرى الدكتور بناني أنه لا يهم المريض إن كانت الوزارة عملت على تسويق الأدوية الأصلية أو الجنيسة أو أن التخفيض طال الأدوية هاته أو تلك لأن ما يهمه في الأمر يقول الدكتور الناصري بناني، هو حرصه على اقتناء الأدوية المدونة على الوصفة الطبية والطبيب يعرف ما هو الدواء الذي ستكون له نتائج إيجابية على مريضه.

قرار غير واضح

وزير الصحة الحسين الوردي قال، بأن الوزارة فتحت نقاشا وحوارا مع جميع مكونات القطاع توج بالتوقيع على اتفاق مع الصناع في 11 يوليوز الماضي، ومع الصيادلة في 22 أكتوبر الماضي من أجل مراجعة أثمنة الأدوية المرتفعة. وذكر بأنه تم الاتفاق على تخفيض أثمنة الأدوية وذلك على مرحلتين، حيث ستهم المرحلة الأولى التخفيض الفوري لحوالي 320 دواء الذي يستعمل لعلاج بعض الأمراض الخطيرة والمزمنة كأمراض (السرطان، القلب، التعفنات، التخدير والإنعاش٬ الجهاز الهضمي، الغدد، الجهاز العصبي)٬ وستعرف بعض الأدوية انخفاضا بنسبة تفوق 50 بالمئة.
أما المرحلة الثانية، يضيف الوزير، فستعرف انخفاض عدد مهم من الأدوية بعد إصدار القرار الجديد المتعلق بتحديد ثمن الأدوية مع إقرار هوامش ربح تحفظ للصيدلية توازنها الاقتصادي خدمة للصحة بمفهومها الشامل.
الوزير أشار إلى أن التخفيض سيكون فوريا وهو ما لم يلمسه المواطن العادي إلا في حالات قليلة بل وقليلة جدا، واعتبر منير التدلاوي أنه لا يمكن أن يحدث هذا مادام المخزون من الأدوية لم ينته بعد وأي مختبر طبي وأي صيدلية من الضروري أن تتوفر، حسب القانون على ستة أشهر من المخزون مما يعني أن التخفيض لن يحدث إلا بعد نفاد المخزون. ونفاد المخزون سيتفاوت من صيدلية إلى أخرى ومن مختبر إلى آخر.
وحسب مجموعة من المواطنين ، فإنهم قد يقعون ضحية جشع بعض المختبرات أو بعض الصيدليات فقد يبيعونه الدواء بالثمن القديم بدعوى أن المخزون لم ينفد بعد.
وزير الصحة كان دائما يشير ويؤكد أنه سيتم الترويج للأدوية الجنيسة بشكل كبير، وبالتالي فإن انخفاض السعر الذي سيلمسه المستهلك بعد أن يدخل حيز التنفيذ، هو فقط يتعلق باستهلاك للدواء الجنيس ليس إلا .. وحسب مجموعة من المواطنين فمن حقهم أن يعرفوا إن كانوا يستهلكون دواء جنيسا أو أصليا خصوصا إذا علمنا أن  70 في المائة من الأدوية يقتنيها المريض بدون وصفة طبية، هذا ناهيك على أن الدواء الجنيس لا يحتوي على أية إشارة تؤكد أنه جنيس أو غير ذلك.
يذكر أن الأدوية الجنيسة تستعمل بشكل مألوف في المستشفيات العمومية، حيث تمثل هذه الأدوية 90 في المائة من سوق القطاع العام، فلا زال أمامها مشوار طويل لتحقيق نفس الانتشار في القطاع الخاص، والحديث عن التخفيض في الدواء فرصة لتسويق الدواء الجنيس بشكل واسع.
مصادر تقول إن وزير الصحة الحسين الوردي لم يوقع لحد الآن على اللوائح الرسمية (20  لائحة) التي تحتوي على أسماء  320 دواء  وأسعاره الجديدة، وأشارت نفس المصادرإلى أن الوزير يعمل حاليا على التدقيق في الأسعار الجديدة لمعرفة مدى التزام المتدخلين في النسب التي حددتها الوزارة. قرار انخفاض أسعار الأدوية لن تبدأ به الصيدليات والمختبرات الطبية إلا بعد نفاد المخزون القديم رغم  أن الوزارة سبق أن أعلنت أن الانخفاض سيكون فوريا وهو الذي لم يشر إليه الوزير في قراره.
ولئن كان قرار خفض أثمنة الأدوية الذي شمل في مرحلة أولى 320 دواء “إيجابيا إلا أنه يتعين أن توازيه إجراءات أخرى تهم على الخصوص مراجعة القانون المنظم لأسعار الأدوية الجاري به العمل حاليا، والذي يعود إلى سنة 1969 ، لأنه أصبح متجاوزا، والتحسيس بجدوى استعمال الدواء الجنيس وعدم وجود اختلاف بينه وبين الدواء الأصلي وكذا تحسين وضعية الصيدلي بالمغرب.

الأحداث المغربة

مشاركة