الرئيسية اراء ومواقف وجهة نظر: رشوة بالمحكمة

وجهة نظر: رشوة بالمحكمة

كتبه كتب في 29 نوفمبر 2012 - 00:47

تثير قضية الرشوة التي تبلغ قيمتها مائة مليون سنتيمم، وكان موقعها هو محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدة موضوعات قانونية وسياسية واقتصادية وقضائية لاينبغي السكوت عنها، لعدة أسباب منها:

 – إن موضوع الرشوة حسب وسائل الإعلام التي نشرت الخبر هو قاضية، وكان من المعتاد أن يكون أغلب المتهمين في قضايا الرشوة بالمغرب من الرجال وهذه المرة يصير الموضوع متعلقا برشوة النساء

  – إن الرشوة المذكورة تجري وقائعها بمحكمة الاستئناف الادارية بالرباط وهي من أهم المحاكم الإدارية بالمغرب يمتد نفوذها من طنجة إلى الدار البيضاء مما يجعلها تنظر في المشاكل الإدارية الكبرى في مناطق نزع ملكية الأراضي الشمالية المعروفة بصلاحيتها لزراعة مادة الكيف والتبغ .. والنزاعات الرائجة في العاصمتين الاقتصادية والسياسية للمغرب بين الدولة والأفراد ويشمل نفوذها كل ما كان يعرف بالمغرب النافع، ولذلك تصبح أهمية ارتفاع مبالغ الرشوة متناسبة مع نوعية القضايا الرائجة بالمحكمة وهي تعد بملايير الدراهم أحيانا في دعاوي التعويض عن انتزاع الأراضي من السكان لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية، وفي دعاوي التعويض عن الضرر الذي يصيب الأفراد والشركات نتيجة أفعال الدولة والإدارات…وأيضا في قضايا الطعون الانتخابية وغيرها.

 – وفي الجانب السياسي عملت الأحزاب والسلطات المخزنية التي صنعت قانون الأحزاب بالمغرب إلى إسناد مهمة حل الأحزاب السياسية إلى المحكمة الإدارية بالرباط بطلب من وزارة الداخلية أو من النيابة العامة … كما أسندت إليها النظر في إبطال تأسيس الأحزاب، وتحتاج دراسة شؤون المحكمة الإدارية بالرباط إلى دراسات سياسية وقانونية وتتبع يومي من طرف أنصار الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن المحامين والقضاة النزهاء والباحثين..

 – وكنموذج فقط نذكر أن النزاعات التي راجت بين الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه السيد القادري وحزب الأصالة والمعاصرة، وكذلك قضية حل حزب الأمة الذي يرأسه السيد المرواني، وكذلك إبطال تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي نظرت فيها هذه المحكمة ،ولم يقم الكتاب والباحثون بتقييم ألأحكام التي أصدرتها هذه المحكمة حول الأحزاب بدراسة شاملة وكتاب بسبب تأثير السلطات والأحزاب الحاكمة على نخبة الكتاب والباحثين في الشؤون الإدارية المغربية وهذا هو أحد الجوانب التي نريد أن ننبه إليها في هده المقالة.

 – إنه حسب المعلومات الرائجة تتعلق رشوة المائة مليون إذا ثبتت بأحد القضاة المعنيين بالحكم الصادر بإبطال تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، وهنا يبرز موضوعان هامان فيالبحث القانوني والقضائي المغربي يتعلق الأول منها بكون الحكومة لم تنشر أي بيان أو توضيح للرأي العام حول اكتشاف الرشوة بأحد أخطر مرافق القضاء المغربي وهو محكمة الاستئناف الإدارية، وذلك مقارنة مع مافعلته وتفعله دائما في الإعلان عن اكتشاف خلايا ما تسميه بالإرهاب، وكأن الرشوة لاتعتبر جريمة خطيرة ولا تستحق تصريح وزير الداخلية ولا تنظيم ندوة صحفية؟ والثاني هو مصير الأحكام القضائية التي سبق أن أصدرها القضاة الذين يثبت عدم نزاهتهم في مرحلة لاحقة متأخرة عن الأحكام التي أصدروها؟

 – إن المنطق والعدالة يقتضي أن نزاهة القضاة لاتتجزأ ولا تتبدل ،تصبح نزاهة في حكم وعدم النزاهة في حكم آخر؟ وبذلك تصبح كل الأحكام التي أصدرها القاضي قبل اكتشاف عدم صفاء ضميره وعدم نزاهته باطلة، ومن حق أي متضرر من الأحكام القضائية التي أصدرتها القاضية المرتشية أن يتخلص من تلك الأحكام.

 – إنه بمناسبة جواب وزير الداخلية السابق السيد الطيب الشرقاوي عن سؤال شفوي وجه إليه في البرلمان حول إبطال تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي من طرف النائب القسطلاني تملص وزير الداخلية من وزر إبطال تأسيس الحزب ونسبه إلى القضاء، يبقى عليه الآن أن يضيف إلى جوابه حالة غريبة وحرجة له وهي ربط الحكم القضائي بالفساد والرشوة إذا ثبتت، ومن الآن نقول له بأن الحزب كان ضحية الفساد الإداري والقضائي والسياسي وستكشف الأيام القادمة كل من كان وراء ذلك الفساد…في صفوف القضاء ووزارة الداخلية معا.

 – أما عن حالة الرشوة في حد ذاتها أين وصلت قضيتها بالحكمة الاستئنافية الإدارية؟ فعلى وزيري الداخلية والعدل والحكومة ككل أن يجيبوا عنها، وعلى الشعب المغربي أن يقدم تحياته للمواطن الذي كشف ظلم الرشوة، وهو تاجر من الدار البيضاء وهو الآن معرض للاستنطاق، وقد يصبح مصيره مثل مصير الذين سربوا وثائق تعويضات وزير المالية السابق، وعلى المواطنين ، وجمعيات حقوق الإنسان والصحافة أن يتصلوا به ويحموه من خطر لوبيات الرشوة.

مشاركة