الرئيسية مجتمع أمهات يرفضن أن يجمعهن سقف واحد بأبنائهن المتزوجين

أمهات يرفضن أن يجمعهن سقف واحد بأبنائهن المتزوجين

كتبه كتب في 28 نوفمبر 2012 - 16:43

«التقار رحمة» مبدأ يحكم عادة العلاقة بين الغرباء.. لكن هؤلاء الأمهات قررن رفعه كشعار في وجه أقرب الناس إليهن، من خلال رفضهن فكرة إقامة أبنائهن معهن بنفس المنزل. قناعة تغذيها التجارب الفاشلة للمحيطين بهن، والرغبة في الحفاظ على الاحترام والود المتبادلين بين كل من الحموين والإبن والزوجة. غير أن هذا التوجه لم يرق أبناءهن وكان سببا في إرباك حساباتهم وخططهم المستقبلية.

«خاص الأولاد مللي يتزوجوا يسكنوا بوحدهم باش يبقى الاحترام»، عبارة اختزلت بها الحاجة جميعة كل الحلول الممكنة للحفاظ على الاحترام والعلاقة الطيبة بين الوالدين وابنهما وشريكة حياته، ولتفادي المشاكل التي قد تنشأ بين الكنة والحماة فتكون سببا في انهيار الزواج وتنعكس في الوقت ذاته سلبا على العلاقة بين الوالدين والإبن.

«واخا يكون عندنا قصر متسكنش معانا!»

حرصت الأم ذات الثانية والستين عاما على وضع النقط على الحروف في مسألة مكان سكن إبنها الأكبر بعد زواجه، بعدما أبدى الأخير رغبته في الاستقرار رفقة زوجته بمنزل والديه، معتبرا أنه ليس مضطرا لتحمل مصاريف الكراء أو أقساط منزل جديد مادام منزل والديه يتوفر على شقق متعددة.

«قلت ليه واخا يكون عندنا قصر متسكنش معانا»، تقول الحاجة جميعة مؤكدة أن قرارها ذاك كان نابعا من قناعتها بأن استقلال إبنها بسكنه سيكون في صالحه وزوجته بالدرجة الأولى، بعدما وصلها صدى المشاكل التي عانى منها العديد من أقاربها بسبب استقرار الأبناء في منزل أسرهم بعد الزواج.

تعتبر الحاجة جميعة أن متطلبات الجيل الحالي تختلف كثيرا عن تلك التي كانت لدى الجيل الذي تنتمي إليه، ففي الماضي كانت الأسر تتقاسم نفس السكن مع أبنائها المتزوجين، ويواجهون سويا ظروف الحياة بحلوها ومرها، على عكس الجيل الحالي الذي لا ترى فيه الأم القدرة على تحمل ضغوط الحياة، بالإضافة إلى افتقار الزوجات إلى الصبر الذي تراه ضروريا لمواجهة المشاكل البسيطة التي قد يتعرض لها في منزل الحموين.

وجد الإبن حسب الحاجة جميعة صعوبة كبيرة في تقبل رفضها لفكرة بقائه بعد زواجه في البيت الذي نشأ فيه، حيث أبدى استياءه من ذلك الرفض، بل وبلغ الأمر حد اتهامه لها بالأنانية وعدم التفكير بمصلحته، وهو الاتهام الذي حز كثيرا في نفس الأم.

تطلب امتصاص غضب الإبن واقتناعه بوجهة نظر والدته الكثير من الجهد والتضحيات من طرف الأخيرة، فهي لم تتردد في منح إبنها المبلغ المالي الذي يحتاجه لدفع « تسبيق» الشقة التي سيستقر فيها رفقة زوجته، بالإضافة إلى مساهمتها في مصاريف اقتناء الأثاث، في سبيل أن يحظى الإبن بحياة الرفاهية التي اعتاد عليها، وتتجنب هي الدخول في دوامة المشاكل التي قد تحدث عندما يستقر في منزل والديه بعد زواجه.

رفض والدته أرغمه على تأجيل الزواج

نفس الوضع ينطبق على إبراهيم ذي الثامنة والعشرين عاما، الذي وجد نفسه مضطرا لتأجيل مشروع زواجه إلى أجل غير مسمى بسبب رفض والدته إقامته رفقة زوجته في منزل الأسرة الذي نشأ وترعرع في أرجائه.

كان الشاب يتصور أن العقبة الوحيدة التي تقف في طريق إتمام زواجه تتمثل في مصاريف حفل الزفاف، خاصة أنه حرص على تأثيث الشقة التي يشغلها منذ سنوات في منزل والديه المكون من ثلاثة طوابق، لكنه سيصطدم برفض والدته فكرة إقامته بتلك الشقة بمجرد أن يعلن لها عن نيته في الزواج من المرأة التي جمعته بها علاقة حب دامت لسنوات.

لازمت الحيرة إبراهيم لوقت طويل حول سبب رفض والدته إقامته بمنزل الأسرة، قبل أن يقوده تفكيره إلى احتمال أن تكون والدته قد اتخذت موقفا عدائيا اتجاه زوجته المستقبلية لأنها كانت تأمل تزويجه من إبنة إحدى قريباتها.

لم يستطع الإبن إبقاء هذا الاستنتاج حبيس أضلاعه، وقرر التعبير لوالدته عن انزعاجه من موقفها، لكنها ستنفي أن يكون رفضها استقراره معها بنفس المنزل راجعا إلى موقفها من زواجه، بل ستبرر رفضها برغبتها في أن تتمتع بالهامش الكافي من الحرية داخل مملكتها الصغيرة كما هو الشأن بالنسبة إلى زوجته وذلك إيمانا منها بمبدأ «التيقار رحمة» الذي تعتبره الحل الأمثل لتفادي المشاكل والخلافات التي قد تندلع بسبب الاختلاف في الطباع وطريقة التفكير بينها وبين شريكة حياته.

حاول إبراهيم إقناع والدته بالموافقة على إقامته بمنزل الأسرة، لكن رفضها المتواصل جعله يكتفى بتأجيل مشروع زواجه، في انتظار العثور على الشقة التي تصلح أن تكون بيت زوجية، يستقر فيه بعد تحقق المشروع المؤجل.

شادية وغزو

مشاركة