الرئيسية مجتمع بسبب طمس “آثارها الثابتة”… وزان تفقد هويتها في صمت قاتل! قوس باب فاتحة نموذجا

بسبب طمس “آثارها الثابتة”… وزان تفقد هويتها في صمت قاتل! قوس باب فاتحة نموذجا

كتبه كتب في 30 أكتوبر 2020 - 22:10

وزان : محمد حمضي

يعرف أكاديمي التراث ، ماديا كان أو لامادي بأنه ” نتاج شعب أو جماعة تعيش في مكان معين، وتعتقد وتمارس و تصنع أمورا خاصة في زمن خاص “. إن التراث بهذا المعنى هو ما يخلفه الأجداد كي ينهل منه الأحفاد. ولأنه مصدر الهوية، فهو بمثابة جذور الشجرة التي كلما غاصت وتفرعت (الجذور) في باطن الأرض، كلما ارتفع منسوب قوة الشجرة، وأثبتت هذه الأخيرة بأن لها من المناعة ما يكفي لكسر تقلبات الزمن.
ونظرا لما يشكله التراث من اسهام في تشكيل الوعي العام ، وتغدية للعقل الجمعي ، فإن ضمان استمراريته التي تعتبر مسؤولية الجميع ، مدخلها مفتاحه (التراث) بالحفاظ عليه ، وصيانته لتتناقله الأجيال .
مدينة وزان من المدن المغربية التاريخية التي توجد اليوم على مشارف فقدانها لهويتها وذاكرتها ، بعد أن عبثت أكثر من يد بآثارها الثابتة المتنوعة ، في الوقت الذي كان بإمكان موروثها المادي واللامادي أن يشكل رافعة أساسية لتنمية دار الضمانة التي مع الأسف أصبحت اليوم تعيش على هامش القرن 21 .


قوس “باب فاتحة” الذي يعتبر من بين المعالم التاريخية التي شكلت علامة من علامات المرور لقراءة تاريخ دار الضمانة ، لم ينج بدوره من عملية المسخ الذي لحقه منذ حوالي عقد من الزمن ، بعد أن داهمته شاحنة تابعة لجماعة وزان ، فأردته في رمشة عين جسدا بلا روح . وبدل العودة الواعية للصفحات المضيئة لهذه المنشأة التاريخية، والسياقات التي اقتضت تشييد هذا القوس ذات زمن غابر، وصموده في مواجهة كل التقلبات ، عوض ذلك ، اختار المجلس البلدي الذي في عهده تم تبديد هذا الشاهد عيان على المستوى الحضاري الذي طبع حياة أهل وزان ، تعلق الأمر بما هو مادي أو لامادي ، (اختار) مسخ هوية قوس باب فاتحة حين تقرر “ترميمه” !. ” ترميم ” يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن التاريخ التليد للمدينة لم يكن يوما بأيادي أمينة على مر التجارب الجماعية ، باستثناء تجربة / فجوة لم تصمد طويلا ، لأن جيوب مقاومة التأسيس للإصلاح والتغيير في إدارة الشأن المحلي ، قاومه بشراسة المركب المصالحي الاستغلالي الإداري .
عملية ترميم قوس باب فاتحة غير مكلفة ماليا لو أن المجلس الجماعي الحالي فكر يوما في ترميم هوية المدينة(القوس نموذجا) التي خدشها من سبقوه، لكن لا صوت لمن تنادي. صمت ينسحب كذلك على جمعية مدنية تعنى بالتراث، حكمت تأسيسها مع الأسف قبل سنتين نفس الخلفية التي حكمت ميلاد جمعية عشية زيارة الملك محمد السادس للمدينة نهاية سنة 2006. فلم يسمع الرأي العام المهتم بأن الجمعية المذكورة ترافعت يوما أمام المجلس الجماعي من أجل حثه على التعجيل بالتدخل من أجل انقاذ قوس باب فاتحة من عملية الطمس التي طالته من سنوات .
يذكر بأن ” باب فاتحة كانت موجودة أواخر القرن 9 الهجري ” حسب ما ذكره عبد الله البقالي(باحث في تراث وزان) في مقال أصدره سابقا ، وأرجع أصل التسمية ” تيمنا بقراءة سورة الفاتحة لمن دخلها (وزان) بالأمن والأمان والضمان ، وكانت الباب على شكل قوس متوسط الارتفاع لها دفتان من خشب ، يعلو القوس (فانوس) عبارة عن كرة نحاسية ، وعلى اليمين مقعد صغير يتسع لوقوف مسلح هو حارس الباب ” .

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.