الرئيسية مجتمع روبورطاج: إميضر أو “جمهورية ألبان” حيث تحرق الفضة أهلها

روبورطاج: إميضر أو “جمهورية ألبان” حيث تحرق الفضة أهلها

كتبه كتب في 18 نوفمبر 2012 - 04:31

الرحلة إلى “جبل ألبان” سفر بطعم خاص، يفترض بالضرورة قطع مئات الكيلومترات، لكنها تستوجب أيضا الاصطدام أيضا بمئات من مشاهد المعاناة و”الحكرة” والإهانة وانتهاك كرامة الانسان.
ليس في هذا الوصف أي مغالاة، والسفر وحده من الرباط إلى إمضير عبر مراكش والعشرات من قرى المغرب العميق، يكفي ليرسم صورة المغرب المنسي، فمرحبا بكم في هذه الرحلة القاسية.

هو سفر من حيث المكان، لكنه أيضا سفر عبر الزمان، وكأنها عودة إلى الماضي في كبسولة الزمن، ليس في فيلم من الخيال العلمي لكن في واقع لازال يتمنع على الزوال..
كل شيء بدأ من الرباط، والعاصمة الإدارية للبلاد تعطي إشارة الضوء الأخضر لانطلاق أكبر قافلة إلى أكبر منجم للفضة بمشاركة السياسيين والحقوقيية والجمعويين، والرغبة الملحة في الوصول بسرعة إلى إمضير للتأكد من حقيقة صيحات المتعبين والمهمشين بجبل “ألبان”، تفترض الصبر الأكبر، فالمسافة طويلة، وصور المآسي المتناثرة في عوالم أخرى بعد البيضاء ومراكش والرباط، ابتداء من قرى تيشكا التي ما تزال تقتل في القرن الواحد والعشرين، إلى الدواوير الفقيرة بجبال ورزازات ثم سكورة وبومالن دادس وتنغير… لكن يوم السبت الموافق للعاشر من الشهر الجاري يحل، وتصل القافلة إلى إمضير، فنتنفس الصعداء.
تقع الجماعة القروية إميضر في عمالة تنغير بالجنوب الشرقي المغربي بين جبال صاغرو الأطلس الصغير والأطلس الكبير الأوسط على بعد نحو 150 كلم عن وارزازات، والمعتصم الذي يستقبلك في القرية يضفي عليها طابعا مميزا، فالجميع يتحرك وفق شفرة دقيقة، والكل يعرف دوره وحقوقه وحدوده، كما هو الشأن بالنسبة للجان التي تشكلت للسهر على تنظيم الحياة في المعتصم، من لجنة لأكل إلى لجنة الإعلام ثم لجنة الحوار ولجنة الحراسة، لا شيء تُرك للصدفة إلا ما كان طارئا وقاهرا، كما أن كل القضايا توضع تحت مجهر النقاش في “أغراو”، والتي لا تعني باللغة الأمازيغية سوى الساحة العمومية التي يلتقون فيها للنقاش والحوار والاعتراض، لا فرق بين هذا أو تلك، الجميع سواسية في تحديد مصير “دولة” ألبان، ولذلك بدؤوا يحسون أن “أغراو” وكل المعتصم لم يعد فضاء لرسم مستقبل حياة الفقراء هناك، ولكن مدرسة للنضال لأبناء المنطقة التي نجبت عسو أوباسلام بطل “بوغافر”.
يسمون حركتهم “حركة على درب 96 “، وهي الحركة التي تؤطر مطالب ساكنة الجماعة القروية لإيميضر بإقليم تنغير، وعلى رأسها الحيف الذي يأكل دواخلهم بعد منذ بداية مسلسل استغلال الثروات الطبيعية من طرف شركة معادن إميضر للفضة التابعة للهولدينغ الملكي “أونا” والذي انفكوا يطالبون كبديل عنه بالتنمية واستفادتهم من خيرات المنجم كبنات وأبناء للمنطقة، وهو الحيف الذي مايزال يرافق ساكنة إميضر ودواريها السبع ( ايت امحند، ايت علي، ايت براهيم، انونيزم، ايزومكن، تابولخيرت و إيكيس ).
ذاكرة الصمود
للمعتصم ذاكرة، وللمطالب تاريخ، والبداية لم تكن في غشت الماضي، بقدر ما كانت في نهاية العقد السادس من القرن الماضي، حينما بدأ استغلال المنجم، دون أن تصل ثمراته إلى موائد الفقراء هناك، فكان على أبناء القرية التي كانت حينها صغيرة .. فقيرة .. بئيسة أكثر مما هي عليه اليوم، أن ينتظروا منتصف الثمانينيات ليغضبوا أكثر في أول حركة احتجاجية سموها بالانتفاضة الأولى، لعلهم يحصلون على ما يقيهم شر الحياة القاسية، لكن دون جدوى، ولذلك انفجرت القرية في أكثر من مناسبة، في سنتي 2004 و2010، وكأنه القدر كُتب على القرية أن لا يفارقها الغضب والاحتجاج بين الفينة والأخرى، وهو القدر نفسه الذي هز هدوءها الذي يسبق العاصفة في نهاية السنة الماضية، منذ غشت 2011 وإلى اليوم، ما تزال إميضر في حالة احتجاج، ليس بسبب رغبة ذاتية من طرف سكانها، ولكن بسبب كثرة المشاكل المتراكمة منذ زمن، وخصوصا حينما تزايد اليوم عدد عاطليها بعد أن رفضت الشركة المنجمية تشغيل طلبة الجماعة بشكل موسمي خلال فترة الصيف، كما تنص على ذلك الاتفاقية المعمول بها منذ سنوات.
الحياة في إميضر صعبة، وحكاية هذا الألم بدأ منذ نهاية العقد السادس من القرن الماضي، لكن ما حدث في مارس من سنة 1986 كان أقوى، حينما أقدمت الشركة إياها على محاولة حفر أحد الآبار لاستغلال المياه الصناعية والمياه الصالحة للشرب، وهو البئر الذي لا يبعد عن الضيعات الفلاحية للساكنة سوى بأمتار معدودة، علما أن عمليات الحفر، والعهدة على بعض سكان القرية، تمت بدون سند قانوني، ولذلك خرجوا في مسيرات احتجاجية لثلاثة أيام، لكن أشغال الحفر لم تتوقف واستمرت تحت حماية العشرات من قوات الأمن، قبل أن ينفجر الوضع أكثر بعد اعتقال 6 من نشطاء إمضير، ومن ساحة الاحتجاج إلى السجن مباشرة لمدة شهر كامل دون أن يحالوا على ردهات المحاكم، و”يستمر استغلال مياه البئر إلى يومنا هذا بدون أي سند قانوني، أو أي تعويض يذكر للفلاحين الذين اضطروا الى مغادرة ضيعاتهم الفلاحية بسبب جفاف آبار الري الفلاحي نتيجة استنزاف الفرشة المائية من طرف الشركة”، يقول أحد السكان المتضررين.
بعد 10 عشر سنوات عن مارس 1986، سيعود شبح الاحتجاجات إلى القرية، وستعود تفاصيل حياة الاعتصام من جديد، وسيصبح ليوم 25 يناير 1996 معنى في حياتهم، بعد أن تطورت الأوضاع وأصبحت القرية تغلي على صفيح ساخن، حينما تم تفعيل بروتوكول يعتبرونه هكذا “غير ديمقراطي وتهميشي” لماذا؟ نتساءل في “فبراير.كوم”، فيرد بعض الضحايا :” لأنه نص في مادته السادسة على تخصيص فرص الشغل المتوفرة لأبناء العمال فقط، وليس لأبناء القرية من غير عمال المنجم، وهو ما يعد خرقا لمدونة الشغل ولمبدأ تكافئ الفرص”.
ما زلنا في بدايات سنة 1996، وما تزال أجواء القرية والمنجم فائرة، والاعتصام الذي تشكل في نهاية يناير ما يزال قائما، قبل أن تكون نهايته مأساوية، بعد أن تدخلت القوات العمومية لفك الاعتصام الذي دام حوالي 45 يوما، وبلغ الأمر حد اعتقال 21 من أبناء إميضر، من بينهم امرأتين، وجميعهم أحيلوا على السجن، والتهم الثقيلة ترافقهم إلى الزنازن الباردة، وفي مقدمتها التمرد، وتكوين تجمع ثوري، والعصيان المدني، والتحريض عليه، والاعتداء على القوات العمومية، وتخريب أملاك خاصة، ولذلك كان لا بد أن يكون هناك ضحايا، فكان مصطفى أوشطوبان ولحسن أوسبضان الذي يعتبرونه شهيد القضية رمزا يغذي الذاكرة الجماعية لأهالي إميضر.
ذاكرة الصمود
للمعتصم ذاكرة، وللمطالب تاريخ، والبداية لم تكن في غشت الماضي، بقدر ما كانت في نهاية العقد السادس من القرن الماضي، حينما بدأ استغلال المنجم، دون أن تصل ثمراته إلى موائد الفقراء هناك، فكان على أبناء القرية التي كانت حينها صغيرة .. فقيرة .. بئيسة أكثر مما هي عليه اليوم، أن ينتظروا منتصف الثمانينيات ليغضبوا أكثر في أول حركة احتجاجية سموها بالانتفاضة الأولى، لعلهم يحصلون على ما يقيهم شر الحياة القاسية، لكن دون جدوى، ولذلك انفجرت القرية في أكثر من مناسبة، في سنتي 2004 و2010، وكأنه القدر كُتب على القرية أن لا يفارقها الغضب والاحتجاج بين الفينة والأخرى، وهو القدر نفسه الذي هز هدوءها الذي يسبق العاصفة في نهاية السنة الماضية، منذ غشت 2011 وإلى اليوم، ما تزال إميضر في حالة احتجاج، ليس بسبب رغبة ذاتية من طرف سكانها، ولكن بسبب كثرة المشاكل المتراكمة منذ زمن، وخصوصا حينما تزايد اليوم عدد عاطليها بعد أن رفضت الشركة المنجمية تشغيل طلبة الجماعة بشكل موسمي خلال فترة الصيف، كما تنص على ذلك الاتفاقية المعمول بها منذ سنوات.
الحياة في إميضر صعبة، وحكاية هذا الألم بدأ منذ نهاية العقد السادس من القرن الماضي، لكن ما حدث في مارس من سنة 1986 كان أقوى، حينما أقدمت الشركة إياها على محاولة حفر أحد الآبار لاستغلال المياه الصناعية والمياه الصالحة للشرب، وهو البئر الذي لا يبعد عن الضيعات الفلاحية للساكنة سوى بأمتار معدودة، علما أن عمليات الحفر، والعهدة على بعض سكان القرية، تمت بدون سند قانوني، ولذلك خرجوا في مسيرات احتجاجية لثلاثة أيام، لكن أشغال الحفر لم تتوقف واستمرت تحت حماية العشرات من قوات الأمن، قبل أن ينفجر الوضع أكثر بعد اعتقال 6 من نشطاء إمضير، ومن ساحة الاحتجاج إلى السجن مباشرة لمدة شهر كامل دون أن يحالوا على ردهات المحاكم، و”يستمر استغلال مياه البئر إلى يومنا هذا بدون أي سند قانوني، أو أي تعويض يذكر للفلاحين الذين اضطروا الى مغادرة ضيعاتهم الفلاحية بسبب جفاف آبار الري الفلاحي نتيجة استنزاف الفرشة المائية من طرف الشركة”، يقول أحد السكان المتضررين.
بعد 10 عشر سنوات عن مارس 1986، سيعود شبح الاحتجاجات إلى القرية، وستعود تفاصيل حياة الاعتصام من جديد، وسيصبح ليوم 25 يناير 1996 معنى في حياتهم، بعد أن تطورت الأوضاع وأصبحت القرية تغلي على صفيح ساخن، حينما تم تفعيل بروتوكول يعتبرونه هكذا “غير ديمقراطي وتهميشي” لماذا؟ نتساءل في “فبراير.كوم”، فيرد بعض الضحايا :” لأنه نص في مادته السادسة على تخصيص فرص الشغل المتوفرة لأبناء العمال فقط، وليس لأبناء القرية من غير عمال المنجم، وهو ما يعد خرقا لمدونة الشغل ولمبدأ تكافئ الفرص”.
ما زلنا في بدايات سنة 1996، وما تزال أجواء القرية والمنجم فائرة، والاعتصام الذي تشكل في نهاية يناير ما يزال قائما، قبل أن تكون نهايته مأساوية، بعد أن تدخلت القوات العمومية لفك الاعتصام الذي دام حوالي 45 يوما، وبلغ الأمر حد اعتقال 21 من أبناء إميضر، من بينهم امرأتين، وجميعهم أحيلوا على السجن، والتهم الثقيلة ترافقهم إلى الزنازن الباردة، وفي مقدمتها التمرد، وتكوين تجمع ثوري، والعصيان المدني، والتحريض عليه، والاعتداء على القوات العمومية، وتخريب أملاك خاصة، ولذلك كان لا بد أن يكون هناك ضحايا، فكان مصطفى أوشطوبان ولحسن أوسبضان الذي يعتبرونه شهيد القضية رمزا يغذي الذاكرة الجماعية لأهالي إميضر تفاعلا مع القافلة أصدر الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يوم 5 نونبر 2012 بيانا يجدد فيه تضامنه مع سكان إميضر المعتصمين بجبل “ألبان” من أجل حقوقهم الإنسانية والحياة الكريمة، ويستنكر فيه أسلوب التهديد والوعيد والسب والقذف والاتهامات الخطيرة الموجهة لمنظمي القافلة التضامنية مع المعتصمين المتضمن في الرسالة الموجهة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في شخص رئيستها.
وقد أشار البيان إلى أن هذا الموقف من القضية يتأسس اعتمادا على المرجعية الكونية لحقوق الإنسان التي تستوعب مجمل المطالب المرفوعة من طرف المعتصمين والتي تتلخص في الحق في ظروف عيش إنسانية والحق في التنمية المستدامة وفي البيئة السليمة وفي الكرامة والعدالة الاجتماعية، كما أكد استناده إلى مضامين قرار الأمم المتحدة بشأن الاحتجاجات السلمية الصادر في 18 أبريل 2012، وخاصة منه ما يهم: مسؤولية الدول في سياق الاحتجاجات السلمية، بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ومنع انتهاكها، وحق كل فرد في التعبير عن مظالمه أو تطلعاته بطريقة سلمية، بما في ذلك من خلال الاحتجاجات العامة، دون خوف، ودون التعرض لأي أذى بدني أو للضرب أو التوقيف والاحتجاز تعسفًا أو التعذيب أو القتل أوالاختفاء القسري .
كما أن جمعية العقد العالمي للماء بالمغرب، أكدت في بيان لها أنها تعتبر قضية سكان إميضر هي قضيتها، بسبب محورية سؤال الحق في الماء فيها، وباعتبار أن الحركة الاحتجاجية هناك اندلعت سنة 1986 على إثر إقدام الشركة على حفر بئر تاركيط بجانب الأراضي الفلاحية التي كانت تعاني أصلا من ضغط الجفاف بدون سند قانوني، وبحماية من المسؤولين المفروض فيهم الحرص على مصلحة المواطنين.
بالإضافة إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الانسان أدانت الرسالة الموجهة لرئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والموقعة من طرف رئيس جماعة إميضر، والتي تدعي الحديث باسم المنتخبين والأعيان وفعاليات المجتمع المدني، لما تتضمنه من تحريض ضد المعتصمين ومسا بحقهم في الاحتجاج السلمي ولما تتضمنته من تهجم على القوى الداعمة لمطالب سكان جماعة إميضر، ودعوة علنية لانتهاك للحق في التنقل لمن سيقرر المشاركة في القافلة التضامنية المبرمجة من طرف “اللجنة الوطنية لدعم ساكنة إيميضر” يوم 9 نونبر.
كما حملت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان السلطات كامل المسؤولية في ما قد ينتج عن التصرفات اللامسؤولة لأي جهة كانت ضد الحركة التضامنية مع سكان إيميضر، بسبب التغاضي عن أفعال لاقانونية وتصريحات داعية للعنف مما يعتبر شكلا من أشكال تشجيعها. وجددت بالمناسبة تضامنها مع النضالات السلمية لسكان إمضير المعتصمين لأزيد من سنة في ظروف لاإنسانية، ونطالب المسؤولين بالاستجابة لمطالبهم الحقوقية المشروعة وفتح تحقيق فيما تعرض له بعضهم من اعتقالات تعسفية ومحاكمات جائرة.

فبراير.كوم

مشاركة