الرئيسية للنساء فقط الأركان… شجرة أعادت الاعتبار لنساء سوس

الأركان… شجرة أعادت الاعتبار لنساء سوس

كتبه كتب في 7 نوفمبر 2012 - 23:16

أصبح اليوم لشجرة الأركان مؤتمرها الدولي السنوي الذي سينفض الكثير من الغبار عن هذه الشجرة وطرق استغلالها وكيفية الاستفادة من خيراتها، باعتبارها شجرة أعادت الاعتبار لنساء سوس، ومكنتهن من تحقيق استقلاليتهن المادية ومن طرد أميتهن وصون كرامتهن عبر الكسب المشروع المقرون بالعمل الجاد المرتبط في شموليته بالأرض، وما تمنحه لهن من امتيازات عجزن عن تحقيقها لولا تلك الشجرة، رغم ما تواجهه من مشاكل ومعيقات قد تقفل في القريب العاجل باب رزق أولئك النسوة إذا لم يتم الاعتناء بها والمحافظة عليها كما يلز

الشجرة التراث

 خلص المؤتمر الدولي الأول للأركان، الذي انعقد في الفترة ما بين 15 إلى 17 دجنبر المنصرم بمدينة أكادير، تحت شعار «الإنجازات وآفاق البحث حول شجرة أركان»، إلى ضرورة تقوية وعي ساكنة منطقة سوس بأهمية حماية شجرة أركان، والاهتمام بالجانب التكويني للساكنة، لأن هذا من شأنه أن يشكل أولى الخطوات على درب المحافظة على هذا الموروث الطبيعي الذي يميز المنطقة والمغرب عموما، و هو الاقتراح الذي يندرج ضمن التوصيات التي خلص إليها المؤتمر، الذي اعتبرت الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان، المنظمة لهذا الملتقى بشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري، والمندوبية السامية للمياه والغابات، والمعهد الوطني للبحث الزراعي، أنه لقاء تسعى إلى أن يرقى إلى محطة للتشاور والتنسيق بين جميع الجهات المعنية في قطاع الأركان. وكذا أن يكون لقاء سنويا يلقي الكثير من الضوء على أهمية وقيمة هذه الشجرة التي تقاوم في صلابة زحف المد الصناعي والتقليد وكذا سوء الاستغلال والرعي الجائر، وكذا لإيجاد صيغ للحؤول دون غزو منتج مقلد ينافس المنتوج الأصلي لشجرة الأركان… عبر تبادل الخبرات والتجارب بين خبراء محليين ودوليين وكذا بين جميع الفاعلين في هذا المجال، وتقاسم المعرفة العلمية بين المختصين والمدبرين الغابويين والفاعلين الاقتصاديين، وفي مقدمتهم نساء تعاونيات أركان اللواتي يقاومن كل ما من شأنه أن يعرض مورد رزقهن الوحيد إلى خطر الاندثار والاستغلال السيئ، والحفاظ على الرصيد الإيكولوجي لشجرة الأركان.

وتعتبر شجرة الأركان التي صنفتها منظمة اليونسكو ضمن «الإرث الإنساني العالمي» منذ 13 سنة شجرة مغربية بامتياز، فهي لا تنبت إلا في منطقة الجنوب المغربي وبعض المناطق المتفرقة في المغرب. حيث تمتد غابة الأركان على مساحة إجمالية تتجاوز800 ألف هكتار موزعة على المجال الترابي لستة أقاليم هي: الصويرة، أكادير، إنزكان، اشتوكة آيت باها، تارودانت وتيزنيت. لكن هذه الشجرة تعيش حالة من التدهور المتواصل بفعل مجموعة من العوامل التي تتوزع بين ما هو بشري، متمثلا في الرعي الجائر والاستغلال الخاطئ. وما هو طبيعي، والمتمثل في قسوة الظروف المناخية وفي مقدمتها توالي سنوات الجفاف وزحف الصحراء الأمر الذي يعرض أشجارها للاندثار، حيث يفقد المغرب سنويا حوالي 600 هكتار من غابات الأركان، وهي نسبة صادمة بالنظر للقيمة التاريخية والاقتصادية التي تمثلها هذه الشجرة.

 الصعوبات والتحديات

يواجه  شجر الأركان المتواجد بالأطلس الكبير و الأطلس الصغير و واد سوس، خطر الاندثار، (فقدان 600 هكتار سنويا)، حيث تراجع من 100 شجرة في الهكتار الواحد بداية القرن الحالي إلى حوالي 30 شجرة في الهكتار، في الوقت الذي لم تتعد فيه المساحة الحالية 800 ألف هكتار ما يستدعي تدخل جميع المتدخلين لحماية والحفاظ على هذه الشجرة المصنفة ضمن التراث العالمي، و يرجع ذلك إلى توالي سنوات الجفاف و تواصل الزحف الصناعي و الرعي الجائر، إضافة إلى غياب الوعي بأهمية هذه الشجرة وضرورة المحافظة عليها، واعتماد تقنيات الجني البدائية التي لا تحترم خصوصية الأركان، والإتلاف الذي تتعرض له الموارد الطبيعية والمائية والغابوية…  كما أن هناك تحديات تواجه المحيط الحيوي لغابات الأركان، مرتبطة بالخصوص بالتنمية المجالية و ما تتطلبه من خلق تنمية تأخذ ما سبق بعين الاعتبار، وتنظم حلقة الإنتاج دون الاكتفاء بحلقة التسويق.

 ووعيا منها بهذه المخاطر سارعت الدولة إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، و في هذا الإطار تنفذ الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات و الأركان إستراتيجية عقد برنامج لإعادة تأهيل 200.000 هكتار في أفق 2020، كما أن الاستغلال العصري للأركان سيصل إلى 5000 هكتار، و أما بالنسبة لإنتاج زيت الأركان الذي وصل اليوم إلى 4000 طن، فسيصل إلى 10000 طن في غضون الثمانية أعوام القادمة، إذا ما تم تطبيق هذا البرنامج.

ويعتبر المجال الغابوي لشجرة الأركان إطارا حقيقيا للتنمية المستدامة المندمجة، ويقتضي بذل جهود من طرف مختلف الفاعلين، من أجل تحقيق التوازن البيئي والسوسيو اقتصادي للمجال الغابوي لشجرة الأركان. حيث  أنشئت الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان (أندزوا)، لتلعب دور التنسيق والتكامل بين برامج مختلف المتدخلين. حيث استأثرت شجرة الأركان باهتمام العديد من الباحثين المغاربة والأجانب، الذين أنجزو العديد من الأبحاث والدراسات البيولوجية والجغرافية وكذا الاجتماعية.
غير أن تطبيق نتائج البحوث في هذا المجال ما زال يواجه تحديات عديدة، خاصة غياب التنسيق.
يشار إلى أن المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، بادرت، منذ مدة، بإطلاق مجموعة من المشاريع المتعلقة بتثمين وتخليف شجرة الأركان، في إطار مخطط عشري يمتد بين 2005 و 2014، ويهدف هذا المخطط إلى تحفيظ 116 ألفا و200 هكتار، وتهيئة 114 ألفا و500 هكتار، إضافة إلى الرفع من المساحات الأرضية، التي تشملها عملية التخليف، إلى 4 آلاف هكتار سنويا في أفق سنة 2014 في منطقة سوس ماسة، بغلاف مالي قدره 500 مليون درهم لتخليف 40 ألف هكتار.
حيث عرف هذا المؤتمر توقيع اتفاقيتين بين الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان، والفدرالية البيمهنية المغربية للأركان، إلى جانب اتفاقية أخرى، تهم بدورها مجال التكوين والحفاظ على شجرة الأركان.

المؤتمر الحدث

وكان عزيز أخنوش، وزير للفلاحة والصيد البحري قد أكد في افتتاح هذا المؤتمر بأن البحث العلمي في مجال الأركان أضحى ضرورة ملحة بمشاركة كل المسؤولين و المتدخلين الغابويين والفاعلين الاقتصاديين للمساهمة في تطوير مسلسل تنمية الأركان بجهة سوس ماسة درعة. واقترح بهذه المناسبة إحداث المعهد الوطني لتنمية شجرة الأركان كمركز لليقظة الإستراتيجية و دعم الفاعلين بالوثائق، والبحث و الدراسة والحفاظ على الرصيد الإيكولوجي لهذه المادة.

وفي إطار الدعوة إلى المحافظة على شجرة الأركان، فقد دعت رئيسات التعاونيات النسائية التي تنشط في هذا المجال، بإجماع إلى ضرورة تقوية وعي الساكنة بأهمية هذه الشجرة، وكذا تمكين نساء التعاونيات من الإمكانيات الضرورية لتحسين جودة الإنتاج، حيث أكدت في هذا الإطار السيدة أمال محاح، مديرة تعاونية «أفولكي» لإنتاج وتسويق زيت أركان الحاصلة على شهادة الجودة، بمنطقة أمسكرود بأكادير، على ضرورة «التكوين المعمق، بعيدا عما هو سطحي، لتمكين نساء التعاونيات من الإلمام بالمعرفة التقنية لإنتاج زيت أركان ومشتقاته، تسمح لهن بإدراك وتعلم كيفية الإنتاج العصري، وتؤهلهن لضمان تحسين وضعيتهن السوسيو اقتصادية»، لما لهذا العمل من أهمية في حياتهن، على اعتبار أنه فتح أمامهن باب الاستقلال المادي والتمدرس وتوفير إمكانية تمدرس أبنائهن.

كما دعت مديرة هذه التعاونية، التي تضم 79 امرأة، وهي عضوة في اتحاد «تيفاويتن نوكادير» لإنتاج زيوت الأركان، المكون من 11 تعاونية، والتي تضم 600 امرأة فاعلة في هذا المجال، إلى ضرورة إدماج التعاونيات في التكوين والمتابعة على مستوى التسويق، مطالبة بضرورة توفير التأطير للنساء العاملات في مجال الأركان.

وفي انتظار تحقق فعلي لهذه المشاريع والمخططات تواصل نساء تعاونيات الأركان صراعهن اليومي لتحصيل لقمة العيش المقرونة بالكرامة عبر العمل في تعاونيات قد تحترم بعضها قيمة عرقهن في وقت تهضم فيه أخرى أبسط حقوقهن.

أكادير.لكل النساء: سناء العلوي

مشاركة