الرئيسية اراء ومواقف في الأقربين أولى…

في الأقربين أولى…

كتبه كتب في 16 مايو 2020 - 02:15

 

بقلم: سعيد شكوك

من منا لا يعرف أحداً يعاني الويلات، قبل وأثناء هذا الحجر المفروض علينا، ودون أدنى شك بعده كذلك، من الأقربين جار أو أخت أو أخ، عم أو عمة أو خال أو خالة أو جدة أو جد، قل صديقة أو صديق، أو أي كان في ” الحومة” التي تسكنها، أو البلدة التي تنتمي إليها، فكثير هم في هذه البقاع لا يقدرون على مد اليد طلباً للعون والمساعدة وما أحوجهم لذلك، لكن الأنفة تمنعهم وإن فعل بهم العوز والفقر والحاجة فعلتهُ.

قد نكون جميعاً أو معظمنا نشترك في المعاناة والمآسي نفسها، وهمنا وبحثنا واحد، لقمة عيش كريمة نسد بها رمقنا، لا نبتغي منها التخمة ولا التفاخر، وإنما لترويض الجوع والعطش ما أمكن ونظل من بني الأحياء إلى اشعار آخر، غير أن بعضنا يفوق بعضنا الآخر، لن أقول إنها سنة الحياة كما أسمع كثيراً، لكن سأقول إنها من مكر الحياة ونتاج الظلم والقهر والحيف والتهميش والإقصاء.

هذه البقعة الجغرافية التاريخية لا تبكي الآلام والأحزان اليوم فحسب، بل منذ زمن بعيد، ولا ندري أي ذنب عظيم هذا الذي اقترفناه أو قد اقترفه الأباء والأجداد، ونحصد تبعاته يوماً عن يوم، ولا يبدو أن نهايته وشيكة، لأن الحال هو الحال، بل يشتد وطأة بين الفينة والأخرى، ولا نجد سوى أن نواسي بعضنا كلما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.

إن أصحاب الضفة المقابلة ( ضفة الرفاهية)، لن يلتفتوا إلى من ينتظرون ذلك في صمت ورجاء، وإن حدث يكون في الاتجاه الخاطئ، أو أن يصبغ بألوان مصلحة تحاك من وراء ذلك، لا عن طيب خاطر وتضامن و ابتغاء الأجر والثواب إلا نادراً جداً، لذلك يجب أن نلتفت إلى بعضنا نحن الأقرب إلى همومنا، فحتى في أحسن الأحوال لما يقطعون النهر نحو ضفتنا، تكون لغرض ضفتهم وتكريس وتثبيت هذه الثنائية، فالأنين هنا يعني ابتسامة عريضة هناك، والظلام هنا يعني الكثير من النور هُناك.

الظلام الدامس الذي تعيشه ضفتنا لم يقدر لها كما تحكي ضفتهم، وإنما دبر بالليل والنهار، وليس في غفلة منا، ولكن فوق طاقتنا، فقد تلقينا ضربات كثيرة موجعة، لا نكاد نستفيق من واحدة حتى تأتي مثيلاتها أو أشدّ، أنهكنا وخارت قوانا، وما تبقى منها يوظف في خدمتهم بشكل أو بأخر.

لهذا وغيره مُجدداً يجب أن نلتفت إلى بعضنا، فليس لنا غيرنا يفعل ذلك إنسانيّة و تضامناً نقياً طاهراً غير مغشوش ولا زائف، يفصل المكائد ولو بعد حين.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.