الرئيسية للنساء فقط قصة من رحم المعاناة… “لالا يامنة” أرملة عاشت “وراء الباب” وعايشت الجرذان

قصة من رحم المعاناة… “لالا يامنة” أرملة عاشت “وراء الباب” وعايشت الجرذان

كتبه كتب في 14 فبراير 2020 - 18:33

في منظر مثير للأحاسيس…خرجت أخيرا للا يامنة من وراء باب بيتها الذي ظلت توصده في وجه الجميع، وتحول إحساسها بالخوف والرعب من الآخر إلى إحساس بالرضا  والاطمئنان لتواجدها في أيدي أمينة.

للا يامنة عاشت سنوات ببيت متهالك ببنسركاو، تحت سمع وبصر الجميع، أخرجت من منزلها …أخيرا…ليس لهدمه بل لرعايتها بعد أن انتشرت دعوات أهل الحي إلى انتشال السيدة من حياة بئيسة بين الأزبال والفئران حتى أصبحت الرقعة التي تعيش بها داخل المنزل.

فقدت لالا يامنة زوجها منذ سنوات، ورغم تجاوزها العقد الثامن، ما تزال بكامل قواها العقلية تذكر تفاصيل المرحلة الاستعمارية، تحولت في يومين إلى سيدة ذات روح مرحة، بعد أن خضعت للعناية ونزعت عنها رداء الخوف الذي طبع حياتها لأسباب ما تزال غير معروفة، وهو ما جعلها تقيم بشكل دائم وراء باب بيتها.

الجيران ولسنوات ظلوا يمدونها بما تسد به رمقها، الخوف من السرقة …جعلها تسحب إناء الأكل التي تجده أمام بيتها وتعود لتختفي دون أن يتمكن أحد من اكتشاف حالتها، باستثناء بعض المحاولات التي مكنت من استجلاء وضعيتها، فبيتها الآيل للسقوط بدون سقف يحميها من البرد والشتاء، تظل لساعات تتتنقل من جدران لآخر ، رغم أن منزلها كبير ومتهالك.

ألم كبير ينتاب كل من شاهد فيديوهاتها بين الغائط  والروائح التي يفوح من المكان، وألم أكبر انتاب كل من شاهد عملية إخراجها من البيت بعد تدخل المنظمة المغربية لحماية الطفولة بمعية لجنة مختلطة تضم الوقاية المدنية، السلطة المحلية والتعاون الوطني والصحة، والأمن….لتطرح أسئلة عديدة عن سبب الصمت الذي طبع حالتها قبل أربع سنوات؟.

كانت محاولة الوقاية المدنية ناجحة للدخول إلى البيت الذي ظل موصدا أمام أية محاولة لدخوله من طرف الجيران، رغم الصراخ الذي انطلق من جوف للا يامنة، لكن وبمجرد وصولها إلى المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير على تمن سيارة المنظمة، خف صراخها بعد أن فطنت إلى وجود أناس لا يريدون بها سوءا واطمأنت إلى وعود الحسين النجاري، رئيس المكتب المركزي للمنظمة بأن بيتها الآن مغلق ولن يدخله أحد غيرها.

الحسين النجاري، في تصريح لسوس بلوس، أكد أن العملية تمت بنجاح، لكن ما أثار استغرابه هو عند محاولة وضع المسنة في دار العجزة التابع للتعاون الوطني، لكن بعد وصوله إلى الدار في حوالي الواحدة ليلا، من ليلة الأربعاء الخميس، بقي الجميع في انتظار أن يفتح الباب لكن دون جدوى.

اختار النجاري حلا آخر وهو تكفل المنظمة بالمسنة مؤقتا، حيث انتقلت المساعدات الاجتماعيات بالمنظمة إلى مقر المكتب المركزي، بمعية المسنة ومنحها ساعات من الاهتمام من خلال تنظيفها، تغيير ملابسها ومنحها بعض الدفء النفسي قبل الجسدي.

أودعت للا يامنة المستشفى العسكري، لتلقي العناية الضرورية بعد ملتمس من زينب العدوي الوالي السابق على ولاية الجهة والمفتشة العامة لوزارة الداخلية من أجل العناية بالسيدة، وتم فعلا القيام بالواجب في انتظار إجراء التحاليل اللازمة والاعتناء بها نفسيا أولا ثم جسديا.

الفاعل الجمعوي الحسين النجاري، أكد أن السيدة تنعم الآن بالعناية الضرورية، بعد سنوات من القهرة والمعاناة واستطاعت أن تبتسم أخيرا  بعد أن وجدت نفسها محط اهتمام الجميع، ولاح في الأفق بصيص أمل في أن الغد سيكون أفضل، في انتظاروضعها في مؤسسة للمسنين بأكادير، حتى تقضي بها ما تبقى من عمرها مطمئنة مكرمة معززة.

 

جميلة أكضيض

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *