الرئيسية اراء ومواقف مقال رأي: إقليم تارودانت ،فقر مدقع وتنمية راقدة ومشاكل بالجملة

مقال رأي: إقليم تارودانت ،فقر مدقع وتنمية راقدة ومشاكل بالجملة

كتبه كتب في 9 فبراير 2020 - 22:48

 

عبدالعزيز جوبي

يعيش إقليم تارودانت على واقع مرير ومحزن يتخبط في عدة  مشاكل  أزمت وضعيته اقتصاديا واجتماعيا داخل جهة سوس ماسة. هو أكبر إقليم في المغرب يتكون في غالبيته العظمى من جماعات قروية تعاني في صمت بدون تحريك ساكن لايجاد حلول للمشاكل من قبيل فك العزلة والربط بالماء الشروب خاصة المناطق النائية والدواير المنسية وكذا قلة المدارس إضافة إلى غياب تنمية دامجة وعدم اشراك السكان في التنمية المحلية بغية استغلال الموارد المحلية بالشكل الأمثل الذي من شأنهان يعود بالنفع على هذه الجماعات.

فمن الناحية الاجتماعية فإن المغرب المنسي يعرف ظروفا قاسية يعيش عليها سكان الجبال بفعل الهشاشة التي أنهكت تلك المناطق. يتعلق الأمر بغياب أبرز شروط العيش كالسكن  ونقص في المأكل والملبس والافرشة والتنقل وانعدام فرص الشغل وهجرة أغلب الاسر نحو المدن ، وارتفاع مؤشر الفقر والعوز والبؤس وانخفاض مهول في مؤشر التنمية البشرية ، وارتفاع البطالة كما تراجع الإنتاج الفلاحي بسبب الجفاف الذي تمر به المنطقة والشح في التساقطات المطرية ،ونفوق المواشي والحيوانات الاليفة بسبب الامراض وانتشار داء السعار الذي أصبح يتنقل ويتنشر بواسطة الكلاب والحمير كما تراجعت الموارد الغابوية  وتلاشت خصوبة الأشجار المثمرة على ماكانت عليه سابقا وانتشار داء الحشر القرمزية التي قضت على نبات الصبار بالكامل.

أما بالنسبة  للتجهيزات والبنيات السوسيواقتصادية فحدث ولاحرج ،حيث هناك نقص حاد في هذا المجال ويتعلق الامر بالطرقات الوعرة غير المعبدة التي يرتادها السكان يوميا للتنقل إلى المركز الحضري لعمالة تارودانت ،والأمر يتعلق بمخاطر تهدد سلامة وصحة الساكنة كل يوم نظرا لهشاشة الطرق والمسالك التي تخترق ثنايا الجبال و صعوبة التضاريس ،كما هناك مدارس شيدت بمواقع غيرة مناسبة كالقرب من الاودية أو في سفوح الجبال وغيرها ،وهناك مشكل ارتيادها من طرف الاطر والمتعلمين في الأوقات المطيرة إضافة إلى هزالة أساساتها في العالم القروي عموما،كما هناك مشكل نقص الثروة المائية إذ أن الدواوير النائية والمناطق المنكوبة تجر ويلات العطش والجفاف الذي ينخر جسد الوطن خلال السنوات الأخيرة بفعل نضوب العيون والآبار وتراجع منسوب المياه في السدود بسبب التبخر والتوحل وكذا الاستعمال المكثف للفرشة المائية أدى إلى استنزافها .

أما  القطاع الصحي يعد بمتابة مأساة حقيقة بسبب نقص التجهيزات الطبية  ووسائل  العلاج الحديثة ،كما أن الطبيب في القرى يشتغل ثلاث أيام في الأسبوع فقط وفي غالب الأحيان المستوصفات تكون  مغلقة في وجه السكان طيلة الاسبوع  ،اضف الى ذلك  نقص في الأدوية وهشاشة بعض المراكز الاستشفائية وغياب الاسعاف في عدة مناطق وعدم وصوله في الأوقات الصعبة والكارثة تزيد خاصة أثناء فترات المخاض  والولادة بالنسبة للنساء وكذا أتناء وقوع فواجع وكوارث بيئية وبالتالي النتيجة تكون هي حصد  العديد من الضحايا  والارواح إضافة إلى معاناة الأطفال مع الامراض ولسعات العقارب التي تقتل سنويا  فئة مهمة من فلدت الاكباد بلا حسيب  ولا رقيب وتدهور بنيات  بعض المستوصفات إلى حد أصبحت فيه بحالة يرثى عليها فشكل ذلك أزمة حقيقية وخانقة .

وعندما نتحدث عن التنمية المحلية في إقليم تارودانت فلابد من استحضار الساكنة المحلية وفعاليات المجتمع المدني بغية تحقيق تواصل فعلي مع الاطار الأول والطرف المسؤول عن تدبير الشأن السياسي داخل الإقليم ،لكن هذا ما لا نلامسه في الواقع حيث ينعدم التواصل والتجانس بين هذه الأطراف بسبب غياب سياسة معقلنة لدى الناخبين والمسؤولين على هذا المجال الجغرافي  وانعام رؤية  واضحة المعالم وتصور مستقبلي مبني على الافاق الواعدة  والاستشراف للغد والعمل لحصد الثمار مستقبلا  والنهوض بالمشهد القروي خاصة القطاع الفلاحي الذي يحتاج إلى الدعم والالتفاتة  ،كما هناك مشكل الاقصاء وعدم الاعتراف بالطاقات الشابة الصاعدة في العمل الجمعوي بالخصوص واقصاء الساكنة في العملية التنموية ،كما أن هذه التنمية ذات وتيرة بطيئة لم تواكب التغيير الذي يشهده الإقليم وخاصة الجماعات القروية التي تتوفر على موارد طبيعية يمكن اقحامها ضمن عجلة التنمية  وخلق مشاريع وبراج تنميوية تحقق مداخيل  مهمة للسكان وتنعش خزينة المجالس الجماعية على مستوى الإقليم في محاولة للاحاطة بجميع مكونات إقليم تارودانت وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *