الرئيسية سياسة 111 مليار درهم للتسلح.. الجزائر والصحراء يدفعان المغرب إلى مزيد من الصفقات

111 مليار درهم للتسلح.. الجزائر والصحراء يدفعان المغرب إلى مزيد من الصفقات

كتبه كتب في 19 ديسمبر 2019 - 13:38

برصده لمبلغ قارب 111 مليار درهم لاقتناء المعدات العسكرية والأسلحة ضمن قانون المالية الخاص بسنة 2020، الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه مؤخرا، يؤكد المغرب أن الأحداث الأخيرة التي عرفها محيطه الإقليمي وخاصة جارته الجزائر، بالإضافة إلى تطورات ملف الصحراء والصراع مع جبهة البوليساريو الانفصالية، لم تدفعه إلا للاستمرار في رفع إيقاعه في سباق التسلح.

وعقد المغرب مؤخرا عدة صفقات تسلح، أبرزها تلك التي ربطته بالولايات المتحدة الأمريكية من أجل اقتناء معدات قتالية تتضمن منظومات صواريخ متطورة ومروحيات عسكرية، في الوقت الذي يؤكد فيه مسار الأحداث في الجزائر أن انتخاب رئيس جديد للبلاد ليس إلا تأكيدا على استمرار موقف النظام المناوئ للرباط، والداعم لجبهة البوليساريو التي عادت خلال الأشهر الأخيرة للتلويح بحمل السلاح.

طوفان الأسلحة

وووفق المادة 40 من وثيقة مشروع قانون المالية، التي حصل موقع “الصحيفة” على نسخة منها، فإن المغرب خصص مبلغ 110 ملايير و953 مليون درهم من مبلغ النفقات، المأذون للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني الالتزام بها مقدما خلال السنة المالية 2020 تحت مسمى “اشتراء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية”.

ويثبت هذا الرقم الوتيرة المتسارعة لمخصصات الانفاق العسكري المغربي خلال الأعوام الماضية، إذ بالرجوع لقانون المالية الخاص بعام 2019 المشرف على الانتهاء، نجد أن المملكة خصصت 96 مليارا و731 مليون درهم لشراء وإصلاح المعطات العسكرية بما في ذلك الأسلحة الثقيلة، في حين لم يكن هذا الرقم يزيد عن 84 مليارا و264 مليون درهم في وثيقة قانون المالية الخاصة بسنة 2018.

 وفي نونبر الماضي كشفت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية “البانتاغون”، عن صفقة تسلح ضخمة أبرمتها الرباط مع واشنطن لاقتناء آليات وأسلحة هجومية ثقيلة، تشمل 36 مروحية من نوع “أباتشي” والمئات من الصواريخ الموجهة من نوع “هيلفاير” و”ستينغر”، بالإضافة إلى العديد من نُظم الأسلحة الدقيقة ونظم تحديد المواقع.

ووفق الوكالة فإن هذه الصفقة التي حظيت بموافقة وزارة الخارجية الأمريكية والتي لا زالت تحتاج لموافقة “الكونغريس”، ستكلف خزينة المملكة 4 ملايير و250 مليون دولار، وأوردت وزارة الدفاع الأمريكية أن هدفها هو “المساعدة على تحسين أمن أحد الحلفاء المهمين من خارج حلف شمال الأطلسي، والذي يعد قوة مهمة لتحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في إفريقيا”.

الجزائر.. السيناريو الأسوأ

اختار المغرب البقاء بعيدا عن تفاعلات الوضع السياسي للجزائر منذ انطلاق الحراك في 22 فبراير 2019، حتى أن وزارة الخارجية المغربية خرجت ببلاغ شديد اللهجة ضد صلاح الدين مزوار، الرجل الذي كان على رأسها قبل سنتين ونيف فقط، عندما تطرق للموضوع خلال مشاركته في مؤتمر السياسة العالمية بمراكش منتصف شهر أكتوبر الماضي.

لكن الرباط ظلت تراقب الاتجاه الذي سيسلكه المسار السياسي الذي تشرف عليه القوات المسلحة الجزائرية بقيادة رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، وهو الأمر الذي حُسم يوم 12 دجنبر الجاري في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية بحصول رئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبون على أكثر من 58 في المائة من الأصوات، وهو الرجل الذي يشكل الخيار “الأسوأ” بالنسبة للعلاقات المغربية الجزائرية.

وتبدو وتيرة التسلح المغربي متماشية مع الحدة التي ينهجها تبون في مواقفه تجاه الرباط، فالرجل الذي يستعد للدخول رسميا إلى قصر “المرادية” يرفض حتى مناقشة موضوع فتح الحدود مع المملكة، بل ويطالبها بالاعتذار عن اتهام الجزائر بالتورط في تفجيرات فندق “أطلس أسني” بمراكش سنة 1994، وهو الأمر الذي أعاد التأكيد عليه بشكل غير مباشر بُعيد انتخابه حين أورد أن “زوال العلة لا يكون إلا بزوال أسبابها”، في إشارة إلى مقترح فتح الحدود.

ويحتفظ تبون، الذي سبق أن صرح بأن “موضوع الصحراء لم يكن السبب في إغلاق الحدود بين البلدين”، بعلاقات وثيقة مع قياديي “البوليساريو”، إذ كان زعيم الانفصاليين من أوائل مهنئيه برسالة عبر فيها صراحة عن “ارتياحه” لمسار الأمور في الجزائر، مجددا دعوته إلى توطيد “التحالف الأبدي” بين الجزائريين والانفصاليين.

غير أن المسار السياسي ليس الوحيد الذي يبدو محفزا للمغرب على رفع وتيرة تسلحه، فالجارة الشرقية للمملكة اختارت بدورها السير على الدرب نفسه وهو ما يكشف عنه قانون المالية الجزائري الخاص بسنة 2020، الذي خصص ما يقارب 5,5 تريليون دينار جزائري أي ما يقارب 46 مليار دولار، للأمن الوطني والقوات المسلحة، بما في ذلك شراء الأسلحة والعتاد العسكري.

وكان حجم الإنفاق العسكري بالجزائر قد وصل إلى 9,6 مليارات دولار سنة 2018، بارتفاع بلغ 6,1 في المائة، وفق تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، والذي كشف أن رتبة هذا البلد في جدول الترتيب العالمي للإنفاق العسكري انتقلت في عام واحد من 25 إلى 22، فيما حل في المرتبة الأولى إفريقيا في هذا المجال.

تلويح البوليساريو بالحرب

لكن رغم ذلك يبقى احتمال قيام حرب مع الجزائر أبعد من احتمال قيامها مع جبهة “البوليساريو”، فهذه الأخيرة ظلت دائما تُلوح بالعودة إلى السلاح لحسم النزاع حول الصحراء، وهو التهديد الذي ردده القياديون الانفصاليون بشكل متواصل في الشهور الأخيرة تزامنا مع كسب الرباط عدة نقاط لصالحها على المستوى الدبلوماسي، مع التراجع الملحوظ في عدد الدول المعترفة بالكيان الانفصالي وتغير لهجة العديد من القوى الكبرى حول الملف، خاصة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

غير أنه في الوقت الذي كانت فيه الأمور تسير بشكل واضح لصالح المغرب، حدثت انتكاسة مفاجئة، بإلغاء لقاء الملك محمد السادس مع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، التي كان مقررا لها يوم الانعقاد يوم 4 دجنبر الجاري، والتي كان ملف الصحراء من بين أبرز مواضيعها، خاصة في ظل الحراك الاحتجاجي التي تشهده مخيمات تندوف، وربط تقرير استخباراتية للمنطقة بنشاط الجماعات الإرهابية.

وكانت تصريحات “البوليساريو” الممهدة للحرب، قد انطلقت أبكر من ذلك بكثير، ففي يوليوز الماضي صرح إبراهيم غالي زعيم الجبهم أمام وسائل إعلام انفصالية أن”الحرب مع المغرب إجبارية قطعا”، موردا أن الطرف المغربي “متعنت ومدعوم في تعنته من قوى عظمى، وتغير المبعوثين الأميين للمنطقة مرارا يؤكد أن العملية المفاضات لا تتحرك”، قبل أن يخلص إلى أنه “لا بد من الحرب لحلحلة الملف”.

 حمزة المتيوي

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *