الرئيسية تمازيغت سوس تفقد أحد علمائها الكبار الحاج عبد السلام لسان الدين الدرقاوي الإلغي

سوس تفقد أحد علمائها الكبار الحاج عبد السلام لسان الدين الدرقاوي الإلغي

كتبه كتب في 25 أغسطس 2019 - 22:48

بعد صراع مرير مع المرض، انتقل الى جوار ربه الفقيه والعلامة سيدي الحاج عبد السلام لسان الدين الدرقاوي الإلغي، ظهر يوم الأربعاء 19 من ذي الحجة 1440هـ الموافق لـ: 21 غشت 2019م، ودفن عشاء يومه بزاوية جده الشيخ سيدي الحاج علي الدرقاوي بقرية إلغ الدوكادير، إقليم تزنيت، بحضور عائلته وثلة من العلماء والفقهاء والصلحاء من تلامذته ورفقائه ومحبيه ومريدي الزاوية الدرقاوية (على الساعة 22.45 بتوقيت غرينتش +1).

وفيما يلي سيرة موجزة للعلامة الأستاذ سيدي الحاج عبد السلام لسان الدين الدرقاوي من إعداد الدكتور الحبيب الدرقاوي استاذ بكلية الشريعة بتارودانت

هو العلامة الأستاذ سيدي عبد السلام بن أحمد بن الشيخ سيدي الحاج علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن سعيد، ولقبه: لسان الدين الدرقاوي.
ولد سنة 1352هـ،موافق 1934م، وكان واسطة إخوته: بعد سيدي حسن (توفي عصر يوم الجمعة 23 صفر 1434هـ موافق 04 يناير 2013م)، وقبل سيدي عبد الوهاب (ما يزال حيا بارك الله في عمره).
ولد في زاوية جده الشيخ سيدي الحاج علي الدرقاوي الإلغي بقرية (إلغ) ضواحي تافراوت، وكان والده إذ ذاك أحد المتزعمين للمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي بالمنقطة، وما لبث أن توفي والده، وهو في مقتبل العمر، من مرض ألم به (1356هـ)، وخلف وراءه صبية صغارا،وكان عمر المترجم يراوح الخامسة،فكفله عمه سيدي محمد الخليفة (ويكنى الخليفة لكونه خلف أباه في التربية الصوفية وفي الإشراف على الزاوية)، وبعده عمه الفقيه العلامة سيدي محمد المختار السوسي بعدما نفي إلى إلغ (1356هـ).
دفع به عمه سيدي محمد الخليفة إلى الفقيه سيدي عيسى بن صالح الأكماري، ليفتتح عنده حفظ القرآن، ومبادئ اللغة العربية، وهو آنذاك بالزاوية، ولكن لم يكمل ذلك لظروف حالت دون استقراره بها، فتعهده عمه سيدي محمد المختار السوسي بالتعليمإلى حين استقدام الفقيه سيدي محمد التزنيتي، الذي لازمه معية من كانوا في الزاوية من صبية.
نشأ رحمه الله في جو روحاني وعلمي، تشرب فيه أخلاق مريدي الزاوية، ونهل من معين علم فقهائها.
لازم عمهالعلامة سيدي محمد المختار في فترة نفيه في إلغ،فأخذ عنه مفاتيح العلوم في النحو والفقه والمنطق والأصول، قبل أن يسرح، ويعود إلى مراكش (1365هـ).
ثم انتقل إلى مدرسة تمنار (نواحي الصويرة)، فأخذ عنالفقيه سيدي إبراهيم بن أحمد الصالحي الألفية وشرحها، والفقه، والأدب، وجالسه إلى بداية عام 1366هـ.
ثم انتقل إلى مراكش، ونزل بزاوية جده بحي الرميلة، والتي هيأها الفقيه سيدي محمد المختار السوسي مدرسة ومسكنا لطلبة العلم.
وفي أكتوبر من سنة 1948م تقدم لاجتياز امتحان القبول في ابن يوسف،وكان النجاح حليفه،فبدأ دراسته النظامية ثم،وهناك جلس إلى العلماء الأفذاذ والفقهاء الأعلام، أمثال: الأستاذ محمد العمراني، والأستاذ المهدي السرغيني، والأستاذ عبد السلام جبران، والأستاذ الجيلالي العوني، والعلامة عبد الرحمن البيزكاني،وغيرهم، وفي الوقت نفسه كان يتابع دراسته عند عمه سيدي محمد المختار بمسجد باب دكالة، الذي ما فتئ يتعهده بالتربية والتعليم، وكان قد وجهه إلى لزوم الحلقات الحديثية للعلامة سيدي المدني الحسني التي كان يلقيها في مسجد المواسين حين وجوده بمراكش، وعنه اتصل سنده في الحديث.
وفي سنة1949م استطاع بما حباه الله به من ذكاء وفطنة أن يحصل على شهادة القسم الأول من الثانوية من ابن يوسف،ثم القسم الثاني سنة: 1951م.
ثم التحق بعمه سيدي محمد المختار السوسي في الدار البيضاء – بعدما انتقل إلى السكنى بها – 1370 هـ/ 1951م – حين سمع من أحد قرابته أن عمه ينوي إرساله مع بعض المتفوقين إلى القرويين بفاس لاستكمال الدراسة، هو الأمر الذي تراجع عنه الفقيه فيما بعد نظرا للظروف السياسية المتوترة وقتئذ، خاصة بعد تعيين الجنرال كيوم مقيما عاما – وتلقى عنه في المسجد المحمدي في درب السلطان حيث كان يدرس.
ومن حرص عمه على حسن توجيهه، أرسله إلى مراكش لأمرين:
الأول:للتدريس بمدرسة الحياة؛ وهي مدرسة أسسها هو،وأوكل إدارتها إلى أخيه الأستاذ سيدي إبراهيم الإلغي، قبل أن ينتقل إلى الرباط مدرسا في مدرسة جسوس، ليتولى إدارتها الأستاذ الحسين الورزازي (أحد تلامذة العلامة السوسي).
الثاني: لاستكمال دراسته فيالقسم النهائي بابن يوسف (القسم الشرعي)، وهناك أخذ عن الأستاذ حسن الزهراوي، والأستاذ المختار السباعي، وغيرهما، ولكنه منع مع غيره من الطلبة من اجتياز الاختبارات النهائية، للظروف السياسية التي كانت تعيشها مراكش آنذاك.
عاد بعد ذلك إلى الدار البيضاء لمواصلة عمله التعليمي، هذه المرة بمدرسة الأميرة للا عائشة سنة 1952م، والتي كان يديرها الأستاذ محمد الحمداوي، ثم في فرعها مدرسة النجاح.
وفي تلك الفترة شهد مؤامرة خلع السلطان محمد الخامس، وما واكبها من اعتقالات وأحداث، فكان من جملة الوطنيين الغيورين الذين أبدوا ولاءهم لملكهم وتعلقهم بالعرش العلوي المجيد، كانوا ممن وفدوا على القصر الملكي بالدارالبيضاء، للتعبير عن تأييدهم لجلالة السلطان سيدي محمد الخامس، واستنكار الحملة التي يقودها الكلاوي ضده، فشكل مع بعض زملائه وفدا باسم طلبة الفقيه سيدي محمد المختار السوسي.
وفي سنة 1954م تقدم للمفتشية الإقليمية للتعليم بالدار البيضاء لاجتياز مباراة الولوج إلى مدرسة المعلمين، فقبل واستدعي للمشاركة في الامتحانات الكتابية، ثم الامتحان الشفوي في مدرسة المعلمين الإقليمية في الرباط،فكان من الناجحين.
وفي صيفسنة 1954م عقد قرانه بمراكش على ابنة عمه القاضي سيدي عبد الرحمان الدرقاوي (للا خديجة)، وأرجأ العرس إلى صيف 1955م،حتى ينتهي من تكوينه في مدرسة المعلمين.
عين أستاذا في مدرسة بني محمد الابتدائية بمدينة مكناس، والتحق بها في بداية أكتوبر 1955م، واجتاز امتحان الكفاءة بعد سنتين، ووفق في ذلك عن جدارة واستحقاق، انتقل بعده إلى مدرسة مولاي رشيد بمراكش سنة 1956م، بعد أن تقدم إلى الوزارة بطلب نقله.
شهد رحمه الله انعقاد المؤتمر الأول لجمعية علماء سوس بتارودانت، في يوليوز سنة 1956م، بمعية ثلة من السادة العلماء: سيدي عمر الساحلي، سيدي الحسين وجاج، وسيدي رشيد المصلوت، وسيدي أحمد العدوي، وسيدي إبراهيم الحامدي، وسيدي عبد العزيز الماسي، وغيرهم من أعضاء الجمعية،هذا المؤتمر الذي توج بالاتفاق على إحداث المعهد الإسلامي بتارودانت.
وفي بداية سنة 1957م تقدم معأساتذة المعهد الإسلامي بتارودانت لاجتياز امتحان الشهادة العالمية بالرباط، قصد تسوية وضعيتهم وترسيمهم، فوفق الجميع، وسلمت لهم الشهادات النهائية من جامعة القرويين.
وفي نفس السنة التحق بالمعهد الإسلامي بتارودانت، الذي أسندت إدارته إلى الأستاذ عمر الساحلي، وإلى جانبه الأستاذ الحسين وكاك في جمعية علماء سوس. وأسندت للمترجم رئاسة لجنة امتحان الشهادة الابتدائية.
وفي سنة 1985م ولد له الابن البكر، وسماه شكيبا (توفي سنة 1999م).
في ماي 1959م كان من جملة الوفود التي استقبلت جلالة الملك محمد الخامس حين زيارته لسوس.
في سنة 1960م مثل وسيدي عمر الساحلي، وسيدي الحسين وجاج ، وسيدي عبد الله الكورسيفي، وسيدي أحمد الزيتوني، جمعية علماء سوس في الاحتفالبالذكرى الألفية لتأسيس جامعة القرويين، بحضور صاحب الجلالة محمد الخامس طيب الله ثراه.
وفي سنة 1381هـ / 1961م حصل على عضوية رابطة علماء المغرب.
وفي فبراير 1961م ازدان فراشهبولد ثان سماه عبد الرحمان.
وفي سنة 1961مكان من الموقعين على عقد بيعة جلالة الملك الحسن الثاني، وحضر بيعته.
وفي رمضان 1381هـ حظي بشرف الاستقبال الملكي في فاس رفقة أفراد فرع سوس لرابطة علماء المغرب.
وفي بداية 1961م عين مديرا للتعليم الابتدائي بالمعهد الإسلامي بتارودانت.
وفي سنة 1962م وقع مع المصادقين على أول دستور للملكة المغربية باعتباره من أعضاء رابطة علماء المغرب، فرع أكادير.
وفي سنة فبراير من سنة 1963م ولد له الابن الثالث سيدي أحمد أمين.
وفي ماي 1963م تم تعيينه مديرا عاما للمعهد الإسلامي بتارودانت بشكل مؤقت.
وفي نهاية الموسم الدراسي 1962-1963 تم اختياره في البعثة العلمية المشاركةفي الدورة التكوينية الخاصة لأساتذة التعليم الثانوي في الجامعة الأمريكية ببيروت، فزار خلال الرحلة:فرنسا ومصر والأردن ولبنان وسوريا وروما وإسبانيا.
في يوليوز 1964م شارك في المؤتمر الثاني لرابطة علماء المغرب بالدار البيضاء.
وعين مفتشا للتعليم الابتدائي للتعليم الأصيل في تارودانت سنة 1964م، وأضيف لهالتعليم الابتدائي عموما سنة 1965م في تارودانت، إلى متم سنة 1969م.
وفي 1965م كان ممن اختيروالاستقبل جلالة الملك الحسن الثاني في مطار أكادير.
وفي سنة 1967م استدعي للتجنيد، ولكن تم إعفاؤه.
وفي نهاية مارس وبداية أبريل من سنة 1968م شارك في المؤتمر الثالث لرابطة علماء المغرب في فاس.
وفي سنة 1971م كلف بالحراسة العامة لداخلية معهد محمد الخامس بتارودانت، وبعد سنتين: عين حارسا عاما للخارجية (1973م).
وفي سنة 1971م شارك في المؤتمر الرابع لرابطة علماء المغرب الذي انعقد في مراكش.
وفي يناير 1972م حضر اجتماع الأمانة العامة في الرباط، وهناك أخبر أنه وقع عليه الاختيار لأداء مناسك الحج لهذه السنة، مع الوفد الرسمي.
وفي نفس السنة حضر الاجتماع الذي عقده الملك الحسن الثاني قدس الله سرهبالشخصيات المغربية، التي كان من جملتها أعضاء رابطة علماء المغرب.
وفي سنة 1973م عين مفتشا للغة العربية للتعليم الثانوي في إقليم أكادير.
وفي السنة نفسها عين مندوبا للتعاضدية العامة للتربية الوطنية فرع أكادير إلى متم سنة 1979م.
وفي سنة 1974 حصل على الوسام الملكي(وسام الرضى من الدرجة الأولى).
وحصل له شرف المشاركة في تأسيس كلية الشريعة بأيت ملول التابعة لجامعة القرويين، وانطلاق عملية تسجيل الطلبة في أول موسم جامعي: 1979/1980م، وشغل بها منصب الكاتب العام بشكل رسمي سنة 1981م، وتطوع مع ثلة من السادة العلماء للتدريس في غياب الأطر التعلمية.
وفي سنة 1981 أسست المجالس العلمية المحلية، وشغل منصب عضو المجلس العلمي المحلي.
وفي سنة 1984 عين مدرسا بالكرسي العلمي بتارودانت (كرسي الحديث).
وفي سنة 1987م حصل على وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة.
وفي سنة 1988م شارك في المؤتمر الأول لرابطة علماء المغرب والسينغال بدكار بالسينغال.
وفي سنة 1990م كان من الموقعين على ملتمس جمعية علماء سوس من الملك الحسن الثاني إنشاء قسم الكفاءة في كلية الشريعة بأيت ملول.
وفي سنة 1988م استدعي لحضور افتتاح الدراسة في جامع القرويين وفق النظام التقليدي الذي عرف به.
وفي سنة 1992م أحيل على التقاعد، قبل أن تطبق عليه استثناء المغفور له الحسن الثاني (العلماء لا يتقاعدون)، ليستمر عمله.
وفي سنة 1995 خلف عمه العلامة سيدي الحاج عبلا على رأس الطريقة الدرقاوية، فكان الخليفة الرابع (الأول: سيدي محمد الخليفة بن الشيخ الإلغي، الثاني: سيدي عبد الحميدبن الشيخ الإلغي، الثالث: سيدي الحاج عبلا بن الشيخ الإلغي)، زبقي كذلك إلى أن وافاه الأجل.
وفي سنة 2001م عين عضوا بالمجلس العلمي الثاني لأكادير تارودانت.
وفي سنة 2008م حصل على وسام العرس من درجة فارس في تطوان بمناسبة ختم البخاري.
وفي سنة 2008م عين عضوا بالمجلس العلمي الثالث لأكادير.
وفي سنة 2010م عين عضوا بالمجلس العلمي الرابع لأكادير.
وفي سنة 2017م ألمت به وعكة صحية، حالت دون مواصلة شؤونه البدنية، ولكن بقي معها مباشرة لأشغاله ومسيرا لشؤون زاوية جده، ويحضر في بعض اللقاءات الخاصة.
ومن مؤلفاته:
أولا: “كتاب الكلمة الطيبة”، وهو جمع للدروس الحديثية التي كان يلقيها بالإذاعة الجهوية بأكادير.
ثانيا: “سيرته الذاتية”.
والكتابان أعدا للطبع تحت إشرافه، وقريبا سيصدران بحول الله.
كما له مجموعة من المشاركات العلمية، يسر الله جمع بعضها، والأمل في تحصيل ما بقي منها، لتنتظم في مؤلف جامع بحول الله.
رحمة الله عليك يا عمي وشيخي وأستاذي فضيلة العلامة سيدي الحاج عبد السلام لسان الدين الدرقاوي الإلغي، وأغدق عليك وابل المغفرة والرحمات، رفع لك في مرضاته الدرجات، ومتعك بالنظر إلىوجهه الكريم في فسيح الجنات، وجعلك مع المنعم عليهم من المسلمين والمسلمات، وإنا على فراقك يا عمي لمحزونون، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون.

محمد ضباش

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *