الرئيسية أخبار الجمعيات مشروع سكني بمليار سنتيم تبخرت أمواله مع الكازينو وخيول الرهان بالدشيرة

مشروع سكني بمليار سنتيم تبخرت أمواله مع الكازينو وخيول الرهان بالدشيرة

كتبه كتب في 12 أكتوبر 2012 - 17:12

تبخر حلم 44 شخصا بالحصول على قطعة أرضية لبناء “قبر الحياة”، بعد أن تبينوا وقوعهم في فخ والنصب عليهم في مبالغ كبيرة وصلت 995 مليون سنتيم وفق المعطيات التي حصلت عليها موقع سوس بلوس. قضاة، أطباء، محامون، مواطنون يمارسون أعمالا حرة وجدوا أنفسهم أمام ودادية الخير التي مقرها بتيزنيت، باعت لهم الوهم، ووعدتهم بقطعتين أرضيتين وهميتن بمنطقة سيدي فارس بالدشيرة الجهادية لبناء سكن عبارة عن فيلات ومنازل، فيما جنى رئيس الودادية وأمين مالها أموالا طائلة بددوها في كازينوهات أكادير.

نطقت أخيرا ابتدائية انزكان في أضخم عملية نصب قيمتها 995 مليون سنتيم، ليصدر الحكم في حق رئيس ودادية الخير التي مقرها بتيزنيت وأمين مالها بالسجن ست سنوات حبسا نافذا، وغرامة نافذة 1000 درهم، مع إعادة المبالغ التي دفعها كل ضحية واختلفت بين 77200 و141200 درهم.

كشفت شكاية 32 ضحية عن أكبر عملية نصب، بعد أن وقفوا على تماطل مسؤولي الودادية في البدء بإخراج المشروع إلى حيز الوجود، وققروا بالتالي الانسحاب مطالبين باسترجاع مبالغهم المالية التي أودعوها بالحساب الخاص بالودادية، عن طريق شيكات بنكية موقعة من كل من الرئيس و أمين المال، اكتشفوا فيما بعد أنها بدون رصيد وكون أموالهم صرفت في الرهان وخيول الحظ.

مشروع سكني وهمي

بدأت الحكاية مع اقتراح الحسين – أمين المال وهو أستاذ التعليم الابتدائي من مواليد 1980- وثلاث أعضاء آخرين

على جامع- رئيس الودادية وهو تاجر من مواليد 1978-  فكرة إنشاء ودادية سكنية يطلق عليها اسم ودادية الخير، خاصة وأن له تجربة سابقة من خلال تأسيسه لودادية بتيزنيت أطلق عليها اسم تيميتار، واقتنى أرضا بمساحة 34100 متر مربع سينتهي من دفع أقساطها خلال شتنبر الجاري. لقيت الفكرة الترحيب والحماس سيما وقد عبر أمين المال عن إمكانيته و قدرته على تدبر أرض لإقامة مشروع سكني، ومن خلال أموال المنخرطين يتم أداء ثمنها والاستفادة من الربح المتحصل. فعلا تأسست الودادية سنة 2010 بإنزكان وأصبح المحل التجاري للرئيس مقرا لها بشكل مؤقت، وتم فتح حساب بنكي للودادية وتسلم جامع الوصل النهائي في يوليوز من السنة الماضية، كما هو مثبت بوثائق تتوفر لدى سوس بلوس.

عمل أعضاء الودادية ورئيسها وأمينها على نشر خبر تأسيس الودادية لاستقطاب المنخرطين من الحالمين بقبر حياة لائق. انتشر الخبر بوجود ودادية تبيع بقعا بالدشيرة لبناء فيلات ومنازل، والتقى أول الضحايا أمين مال الودادية الذي أكد لهم أن الودادية ستقتني مساحة أرضية بسيدي فارس بالدشيرة من مالكيها في أبريل من السنة الجارية بعد أن حصل على وعد بالبيع من طرفهم. تم إيداع مبالغ مالية بحساب الودادية بالوكالة البنكية بحي السلام، بل كان يدلهم عليها ثم يطلب دفع تسبيق للبقعة للراغبين فيها حسب المساحة ونوع السكن، إضافة إلى دفع مصاريف الانخراط المحدد قيمتها في 1200 درهم تدفع نقدا أو بواسطة شيك.

 كان على الحسين أن يسافر إلى فاس للتفاوض مع ملاك القطعة الأرضية التي ستقام عليها التجزئة السكنية، إلا أنه أخبر الرئيس باستحالة ذلك لكونها تعرف مشاكل بين الورثة ” تعدد الورثة” وكونها موضوع رهن وطلب من أعضاء الودادية الصمت إلى حين تدبر المشكل، لكنه مع ذلك أصر على المضي في مشروعه بجمع الانخراطات، فكان الضحية يقوم بملأ مطبوع عبارة عن التزام مصحح الإمضاء لدى المصالح المختصة، ثم يسلم له أمين المال وصلا بالمبالغ، موقع من طرف الأمين يحمل خاتم الودادية.

نفس العملية خضع لها الضحايا تؤكد مصادر سوس بلوس بعد إقناعهم سواء من طرف مسؤولي الودادية بالانخراط في المشروع، في الوقت الذي أفاد فيه بعض الضحايا أن عملية الاستقطاب قام بها مسؤول بالوكالة البنكية التي فتحت الودادية حسابا لها بها، نظرا للصداقة التي كانت تربطه بأمين مال ودادية الخير.

 تزايدت المبالغ التي ضخها المنخرطون الذين بلغوا 134، في حساب الجمعية وبلغت سنة 2011 حوالي 220 مليون سنتيم. لكن اضطر أخيرا الأمين إلى إخبار بعض الضحايا بوجود مشاكل في البقعة الأرضية، وطلب منهم التريث إلى حين البحث عن قطعة أرضية أخرى، لكنه بعد حصوله على موافقتهم استمر في استقطاب المنخرطين ليصل مجموع المبالغ المودعة في حساب الودادية 995 مليون سنتيم.

شيكات بدون رصيد

بعد أشهر، بدأ الأمين يتلكأ بدعوى أن إجراءات تحصيل الرسوم العقارية هي مسألة وقت فقط وستنجز في يونيو 2013، ما جعل الشك يدب في قلب الضحايا حول المشروع الوهمي، خاصة بعد أن تمكن أحدهم من معرفة حساب الودادية واكشف أن الحسين قام بسحب مبالغ ضخمة لحسابين آخرين، تبين فيما بعد أن أحدهما لحسابه الشخصي والآخر باسم ودادية تيميتار. عبر الضحايا عن رغبتهم في التراجع عن انخراطهم، وطالبوه بإعادة مستحقاتهم، وأرغموه على مرافقتهم إلى حيث رئيس الودادية الذي كان يوقع على الشيكات ليتسلموها بتوقيع ثنائي، تبين أنها بدون رصيد، كما اكتشفوا أن التجزئتين المزعومتين مجرد خطوط على الورق. لم يكن أمامهم من حل سوى استدراج رئيس الودادية، إلى إحدى محطات الوقود الموجودة بحي تاسيلا بتراب مدينة الدشيرة الجهادية، بعد تقديمهم شكاية في الموضوع.

تصريحات المتهمين

في الأول من ماي من السنة الجارية، أوقف جامع -رئيس الودادية- بعد أن طارده المنخرطون بصياحهم. اعترف أن الحسين استغل تغيير مدير الوكالة البنكية بمديرة جديدة، وعرض على الأعضاء بالودادية مشكل التعامل معها، ليقنعهم بنقل حساب الودادية إلى حساب آخر خلال دجنبر من السنة المنصرمة. وكان أمين المال يتصل به من حين لآخر يخبره برغبة بعض المنخرطين في التراجع عن انخراطه فيضطر هو إلى توقيع شيكات على بياض، لكن الأمين استغل ذلك وقام بسحب 950 مليون سنتيم من حساب الودادية، مما تعذر معه الوفاء بالشيكات. كما أكد أن الحسين، ولأجل كسب ود أعضاء الودادية، كان بين الفينة والأخرى يمدهم بمبالغ مالية متفاوتة أقلها 5000 درهم لكل عضو. ولأجل إبعاد المسؤولية عن عاتقه، بادر جامع إلى تسجيل شكاية ضد أمين المال، أكد خلالها أن المعني بالأمر هو المسؤول الرئيسي عن صرف أموال المنخرطين، خاصة وأنه-رئيس الودادية- قد سبق له أن طالب الوكالة البنكية بمنحه كشفا بجميع معاملات الودادية لكن طلبه رفض بدعوى ضرورة ورود موافقة الإدارة.

في حين صرح المتهم الثاني بكونه قام بسحب المبالغ المالية من حساب ودادية الخير لصالح ودادية تيميتار إلى حدود 2 مليون درهم لإنقاذها من الإفلاس. واعترف بكونه مدمنا على القمار بالكازينوهات بأكادير منذ سنة 2011.

كان هذا الأخير يشعر الرئيس بحاجته للمال، ودون تردد كان يوقع له الشيكات ليتجه إلى الكازنوهات، وأكد أن الرئيس كان سبق له سحب مبلغ 290 مليون سنتيم لفائدة ودادية تيميتار، واعترف الحسين كونه وفي ليلة واحدة، سحب مبلغ 40 مليون سنتيم من حساب الودادية من أجل القمار هو ورئيس الودادية. واضطر بعد كشف المستور إلى الاختفاء ومحاولة التفاوض مع المنخرطين لإيجاد حل معهم، خاصة وأن الخصاص بحساب الودادية وصل 240 مليون سنتيم، قبل أن يقرر تسليم نفسه.

المحجوزات:

حجز في منزل أمين المال أوراق سحب مبالغ مالية مختلفة وسلم صهره للشرطة ملفات المنخرطين.

الحكم:

الحكم ابتدائيا وحضوريا على المتهمين بالحبس نافذا 6 سنوات وغرامة 1000 درهم مع الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى. ومنع المتهمين من إصدار الشيكات لمدة 10 سنوات مع الأمر يإرجاعهما ضيغ الشيكات الموجودة في حوزتهما.

وأداء التعويضات المدنية للمطالبين بالحق المدني وهم 44 ضحية.

فصول المتابعة:

الفصل 540 من القانون الجنائي بخصوص النصب  والاحتيال، والفصل 550 الذي يشدد عقاب خيانة الأمانة، وإصدار  شيكات بدون رصيد حسب المادة 316 من مدونة التجارة.

وتطبيق الفصول: 286و287و290و 365و375و385و638 من قانون المسطرة الجنائية.

سوس بلوس/ أمينة المستاري

مشاركة