الرئيسية اراء ومواقف عذرا جدي عرفت ما معنى البدعة ولم أقو على محاربتها

عذرا جدي عرفت ما معنى البدعة ولم أقو على محاربتها

كتبه كتب في 27 مارس 2019 - 12:09
بعد وفاة الشخص ، يصبح منزله محجا يزوره كل الناس ، بما فيهم : العائلة ، والأصحاب والجيران …قصد التخفيف عنهم ، ولا سيما أهل بيته ، إلا أن الملاحظ والمؤسف في الموضوع على هؤلاء الزائرين والمعزين الذين يمكثون في بيت الميت ثلاثة أيام كما اقتضت العادة والتقاليد ، يأكلون ويتلذذون ويتحدثون في موضوعات شتى يبدؤونها بصفات الراحـل وأخلاقه وأفعاله الحسنة ساعة وفاته ، تمشيا مع السنة النبوية ( اذكروا موتاكم بخير ) وجريا على عادة الشعراء القدامى كالخنساء مثلا في رثاء أخيها صخر، وهذا طبعا عمل سام ونبيل يلطف جوعائلة الراحل ، ويخفف من شدة ألم ما نزل بهم من كرب…. غير أن الذي لا أستسيغه بعد وقت وجيز على دفن الراحل أن أجد هؤلاء المعزين _جزاهم الله خيرا _ يأتون بيت الراحل ويطمعون في أهله أن يصنعوا لهم طعاما على غيرعادة نبينا عليه السلام الذي قال: (اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم ) فالسنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاما يشبعهم إعانة لهم ، وجبرا لقلوبهم أما حديثهم فينقلب رأسا على عقب من بكاء، وحزن على الميت، والدعاء له ، والترحم عليه، إلى ضحك وحديث في العقار ورواتب الموظفين وأثمنة السوق …عند الرجال ، وإلى مجوهرات وملابس وقيل وقال عند النساء . وحتى نفي الموضوع حقه ولا نبخس منه شيئا ، نجد في عزائنا قرآنا يتلى، ومحاضرات توعوية تلقى ، وأمداحا تنشد حزنا على الراحل وهذا شيء طيب ومحبوب من قبل الكل ،لكن الذي لا يقبله الكل أيضا أن يصبح هذا القرآن سلعة وبضاعة تعرض للبيع والشراء عند من يسمون أنفسهم بـ” الطلبة” إلى درجة أن الحاضرين من الناس يدفعون لهم مقابل قراءة القرآن على ذويهم مبالغ مالية وكأننا في حفل زفاف الذي تقدم فيه الغرامات لـ.. ضاربين عرض الحائط قول الله تعالى : ( وويل للـذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون) هذا فضلا ، عن ما يتبع هذا القرآن من أطباق شهية ” اللحم بالبرقوق ، والدجاج باللوزوالفواكه بالأنواع ، فضلا عن المشروبات التي تسهل وتساعد على الهضم ، أمـا الشاي الذي يقدم كمقبلات في بداية جلستهم _ تقصيرتهم _فهوالآخر يقدم بأنواع الحلويات تتقدمها الكعبة وقس على ذلك . هذه العملية / الوليمة تستغرق ثلاثة أيام تنخرجيب عائلة الراحل وقد تطول أكثر مـن ذلك ، وما تكاد تنتهي ويسترجع أهل الميت أنفاسهم حتى تهل عليهم أربعينية الميت _ اليوم الأربعون من وفاته _فيجتمع فيه أهله والمعزون كاجتماعهم يوم وفاته ، ولا يعذر من تغيب عن هذا الاجتماع عادة . إن إقامة الأربعين للميت هي بدعة وعادة وليست عبادة ولـم يثبت استحباب ذلك ، وليس هناك دليل على هذا ، وإنما هي ظاهرة مستمدة من المصريين القدامى الذين يحنطون الجثة مدة أربعين يوما كما ورد في موسوعة خير الدين الأسدي، بل إن في نصوص الشرع ما يخالف هذه الظاهرة وينقضها تماما فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يحد على ميت فوق ثلاث ، إلا المرأة، فإنها تحد على زوجها أربعة أشهروعشرا ) ولو كان في هذه الليلة فضيلة أوخيرا على الأموات أوالأحياء لما أغفله الشارع بطبيعة الحال . إن هذه العادة وأمثالها ، في طريقها إلى الاندثار ، وإن كان بعض مرضى القلوب وضعافها / يريدون أن يحيونها .
عود على بدء ، البدعة هي العبادة المحدثة ، التي ما جاء بها الشرع ، يقال لها بدعة ، وكل البدع ضلالة لقوله النبي –صلى الله عليه وسلم ( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) ويقول أيضا ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) رحمك الله ياجدي _ أبا أبي _ وأبدلك الله دارا خيرا من دارك وأهلا خيرا من أهلك وأدخلك الجنة، وعذرا مرة أخرى جدي لأني ما استطعت تغيير ما يسود مجتمعنا من بدع ، ولا أملك سوى الإشارة إلى خطرها على مجتمعنا، أما علاجها فبيد من يملكون الحل والعقد ، وأنا لا أملك من ذلك سوى قلمي هذا ، ولكني أعدك أن أغير ما استطعت إلى ذلك سبيلا .
عبير الشارف
مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *