الرئيسية اراء ومواقف السيد وزير التربية الوطنية والكاميرا الخفية

السيد وزير التربية الوطنية والكاميرا الخفية

كتبه كتب في 12 سبتمبر 2012 - 00:18

محاربة الفساد هو شعار رفعته الحكومة الحالية منذ التصريح الأول، وعلى هذا الأساس اتخذ وزير التربية الوطنية قرارا اعتبره جل المغاربة صائبا ويصب في اتجاه تجويد منظومة التربية والتكوين،  وبالرجوع إلى ما خلفته نتائج انتقاء التلاميذ الراغبين في ولوج المؤسسات ذات الاستقطاب المحدود من تدمر واحتجاجات في أوساط كل المهتمين بالشأن التعليمي حيث تم حرمان عدد كبير من الحاصلين على معدلات عليا من الترشيح للمباريات الخاصة، فقد كانت أصابع الاتهام تذهب مباشرة إلى التعليم الخاص وقلنا حينها إن المشكل لا يكمن وحده في نفخ النقط في المراقبة المستمرة في المؤسسات الخصوصية بهدف حصول طلبة هذه المؤسسات على امتياز 25% من مكونات المعدل الوطني للبكالوريا، بل الخلل يصيب كذلك حتى مؤسسات التعليم العمومي وربما بدرجة أكبر بحكم عدد المتمدرسين، الخلل يتمثل في تجارة النقط التي تعرفها مؤسسات التعليم العمومي بواسطة ساعات الدعم التي يقدمها أطر وزارة التربية الوطنية بالليل أو حتى بالنهار في المنازل والكاراجات وحتى داخل بعض المؤسسات الخاصة على أساس اقتسام المدخول بين صاحب المؤسسة والأستاذ وذلك بالطبع على حساب استنزاف جيوب الآباء،  ويكبر الخلل إذا تعلق الأمر بتلاميذ نفس الأساتذة حيث يتم توزيع النقط في القسم حسب درجة انخراط هذا التلميذ أو ذاك في الدروس الخصوصية في السوق السوداء، والويل كل الويل إذا اكتشف أستاذ أن أحد تلامذته يتابع دروسا بالليل عند أستاذ آخر غيره، وهذه حقيقة يعيش على إيقاعها كل الآباء، طبعا هناك من التلاميذ من يرغب في تجاوز عقباته المعرفية وهناك من يرغب في تطوير معارفه وهناك من يراهن على التميز في إطار استراتيجيته لبناء مشروعه الشخصي المتعلق بالترشيح للمؤسسات ذات الاستقطاب المحدود وهذا ليس فيه عيب إنما الممارسات والسلوكات التي تمس نبل العملية يجب أن ترقى لمستوى تضمن تكافؤ الفرص بين الجميع، وعلى هذا الأساس فقد أشرنا سابقا في بعض الكتابات إلى ضرورة إحداث مرصد للقيم  Observatoire des valeurs على مستوى الأكاديميات والنيايات مهمته رصد كل حالات غير المرغوب فيها التي تمس منظومتنا التعليمية بارتباطها مع القيم النبيلة المستهدفة، أشرنا سابقا إلى ضرورة إحداث مراصد إقليمية لمحاربة العنف بالوسط المدرسي بشتى أنواعه وهذه السلوكات هي نوع من أنواع العنف الممارس ليس فقط على التلاميذ وإنما كذلك على آبائهم، أشرنا كذلك إلى ضرورة إحداث خط أخضر للتبليغ على هذه الممارسات على مستوى كل أكاديمية وكل نيابة حتى يتسنى لجميع المواطنين المساهمة بطريقة مباشرة في إطار تشاركي، شفاف ومنفتح في القضاء على كل أشكال التمييز بين أبناء المغاربة والحفاظ على كرامتهم وبناء شخصيتهم.

كنا ننتظر ان يذهب السيد الوزير أكثر من ذلك، أي استهداف بائعي النقط و تجار المراقبة المستمرة كذلك الذين يشتغلون في العمومي بالنهار ويرتزقون بدروس الدعم في الليل، وهؤلاء أخطر من الذين يزاولون الساعات الإضافية بالخصوصي، إذا صح هذا التراجع فإنها فعلا ضربة موجعة للمدرسة العمومية، أبناءنا مهددون من طرف أساتذتهم بشراء النقط في المراقبة المستمرة ولعل ما وقع هذه السنة بمناسبة “ثورة البكالوريا” خير دليل على ضرورة الانتباه إلى أصوات الآباء والتلاميذ الذين يعانون من تجارة النقط، لا يعقل أن يمنح أستاذ لتلميذ نقطة 6 على 20 في معدل الفرنسية لمجرد أنه لا يشتري منه النقط أو لكونه يتلقى دروس الدعم عند أستاذ آخر، وعليه فإن فيدرالية جمعيات الآباء يجب أن تتحمل مسؤوليتها وأن تدافع عن قيم المدرسة العمومية إلى جانب النقابات كذلك، قرار الوزير بوقف الترخيص لأطر وزارة التربية الوطنية لمزاولة الساعات الإضافية بالخصوصي استحسنه أغلبية الشعب المغربي وبالتالي تجنيد أو تكوين أطر بديلة عبر الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات    ANAPECيبقى هو الحل أمام مؤسسات التعليم الخصوصي الآن وليس بعد خمس سنوات ، لأن بعد هذا التاريخ سوف لن يكون هناك وافا آخر، وهذا ممكن وليس مستحيل، رغم أن الوقت غير كافي الآن نظرا لنزول المذكرة مع حلول الموسم التربوي ولكن ألم تلجأ المدرسة العمومية إلى التوظيف المباشر في مناسبات سابقة ؟ كل شيء ممكن مع اعتماد منهجية للتكوين المستمر كما وقع مع أصحاب الشهادات المدمجين في سلك التعليم،  نتمنى ألا يتعلق الأمر بكاميرا مقلوبة في كل ما حدث.

مشاركة