الرئيسية مجتمع أساتذة بأزيلال يقضون “ليلة بيضاء” بعض اختناق زميلين بسبب “حطب التدفئة”

أساتذة بأزيلال يقضون “ليلة بيضاء” بعض اختناق زميلين بسبب “حطب التدفئة”

كتبه كتب في 10 يناير 2018 - 11:00

ليلة بيضاء كبياض الثلج بأعالي جبال أزيلال، عاشها أساتذة للتعليم الابتدائي ومدير مجموعة مدارس آيت تامليل بدوار تمكنسفت بجماعة آيت تمليل بإقليم أزيلال، بعد تعرض أستاذين للاختناف بسبب غاز ثاني أوكسيد الكربون، المنبعث من حطب التدفئة، ولولا الألطاف الإلهية،  لكانت نهاية مأساوية.

في أعلى نقطة من منطقة آيت تمليل، يقطن الأساتذة المتعاقدون بالسكن الوظيفي، بعد تعيينهم حديثا بالمدرسة، ويقطن كل أستاذين بمسكنين متجاورين يضم غرفة ومطبخا، وبسبب انخفاض درج الحرارة التي قد تصل أحيانا 10 درجات، اضطر سفيان  شباك وعبد اللطيف الأشهب اللذان يدرسان اللغة العربية والفرنسية (من المستوى الثالث إلى المستوى السادس)، إلى إضافة البلاستيك للنوافذ لمنع تسرب النسمات الباردة خاصة في الليل.

ليلة الحادث، يحكي رشيد زميلهما في العمل الذي يقطن بمعية زميل آخر بمنزل مجاور، أن الأساتذة كانوا مجتمعين يتسامرون، قبل أن ينفض المجمع ويذهب سفيان وعبد اللطيف إلى مسكنهما، لتصحيح بعض الفروض وأغلقا الباب، قبل أن يوقدا المدفئة باستعمال بعض الحطب الذي يمدهم به السكان من حين لآخر، فقد كانت درجة الحرارة منخفظة جدا، وحوالي الساعة الواحدة والنصف تقريبا، خلدا إلى النوم بعد أن أخرجا المدفئة خارج البيت.

يضيف رشيد : “مع الثالثة صباحا، استفقت من نومي على صوت الهاتف يرن، كان سفيان يحاول التكلم لكن دون أن يصدر منه صوت، كانت شبه حشرجة ولم يكمل، اضططرت للاتصال به مرة أخرى، وقرر الذهاب شخصيا إلى منزلهما لاستطلاع الأمر، فالمكالمة أدخلت الشك في نفسه.

بصوت متأثر يكمل رشيد حديثه: ” طرقت الباب، وعندما فتح سقط سفيان على الأرض، فحملته وأخذته إلى منزلي، لكن وبصوت خافت طلب مني إنقاذ صديقه الآخر، عدت بسرعة إلى منزل زميلاي، وحملت الأستاذ على كتفي وأخرجته من المنزل، وكان يصدر صوتا أخافني، فاتصلت ببعض ساكنة الدوار الذين حضروا إلى منزلي وقاموا ببعض الإسعافات الأولية البسيطة “عطر…”…وقمنا بإخبار مدير المؤسسة التعليمية الذي أخبر بدوره مديرية التعليم والسلطات المحلية…بقيت  حالة الأستاذين على حالتها بعد أن استفاقا من حالة الإغماء… لكن في حوالي الثالثة من زوال أمس الإثنين، لوحظ على أحدهما صعوبة في التنفس وارتعاش قوي، قبل أن يدخل حالة من الهستيرية نتيجة الخوف  مع صلاة المغرب،  ليتم الاتصال مرة أخرى بالمدير وبعد اتصالات عديدة مع السلطات الإقليمية والمديرية من أجل إرسال مروحية إلى المنطقة، نظرا لأن الطريق كانت مقطوعة بسبب تساقط الثلوج الذي وصل علوه مترا”.

 تجربة مريرة عاشها رشيد، لا يكاد يقوى على التحرك السريع وإحساس بالعجز عن إنقاذ زميلين، ولم يتنفس الجميع الصعداء إلا عند وصول مروحية الدرك الملكي في الصباح الموالي إلى المنطقة، ونقل سفيان وعبد اللطيف إلى مستشفى ابن طفيل بمراكش.

مدير المؤسسة الحبشي عاش ليلة بيضاء من جانبه، من خلال إجراء مكالمات مستمرة والاطلاع على حالة الأساتذة هاتفيا، مع بعض التوجيهات، فالأمر يتعلق بحياة رجلي تعليم في منطقة تنعدم فيها وسائل التنقل بسبب تضاريسها الوعرة وموقعها الجبلي(حوالي 1600متر عن سطح البحر)، خاصة وأن الدوار يبعد عن مركز تامليل بحوالي 10 كيلومترات غير معبدة، وتسوء وضعيتها مع سقوط الثلوج الكثيفة، حيث يصف رشيد المكان ” كتحس براسك هنا قريب من السما، وملي كايكون الجومزيانكتشوف النجوم قراب في الليل”.    

أحاسيس متسلسلة عاشها رشيد وزملاءه تلك الليلة، من خوف، تشتت التفكير، توقع الأسوء…فالموقف لم يسبق لأحدهم أن تعرض له، يقول رشيد :” حنا من أبناء الإقليم، وكنعيشوا مع ساكنة هاد المنطقة اللي وقفوا معانا ديك الليلة،  أول مرة كنعيش هاد الموقف راه صعيب شوية”.

لحسن الحظ، أن سفيان وعبد اللطيف نجيا من موت محقق بسبب الاختناق، فحالتهما الصحية تبعث على الارتياح، حسب مدير المؤسسة الذي انتقل إلى مراكش لمعاينة وضعيتهما، بعد أن تلقيا الإسعافات الضرورية بمراكش.
أمينة المستاري
الجريدة24
مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *