الرئيسية اراء ومواقف التعليم الأولي بين الإختيارية والإلزامية

التعليم الأولي بين الإختيارية والإلزامية

كتبه كتب في 26 نوفمبر 2017 - 13:12

 الدكتور عمر بوتكلفين- باحث في علوم التربية

 

التعليم الأولي…نظرة تاريخية

منذ نهاية الخمسينات شاهد التعليم بالمغرب تحولات بدأت بمحاولة إرساء تعليم وطني مغربي بعد التخلص من فترة الاستعمار. غير أن قلة الأطر الوطنية آنذاك جعلت الحكومات تمدد اسمرار الأجانب في مناصب التدريس بالمغرب بالتعاقد في إطار التعاون. وقد لعبت المدارس العتيقة دورا هاما في تكوين بعض الأطر للمواد المعربة لتلك المدارس نفسها وللتعليم الرسمي الابتدائي الذي استفاد أيضا من مراكز تكوين المعلمين التي زودت هذا السلك بأطر مغربية في بداية الستينات. ووفق الظهير الشريف رقم 163071 الصادر بتاريخ 19 نونبر 1963 فإن التلاميذ الذين يلجون السلك الابتدائي تتراوح أعمارهم بين سبع سنوات و13 سنة. و انشغلت وزارة التربية الوطنية منذ ذاك العهد بإشكالية ضمان التمدرس للفئات المذكورة دون التغلب عليها بصفة نهائية خصوصا بالوسط القروي رغم كل التعديلات التي عرفها القطاع إلى حد الآن. وموازاة مع هذه الإشكالية، ظهر سلك قبلي للسلك الابتدائي يسمى بالتعليم الأولي كما هو الشأن في العديد من الدول. فإذا كانت المدرسة العتيقة بالمغرب لعبت دورا هاما في التعلمات الأولية للعديد من الأطر الوطنية فإنها مازالت تؤدي نفس الدور بمقراتها والتي تتواجد غالبا بالمساجد والزوايا. ويتمثل دورها في القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية بالإضافة إلى بعض العلوم حيث يقوم الفقهاء بدور المدرس بها. وفي إطار تنمية التشغيل ومحاربة الأمية سمحت الدولة بممارسة هذه المهمة خارج المدارس العتيقة في إطار النوادي والجمعيات والمبادرات الشخصية انشق منها التعليم الأولي الذي يهتم بتعلم الصبيان ما قبل سن التمدرس في قالبين: الكتاب القرآني والروض، تشرف عليهما جهات مختلفة بما فيها وزارة التربية الوطنية حيث خلق مكتب التعليم الأولي بالوزارة منذ سنة 1972. فمدرسة الكتاب القرآني أقرب من المدرسة العتيقة في البرامج إلا أنها لا تختلف كثيرا عن مدرسة الروض من حيث القانون المنظم باستثناء بعض الشروط المتعلقة بالفضاء التربوي والتجهيز المفروضة على هذه الأخيرة لتصبح مؤسسة عصرية تقوم بتربية الطفل على أسس علمية ونفسية. لكن اجتهاد أصحاب الكتاتيب القرآنية في تطوير مناهجهم جعل أولياء التلاميذ لا يستطيعون بسهولة إدراك الفرق بين هاتين المؤسستين المندرجتين في التعليم الأولي. ويقصد بالتعليم الأولي وفق القانون رقم 05.00 الصادر بتاريخ 19 ماي 2000 المرحلة التربوية التي تتكفل بها المؤسسات التي يقبل فيها الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين أربع سنوات كاملة وست سنوات أي أنه يستغرق هذا السلك التربوي مدة لا تتجاوز سنتين: سنة الروض والسنة التمهيدية للسلك الابتدائي. لكن كثيرا ما نجد في المدارس الخصوصية سلكا ذو ثلاث سنوات حيث يصطلح على المستوى الأول “الروض الأول” (petite section) يلجه أطفال ذوي ثلاث سنوات من عمرهم، وعلى المستوى الثاني “الروض الثاني” (moyenne section) يلجه أطفال ذوي أربع سنوات، ثم السنة التمهيدية(grande section) لذوي خمس سنوات. ساهم الناشرون في ترسيخ هذا النظام بإصدار كتب خاصة ومتنوعة لكل هذه الفئات. وكثيرا ما يضاف سلك آخر قبلي يسمى بالحضانة (la crèche)يستقطب أطفال ما قبل ثلاث سنوات بالرغم من غياب نص قانوني ينظمه.

2- أهداف التعليم الأولي:

حسب القانون رقم 05.00 فإن التعليم الأولي يهدف إلى ضمان أقصى حد من تكافؤ الفرص لجميع الأطفال المغاربة قصد ولوج التعليم المدرسي وتيسير نموهم البدني والعقلي والوجداني وتحقيق استقلاليتهم وتنشئتهم الاجتماعية وذلك من خلال: – تعليم ما تيسر من القرآن الكريم بالنسبة للأطفال المغاربة المسلمين؛ – تعلم مبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الأخلاقية؛ – تعلم القيم الوطنية والإنسانية الأساسية؛ – تنمية مهاراتهم الحسية الحركية والمكانية الزمانية والرمزية والتخيلية والتعبيرية؛ – التمرن على الأنشطة العملية والفنية؛ – التحضيــر لتعلم القـراءة والكتابة باللغة العربية من خلال ضبط التعبير الشفوي، مع الاستئناس بالأمازيغية أو أي لهجة محلية أخرى وذلك لتيسير الشروع في القراءة والكتابة. وقد غابت عن هذه الأهداف ما يجعل جل الأمهات و الآباء يقبلون على هذا النوع من التعليم والمتمثل أساسا في تعلم لغات أجنبية حيث أصبحت المردودية بالمؤسسات التعليمية تقاس بمدى تحكم التلميذ في تلك اللغات. كما يلاحظ غياب ما يشير إلى دور الحضانة ليس فقط من حيث حاجيات الطفل المتعلقة بسعادته ونموه، بل أيضا فيما يهم انشغالات الأمهات العاملات بخصوص رعاية أموية لأبنائهم وبناتهم.

3- الفضاء التربوي:

يعتبر الفضاء التربوي من أهم مكونات التعليم الأولي وشرط يركز عليه القانون المنظم له. فينبغي اختيار موقع مؤسسة التعليم الأولي ليتمتع بهواء نقي وشمس وافرة وأماكن مستظلة بعيدا عن التلوث والضجيج والأخطار. فيشترط في الحجرة التربوية أن تكون جذابة من حيث التزيين بكل الوسائل التي من شأنها إثارة انتباه التلميذ. فالطفل في هذه المرحلة يحب اختلاف الأشكال والألوان. فهو كثير الفضول بخصوص الحيوانات والنباتات والأجهزة مثلا مما يتيح فرص التعلم بإشباع رغبة التعرف والفهم على هذه الكائنات التي يصادفها في وسطه. وللحديقة أهمية لا تقل عن أهمية الحجرة التربوية. ففي الحديقة يمارس الصغار أهم مطالب النمو من الحركة والنشاط التلقائي، واللعب بالأدوات، والأجهزة الموجودة بالحديقة. ولفضائها الأخضر والزهور والأشجار دور في التربية الجمالية والاطمئنان وتحبيب المدرسة والتعلم بها فضلا على تنقية الهواء وتوفير الأكسجين والاستظلال بظلها. إن حاجات الأطفال تفرض أيضا توفير مطعم ومراحيض ومصحة وغرفة للنوم بالإضافة إلى كل ما من شأنه أن يوفر السلامة للأطفال والساهرين على تربيتهم.

4- الموظفون:

يشتغل بالتعليم الأولي أطر مختلفة منها من يدير المؤسسة ومنها من يربي ومن يسهر على صحة الأطفال كالممرضين والأطباء بالإضافة إلى طاقم السائقين والحراس والمنظفين والعمال. ويشترط في الأطر المكلفة بالتربية بهذه المؤسسات أن تتلقى تكوينا خاصا في علوم التربية من حيث سيكولوجية الطفل وعلم الاجتماع والصحة بالإضافة إلى إلمامها بالأمومة والأبوة لمعرفة حاجيات الأطفال الفيزيقية والوجدانية وتلبيتها. ولشخصية المربين بهذا المستوى دور قد يؤثر سلبا أو إيجابا على مستقبل الطفل لما يستدعي ضرورة التحلي بأخلاق وسلوكات تربوية دقيقة. فكلما كان سلوك المربية طيبا وملائما كلما أظهر الطفل لطافة وسلوكا إيجابيا. وقد أنشأت بعض المراكز لتكوين المربيات والمربين لكن قبول مرشحين لا يتجاوز مستواهم الدراسي نهاية السلك الإعدادي قد يسيء إلى التكوين بالتعليم الأولي إذا كان المعني بالأمر لا يثقن مواد تدريسه خصوصا منه ما هو لغوي. فهذا المستوي يستدعي تكوينا أكاديميا معمقا وتجربة كبيرة في التعامل مع الأطفال كما تمت الإشارة إلى ذلك.

5- مناهج التعليم الأولي:

انطلاقا من الأهداف العامة المشار لها أعلاه، تم تحديد القدرات المستهدفة في مستوى من مستويات التعليم الأولي تقتضي برنامجا دراسيا محكما يشمل مواد كالتربية الإسلامية والتربية الفنية والرياضيات واللغة العربية واللغة الفرنسية من حيث التعبير والقراءة والكتابة. ويرتكز البرنامج على حاجيات الأطفال وفق السن ومستوى المعارف المكتسبة. – فالحضانة امتداد للتربية المفروض بدايتها في أحضان الأسرة. ففي منظور المدرسة الحديثة لا ينحصر دورها في حراسة الأطفال (garderie)،بل يتكامل مع دور الأسرة من أجل تصحيح السلوك عند الاقتضاء والسمو بتربية الطفل قصد الاندماج في وسطه، يتعلم التزام حدوده من خلال اللعب واحترام زملائه، ويتعلم النطق والكلام الجيد في الرد على معاملات الناس له كأن يشكر من يكرمه فضلا على الاستجابة لطموحات الأسر في حفظ بعض الجمل بالترديد و اللعب الفني باعتماد الغناء والموسيقى والرقص والتقليد. فالطفل في هذا المستوى يتعلم مبادئ في اللغات التي تتداول في الفضاء التربوي مع المربيات، فهو يقلد المربية في التعبير والسلوك. فكما أشار إلى ذلك محمد داني فإن للحضانة وظيفة اجتماعية محددة هي موالاة نمو الطفل في الوقت الذي تنشغل عنه أسرته أو يعجزها مستواها الثقافي عن الوفاء بمطالب هذه المرحلة. فدار الحضانة منوطة من قبل المجتمع بالقيام بوظيفة الحضانة الأسرية والاجتماعية. إن الحضانة توفر وسائل التعلم باللعب والترفيه حيث يتم توجيه اللعب ليفيد في تطوير القدرات الحس/حركية كما توفر الوسائل السمع/بصرية تقوية الملاحظة وتعلم التعبير والنطق السليم من مصدر لغة الأم لأطفال تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات. ويقتصر برنامج الحضانة الخاص بالجانب المعرفي على التعرف على أسماء الأشياء التي تحيط به وعلى أشكال بعض الحروف والنطق بها.

الروض الأول :هو محطة بين قسم الحضانة وسلك الروض حيث يلجه أطفال سبق أن استفادوا أو لا من برنامج الحضانة. يخطئ المرء خطأ كبيرا لو أنه اعتقد أن هذا المستوى يتطلب جهدا أقل مما تتطلبه باقي المستويات لكونه يحتوى على أطفال أصغر سنا يتلقون دروسا أسهل على مقاعد اصغر. والواقع أنه من السهل على أستاذ جامعي تعليم مئات الطلبة في مدرج الكلية بدل تعليم القراءة والكتابة لثلة من الأطفال بمستوى الروض الأول. هو المستوى الذي يستقبل الأطفال في سن الثالثة من عمرهم. وهو المستوى الذي يعد للفترة الثانية من المرحلة الأولى للنمو. وهي مرحلة فائقة الأهمية لأنها تلبي مطالب النمو فيما قبل السن المدرسي إذ إن الصغير في هذه الفترة يكون قد اجتاز مرحلة الطفولة العاجزة، واكتسبت بعض أعضائه نضجا مما يشعر الصغير بقدرته على الاستقلال عن أسرته بعض الوقت. وينزع به إلى تحقيق هذه القدرة وتأكيدها عن طريق الاتصال بمجتمعات أخرى. ويتجاوز نشاط طفل هذه المرحلة المظهر الحركي إلى المظاهر العقلية واللغوية والاجتماعية، والثقافية. أما المناهج والأنشطة التربوية لهذا المستوى فإنها تهدف إلى غرس القيم والمثل لدى الأطفال، إرساء مبادئ التواصل والتعبير بسلك طريقة التداعي الحر، وتشجيعهم على إبداء الملاحظات ووصف ما يشاهدونه ويوصف لهم باعتماد القصص والحكايات، اكتشاف مفهوم العدد والفضاء بالملاحظة الموجهة وربط التفتح الفني والتربية التشكيلية بالرياضيات ليرسم ويلعب ويتعلم. ويتم التركيز في البداية على أنشطة يدوية وتعبيرية صوب الإدماج في لغة فصيحة. وتوظف الأناشيد لترسيخ العبارات بالتقليد والترديد.

وتقوم أغلب مؤسسات التعليم الأولي بالمغرب بتعليم أطفال الروض الأول بلغتين: اللغة العربية ولغة أخرى أجنبية. الروض الثاني: يعتبر هذا المستوى مرحلة مهمة للطفل حيث يتعلم الكتابة و القراءة و كيفية أخذ القلم،كما تتسنى له فرصة التعبير عما يخالجه من مشاعر و يبدأ في اكتشاف العالم المحيط به من خلال بعض الخطوات الخجولة في التواصل مع الغير،وبالتالي تتحدد معالم شخصيته ويكون التركيز في هذا المستوى منصبا على الدخول في عالم القراءة و الكتابة و الحساب. ويجب مراعاة حاجيات الطفل وطريقة تربيته داخل محيطه الأسري و استحضار إيقاعه الزمني في تنمية وتطوير الكفايات والقيم المستهدفة و التركيز على التدرج في تقديم الأنشطة. وتهدف التربية في هذا المستوى إلى إكساب الطفل الثقة في نفسه والانفتاح على الغير ثم تنمية الاستقلالية في التفكير و الممارسة و الحث على التفاعل الايجابي مع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته و التحلي بروح المسؤولية و الانضباط و إعمال العقل و اعتماد الفكر النقدي . أما بخصوص القدرات المستهدفة من البرنامج الدراسي فهي أن يكون الطفل قادرا على الحديث و الإصغاء و الفهم و التواصل مع الآخر قادرا على استعمال رموز تمثل مظاهر من الواقع مما يساعده على تطوير قدراته في اتجاه يمكنه من القراءة و الكتابة مكتسبا سلوكات متعلقة بالآداب العامة و الحياة الاجتماعية مما يسهل عليه عملية الاندماج و التواصل و التعرف على أعضاء جسمه و الاكتشاف و التحكم في قدراته الحركية والملاحظة و البحث و المناولة و على المشاركة الفعلية في الأنشطة الجماعية و اكتساب مفاهيم رياضية أولية تتعلق بالخاصيات و العلاقات و الأشكال و القياسات و الأعداد والاستدلال و الاستقراء في حدود قدراته العقلية. وتتمحور المواد الدراسية حول وحدة التربية الإسلامية(القرآن الكريم – العبادات – العقيدة – آداب إسلامية – السيرة النبوية) ثم وحدة اللغة العربية (التعبير-القراءة – التخطيط و الكتابة )وحدة النشاط العلمي(الرياضيات – التفتح العلمي )وحدة التفتح الفني ( الرسم و التلوين – الأعمال اليدوية – الأناشيد.) وحدة التربية العامة (التربية الوطنية-التربية الطرقية – التربية الغذائية – التربية النفسية – التربية البيئية – حقوق الطفل) ثم وحدة اللغة الفرنسية(القراءة- الكتابة والتخطيط – التعبير ) و الفنون التشكيلية أما الوسائل المستعملة في هذا المستوى فتتجلى في :أشرطة الحكايات –صور التعبير الفني – بطاقات الإعداد للقراءة – دليل المربية – سور من القرآن الكريم – لوحات – أشرطة أو أقراص سمعية أو بصرية أو سمعية بصرية – خشيبات – عجينة طباشير – سبورة –أقلام – كتاب التلميذ – دفاتر … القسم التمهيدي: وتشكل هذه المرحلة القاعدة الأساسية للمرحلة الابتدائية. ولذا فمهمتها تربية، وإعداد أكثر منها تعليمية. ولقد بينت بعض البحوث أن 30% من النمو العقلي للطفل يتكون في السنة الرابعة، ويمتد حتى الثامنة. مما يؤكد أهمية هذه المرحلة الحرجة التي تتميز بنمو سريع تبرز فيه أكثر من القدرات. إن مرحلة 6 سنوات هي مرحلة بناء الشخصية. حيث يكون الطفل بالغ الحساسية بما يحيط حوله. ويمكن أن ينصب اهتمام المدرس تعويد الأطفال على كيفية الاندماج مع أندادهم حتى يتمكن الطفل تدريجيا من الانسجام مع الجو المدرسي بنشاطاته المختلفة. وبذلك فإنه يتعلم الانسجام مع المعايير الاجتماعية. والمطلوب هو عملية تدريجية في تدريب الطفل على أساليب العمل مع الجماعة وممارسة الحرية والمسؤولية و كذا الالتزام و الانضباط مما يؤهل التلميذ لدخول السلك الابتدائي .وتتجلى الأهداف العامة بهذا المستوى في تمكن الطفل من معرفة الحروف الهجائية و التدرب على التخطيط و الكتابة الجيدة و التعرف على الأعداد و كذا المنطق ،أما البرنامج الدراسي بهذا المستوى فيتمحور حول : وحدة اللغة العربية (الأناشيد – التعبير – القراءة – الكتابة والتخطيط ) الرياضيات (عربية – فرنسية) وحدة التربية الإسلامية (القران الكريم – آداب إسلامية – العقيدة) وحدة اللغة الفرنسية ( الأناشيد – التعبير – القراءة – الكتابة و التخطيط).

6-خلاصة:

أصبح التعليم الأولي سلكا تربويا قائما بذاته، له برنامج رسمي باعتبار التوجيهات التربوية الخاصة به وغير رسمي بالنظر لتعدد الاختيارات في المناهج التربوية. وكون التعليم الأولي محتضن في أغلبيته من طرف الخواص، فإن الإمكانيات المادية التي ترصد له تساعد على تنميته من حيث الفضاءات والمناهج والخرجات الترفيهية التعلمية وتجعل منه بالتالي ممرا ضروريا للتعليم الابتدائي الذي يفترض أن يرقى بدوره إلى مستوى طموحات الآمهات والآباء. وإذا ما رجعنا إلى قراءة المذكرات المنظمة لهذا السلك، فإننا نقرأ طموح المسئولين التربويين إلى تعميم الروض في المدرسة المغربية أمام تحديات تواجه الوزارة في إلزامية التعليم الابتدائي لكل المغاربة البالغين ست سنوات. وحديثنا عن الإلزامية يسقط نفس الاهتمام على طبيعة التعليم الأولي بالمغرب الذي تعتبره المدرسة العمومية اختياريا في انتظار التعميم وتعتبره بعض المدارس الخاصة إلزاميا لولوج سلك التعليم الابتدائي بها. فمعارف وكفاءات الوافدين من التعليم الأولي تفوق لا محالة معارف التلاميذ غير المستفيدين من هذا السلك. والحقيقة أن بعض النظريات على غرار نظرية بياجي المتعلقة بالقدرات المعرفية للأطفال تم تجاوزها بفضل التقدم الحاصل في الطرق والوسائل والمناهج بصفة عامة. وأصبحت مؤسسات التعليم الأولي تحقق ما تحققه المدرسة الابتدائية التقليدية من كفاءات لدى التلاميذ بشكل مبكر مما يجعل الآباء يقبلون على التعليم الأولي رغم تكلفته. لكن ما مصير الأطفال الذين لم يحالفهم الحظ للاستفادة من التعليم الأولي ويريدون الالتحاق بالتعليم الخاص أمام شعار ومبدأ تكافئ الفرص ؟

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *